الأرشيفتقارير وملفات

“مضايا” حصار عقابيّ.. ومدنيون بانتظار الموت والأمم المتحدة لم تعد متحدة

كشف اتصال منسوب لأحد أهالي مضايا في ريف دمشق يخاطب فيه أحدهم سوء الوضع في البلدة المحاصرة ،وأن حزب الله يقايض أملاك الأهالي مقابل المواد الغذائية.

وقال الشخص في التسجيل الذي نشرته “زمان الوصل”: “شيخ نحن بدنا بأسرع وقت، الأمور كتير كتير تعبانة جوا (داخل البلدة)، نحنا مصاري (نقود) لجوا ما بدنا (لانريد)، مصاري جوا ما بدهن، ما بيهمن المصاري مشان ما نحرض الحزب (مليشيا حزب الله)، لأن الحزب جوا عم ياخد (يأخذ) البيت تبع الشخص ويعطيه 100 كيلو عدس أو 100 كيلو رز”.

ويشير هذا التسجيل إلى منحى خطير يتمثل في مقايضة مليشيا حزب الله أملاك أهل مضايا بالطعام، تحت ضغط حصار خانق وسياسة تجويع لا تستثني أحدا من سكان البلدة الذين يناهز تعدادهم 40 ألفا.

وأطبق نظام الأسد ومليشيات حزب الله الطائفية الحصار على مضايا التي يوجد فيها نحو 40 ألف نسمة؛ نصفهم من أهالي الزبداني الذين حشرهم النظام فيها؛ بغية الضغط على الثوار لتسليم الزبداني التي لم تستطع قوات الأسد اجتياحها.

نصرالله وماهر الاسد وجبريل والخضرا بحصار وتجويع مضايا وبقين

هو شبح الموت الذي ما نفك يلاحق المدنيين السوريين في حلهم وترحالهم، في أتون حرب مجنونة أهلكت البشر والحجر، وأجبرت من لا علاقة له فيها على دفع فاتورتها الباهظة الثمن على مدار ما يقارب الخمس سنوات، قتلاً وتنكيلاً وتشريداً، وبالتأكيد جوعاً وحصاراً مستمرين.

وإذ تحولت مناطق مدينة عديدة في سوريا إلى ساحات صراع مسلح بين النظام السوري (بمساندة الحلفاء) وقوات المعارضة السورية المسلحة، تحولت حواضن مدنية عديدة إلى حقل تجارب لحصار متعمد استهدف قاطنيها من المدنيين بالدرجة الأولى، ليقضي على أحلام من تبقى من أهلها على قيد الحياة، بعد أن تحولت أجسادهم إلى ما يشبه الهياكل العظمية البشرية، على مرأى ومسمع منظمات حقوق الإنسان والمجتمع الدولي بأسره، الذي لازال يقف عاجزاً حتى تاريخه عن تقديم أي نوع من أنواع الغوث السريع للمنكوبين السوريين.

وفي “مضايا”، البلدة السورية الصغيرة الواقعة في ريف محافظة دمشق الغربي، يطرح النظام السوري مجدداً أنموذجاً أخراً من نماذج إجرامه وحليفه حزب الله اللبناني، عبر شنه حرباً هوجاء على آلاف المدنيين العالقين في البلدة، مسجلاً من جديد شكلاً أخراً من أشكال انتهاكاته المستمرة لحقوق الإنسان، ودماءاً بريئة جديدة تضاف إلى سجله الحافل في المجازر، حيث آلاف المدنيين عالقين في تلك البلدة ومحيطها دون منقذ يرد عنهم وحش الموت جوعاً وقنصاً وقصفاً.

تعتمد منهجية التقرير على سرد وقائع عميلة تجويع وحصار ممنهجة وعمليات استهداف جرت في بلدة مضايا بريف العاصمة السورية دمشق ومحيطها، وسماع شهادات حية، فضلاً عن توصيف الواقعة بمقتضى مواثيق الشرعة الدولية ذات الصلة، وإسناد الانتهاكات لمرتكبيها، وفق الدلائل المتوفرة.

بلدة مضايا:

هي بلدة سورية تتبع وفق التقسيم الإداري منطقة الزبداني في محافظة ريف دمشق وتشكل مضايا ناحية إدارية لوحدها. تقع شمال غرب العاصمة السورية دمشق، على مقربة من مدينة الزبداني، ويبلغ عدد سكانها قرابة 17 ألف نسمة، بالإضافة إلى حوالي 11 ألفاً من النازحين من مناطق مجاورة وقريبة.

تتوسط بلدة مضايا منطقة استراتيجية هامة عسكرياً وجغرافياً على مقربة من الحدود السورية مع لبنان، وانطلاقاً من ذلك تحولت البلدة ومحيطها القريب والبعيد إلى ميدان صراع مسلح بين فصائل المعارضة السورية المسلحة وقوات جيش النظام السوري المدعومة بمقاتلين من ميليشيات مدنية محلية مسلحة وأخرى قادمة من لبنان تتبع ميليشيا حزب الله.

شاركت البلدة في غالبية جيدة منها بقوة في الحراك المدني ضد النظام السوري إبان انطلاق الثورة السورية في أذار/مارس من العام 2011م، واستمرت في حراكها السلمي دون وجود أية مظاهر مسلحة فيها حتى سجلت أول عملية استهداف لها بالقصف المباشر في 6 حزيران/يونيو 2011م من قبل قوات جيش النظام السوري، بالتوازي مع قصف مماثل لمدينة الزبداني القريبة منها.

في 13 كانون الثاني/يناير 2012م، اندلعت أعنف المعارك بين قوات المعارضة المسلحة (الجيش السوري الحر) وقوات النظام السوري من جيش ومخابرات وميليشيات مدنية مسلحة بمساندة من ميليشيا حزب الله اللبناني تجاوزت أعدادها 370 مقاتل، لتتحول بلدة مضايا (كما مناطق مجاورة) إلى ساحة عراك مسلح عنيف جداً، في سعي من كلا الطرفين لضم البلدة (ومناطق قريبة) لمناطق سيطرته. ومنذ حينها كانت مضايا وقاطنوها من المدنيين ولازالوا ضحية عمليات استهداف عشوائي ومركّز من قبل قوات النظام السوري وميليشيا حزب الله اللبناني وما تعرف بميلشيا “الدفاع الوطني” ، ما تسبب في مقتل العشرات من أبناء البلدة، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، فضلاً عن الدمار المادي الكبير.

خضعت بلدة مضايا لسيطرة متفاوتة نسبياً، بين مجموعات من تنظيم “جبهة النصرة” وأخرى تتبع “الجيش السوري الحر”، مع قيام قوات النظام السوري والميليشيات الموالية لها (المحلية والأجنبية) بفرض حصار خانق على البلدة، بالتوازي مع استمرار تعرضها للقصف المتقطع وشبه اليومي (مدفعي – صاروخي – مورتر – طيران حربي ومروحي)، مع محاولات حثيثة من جيش النظام الجيش السوري لضم البلدة إلى مناطق سيطرة القوات الحكومية، بالتوزي مع محاولات مماثلة في مدينة الزبداني المجاورة.

وفي مطلع شهر تموز/يونيو 2015م، بدأت قوات النظام السوري وحزب الله ومليشيات مدنية مسلحة أخرى حملة عسكرية واسعة على مدينة الزبداني المتاخمة لبلدة مضايا، ألقت خلالها طائرات النظام المروحية عشرات البراميل المتفجرة على المدينة، فضلاً عن عشرات قذائف المدفعية والهاون (المورتر) والصواريخ الراجمة . في حين جوبهت الحملة بمقاومة من أبناء المدينة المسلحين والمسلحين الأخرين فيها الذين استطاعوا الصمود نحو 87 يوماً، محققين انتصارات على القوات المهاجمة التي خسرت عشرات العناصر.

في سياق متصل، بدأت فصائل المعارضة السورية المسلحة حملة مماثلة على بلدتي كفريا والفوعة المواليتين للنظام حزب لله في ريف محافظة إدلب، شمال سوريا، للضغط على قوات النظام والحزب وفك الحصار عن الزبداني ومحيطها، وانتهى الضغط المتبادل بتوقيع اتفاق بتاريخ 24 سبتمبر/أيلول الماضي، بعد مفاوضات جرت في تركيا بين ممثلين عن المعارضة السورية المسلحة وموفد إيراني يمثل النظام السوري، أفضت إلى وقف لإطلاق النار، على أن يتم نقل جرحى من مدينة الزبداني (ريف دمشق) إلى تركيا، ونقل جرحى من بلدتي الفوعة وكفريا (ريف إدلب) إلى دمشق عبر تركيا ولبنان، وإدخال مساعدات غذائية.

وكان أحد البنود التي تضمنها اتفاق كفريا، الفوعة – الزبداني ، فك الحصار المحكم الذي تفرضه قوات النظام السوري وحزب الله على كل من بلدتي مضايا وبقين، وفتح ممرات إنسانية دائمة لإدخال المواد الغوثية والطبية للمدنيين القابعين تحت الحصار.

لم يكتب للاتفاق المشار إليه التنفيذ الكامل، إلا أنه تم إخلاء الجرحى أواخر شهر كانون الأول/ديسمبر 2015م، لكن النظام السوري لم يف بتعهداته، إذا لا يزال يشدد الحصار على بلدة مضايا (ومحيطها بما فيها قرية بقين)، التي هجر إليها عدد كبير من مدنيي مدينة الزبداني، كورقة ضغط جديدة على فصائل المعارضة للقبول بشروطه، وأشارت المعلومات إلى أن قوات النظام السوري وحزب الله باتت، لا سيما منذ منتصف كانون الأول/ديسمبر 2015م، تعتمد سياسة التجويع وتركيع المدنيين المحاصرين في بلدة مضايا ومحيطها، بشكل ممنهج، دونما اكتراث بحياة آلاف المدنيين، الغير مرتبطين بالصراع المسلح الدائر مع قوات المعارضة.

قرية بقين:

قرية في حوض الزبداني، تتبع ناحية مضايا، منطقة الزبداني، محافظة ريف دمشق. وتبعد 40 كم إلى الشمال الغربي من مدينة دمشق. تقع على المنحدر الغربي لجبل آية الكرسي، وتشرف عليها قمة شعبة عكاشة من الشرق، كما تشرف على سهل الزبداني الواقع في شرقها، وتبعد عن مدينة الزبداني مسافة 4كم. تضم القرية قرابة 16 ألف نسمة حالياً، بين أهالي ومهجرين، وتمتد باتجاه الغرب مع الطريق العامة المتجهة إلى الزبداني وقد اتصلت مساكنها ببلدة مضايا.

مضايا تحت المجاعة:

لازال الحصار المستمر منذ تموز/يوليو 2015م على بلدة مضايا يلقي بظلاله على المدنيين المتواجدين فيها، بين أهالي البلدة من جهة، والمهجرين إليها من مناطق نزاعات قريبة، لا سيما مدينة الزبداني وبقين.

ووفق الأرقام التي زودت بها مصادر ميدانية نشطاء مركز دمشق، فقد تعرضت بلدة مضايا لتدمير واسع للبنى التحتية فيها بنسبة 30 % ودمار مماثل أصاب ممتلكات المدنيين بنسبة تقريبية 60 %، في حين نزح عدد كبير من سكانها إلى مناطق قريبة أقل خطراً أهمها مدينة بلودان وبلدة بقين المجاورة لها، حيث باتت الأخيرة تحوي اليوم قرابة 16 ألف نسمة، بمن فيهم المهجرين من الزبداني ولاجئين إليها من بلدة مضايا ومناطق أخرى من محافظة ريف دمشق.

وقد عادت أعداد كبيرة من الفارين من بلدة مضايا والمهجرين منها إليها بعد توقيع اتفاق هدنة (الفوعا، كفريا – الزبداني)، في حين بلغ عدد النازحين إلى البلدة قبل توقيع اتفاق الهدنة الأخير قرابة 5000 مدني، ازدادوا ضعفهم تقريباً بعد طرد النظام لمعظم عوائل الزبداني النازحة في البلدات المجاورة إلى بلدة مضايا، لتبلغ مجموع الأعداد التقريبية للمدنيين المتأثرين مباشرة بالحصار الحالي للبلدة قرابة 28 ألف مدني، جراء سوء أحوالهم المعيشية وانعدام قدرتهم الشرائية لما قد بتوفر من مواد وفقدان معضمها، لا سيما الغذائية الأساسية والطبية.

صورة لطائرة مروحية في سلاح جو النظام السوري نفذت قصفاً جوياً على أحياء سكنية في مضايا بتاريخ 19-7-2015م

في المقابل، أطلق ناشطون حملات لإنقاذ البلدة خلال الفترة الماضية، من ضمنها حملة طالبت الأمم المتحدة باتخاذ إجراءات فورية في سبيل فك حصار المدنيين، وخاصة بعد كثرة حالات الموت جوعًا في البلدة، إلا أن هؤلاء النشطاء اتهموا فرق الأمم المتحدة المعنية بالتقصير، بعد أن استطاعت الدخول لمدينة الزبداني وإخراج الجرحى بعد قبول النظام السوري باتفاق الهدنة، ولم تستطع هذه الفرق أن تتخذ خطوات مماثلة بالنسبة للمحاصرين في بلدة مضايا، على الرغم من وقوع البلدة على الطريق الذي مرت منه وفود الأمم أثناء إجلائها للجرحى.

ميدانياً، ازدادت الأمور في البلدة تدهوراً منذ 25 ديسمبر/كانون الأول 2015م ولتاريخ إعداد التقرير مع تساقط الثلوج وانخفاض درجات الحرارة في المنطقة، والبقعة التي تقع فيها البلدة تحديداً، مع الإشارة إلى أن تلك البقعة ذات طبيعة جبلية ومعروفة بقسوة فصل الشتاء، وهو ما زاد معاناة المدنيين المحاصرين فيها في ظل انعدام وسائل التدفئة وغياب التيار الكهربائي بشكل كامل، وتوقف الأفران عن العمل بسبب عدم تواجد مادة الطحين لتجهيز الخبز، وفقدان شبه تام لمادة حليب الأطفال، فضلاً عن ظروف الحصار الأخرى، الأمر الذي استدعى القائمين على شؤون البلدة لقطع بعض أشجار الأحراج وتوزيعها على الأسر المحاصرة، بعد أن وصلت سماكة الثلوج لـ9 سنتيمتراً بتاريخ 3-1-2016م، في ظل سوء الأحوال المادية للمحاصرين وارتفاع سعر الحطب، والذي تراوح سعر الطن الواحد منه بين 300-350 ألف ليرة سورية.

وفي السياق، أفادت المصادر أن البلدة المحاصرة شهدت، لا سيما خلال منتصف شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2015م، ارتفاعاً كبيراً في مستوى أسعار المواد الغذائية المتبقية فيها، بعد فقدان معظمها وصعوبة إدخال أخرى غيرها، حيث أغلقت قوات النظام السوري وحزب الله كافل منافذ دخول شاحنات الطعام.

ووفق المصادر الميدانية لمركز دمشق فقد وصل سعر كيلو مادة البرغل 30 دولار أمريكي، وسعر كيلو مادة السكر تراوح بين 30-40-50 دولار، وكيلو مادة السميد الغذائية بين 20-40 دولار، ومادة الزيت لكل كيلو غرام واحد 30 دولار، فيما باتت عشرات العائلات تتناول وجبة كل يومين وكل ثلاثة أيام، في حين أفيد ببلوغ سعر مادة الحليب قرابة 120 دولار أمريكي منذ 25-12-2015م ولغاية تاريخ إعداد التقرير، وبحسب مصادر ميدانية من داخل البلدة فقد بلغ معدل المصروف اليومي اللازم لإعداد مائدة بسيطة لعائلة صغيرة أكثر من 60 دولار أمريكي.

وبحسب ما أفاد ناشطو المكتب الميداني للمركز فقد وصل الحصار الذي تشترك في فرضه قوات تابعة لجيش النظام السوري وميليشيا حزب الله إلى حدود تفوق قدرة المجالس المحلية العاملة في البلدة، والتي لا تملك أي نوع من أنواع الدعم والإمداد، وسط حصار أفرد أزمة ما لبثت أن تحولت إلى مجاعة لا يمكن وصفها أو تصورها، وسط انتشار عشرات حالات التهاب الأمعاء والجفاف والإغماء وفقدان الوعي المؤقت (المتفاوت المدة) اليومية التي تصل إلى المراكز الطبية المحلية العاملة في البلدة، حيث يعجز الأطباء والمسعفين عن تقديم شيء لها بسبب فقدان المواد الإسعافية والمستلزمات الطبية وكافة الأدوية بشكل شبه كامل، خاصة الأمراض المزمنة منها كأدوية القلب والجهاز العصبي والضغط والسكري، بفعل الحصار المشار إليه، وصعوبة إدخال أية مستلزمات علاجية للمدنيين، حيث تقتصر المواد الغذائية والطبية المتوفرة على ما يتم إدخاله عبر حواجز قوات النظام السوري نفسها، من خلال تقاضيها رشاوى على هيئة مبالغ مالية نظير سماحها بإدخال كميات قليلة جداً من المواد الغذائية وبعض المعقمات والشاش الطبي، ومبالغ أخرى لقاء تهريب عائلات تتراوح وفق المصادر بين 2300-3000-3400 دولار أمريكي للعائلة الواحدة.

https://www.youtube.com/watch?v=DGGdkVFDNME

فيديو بثه ناشطون بتاريخ 6-1-2016م، لطفلة تدعى أمل حداب متواجدة في المشفى الميداني لبلدة ‏مضايا،وذكروا أنها منذ أكثر من شهر متواجدة في ذلك المكان بلا حليب ويتم إعطائها فقط جرعات من الماء والملح.

بعد أن بلغ معدل نقص الوزن لدى غالبية المحاصرين من 20-25 كغ، وسط تسجيل عدد من حالات الإغماء، بلغت ذروتها منذ تاريخ 25 كانون الأول/ديسمبر 2015م وحتى تاريخ إعداد التقرير، حيث جاوز عددها 34 حالة، بينهم ما لا يقل عن 13 طفل و9 نساء، فضلاً عن تسجيل أكثر من 220 حالة إصابة بفقر الدم الشديد بين المدنيين، بينهم ما لا يقل عن 88 طفلاً، منهم ما لا يقل عن 17 طفل دون سن الخمس سنوات، مع استمرار تسجيل حالات مثيلة بشكل يومي من قبل الكوادر الطبية المحلية العاملة في البلدة، والتي أفاد ناشطو المركز كما سبق وأشير بفقدانها كافة الوسائل اللازمة للعمل الميداني، بدءاً من الأدوية والمعدات الطبية، وانتهاءاً بالأمور اللوجستية اللازمة لتسيير خدماتها المقدمة للمدنيين اعتماداً على وسائل بدائية، كتقديم بعض المكملات الغذائية البسيطة (كالماء والملح والسكر) ووفق ما يتوفر منها.

فضلاً عن التجويع.. موت أخر يلاحق المدنيين، والضحايا في تزايد مستمر

إزاء الأحوال الكارثية في بلدة مضايا، تحاول عائلات الخروج مخاطرة بحياتها بعد أن فقدت إحساسها بإمكانية البقاء، نظراً لانعدام فرص استمرار الحياة الأساسية جراء الحصار، ما جعلها ضحية استهداف من نوع أخر من قبل حواجز وكمائن تتبع لجيش النظام السوري وميليشيا حزب الله اللبناني.

يخاطر المدنيين من أهالي بلدة مضايا والنازحين إليها في طرق وعرة ومكشوفة تحوي ألغاماً زرعها جيش النظام السوري وميليشيا حزب الله (تجاوز عددها وفق المصادر 3300 لغم فردي)، فضلاً عن اقترابها من حواجز لكلا الطرفين المحاصِرَين للبلدة، وهو ما ينتهي بهؤلاء العابرين في طرق الموت تلك بالتعرض غالباً للقتل قنصاً أو بانفجار أحد الألغام المزروعة بطرق عشوائية، لتتزايد أعداد الضحايا في بلدة مضايا، بين مسببات الجوع ونقص الغذاء والدواء، وبين عمليات الاستهداف المتعمدة من عناصر النظام السوري وحزب الله المحاصرين للبلدة.

كما تقوم حواجز قوات النظام السوري المتمركزة على أطراف بلدة مضايا وكمائن مسلحة تتبع ميليشيا حزب الله اللبناني بشكل يومي بإطلاق قنابل مضيئة لرصد تحركات المدنيين الذين يحاولون إدخال المواد الغذائية إلى البلدة، لتقوم بعدها بإطلاق الرصاص الحي عليهم، فضلاً عن نصبها أسلاكاً وشباكاً شائكة مرتفعة في محيط البلدة وعلى أطرافها المفتوحة.

قنابل مضيئة تطلقها حواجز قوات النظام السوري وكمائن لحزب الله على أطراف بلدة مضايا بشكل يومي لرصد تحركات المدنيين الذين يحاولون إدخال المواد الغذائية ولرصد محاولات الهروب من البلدة

ووفق ما أفادت به أرقام مكتب التوثيق التابع للمركز إذ إن أكثر من 25 مديناً من أهالي بلدة مضايا قضوا بسبب سوء التغذية وعدم توفر ما يلزم من معدات طبية من جانب، ووفاة بعضهم الأخر بعد سلوك سبيل الهرب عن طريق المخاطرة بتخطي ألغام وحواجز النظام وميليشياته، الذي غالبًا ما ينتهي بالتعرض للقتل قنصًا أو بانفجار أحد الألغام التي تحيط بالبلدة أثناء محاولة الخروج منها، أو إدخال مواد غذائية إليها.

وفي المقابل، أفاد مصدر طبي من داخل البلدة بتسجيل أكثر من 17 حالة بتر في صفوف المدنيين (أحداها أجريت لطفل فقد ساقيه)، ووفاة 5 منهم جراء انفجار الألغام والقصف اليومي للنظام وقوات حزب الله حتى تاريخ إعداد التقرير، حيث لا زالت أطراف ووسط البلدة تتعرض يومياً لقصف من قبل قوات النظام السوري بقذائف الهاون (المورتر) والمدفعية الثقيلة، بالإضافة للقصف بسلاح الصواريخ الراجمة، فضلاً عن عمليات استهداف بسلاح القناصة تنفذها عناصر موالية في جيش النظام وحزب الله للمدنيين الذين يحاولون الاقتراب من أراضيهم الزراعية لجني أية محاصيل منها، أو حتى لمجرد الوصول إليها.

القوات المسلحة المُحاَصِرة لبلدة مضايا:

الفرقة الرابعة في جيش النظام السوري:

أسسها رفعت الأسد شقيق حافظ الأسد رئيس النظام السوري السابق، وكان لها الدور الأول في مجزرة حماه عام 1982 وكان يطلق عليها اسم (سرايا الدفاع)، وتحول اسمها فيما بعد إلى “الفرقة الرابعة” بعد نفي رفعت الأسد من سوريا عقب محاولة انقلاب عسكري على شقيقه حافظ عام 1984. قائد الفرقة يدعى اللواء سهيل سلمان حسن. فيما يقود العميد ماهر الأسد اللواء 42- دبابات، ولكن فعليا يعتبر الأسد شقيق بشار هو القائد الفعلي للفرقة.

تعتبر الفرقة الرابعة من أهم الفرق العسكرية في سوريا، وهي متواجدة في دمشق العاصمة بالقرب من القصر الرئاسي، وتحديدا على قمة جبل معضمية الشام.

جميع مقاتلي الفرقة من الطائفة العلوية ونسبة ضئيلة جداً (قرابة 6%) من باقي الطوائف الموالية للنظام السوري وتضم الفرقة الرابعة عدة الوية وكتائب عسكرية منتشرة في دمشق وريفها وهي: اللواء 42 دبابات، الفوج 100 جديدة عرطوز الفضل، الفوج 154جبال معضمية الشام بقيادة العميد جودت إبراهيم صافي، الفوج 555 مظلات – جبال معضمية الشام بقيادة العميد جمال يونس.

تمتلك الفرقة الرابعة أحدث المعدات العسكرية من دبابات ومصفحات بالإضافة الى مدفعية بمختلف أنواعها، وهي فرقة تتهم بأنها “دموية” في جيش النظام، ومن القطعات العسكرية الملوثة أيديها بالدماء، نظراً لمشاركتها في العديد من الاقتحامات والعمليات العسكرية في الحواضن السكانية.

الفرقة العاشرة:

تقع على الطريق الواصل بين بلدة عرطوز وبلدة قطنا بريف دمشق، وهي فصيل مقرب عسكرياً من قوات الحرس الجمهوري في جشي النظام السوري، يوقود الفرقة ضابط برتبة لواء يدعى عبد الله الحموي كما ورد.

مواقع أخرى:

تتمركز على ما تسمى “جبال هابيل” في وادي بردى كتيبة صاروخية تابعة لجيش النظام السوري، نفذت عدة استهدافات لمواقع ضمن بلدة مضايا (وكذلك الزبداني)، بالإضافة لما يسمى “حاجز هريرة” (رأس الزعرور)، ومن جانب قوات في جيش النظام السوري تابعة لما يعرف بـ”الحرس الجمهوري” (اللواء 104)، وكذلك عدد من الحواجز والمواقع العسكرية تابعة لقوات النظام السوري، وتشترك فيها عناصر من جيش النظام السوري من مرتبات كل من الفرقتين الرابعة والعاشرة،

 الشريط الشائك المحاطة به البلدة عناصر مما تسمى “اللجان الشعبية” الموالية وقوات من ميليشيا حزب الله اللبناني وصولاً إلى الطريق العام، وبين كل حاجز وحاجز أخر هناك شريط شائك وحقول ألغام وجدران، تختلف بحسب المنطقة.

تورّط حزب الله في حصار مضايا:

شارك حزب الله اللبناني في عدد من المعارك الى جانب قوات النظام السوري منذ بدأ المراحل الأولى ليس للحراك المسلح فقط, بل لاندلاع الاحتجاجات السلمية كما أفيد, ومن ثم في المعارك مع جيش النظام السوري ومخابراته، بشكل سري، ما لبث أن تحول إلى معلن، وكان أشهر تلك المعارك هي معركة القصير بريف محافظة حمص، وسط سوريا، والمعارك المحتدمة حالياً في ريف دمشق، لا سيما في مناطق القلمون غرب المحافظة، وفي مناطق سورية أخرى عديدة، حيث يتراوح دورها بين القتالي الميداني والاستخباراتي المخفي.

في البداية تمركزت الوحدات التابعة لحزب الله على طول الحدود اللبنانية – السورية، إلا أنّ عملياتها اليوم تشمل بقعة أكثر اتساعاً بكثير، بما فيها مناطق في الشمال الغربي ، في محافظتي حلب وإدلب، ودرعا في الجنوب، حتى أنها متواجدة في وسط سوريا وشرقها, أي أنها تنتشر تقريبا على كافة أرجاء سوريا.

تقع بلدة مضايا كما شبق وأشير في ريف دمشق الغربي، وهذا الريف في العموم، لا سيما الزبداني ومضايا وبلودان كان ولا زال مطمحاً لحزب الله اللبناني، الفصيل المسلح المعروف بموالاته للنظام السوري وتحالفه معه، انطلاقاً من الموقع الاستراتيجي للبلدة، وأهميته بالنسبة لميليشيا الحزب الذي يطمح لضم هذه المدن السورية لمناطق نفوذه، نظراً لوقوعها على الحدود السورية – اللبنانية، وتشكيلها امتداداً لمناطق لبنانية يقطنها موالون للحزب الذي يسعى من خلال سيطرته على هذه المدن إلى تأمين السيطرة الكاملة على منطقة القلمون المحاذية لتلك الحدود.

قوات وميليشيات شاركت في عمليات تهجير المدنيين واستهداف حواضنهم وحصارهم في مضايا وبقين والزبداني:

  • ميليشيا حزب الله اللبناني، يقودها المدعو حسن نصر الله

  • جيش التحرير الفلسطيني، يقودها المدعو اللواء طارق الخضراء

  • الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة، يقودها المدعو أحمد جبريل

  • ميليشيا لواء ذو الفقار الشيعية العراقية، يقودها المدعو حيدر نعمة الجبوري

  • ميليشيا لواء الحسين الشيعية العراقية، يقودها المدعو أمجد البهادلي

  • ميليشيات الدفاع الوطني السورية، وهي من مختلف المناطق في دمشق وريفها

  • الفرقة الرابعة في جيش النظام السوري، مسؤول عن إصدار الأوامر فيها المدعو العميد ماهر حافظ الأسد

التوصيف الحقوقي:

إن النظام السوري وحلفاءه من إيران وحزب الله، بدعم وإسناد روسي، مستمرين في خرق المستمر لما جاء في منطوق قرار مجلس الأمن ذي الرقم ٢٢٥٤، الصادر بتاريخ في 18 كانون الأول/ديسمبر 2015م، والذي طالب جميع الأطراف في سوريا بوقف الهجمات الموجهة ضد المدنيين وحواضنهم السكنية، “وأي استخدام العشوائي للأسلحة، بما في ذلك من خلال القصف والقصف الجوي”، وتسهيل الخدمات الإنسانية.

حيث نص القرار في البند 12 منه على أن “تمتثل جميع الأطراف فورا لالتزاماتها بموجب القانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، حسب الاقتضاء”، ودعا بذات الوقت “الأطراف إلى أن تتيح فورا للوكالات الإنسانية إمكانية الوصول السريع والمأمون وغير المعرقل إلى جميع أنحاء سوريا ومن خلال أقصر الطرق، وأن تسمح فورا بوصول المساعدات الإنسانية إلى جميع من هم في حاجة إليها، لا سيما في جميع المناطق المحاصرة والتي يصعب الوصول إليها“.

فيما وفي المقابل، تخضع بلدة مضايا بريف محافظة دمشق الغربي لحصار خانق متعمد ومزدوج من قبل قوات النظام السوري وحليفه حزب الله اللبناني، يشمل المواد الغذائية والطبية معاً، ويستهدف فئة المدنيين غير المسلحين، والذين لا علاقة لهم بالصراع الدائر، ما يشكل من جهة أولى انتهاكاً صارخاً لما نص عليه القرار السابق لمجلس الأمن.

لقد جرمت المادة 6 من ميثاق روما الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية الأفعال المكونة لـ”الإبادة الجماعية”، عبر إتيان أي فعل من الأفعال التي نصت عليها، بقصد إهلاك جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية بصفتها هذه, إهلاكاً كلياً أو جزئياً، عبر “إخضاع هذه الجماعة عمداً لأحوال معيشية يقصد بها إهلاكها الفعلي كلياً أو جزئياً“.

وهنا يشير مركز دمشق إلى أن مجموع الأفعال الموجهة من قبل القوات النظامية السورية، وحليفها حزب الله اللبناني، والمتضمنة أفعال الحصار الممنهج، يخشى استهدافها مجموعة محددة من السكان من أهالي بلدة مضايا، أو استهدافهم بعينهم، في إطار توفر “قصد” إهلاكهم “كلياً أو جزئياً”، مع الأخذ بعين الاعتبار الأبعاد “الطائفية” للعمليات التي تنفذها فصائل محددة من القوات النظامية السورية بدعم وإسناد من جمهورية إيران وميليشيا حزب الله اللبناني “الشيعية”، وفصائل أخرى عراقية ذات توجهات طائفية، ضد غالبية من أبناء طائفة محددة يقطنون البلدة، بين ساكنين فيها ونازحين إليها.

بالمقابل، فإن مجموعة عمليات الحصار والتجويع الممنهج الممارس من قبل النظام السوري وحزب الله اللبناني تجاه المدنيين في بلدة مضايا جرمتها المادة 8-2-أ-3 و 8–2-ب-25، من نظام روما، حيث نصت الأولى على اعتبارها جريمة حرب “عندما ترتكب في إطار خطة أو سياسة عامة أو في إطار عملية ارتكاب واسعة النطاق” “تعمد إحداث معاناة شديدة أو إلحاق أذى خطير بالجسم أو بالصحة”، في حين نصت الثانية بشكل صريح على أنه يعد جريمة حرب “تعمد تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب بحرمانهم من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم, بما في ذلك تعمد عرقلة الإمدادات الغوثية على النحو المنصوص عليه في اتفاقيات جنيف“.

كما أن جملة الأفعال التي تنفذها القوات النظامية السورية والميليشيات المسحة التابعة لحزب الله اللبناني تخالف ما جاء في المادة 8–2-ب-25، من نظام روما الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية، والتي عدت “تعمد تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب بحرمانهم من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم, بما في ذلك تعمد عرقلة الإمدادات الغوثية على النحو المنصوص عليه في اتفاقيات جنيف”، جريمة حرب توجب الملاحقة القانونية لفاعلها، في الوقت الذي شددت فيه المادة 8– 2– ب-1 من نظام روما على أن ” تعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين بصفتهم هذه أو ضد أفراد مدنيين لا يشاركون مباشرة في الأعمال الحربية” جريمة حرب، ونصت المادة ذاتها في القفرة ب –2 منها على أن “تعمّد توجيه هجمات ضد مواقع مدنية, أي المواقع التي لا تشكل أهدافاً عسكرية”، هو جريمة حرب أيضاً، كما أن “تعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين بصفتهم هذه، أو ضد أفراد مدنيين لا يشاركون مباشرة في الأعمال الحربية” هو كذلك جريمة حربٍ عطفاً على المادة 8–2-هـ-1 من نظام روما، بوصفه من “الانتهاكات الخطيرة الأخرى للقوانين والأعراف السارية على المنازعات المسلحة غير ذات الطابع الدولي, في النطاق الثابت للقانون الدولي“.

وحيث أن المادة 8 – ب – 4 من نظام روما اعتبرت الأفعال التي تشمل إفراطاً واسعاً في استعمال القوة، جريمة حرب، فإن هذا التوصيف ينطبق على ما قامت وتقوم به قوات النظام السوري وحزب الله اللبناني، عبر استهداف المدنيين العزل في بلدة مضايا بسلاح المدفعية والهاون (المورتر) والقناصات، دون أي مقاومة مسلحة من جانبهم، ما يشكل “بالقياس إلى مجمل المكاسب العسكرية المتوقعة الملموسة المباشرة”، “جريمة حرب” أيضاً.

في سياق متصل، جرّمت المادة 8 – ب – 5 من ميثاق روما “مهاجمة أو قصف المدن أو القرى أو ((المساكن أو المباني العزلاء)) التي لا تكون أهدافاً عسكرية، بأية وسيلة كانت”، في حين اعتبرت المادة 7–1– أ و7–1– ك من ذات الميثاق توفر عنصر التكرار لعمليات الاستهداف التي تطال المدنيين على نحو ممنهج، ما يرفعها بالنتيجة لمستوى “سياسة دولة” رسمية، جريمة ضد الإنسانية، وهو ما يتوفر في عمليات الاستهداف المتنوعة للمدنيين وترويعهم من قبل النظام السوري وحلفائه، حيث باتت تعتبر هذه الأعمال وسيلة معتمدة في مواجهة المعارضين لسلطته، أو تعزيزاً لتلك السياسة.

نتائج وتوصيات:

يعيش أهالي بلدة مضايا في حصار خانق، حيث باتوا ضحية صراع مسلح، وورقة ضغط سياسية – عسكرية، ظل تدهور كبير في الأوضاع الإنسانية للمدنيين، بسبب استمرار الحصار المحكم الذي تفرضه قوات النظام السوري وميليشيا حزب الله اللبناني.

يلفت مركز دمشق النظر إلى احتمالية تفاقم وتدهور الوضع الإنساني في بلدة مضايا بشكل يومي مع تساقط الثلوج وانخفاض درجات الحرارة وفقدان أغلب المواد الغذائية، فضلاً عن انعدام وسائل التدفئة وغياب التيار الكهربائي.

يوصي مركز دمشق منظمة الأمم المتحدة ممثلة بأمينها العام، السيد بان كي مون، العمل الفوري على تطبيق القرار 2254 الأخير الذي نص على إجراءات بناء الثقة والتي تتضمن فك الحصار عن جميع المناطق المحاصرة في سوريا، والدفع بإجراءات أخرى تلجم النظام السوري وميلشيا حزب الله اللبناني عن الانتهاك المستمر لحقوق المدنيين، والضرب بعرض الحائط كافة القوانين الدولية التي تضمن تلك الحقوق.

الدكتور رضوان زيادة

مدير مركز دمشق لدراسات حقوق الإنسان

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى