الأرشيف

مصر “شركة عبد الفتاح السيسى وأولاده” وصراع “الأفاعي”

عقب تولي الدكتاتور الدموى “عبد الفتاح السيسي” حكم مصر فعليًا بعد انقلاب 3 يوليو 2013، وبعد ستة أشهر فقط، نشرت صحف مصرية قرارا جمهوريا باستبعاد عاملين في جهاز المخابرات العامة في 2 ديسمبر 2013، حين أحيل للتقاعد 10 ضباط بالمخابرات العامة للتقاعد، في ظل وجود الرئيس المؤقت عدلي منصور وتولي السيسي وزارة الدفاع، ومنذ تولي السيسي الرئاسة في يوليو 2014 أصدر أربعة قرارات جديدة بعزل قرابة 47 آخرين من الجهاز ما بين وكلاء وموظفين، آخر دفعة خامسة منهم وضمت 19 من العاملين في هذا الجهاز السيادي المصري.

سوسو

الصراع السرى الصامت

فرض الصراع المكتوم بين أجهزة المخابرات المصرية، نفسه على طاولة الأحداث، بعد توالي قرارات الإقالة أو الإحالة للمعاش لقيادات بارزة بناء على طلبهم، والتي تكررت نحو 10 مرات خلال عهد عبد الفتاح السيسي.

وفيما بدا أنه تكتيك متبع للسيطرة وتقليم أظافر المخابرات العامة، دأب السيسي وكلبه الأمين “عباس كامل” منذ الانقلاب العسكري في 3 يوليو/تموز 2013 على إجراء تعديلات واسعة في هيكل الجهاز الأخطر في مصر، والذي تراجع دوره لصالح المخابرات الحربية الجهاز الأكثر ولاء والذي كان يترأسه السيسي قبل ترقيته وزيرا للدفاع بقرار من الرئيس الشرعى المخطتف محمد مرسي أول رئيس مدني منتخب في تاريخ البلاد.

قرارات الإستبعاد لمؤيديه

صدرت أولى خطوات استبعاد عاملين في الجهاز في 2 ديسمبر 2013، حين أحيل 10 ضباط بالمخابرات العامة للتقاعد،وكما قيل “بناء على طلبهم”، في ظل حكم الرئيس المؤقت عدلي منصور.

وفى يناير 2014، أصدر منصور قرارا جمهوريا بنقل 6 من الموظفين العاملين بجهاز المخابرات العامة، بوظائف متوسطة فنية وكتابية إلى جهات أخرى.

أما المرة الثالثة فكانت في 2 يوليو 2014، حينما صادق “عبد الفتاح ” بعد توليه الرئاسة على إحالة 14 وكيلاً من المخابرات العامة للمعاش، وهو أكبر عدد من قيادات الجهاز تتم الإطاحة به.

وجاء القرار الرابع في 5 فبراير 2015، متضمنا نقل 3 من موظفي المخابرات العامة للعمل ببعض الوزارات المدنية، وهم: “محمد منصور هليل إلى وزارة الاستثمار، وماجد محمود ماجد إلى وزارة الاتصالات، وعبد الناصر فرج إلى وزارة الكهرباء”، بناء على المادة 47 لسنة 1978، وقانون 100 لسنة 1971 بشأن العاملين بالدولة.

وحمل القرار الخامس في 18 يونيو 2015، نبأ إحالة 11 من ضباط جهاز المخابرات العامة للتقاعد،وكالعادة بناء على رغبتهم، أما الاثنان الآخران، وهما “على محمد خير الدين الدناصورى وعادل أحمد محمد إسماعيل” فورد في القرار المنشور بالجريدة الرسمية أنهما أحيلا للتقاعد بسبب وضعهما الصحي الذي لا يساعدهما على الاستمرار في العمل.

ويعد القرار السادس الأكثر جدلا لأنه تضمن في 26 يوليو 2015، إحالة 19 من مسئولي الجهاز للتقاعد ، بينهم مسؤولين تم نقلهم إلى وظائف بالوزارات المختلفة.

وفي 31 ديسمبر 2015، أصدر السيسي قرارا بإحالة 13 من وكلاء المخابرات العامة للمعاش، بناء على طلبهم، وآخر لعدم لياقته للخدمة صحيا.

 وكانت المرة الثامنة في 3 يوليو 2016، حيث أصدر عبد الفتاح قرارا رئاسيا حمل رقم 281 لسنة 2016 بإحالة 17 وكيلا نواب لمدير الجهاز بالمخابرات العامة للمعاش.

في ذات اليوم 3 يوليو 2016، صدر القرار رقم 282 لسنة 2016، بنقل 7 من العاملين بالمخابرات العامة إلى وزارات مدينة.

عاشر تلك القرارات ما نشرته الجريدة الرسمية، في 26 يناير الماضي، تحت رقم 29 لسنة 2017 بإحالة 19 من وكلاء الجهاز إلى المعاش بناء على طلبهم، وشمل القرار “وائل محمد عبد الغني الصفتي، وهاني حسن كاظم صفوت أبو العطا، وعمرو محمد عبد الحميد عطية، وعلاء أحمد محمد عامر، وخالد محمود مختار إسماعيل، وأسامة محمود إبراهيم إبراهيم، وأيمن احمد محمد القاضي، وخالد حسم عبد الفتاح حسن، وحمزة عبد الحفيظ إبراهيم درويش، وسعيد محمود محمد شاهين، ومحمد مصطفى كمال، ومحمد دسوقي، ووائل محمد علي فريد، وعلاء عوض سالم ماضي، وزكي السيد العربي زكي حبيشي، وطارق حسين بكري عبد العال، وطارق إبراهيم عبد الغفور العرابي، ومحمد وفيق محمد جمال الدين زكي، ومحمد يحي إبراهيم الدرعي، وياسر خالد محمد عمر الغزاوي”.

على الرغم من توالي قرارات التخلص من قيادات المخابرات العامة بشكل معلن، لم يجر أي تعديل معلن في جهاز المخابرات الحربية، ما يشير إلى قصقصة أجنحة المخابرات العامة، التي لعبت دورا بارزا في عهد رئيسها الراحل “عمر سليمان” إبان عهد الرئيس المخلوع  حسني مبارك لصالح  الجيش ومخابراته الحربية.

بدا وقتها أن الجهاز يغرد خارج سرب السيسى، ما أعطى ذريعة للأخير للعمل على إعادة هيكلة المخابرات، وتنفيذ عملية تطهير لقطع الطريق على أي محاولة للتواصل مع جماعة الإخوان، أو إحياء ملف المصالحة والذي لا يحتل أولوية لدى الدكتاتور الدموى عبد الفتاح السيسى الذي بنى شرعيته على استئصال حكم الإخوان والزج بقياداتهم خلف القضبان.

اللافت أن المرسوم الصادر قضى بحرمانهم نهائيا من العودة إلى الخدمة، وتضمن أسمائهم على غير عادة الأجهزة الاستخباراتية، الأمر الذي وصف بأنه هزة عنيفة في جهاز المخابرات العامة المصرية، واعتبر مؤشرا على مدى التهديد الذي يمثلونه لنظام الدكتاتور، بحسب نشرة موقع “إنتليجينس أونلاين” الاستخباراتية الفرنسية.

مخابرات

أحمد شفيق وعلاقته بجهاز المخابرات العامة

التكهنات في مصر حول أسباب إحالة هؤلاء المسؤولين في جهاز المخابرات العامة للتقاعد، لم تستبعد وجود مؤيدين من كبار الضباط للمرشح الرئاسي السابق أحمد شفيق، ما زالوا يأملون في أن يكون له دور في الحياة السياسية، بحسب صحيفة الشروق.

وقالت الصحيفة في 25 مايو 2015 تحت عنوان “الدولة ترد على تحركات شفيق المريبة.. إنسى”، إن رجال المرشح الرئاسي السابق تحت المتابعة والأجهزة ترصد اجتماعاتهم مع رجال أعمال ومسؤولين إماراتيين وسعوديين وأمريكان.

ونقلت الصحيفة عما أسمته مصدرا سياسيا رفيعا قوله.. إن بعض أعوان شفيق ما زالوا يعملون في جهات مهمة في الدولة.

سيناء وحماس

ولم يغب الملف السيناوي عن أسباب تقليم أظافر المخابرات العامة، كونها ترى سوء إدارة للمشهد الأمني، واستعداء واضحا للقبائل السيناوية بممارسات عنيفة توفر ظهيرا شعبيا للتنظيمات المسلحة، وتمنحها حاضنة جماهيرية.  

وتحت عنوان “اشتباك بين أجهزة المخابرات المصرية في سيناء”، رجحت نشرة إنتليجنس أونلاين الاستخباراتية الفرنسية تصاعد التوتر بين رئيس المخابرات المصرية خالد فوزي، ورئيس المخابرات الحربية محمد الشحات؛ بشأن الوضع المتدهور في سيناء، وتوتر العلاقات مع حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة.

وأوضحت النشرة الاستخباراتية الفرنسية أن فوزي يتهم الشحات بالتدخل في نطاق صلاحياته في المنطقة، وأن السيسي يميل إلى جانب المخابرات العسكرية، بينما لا يمتلك ثقة كبيرة في المخابرات العامة، التي يشتبه في أنها مخترقة من قبل الإخوان المسلمين.

وتقول تقارير عبرية، إن السيسي حرص على إقالة اللواء وائل الصفتي، مسؤول ملف فلسطين في المخابرات العامة، من أجل تحسين فرص التوصل لتفاهمات أمنية مع حركة حماس، وفق مركز يروشليم لدراسة المجتمع والدولة القريب من دوائر صنع القرار في تل أبيب.

يذكر أن الصفتي ظهر في تسريب صوتي لمكالمة أجراها مع القيادي الفتحاوي المفصول محمد دحلان، ووجه خلالها انتقادات لاذعة لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، كما يتردد  أن حماس عبرت عن استيائها من الصفتي بشكل خاص، بسبب دوره في إثارة المشاكل معها.

صراع على النفوذ

ويبدو أن قادة المخابرات العامة غير راضين عن بعض توجهات النظام الحاكم، خاصة ما يتعلق برفض تسليم جزيرتي «تيران» و«صنافير» للسعودية، وسط قلق من قبل قادة الجهاز على مسار الأمور في مصر، وامتعاض بسبب عدم كفاءة الأداء السياسي للنظام وضعفه في إدارة السياسة الداخلية والخارجية.

ويدور صراع وراء الكواليس بين الجهازين، في أوساط الإعلاميين المحسوبين على كل جهاز على حدة، بدا ذلك حينما تمت الإطاحة بالإعلامي المؤيد للانقلاب العسكري توفيق عكاشة، ووقف برنامج الإعلامي المصري إبراهيم عيسى.

ويمكن ملاحظة وجود مساعي من المخابرات الحربية التي تستقي قوتها من «السيسي» لتصفية رجال المخابرات العامة، وسط دعم رئاسي وصلاحيات أوسع، في حين يدافع رجال المخابرات العامة عن نفوذهم التاريخي.

ولا يوافق هذا التعزيز والتوسيع في  الصلاحيات هوى جهاز المخابرات العامة، برئاسة خالد فوزي، المسؤول عن الحرب ضد الإرهاب إلى الآن، بحسب موقع إنتليجنس أون لاين.

وكان السيسي قد أحال في ديسمبر 2014 رئيس المخابرات العامة اللواء «محمد فريد التهامي» إلى التقاعد بعد أكثر من عام على توليه منصبه، وعين بدلا منه خالد فوزي.

ويعمل السيسي على إحكام سيطرته على الأجهزة الاستخباراتية المصرية من خلال تعيين أقاربه ومؤيديه في مواقع عليا.

ومؤخرا عين السيسي نجله الأكبر محمود كمسؤول كبير في جهاز المخابرات العامة، وأسند إليه المسؤولية عن ملف الأمن الداخلي في المخابرات العامة، حيث بات يوصف بأنه الرجل القوي في الجهاز، وفق مركز يروشليم لدراسة المجتمع والدولة القريب من دوائر صنع القرار في تل أبيب.

وأشار المركز، الذي يرأس مجلس إدارته وكيل وزارة الخارجية الإسرائيلية السابق «دوري غولد»، إلى أن محمود السيسي بات يشارك في الاجتماعات الرسمية التي يعقدها والده، مؤكدا أن أوثق مقربي السيسي باتوا يسيطرون على المخابرات العامة، بعد تنفيذ عمليات تطهير واسعة داخل الجهاز.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى