اخبار إضافيةالأرشيف

مصر و الوعي الضائع

بقلم الأديب الكاتب
محمد عبد الله زين الدين
المتحدث الإعلامى للمنظمة فرع مصر
 ————————————-
في مثل هذا اليوم اعلن النظام الجمهوري في مصربعد قيام حفنة من ضباط الجيش ( من ذوي الرتب المتوسطة) بحركة ضد النظام الملكي الحاكم , وبالفعل استطاعت حركة البكباشية ( البكباشي = مقدم ) من الاستيلاء على مقاليد الامور في البلاد تحت غطاء دولي مؤيد لتلك الحركة مما ساعد على انجاحها , وكان الصهاينة هم اول من ابتهج بها والتي ظهرت بمباركة وتخطيط السي آي ايه , وصمت الاسد الانكليزي المحتل الاصلي والغاصب البغيض الذي تحطمت انيابه وانتزع النازي براثنه ابان فترة الحرب الثانية الطاحنة و باتت قبضته متراخية على مستعمراته و التي كانت الشمس لاتغيب عن اراضيها , ولنتذكر عمليات الفدائيين ضد جنود الاحتلال الانكليزي في منطقة القناة لدرجة ذبح ابن عم ملكة انجلترا شخصيا على يد الفدائيين ولما تنامت تلك الحركات الفدائية ارتج مجلس العموم البريطاني وكانت صرخات النواب تنم على ان ابناءهم محاطون بثمانية عشر مليون من الاعداء يقصدون طبعا عدد افراد الشعب المصري .
لقد كان مليك البلاد يكره الاحتلال كرها بغيضا وبخاصة بعد حادثة الرابع من فبراير عام 1942 والذي كشف الاستعمار عن انيابه له كعاهل للبلاد عندما آثر الملك فاروق وقد كان شابا بمساعدة داهية السياسة وصفيه واستاذه في نفس الوقت احمد باشا حسانين ان يضع علي باشا ماهر على رأس الوزارة , والمفهوم ان علي باشا ماهر ذو ميول المانية وكان هو وعزيز باشا المصري يضافون الى كارهي البيادة والدبشك الانكليزي ولايألون جهدا في اخفاء مشاعرهم الحميمة تجاه خصوم ذلك المحتل الغاصب .
ومن ثم فهم جميعا يفضلون مساعدة الالمان في حربهم ضد جحافل الجيش الانكليزي , وللاسف فان عيون الانجليز كانت تتابع الجميع و يقتفون اثرهم ولما حان موعد احدهم في ان يتبوأ مركز الوزير الاول وقف السيد المطلق في قصر الدوبارة اللورد كيلرن ( السير مايلز لامبسون ) السفير البريتاني رافضا ضياع هيبة المملكة المتحدة وانزلاقها لتقع ضحية التآمر بين الالمان وانصارهم و على يد ملك شاب اسمه فاروق يحكم مملكة غنية في موقع استراتيجي وسط العالم مما يؤثر بالتأكيد على وضع الحرب الضروس الدائرة بين ابناء العم الانكلوساكسون.
هذا وعندما اطل ذلك الفتى الشجاع برأسه ورفض الانصياع لرغبة السفير فوق العادة ان يتدخل في مجريات الامور بمصر اثار حفيظة البولدوج الانكليزي البارد وتجاوزت درجة حرارته الغليان , ومن ثم التفت جنازير المدرعات حول سرير الملك في عابدين تحت سمع وامام ابصار اصحاب البيادة المصريين الذين لاذو بالصمت وآثروا السلامة ولم لا وهم طوال عهدهم يؤثرون السلامة والعيش الرغد ويرفلون في النعمة صعودا وهبوطا في طول البلاد وعرضها !! , وايضا لم لا وقد تم اعادة صياغتهم من اجل الوقوف ديدبان امام علم المملكة المتحدة !!
 واصر اذن سيادة اللورد على وضع النحاس باشا اعلى قائمة الوزراء , مما جعل تدخل احمد باشا حسانين ضروري وتم تلاوة مذكرة التهديد من قبل الانكليز حيث تجاوزها الباشا حسانين بمهارة ملاح سار بزورقه من خلال صخور وجنادل لم يمس زورقه الابعض الخدوش وهي انصياع الملك الشاب لقرار الانكليز وسط استهجان شعبي ومشاعر غاضبة غيورة على الكرامة المصرية الا انه في النهاية يتغلب المذهب البراجماتي فالغاية هنا قد بررت الوسيلة وهي الرضوخ والقبول بالنحاس باشا وقد تم بالفعل تنفيذ الرغبة السامية , وتاه النحاس باشا في عاصفة من الغضب ان كشف الانجليز ميوله لهم ضاربين المصالح الحزبية الضيقة عرض الحائط في سبيل الاهداف العليا للمملكة في وندسور .
لقد كان مليك البلاد وطنيا مخلصا بالرغم من جميع ماقيل وله ما له وعليه ما عليه الا ان ماله الكثير والكثير كأفضل من اعتلى عرش الوطن الا ان اعداءه وهم كثر منهم على سبيل المثال صهاينة 1948 الذين لم يتناسون ابدا حتى مجرد دخول مصر في حرب ضدهم حتى وان رجحت كفتهم على كفة حملة النواوي وحيدر وزير الحرب المصري في النهاية , لم ينسوا ذلك ابدا وكان للملك ان يواجه اعداء الداخل منهم من هو ظاهر على رؤوس الاشهاد ومنهم من هو خفي يدبر له الفتن بليل متضافرا مع اعداء الخارج .
لقد قرر التآمر الغربي كسر الكتلة الصخرية الكأداء في منطقة الشرق الاوسط وهي مصر وان باتت مستقرة لكان النماء والتكاثر والصعود للذرى وهو مالم يهنأ معه العيش وشراذم النفوس الشيطانية التي امست تضع يدها في غفلة من الجميع في يد عصابة الشر من الضباط الرعناء المغامرين لتسقط في النهاية مصر في ايديهم بمعونة اذكياء ترومان , والذين اعتبروا رفض تعاون الملك معهم ضد احلام الاتحاد السوفيتي للوصول الى المياه الدافئة هو خطيئة لاتغتفر , اذن لابد من ازاحته ووضع ربيبهم الناشئ تحت ناظريهم قائد تنظيم الضباط وذلك كما قال مايلز كوبلاند في مؤلفه الهام لعبة الامم وان السفير الامريكي جيفرسون كافري بالتنسيق مع كيرميت روزفيلت مهندس انقلابات الشرق الاوسط قد نجحا في ازاحة مليك مصر الذي رفض للانكليز ان يفصل السودان عنه .
وقبل ذلك الانفصال عصابة الشر من هؤلاء الصعاليك المنقلبين لتتقلص رقعة مصر ليس لآخر مرة بل للبلاد ان تستعد لسلسلة من ااتسيب والاضمحلال مع وجود عصابة الشر تلك التي تستقي اوامرها من السيد المطلق ليس في قصر الدوبارة تلك المرة بجاردن سيتي بل القابع امام المكتب البيضاوي في واشنجطن , انه ذلك التنظيم والتشكيل العصابي الذي تتضاءل امامه عصابات العالم اجمع فهو التشكيل الوحيد الذي له دولة ولو عدنا لبداياته لوجناه كما ذكرنا بدأ كحركة بسيطة ثم نما وترعرع بايد شيطانية آثمة لقد كان النظام الملكي في عصر فاروق واقول فاروق فقط من ارقى النظم الملكية بالرغم من المحاولات الحثيثة لتشويهه .
الا ان الحقيقة باتت تنجلي ويهدأ الغبار بعد مرور العقود الطويلة في تشوية وتحريض واثارة ضغائن ثم فجأة تظهر الحقائق لتسفر عن وجه ناصع البياض جميل المحيا وضاء , انها مصر التي اصبح الصعاليك يرتقون جسدها الطاهر وهم الاقذار الانجاس , وفي يوم ولحظة فارقة سوف يقوم الحساب الذي لم يغفل كل من تجاوز وأخطأ في حق هذه الارض الطيبة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى