آخر الأخبارترند

مصر بين الافلاس المالي والافلاس الاخلاقي

بقلم الكاتب والمحلل السياسى المتخصص

د.محمد السيد رمضان

نائب رئيس منظمة “إعلاميون حول العالم”

كثيرا ما تتعرض الحكومات لورطة الديون الخارجية نتيجة لسوء إدارة المال العام وانتشار الفساد والرشوة والمحسوبية المرتبط بالاستبداد السياسي، حدث ذلك في الأرجنتين والمكسيك والبرازيل واخيرا ماحدث في سيرلانكا وادي الي إزاحة النظام الحاكم .
فالازمات المالية لاتأتي من فراغ وأكثر الاسباب التي تؤدي الي اعلان الدول افلاسها هو الاستبداد السياسي ، فالانظمة المستبدة تصادر الرأي وتحكم قبضتها علي البلاد فلا مجال للرقابة البرلمانية ولا الأجهزة الرقابة ويصبح المال العام عرضة للنهب من قبل من بيدهم القوة ، وفي سبيل تضليل الرأي العام يتم شراء الأنفس الفاسدة والقابلة لبيع ضمائرها من قضاة واعلام وغيرهم ليكونوا عونا للنظام وتسهيل عملية السطو وتضليل الجميع عما يحدث وتجميل صورته كلما طرأ جديد علي الوضع القائم .

هذا ما يحدث اليوم في مصر إفلاس مالي ومؤشرات خطيرة عن تدهور الاوضاع علي كافة المستويات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والأخلاقية ويؤكد ذلك تقارير دولية عن صعوبة الموقف واستحاله الخروج من هاته الازمة الا بمزيد من الخسائر التي سيتحملها الغالبية العظمي من الشعب ” من تعويم الجنية ورفع الدعم وزيادة اسعار السلع” والذي يعاني منذ سنوات من ضعف القدرة الشرائية وتدني الخدمات ،
فالحلول المطروحة لن تكون زات جدوي وضخ مزيد من القروض في اقتصاد منهار لن تأتي بنتائج إيجابية لان من يتحكم في القرار السياسي هو المستبد الذي لا يقبل بالرأي الاخر ولا يتبع اسلوب الإدارة الرشيدة للمال العام .
فمن يعتبر هدم المنازل وتشريد ساكنيها وإزالة المقابر أولوية مفضلة علي بناء المدارس والمصانع هو نفسه من يهدر المليارات في بناء كباري علوية داخل الأحياء والمدن تشوه الشكل العام وتخالف القواعد المعمول بها في شتى دول العالم.
فالاستبداد السياسي في مصر بلغ زروته ولم يعد هناك امل للإصلاح فالقابض علي السلطة يبطش بكل ما أوتي من قوه بمعارضية فملاء السجون بالآلاف وأغلق المجال لأي نقاش حقيقي للخروج من الأزمات واعتبر كل من ينتقض الوضع الراهن هو عميل وخائن للوطن فالوطنية في نظره هو الصمت التام علي مايحدث والتماهي مع القرارات الخاطئة علي انها قمة الصواب.

فمنذ الانقلاب العسكري الذي قاده سفاح مصر القابض على أرواح المصريين الي يومنا هذا و تطفوا علي السطح من آن الي اخر قضايا فساد اخلافي لم تكن موجوده من قبل ، قضاة مرتشون اقسموا اليمين علي حفظ الحقوق والدفاع عن مقدرات الوطن ، وقضاة قتلة استغلوا مناصبهم لارتكاب جرائم والتستر علي جرائم الاخرين لتحقيق مكاسب لهم ، اعلاميون باعوا ضمائرهم وشاركوا في قتل الأنفس بالتحريض علنا واخرون سخروا اقلامهم لسب الشرفاء لينالوا قسطا من رضا المستبد ،
وكان لهذا التحول اثره في المجتمع ككل فأصبحت الفوضي تعم البلاد وسفك الدماء واستباحتها امر سهلا ، فقد رأوا من يعتبرون أنفسهم ولات الأمر قد اعتلوا قمة الفساد .

فالمتابع للحالة المصرية يعرف ان هذا التحول أخطر بكثير من الإفلاس المالي فعندما تفسد الأخلاق فلن تعود الأمة الي ماكانت عليه فقد ذهبت بلا رجعة اما الإفلاس المالي فسيزول بزوال المتسبب إيان كان ،
وكما علمنا رسولنا الكريم في حديث عن المفلس عندما سال الصحابة اتدرون من المفلس فقالوا،

فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أتدرون ما المفلس؟))، قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: ((إن المفلس من أمَّتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتَم هذا، وقذف هذا، وأكَل مال هذا، وسفَك دم هذا، وضرب هذا، فيُعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإنْ فَنِيَتْ حسناته قبل أن يقضي ما عليه، أُخذ من خطاياهم فطُرحت عليه، ثم طُرح في النار))؛ رواه مسلم.

ان الفساد الاخلاقي الناجم عن الاستبداد السياسي في مصر أصبح أخطر من الإفلاس المالي دون أن نقلل من خطورته علي شرائح المجتمع الأكثر فقرا و معاناة ،

اننا اما حالة لا يمكن الصمت عليها فالانهيار الحاصل في مصر علي كافة الاصعدة ستكون له عواقب كارثية علي الجميع حاضرا ومستقبلا وهذا الانهيار ليس وليد الصدفة بل هو انهيار متعمد ووراءه ايادي داخلية وخارجية تعمل علي تدمير البلاد والعباد واتخذت من رأس النظام القائم أداة لتحقيق مأربها .
و رغم مرور سنوات علي الانقلاب نجد المعارضة لازالت ممزقة تبحث عن وسيلة لجمع شملها، فمن ينقذ مصر من كبوتها غير أبنائها؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى