تقارير وملفات إضافية

مذبحة للإصلاحيين.. انتخابات إيران “النزيهة” حُسمت قبل أن تبدأ، وهذه المرة قد تكون الأسوأ منذ نشأة الجمهورية الإسلامية

على استحياء، وسط لامبالاة غير مسبوقة من الشعب الإيراني، بدأت الحملات الدعائية للمرشحين للبرلمان الحادي عشر في الجمهورية الإسلامية في إيران، بعد أن احتدم الجدل منذ بداية شهر يناير/كانون الثاني الماضي، بشأن مستقبل تلك الانتخابات، في ظل قسوة شروط الترشح للبرلمان الإيراني

وعادة تشهد الانتخابات الإيرانية إقبالاً كبيراً من الناخبين مقارنة حتى بالدول المتقدمة، ولكن هذه المرة يبدو أن الشعب الإيراني لديه مبرر لعدم الاهتمام بالانتخابات. 

يمكن لأي مواطن إيراني، من أب وأم إيرانيين، ويتراوح عمره من سن 30 إلى 75 عاماً، حاصل على شهادة جامعية عليا، أن يقدم أوراق ترشحه للبرلمان من خلال وزارة الداخلية.

يأتي هنا دور وزارة الداخلية، في التحري عن المرشح المحتمل، وجمع كافة المعلومات عنه.

بعد جمع وزارة الداخلية جميع المعلومات وتاريخ المرشح، يتم رفع تقاريرها إلى مجلس صيانة الدستور، لكن قبل الخوض في المعايير التي يجب توافرها في المرشح المحتمل، والتي يدقق بها مجلس صيانة الدستور، يجب معرفة ما هو مجلس صيانة الدستور بالأساس.

هو هيئة مكونة من 12 عضواً، ستة منهم يعينهم المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي بنفسه مباشرة، والستة الآخرون تقترحهم السلطة القضائية على البرلمان، للتصويت على تعيينهم.

 وعلى مر السنوات الماضية سيطر المحافظون بشكل كبير على مجلس صيانة الدستور، والذي يترأسه رجل الدين المحافظ البارز آية الله أحمد جنتي البالغ من العمر 90 عاماً.

يتحكم مجلس صيانة الدستور في تأهيل المرشحين لأي منصب منتخب، مثل الانتخابات البرلمانية، الرئاسية، ومجلس قيادة الخبراء (الهيئة المكلفة بتعيين المرشد الأعلى لإيران، والإشراف على عمله، ويحق لها عزله أيضاً).

يتمتع مجلس صيانة الدستور بسلطات كبيرة، مستمداً قوته من آية الله علي خامنئي مباشرة.

في الانتخابات البرلمانية، يدقق مجلس صيانة الدستور في أوراق الأشخاص الراغبين في الترشح للبرلمان، لكي ينالوا الموافقة من المجلس، يجب أن تتوافر فيهم بعض المعايير، كالآتي:

وفقاً للمادة 99 من الدستور الإيراني، يتم فحص تحقق تلك الشروط من جانب مجلس صيانة الدستور. بجانب تلك المعايير، تقوم وزارة الداخلية، واللجان التابعة لمجلس صيانة الدستور في مختلف المحافظات الإيرانية بجمع المعلومات عن السلوك الأخلاقي للمرشح، سلوك أسرته، التزام الإناث في عائلته بالزي الإسلامي الشرعي، مواظبته هو وأفراد عائلته على أداء صلاة الجمعة، هل اعترض في يوم من الأيام على حكم آية الله علي خامنئي.

يرى محمد مرتضى زرندي أستاذ العلوم السياسية المقيم بطهران والمؤيد للإصلاح، أن تلك الشروط يحيط بها الكثير من الغموض، فيقول لـ “عربي بوست”، “كيف يمكن لوزارة الداخلية، ومجلس صيانة الدستور التأكد من أن فلاناً مؤمن تمام الإيمان بالمبادئ الثورية، أو ولاية الفقيه، إنها شروط ظالمة، يتم استخدامها لتصفية المعارضين للمحافظين”.

 منذ شهر يناير/كانون الثاني المنصرم، تم الإعلان عن رفض مجلس صيانة الدستور ترشح العشرات من السياسيين الإصلاحيين والمعتدلين، ورفض إعادة ترشح حوالي 90 نائباً إصلاحياً حالياً.

كل يوم تقريباً كانت تصدر التقارير التى تفيد بإقصاء أعداد جديدة من الإصلاحيين، مما دفع الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى التنفيس عن غضبه علانية وبشكل حاد لأول مرة.

ففي اجتماعه بحكومته فى 15 يناير/كانون الثاني 2019، قال روحاني في خطاب تم بثه على التلفزيون الحكومي، “الناس تريد التنوع، اسمحوا لجميع الفصائل السياسية بالترشح، لن يحكم البلاد فصيل واحد”.

تصريحات روحاني، أغضبت مجلس صيانة الدستور، فخرج المتحدث باسمه السيد عباس علي كدخدايي منتقداً الرئيس قائلاً “الإصرار على دعم الأشخاص غير الأكفاء، ينم عن جهل الرئيس بالعملية الدستورية والانتخابية”.

قبل إعلان بداية الحملات الدعائية للمرشحين، أعلن مجلس صيانة الدستور، أنه تم تأهيل 7 آلاف مرشح فقط من أصل 14 ألفاً، للتنافس على 290 مقعداً في البرلمان.

وأغلب المستبعدين كانوا من الإصلاحيين.

يقول ناشط سياسي إصلاحي، رفض الكشف عن هويته لأسباب أمنية، لـ “عربي بوست”، “تم استبعاد أغلب المرشحين الإصلاحيين، وحتى كبار قادة المعسكر الإصلاحي، تقريباً 90% من المرشحين تم استبعادهم”.

يصف الناشط الأمر بأنه أشبه بمذبحة للحركة الإصلاحية في إيران.

وقام مجلس صيانة الدستور، باستبعاد حتى السياسيين الإصلاحيين البارزين، والذين لديهم تاريخ طويل في العمل السياسي، والبرلمان، أمثال النائب المعتدل علي مطهري الذي كان نائباً في البرلمان منذ عام 2008، والنائب الإصلاحي محمود صدقي المشهور بانتقاده العلني والدائم لطريقة إدارة البلاد من قبل المعسكر المحافظ.

انتقد المجلس السياسي الأعلى للإصلاحيين، وهو هيئة تجمع تحت مظلتها كافة الأحزاب والائتلافات الاصلاحية، عمليات الإقصاء واسعة النطاق المعسكر الإصلاحي، محذرين أن الأمر قد يهدد أمن البلاد.

وكشف المجلس السياسي للإصلاحيين، بأن في العاصمة طهران فقط، تقدم 762 مرشحاً إصلاحياً للانتخابات، لم تتم الموافقة سوى على خمسة فقط.

في هذا السياق، كانت وزارة الداخلية الإيرانية، قد أعلنت بأنه لا توجد منافسة على 158 مقعداً من أصل 290، وهناك دوائر انتخابية، لا يوجد بها منافس إصلاحي واحد على الأقل.

يرى حسن رسولي السياسي الإصلاحي، والذي تم رفض ترشحه للانتخابات البرلمانية الحالية، أن هذه أكثر مرة ستكون فيها الانتخابات غير تنافسية على الإطلاق.

إذ يقول لـ “عربى بوست”، “المحافظون سيتنافسون مع بعضهم البعض، لم يترك لنا المجال لفعل أي شيء”.

منذ بدء عمليات إقصاء المرشحين الاصلاحيين، انقسم المعسكر الإصلاحي بين أمرين، بعضهم كان يرى أنه يجب استكمال المشاركة في الانتخابات بالرغم من كل شيء، والبعض الآخر كان يرى أن المقاطعة هي أفضل رد على محاولات إبعادهم عن المشهد السياسي في البلاد.

يقول أستاذ العلوم السياسية محمد مرتضى زرندي، “إن الإصلاحيين يعانون من انخفاض شعبيتهم في السنوات الأخيرة، والأحرى بهم مقاطعة الانتخابات لحفظ ماء الوجه على الأقل، واسترداد بعض من ثقة الجمهور المؤيد لهم”.

على ما يبدو أن أنصار المشاركة من المعسكر الإصلاحي، كانوا الأغلبية، وقرر الإصلاحيون استكمال خوض الانتخابات بالرغم من كل ما جرى، لكن وجدوا الكثير من العقبات في طريقهم.

على سبيل المثال، تنقسم إيران إلى دوائر انتخابية ذات عضو واحد فقط، أو أكثر من عضو، أكبر تلك الدوائر الانتخابية هي العاصمة طهران والتي تنتخب 30 عضواً.

الآن، يجب على التيار الإصلاحي أن يعلن قائمة تضمن 30 مرشحاً إصلاحياً، في محاولة أخيرة للتنافس في الانتخابات.

لكن فشل المعسكر الإصلاحي في ذلك الأمر، أعلن مجيد أنصاري السياسي الإصلاحي، أنه عندما حاولوا تحديد تلك القائمة بناء على توجيهات من الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي، والذي يعتبر الأب الروحي للتيارات الإصلاحية في إيران، وجدوا أنفسهم أمام وجود 6 مرشحين فقط فقط في طهران، ممن تم السماح لهم بخوض الانتخابات البرلمانية.

فى المقابل، أعلن حوالي 12 حزباً من الأحزاب الإصلاحية الصغيرة، أنهم يحاولون المشاركة الجدية في الانتخابات، في الأسبوع الماضي اجتمع ممثلون عن تلك الأحزاب، لإصدار قائمة من 30 عضواً، وحتى كتابة هذا التقرير لم يعلنوا عن قائمتهم.

لكن هناك من يرى أن محاولتهم محكوم عليها بالفشل، يقول المحلل السياسي الإصلاحي حسين رنجي بور لـ “عربي بوست”، “هذه الأحزاب الصغيرة، ليس لديها قاعدة جماهيرية، وتأثيرها على الناس قد يكون منعدماً، إذا نجحوا في إصدار قائمة انتخابية، فلا أتوقع لهم النجاح في الانتخابات”.

يرى البعض أن المحافظين واقفون على أرض صلبة، واثقين من الفوز الساحق، والسهل أيضاً، نتيجة لإخراج المنافسين من المجال السياسي، ويتوقع لهم البعض بالسيطرة على ثلثي البرلمان القادم.

لكن هذا لا يمنع وجود عدد من الانقسامات والاختلافات داخل المعسكر المحافظ والمتشدد، في منتصف العام الماضي، كان المحافظون يستعدون لإصلاح الخلافات الداخلية لخوض الانتخابات البرلمانية في فبراير/شباط 2020.

أسس كبار قادة المعسكر المحافظ ما يعرف باسم ائتلاف القوى الثورية الإسلامية، وتصدر الائتلاف الشخصيات المحافظة البارزة والمؤثرة في السياسة الإيرانية.

كان هذا الائتلاف يجمع تحت لوائه، جبهة بايداري التي تضم رجال الدين الأقوياء أمثال آية الله مصباح تقى يزدي المقرب من الدائرة الداخلية للمرشد الأعلى، وسعيد جليلي السياسي المحافظ البارز المفاوض النووي السابق. والذي سبق وأن رشح نفسه للانتخابات الرئاسية لكن دون أن يفوز.

هناك أيضاً حركة “بهار” أو الربيع، وتضم السياسيين المحافظين الموالين للرئيس المتشدد السابق محمود أحمدي نجاد، وعلى الرغم من خلاف الأخير مع المرشد الأعلى في السنوات الثلاث الماضية، إلا أنهم يحظون برعاية آية الله مصباح يزدي الذي يعتبر الأب الروحي لأحمدي نجاد.

كانت الشخصية المحورية لهذا الائتلاف محمد باقر قاليباف، عمدة بلدية طهران السابق، وقائد القوة الجوية التابعة للحرس الثوري الإيراني في التسعينيات، والذي حاول الوصول إلى منصب الرئاسة أكثر من مرة.

لكن قبل نهاية عام 2019، اختلف القادة في هذا الائتلاف، مما دفع قاليباف إلى إنشاء تحالف خاص به مكون ممن يطلق عليهم “المحافظون الجدد”.

بعد ارتفاع حدة الخلافات داخل التيار المحافظ، نأى قاليباف بنفسه عن تلك الأمور، معلناً أنه سيخوض الانتخابات البرلمانية على رأس قائمة مستقلة من شباب المحافظين.

منذ عام 2018، ويحاول قاليباف البالغ من العمر 58 عاماً، أن يسيطر على المجال السياسي عن طريق تغيير الحرس القديم للمعسكر المحافظ، وضخ دماء شابة جديدة، لكن خطة تغيير الحرس القديم بآخر جديد، في الأساس كانت مطروحة من قبل الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي.

في الذكرى الأربعين للثورة الإيرانية، أعلن آية الله علي خامنئي ما أطلق عليه المرحلة الثانية من الثورة، والتي تعتمد على الشباب في جميع المجالات، وهو ما يفعله قاليباف تحديداً.

ظهرت تلك الوجوه الشابة على لوحات الدعاية الانتخابية في العاصمة طهران على وجه التحديد، هؤلاء الشباب المحافظون، يرون أن كبار المحافظين القدامى قد عفا عليهم الزمن، يتبنون خطاباً تقليدياً بالياً، وآن الأوان للتغيير بواسطة سياسيين صغار السن، حاصلين على تعليم جيد.

يقول المحلل السياسى حسين رنجي بور لـ “عربى بوست”، “قاليباف سياسي بارع، دائماً ما يصفه منتقدوه بأنه ليبرالي، سارع بالاستفادة من الوجوه الجديدة، عندما كان عمدة طهران، عمل على تمكين الشباب في كافة المناصب، لكي يحصلوا على الخبرات السياسية والإدارية لخوض المجال السياسي فيما بعد”.

يرى رنجي بور، بالرغم من أنه يختلف إيديولوجياً مع باقر قاليباف، إلا أنه من المهم تغيير الوجوه القديمة، واستبدالهم بشباب منفتح أكثر على الأوضاع الجديدة.

قد يتساءل البعض، ما السبب وراء الاستبعاد الواسع النطاق للإصلاحيين؟، وهل نشهد نهاية عصر الانتخابات التنافسية في إيران؟

كان من المتوقع، في وسط الأحداث الدرامية التي تشهدها إيران في السنوات القليلة الماضية، والاحتجاجات العنيفة والجديدة من نوعها، واتساع فجوة الثقة بين الشعب والمؤسسة السياسية، خاصة بعد حادثة طائرة الركاب الأوكرانية، وتزايد التوترات بين طهران واشنطن، بعد اغتيال الولايات المتحدة أبرز قائد عسكري إيراني الجنرال قاسم سليماني، أن الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، سيختار تقديم القليل من التنازلات لتهدئة الأوضاع داخلياً وخارجياً، ويسمح بوجود للحركة الإصلاحية، وعدم السعي إلى إغلاق المجال السياسي في إيران، خاصة وأن هناك مخاوف من مقاطعة الشعب الايراني للتصويت.

وقد عبر عنها خامنئي بنفسه في خطاب له يوم 5 فبراير/شباط قائلاً “قد لا يحبني البعض، لكن إذا أحبوا إيران، فعليهم إظهار حبهم في صناديق الاقتراع”، ينبع خوف المؤسسة السياسية في إيران من الإقبال الضعيف على التصويت، من تعريض شرعية النظام المستمدة أساساً من الانتخابات للخطر.

لكن كل تلك الاحتمالات والتوقعات، ضربت بشكل كامل، فاختار خامنئي إحكام قبضته على الهيكل السياسي الإيراني، كما حدث فى عام 2009، عندما تمت إعادة انتخاب الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد لفترة ولاية ثانية في عام 2009، احتج الآلاف من الإيرانيين على نتيجة الانتخابات، وشهدت البلاد فوضى عارمة فيما يسمى بأحداث الحركة الخضراء.

بعدها اتجه خامنئي إلى تشديد قبضته على جميع مفاصل الدولة الإيرانية، مستخدماً الطاعة العامية التي كان يتمتع بها أحمدي نجاد تجاه قائده الأعلى، فتم سجن المئات من المعارضين، ووضع قادة الحركة الخضراء تحت الإقامة الجبرية، وسيطر على البرلمان الإيراني المحافظون والمتشددون، وعاش الإصلاحيون فترة عصيبة مثل التي يمرون بها الآن.

لكن هذه المرة هناك دافع أقوى لدى المؤسسة السياسية المحافظة للسيطرة على مقاليد الأمور في الدولة، خامنئي يبلغ من العمر 80 عاماً، صحته ليست في أفضل حال، ويوماً بعد يوم يكثر الحديث عن مصير سياسة الجمهورية الإسلامية الداخلية والخارجية، بعد رحيل خامنئي.

لذلك أراد خامنئي توحيد مؤيديه، والسيطرة الكاملة على مؤسسات الدولة، لضمان عدم تمكين المعارضين بعد وفاته وتغيير نهج الجمهورية الإسلامية من بعده، ويظهر ذلك بوضوح في إقصاء الإصلاحيين من الانتخابات البرلمانية، وتمكين المحافظين والمتشددين، الذين من المتوقع أن يسيطروا على الانتخابات الرئاسية لعام 2021.

وجرت العادة في إيران، أن البرلمان المحافظ، يأتي برئيس محافظ، والعكس.

تظهر استراتيجية خامنئي الجديدة أيضاً في سياق الرد العنيف غير المسبوق، على الاحتجاجات في عام 2018 و2019.

تكهن البعض بأن سيطرة المحافظين على البرلمان، تعني نهاية عصر روحاني قبل أن يكمل فترة ولايته الثانية، فمن الممكن أن يحاول المحافظون في البرلمان الجديد عزل الرئيس، خاصة وأن المعسكر المحافظ منذ أن انسحب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مايو/أيار 2018 من الصفقة النووية لعام 2015، وهم ينادون ليلاً ونهاراً بإقالة الرئيس، الذين يرون أنه المتسبب في كل ما حل بالبلاد من أزمات اقتصادية، بسبب انفتاحه على الغرب.

لكن من غير المرجح، أن يقوم المحافظون بعزل الرئيس في هذه الفترة الحرجة في تاريخ إيران، لكنه بالتأكيد سيواجه هو ووزراؤه أوقاتاً عصيبة مع برلمان يسيطر عليه المحافظون.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى