كتاب وادباء

مصر لن تسقط ….. ياشيخ حسان…!؟

مصر لن تسقط ….. ياشيخ حسان…!؟

بقلم الأديب الكاتب

السعيد الخميسى

السعيد الخميسى

* صرح الشيخ الداعية محمد حسان للصحف تصريحا قد يمر على كثير من المتابعين مر السحاب . يقول فضيلة الشيخ ” محاولات إسقاط مصر وإغراقها فى الفوضى خيانة عظمى ” . ولست معترضا على الجملة من أساسها , كما أنى لست متهكما أو ساخرا أو ناقدا للشيخ لأني لم أبلغ علمه حتى أهاجمه , لأني من الذين يعرفون حدودهم جيدا . لكن أذكره فقط من باب ” وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين ” وأذكر فضيلة الشيخ بموقف “الحسن بن الفضل ” عندما دخل على بعض الخلفاء وعنده كثير من أهل العلم فأحب الحسن أن يتكلم فزجره وقال له ” ياصبى : تتكلم فى هذا المقام..؟ فقال يا أمير المؤمنين إن كنت صبيا فلست بأصغر من هدهد سليمان , ولا أنت بأكبر من سليمان عليه السلام حين قال ” أحطت بما تحط به . ثم قال ألم تر أن الله قد فهم الحكم لسليمان ولو كان الأمر بالكبر لكان داود أولى..!؟ . ومقالي ليس موجها للشيخ حسان على وجه الخصوص بقدر ماهو موجه إلى كل صامت بلع لسانه وصم آذانه وأدار ظهره , فصمت صمت القبور ولم يتلفظ ببنت شفة وشجرة الوطن يتساقط أوراقها وتتمايل فروعها وينحني جذعها .

* أقول للشيخ حسان إن مصر لن تسقط إن شاء الله طالما فيها رجال لايخشون إلا الله ويصدعون بكلمة الحق جهارا نهارا . إنما سيسقط الذين التزموا الحياد ووقفوا فى المنطقة الرمادية عند اشتعال المعركة بين الحق والباطل , وقفوا مترددين مذبذبين لا إلى هولاء ولا إلى هولاء . كم من علماء ومشايخ ودعاة ملأوا الدنيا صياحا ونواحا على أمور خلافية , وهولاء هم الذين سماهم الشيخ العلامة الغزالي بفقهاء علم الفروع . هولاء يامولانا الشيخ لم تنتفع منهم أمتهم في شئ , بل انتفع منهم كل طاغية وكل ظالم لتبرير أعمالهم الإجرامية ضد شعوبهم . هولاء سيسقطون بل وسقطوا بالفعل فى بئر الفتنة والخيانة ولن يرتقوا بعدها ابدأ لان المجتمع لفظهم كما تلفظ المعدة الوجبة المسمومة التي انتهت صلاحيتها وصار ضررها أكبر من نفعها . لقد سقط كل من خان دينه ووطنه .

* أقول للشيخ حسان إن مصر لن تسقط إن شاء الله طالما فيها رجال يقولون كلمة الحق فى وجه كل سلطان جائر لايعرف لله حدودا , ولا لشرعه قدسية , ولا لدينه احتراما وتقديرا . إنما سيسقط يامولانا كل جبان خائر وهم فى مصر كثر لايعدون . سيسقط الذين بلعوا ألسنتهم حتى تدلت إلى منتصف بطونهم لتنام مستريحة بين أمعائهم تتلذذ بما طاب من الطعام والشراب . لان تلك الألسنة لم تتعود يوما أن تجهر بكلمة الحق لأنها علقم مرة , وأفواه هولاء دائما ممتلئة بأطعمة النظام الحلوة اللذيذة , ولا يجوز خلط كلمة الحق المرة بتلك الأطعمة الحلوة حتى لا يختلط العذب الفرات بالملح الأجاج . سيسقط ياشيخنا كل الذين تملقوا السلطان ووقفوا على بابه يلتمسون منهم العفو والصفح والمغفرة . سيسقط كل من وقف على باب الحاكم ذليلا خاضعا منكسرا فبئس العالم على باب الحاكم . سيسقط كل من خان دينه ووطنه .

* أقول للشيخ حسان لن تسقط مصر أن شاء الله طالما فيها رجال صامدون ثابتون كالجبال الراسيات . فالريح لاتحرك إلا كثبان الرمال وما أكثرها فى مصر . أما الرجال فلا يحركهم ريح الباطل ولو اشتدت لأنهم لايميلون مع أى عاصفة , ولا ينحنون لظالم مهما علا وطغى وتكبر . سيسقط ياشيخنا الذين رأوا دماء المصريين تسيل فى موج كا الجبال حتى وصل منسوبها إلى عنان السماء , غيرأنهم لم يتكلموا , ولم يستنكروا , ولم يحرموا إراقة تلك الدماء , بل أقصى ماقالوه , أنهم طالبوا كل الأطراف بضبط النفس وتغليب مصلحة الوطن ووقف نزيف الدماء , كلام عام ليس له معنى ولا مغزى كمثل هذا الذي يتفوه به الأمين العام للأمم المتحدة عندما يذبح المسلمون ويقتلون فى أي مكان في العالم , فيخرج متنطعا متشدقا بعد انتهاء المجزرة ليعرب عن أسفه وقلقه من لون الدماء الذي يلوث الأرض , ولاينسى فى نهاية بيانه أن يطالب كل الأطراف المتقاتلة بضبط النفس وتغليب صوت العقل.!؟ سيسقط كل من خان دينه ووطنه .

* أقول للشيح حسان أن مصر لن تسقط إن شاء الله لان فيها رجالا نذروا حياتهم دفاعا عن دينهم وأوطانهم . إنما سسيسقط الذين اختبئوا فى الجحور كالفئران المذعورة يبحثون لهم عن ملجأ أومغارات أو مدخلا ليولوا إليه وهم مرتعشون خائفون . سيسقط الذين لم يناصروا يوما حقا واضحا , ولم يدحضوا يوما باطلا واضحا , بل كانت مواقفهم مائعة طرية هشة ضعيفة لاتسمن ولاتغنى من جوع . سيسقط ياشيخنا الذين يشعلون معارك حربية فقهية فى أمور خلافية لا اتفاق فيها بين العلماء , ولايتحركون إذا ذبح آلاف المسلمين فى أى مكان فى العالم لان ذلك شان لايعنيهم . سيسقط الذين يعقدون مؤتمرات فقهية أشبه بالمعارك الحربية لإثبات أن زكاة الفطر لاتجوز أن تدفع نقدا , ولايعقدون مؤتمرا واحدا يناصرون فيه امة مظلومة مقهورة تحت قيود العبودية لغير الله تعالى لان ذلك الأمر لايعنيهم ولايشغلهم لأنه ليس قضيتهم . سيسقط كل من خان دينه ووطنه .

* إن مصر لن تسقط إن شاء الله وإنما سيسقط الذين قال عنهم الشيخ الغزالي رحمه الله فى قديم الزمان ” وقد تأملت فى أحوال الناس الذين يعملون فى الحقل الاسلامى ويتحمسون لنصرة دينهم ولكنهم يحملون فى دمائهم جراثيم الفوضى القديمة والجهالة المدمرة , فأدركت أن هولاء يتحركون فى مواضعهم وأنهم يوم يستطيعون نقل أقدامهم فسيتجهون إلى الوراء , لا إلى الأمام وسيضيفون إلى هزائمنا الشائنة هزائم قد تكون أنكى وأخزى ” . نعم… صدق الشيخ الغزالي فهولاء يوم يتحركون فسيتجهون إلى الوراء ليشوهوا الغاية من هذا الدين والهدف منه وهو تعبيد الناس لرب الناس وليس إقناع الناس بعدم الخروج على الحاكم الظالم حتى ولو قتل أبناءك واغتصب زوجتك وهدم بيتك وجلد ظهرك وقض شعرك وقطع يداك وأرجلك من خلاف..! فالسمع.. السمع… والطاعة .. الطاعة ..! هولاء سقطوا إلى ابد الآبدين ياشيخنا . سيسقط كل من خان دينه ووطنه .

* مصر لن تسقط ياشيخ حسان لان الله حافظها بحفظه وراعيها برعايته على مر السنين والأعوام . وإنما سيسقط دعاة وعلماء ومشايخ من بنى جلدتنا ويتكلمون بالستنا ويأكلون طعامنا ويشربون ماءنا ثم يتساقطون سقوط أوراق الخريف الصفراء الباهتة الذابلة عند هبوب أول عاصفة . سيسقط الذين ينقلبون انقلاب الدابة عندما تتعثر وتسقط عندما يقابلها ” مطب صناعي ” ولاتعرف كيف تتخطاه وتتجاوزه بلا سقوط إلى قاع الأرض . سيسقط الذين يأكلون بدينهم , الذين باعوا دينهم بدنيا غيرهم , الذين يمشون فى كل المواكب ويركبون كل المراكب ولا يخشون العواقب . سيسقط الذين لهم ألف وجه وألف لسان وألف وجهة . سيسقط الذين استوت عندهم الدماء والماء , الذين تعلو حناجرهم وتنبرى خناجرهم إذا مسهم احد بسوء , ولكنهم لايسمعون ولا يتكلمون ولا يتحركون إن احتلت الأوطان وشوه دين الله الواحد الديان , فأولئك يامولانا لاخير فى علمهم ولا ثمرة من كلامهم . سيسقط بل وسقط بالفعل كجلمود صخر حطه السيل من عل كل من باع وطنه ومن خان دينه ولم تحركه الدماء ولاجثث المصريين فى الشوارع والميادين .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى