تقارير وملفات إضافية

مساومة متبجحة.. كيف يقامر ترامب بمصير مليون طالب أجنبي لإثبات صحة نظريته بشأن جائحة كورونا؟

العديد من الطلاب الأجانب في أمريكا مهددون بالطرد بسبب التوجيه الذي أصدرته إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الثلاثاء 7 يوليو/تموز، ويقضي بتجريد طلاب الجامعات الأجانب من تأشيراتهم للولايات المتحدة في حال كانت دوراتهم الدراسية عبر الإنترنت بالكامل.

وتسبب هذا التوجيه في حالة واسعة النطاق من الارتباك أصابت الوسط الجامعي برمته، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The New York Times الأمريكية.

 وسارع الطلاب للعمل على حسم أوضاعهم، وشرعت الجامعات في تقييم سياساتها الخاصة باستئناف الدراسة في الخريف، وسط جائحة فيروس كورونا.

اعتُبر الإجراء الذي اتخذه البيت الأبيض، وأعلن عنه لأول مرة يوم الإثنين 6 يوليو/تموز، محاولةً للضغط على الجامعات، لتعيد فتح أبوابها وتتخلى عن سياساتها الحذرة التي أعلن كثيرون أنها ستعتمدها للحد من انتقال فيروس كورونا.

ومع ذلك، فإن نتيجة هذا الإجراء قد تكون الحد بدرجة كبيرة من أعداد الطلاب الأجانب الذين سيسجلون للالتحاق بالجامعات الأمريكية في الخريف. 

فإلى جانب التأخيرات في التعامل مع التأشيرات نتيجة للوباء، يقول مدافعون عن الهجرة إن القواعد الجديدة، التي لا يزال يتعين إتمامها هذا الشهر، قد تُثني كثيراً من الطلاب الأجانب عن الالتحاق بالجامعات الأمريكية، إذ هؤلاء الطلاب غالباً ما يدفعون رسوماً كاملة عن السنة الدراسية.

يقول دانييل جيه. هيرلي، الرئيس التنفيذي لاتحاد جامعات ولاية ميشيغان، وهي الهيئة المعنية بتمثيل الجامعات الحكومية في الولاية: “إن العواقب المالية لهذا القرار على المؤسسات قد تكون شديدة الضرر”، واستشهد بدراسات تبيّن أن 33,236 طالباً أجنبياً أسهموا بنحو 1.2 مليار دولار في اقتصاد ولاية ميشيغان في عام 2018.

ووصفت جانيت نابوليتانو، رئيسة نظام جامعة كاليفورنيا ووزيرة الأمن الداخلي السابقة في عهد الرئيس الأمريكي باراك أوباما، القاعدة التي وضعها ترامب بأنها “ضربة مزدوجة” من المحتمل أن تفضي إلى انخفاض كبير في ميزانيات العديد من الجامعات، التي تعاني بالفعل مالياً جراء هذا الوباء.

تقول نابوليتانو: “الجامعات ليست بحاجة إلى أي ضغوط إضافية لتُقدم على إعادة فتح أبوابها. فأنا أعتقد أن معظم الجامعات ترغب بشدة في إعادة فتح أبوابها وأن تكون فصولها الدراسية ممتلئة بالطلاب وأن تكون مساكنها الطلابية مشغولة بالكامل”.

لكن القلق من أن تصبح الجامعات بؤراً لانتشار فيروس كورونا دفع عديداً من الجامعات إلى اتخاذ تدابير للحد من خطر انتشار الفيروس، بدءاً من المطالبة بارتداء الأقنعة في الفصول الدراسية إلى الحد من الأنشطة الطلابية حتى تقليل عدد الطلاب المدعوين للحضور إلى الحرم الجامعي. 

ومن ثم أعلنت كثير من الجامعات عن نهج هجين من شأنه يوفر بعض الفصول الدراسية التي يمكن حضورها شخصياً، ويقدم في الوقت نفسه قدراً كبيراً من الدورات الدراسية افتراضياً.

ويمكن لهذه التغييرات أن تعرّض تأشيرات الطلاب الأجانب، والمعروفة باسم تأشيرات F-1، للخطر بموجب القواعد الجديدة. 

الطلاب الأجانب الذين لا تخطط جامعاتهم لفتح الباب أمام عودة الفصول الدراسية الشخصية، كما هو الحال حالياً في جامعات مثل جامعة ساوث كاليفورنيا وجامعة هارفارد، من المتوقع أن يعودوا إلى بلدانهم الأصلية إذا كانوا في الولايات المتحدة حالياً. 

ومع ذلك، ففي حال أرادوا العودة، لن يُمنح أولئك الطلاب الذين في الخارج تأشيرة لدخول البلاد لأخذ دورات دراسية عبر الإنترنت.

للحفاظ على وضعهم، تدافع العديد من الطلاب الدوليين هذا الأسبوع للتسجيل في فصول دراسية تتطلب الحضور الشخصي، حتى وإن لم تكن ذات صلة بتخصصاتهم الأصلية، وبدأ الطلاب في ما يقرب من 12 جامعة في جدولة بياناتهم عبر الإنترنت، حتى يتمكن الطلاب الأمريكيون من تبديل مواعيد فصولهم الدراسية مع زملائهم الأجانب.

يقول ريا جوشي، وهو مواطن هندي وطالب في السنة النهائية في جامعة ساوث كاليفورنيا ويبحث الآن عن مبادلة: “الخيارات ضئيلة في الصفوف الدراسية، وجميعها تمتلئ بسرعة كبيرة بمجرد ظهور خبر عنها، لأننا لم يُترك لنا أي خيار إلى حد كبير”.

ويقول لؤي، وهو طالب من السعودية ويدرس الهندسة، إنه وضع مبلغاً تأمينياً بقيمة ألف دولار لحجز شقة يسكنها في الخريف والتحق بالعديد من الدورات التدريبية عبر الإنترنت ودفع رسوم الالتحاق بجامعة ساوث كاليفورنيا، وكان يتأهب لبدء السنة الدراسية الثانية، قبل أن يُصدم بالقرار ويدرك أنه قد يُرحَّل إلى بلده، ليقول: “إنه أمر سخيف جداً يفتقر إلى أي منطق”.

وعلى الرغم من أن مسؤولي التعليم العالي اعتبروا الخطوة التي اتخذتها إدارة ترامب محاولة لإجبارهم على إعادة فتح الجامعات، وهو الأمر الذي لا يتوقف ترامب عن الحث عليه، فإن التوجيه ينطوي أيضاً على تلبية لنداء الجماعات التي تفضّل الحد بأكبر قدر من الهجرة القانونية إلى الولايات المتحدة.

إذ لطالما ضغط هؤلاء المؤيدون للحد من الهجرة على الإدارة الأمريكية لتشديد قيود البرامج التي تصدر تأشيرات الطلاب الأجانب وتصاريح العمل، بدعوى أنها توفر وسيلة للمهاجرين للبقاء في الولايات المتحدة بعد تخرجهم والتنافس على الوظائف التي هي من حق الأمريكيين.

يجدر بالذكر أنه في بعض الجامعات يمثل الطلاب الأجانب ثلث مجموع الطلاب وغالبية الطلاب في عديد من برامج الدراسات العليا. 

وقد حصل أكثر من مليون طالب أجنبي على تأشيرات للدراسة في الولايات المتحدة العام الماضي. 

وقد أصبح الطلاب الأجانب مصدراً رئيسياً للتمويل في كثير من الكليات والجامعات الخاصة والحكومية خلال السنوات الأخيرة، خاصة في الجامعات التي عانت انخفاضاً في أعداد طلابها المسجلين وتدني تمويل الدولة لها.

يقول دان بيرغر، وهو محامٍ متخصص في الهجرة من أجل الدراسة الأكاديمية، إنه في مارس/آذار، حين أجبر تفشي كورونا الجامعات على إغلاق أبوابها فجأة، أبدت إدارة ترامب بعض المرونة في التعامل مع هؤلاء الطلاب، وهو ما سمح لهم بالبقاء بطريقة قانونية في الولايات المتحدة.

ومع ذلك، يستدرك بيرغر بالقول: “كل هذه المرونة جرى التخلي عنها الآن”.

تحظى جامعة نيويورك بأحد أعلى معدلات الالتحاق للطلاب الأجانب بها في عموم البلاد، بأعداد تقارب 20 ألف طالب في العام الدراسية الماضي فقط. ويقول رئيس الجامعة، أندرو هاميلتون، إنه يعتقد أن البرنامج الهجين للمدرسة سيسمح لمعظم طلابها الأجانب بحضور فصل واحد على الأقل شخصياً.

كما أنه أصدر بياناً انتقد فيه الإدارة الأمريكية لأنها بقرارها هذا فاقمت من حالة عدم اليقين لدى الطلاب والجامعات في ظل الوباء، واصفاً هذه السياسة بأنها “خطأ محض وتزمّت لا داعي له”. وأضاف: “إذا كان ثمة لحظة يتعين فيها إبداء المرونة فيما يخصّ الدراسة وإتاحة التعليم، فإن هذه هي اللحظة الأجدر لفعل ذلك”.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى