آخر الأخبار

منازل عائلة السواركة في غزة توثق جانباً من القصف الإسرائيلي الذي أودى بحياة 8 أشخاص

تسبب استهداف الصواريخ الحربية الإسرائيلية
لمنزلين من منازل عائلة السواركة بقطاع غزة، في تدميرهما بالكامل.

ففي أحاديث منفصلة لـ «الأناضول»،
روى عدد من الناجين من العائلة تفاصيل الدقائق الأخيرة قبل القصف الإسرائيلي، في
قصص مأساوية جديدة تضاف إلى انتهاكات إسرائيل بقطاع غزة.

وفجر الخميس، قصفت الطائرات الإسرائيلية
منزلي عائلة السواركة، المكونين من ألواح الصفيح والبلاستيك.

وقالت وزارة الصحة الفلسطينية إن غارة
إسرائيلية قتلت 8 فلسطينيين من عائلة السواركة في منطقة دير البلح، بينهم 5 أطفال
وسيدتان.

وفي وقت سابق من الجمعة، اعترف الجيش
الإسرائيلي بأنه قتل عائلة فلسطينية من 8 أفراد بقصف منزلها في قطاع غزة عن طريق
«الخطأ»، بحسب صحيفة عبرية.

في الليلة التي قُصف فيها المنزلان، لم تعرف
عينَي الصغيرة نور السواركة (12 عاماً)، إحدى الناجين من الموت، النوم، وتملَّكها
الخوف الشديد مع ارتفاع صوت الطائرات الإسرائيلية.

وتقول نور، التي تقطن الآن مع جدتها، لـ
«الأناضول»: «ما عرفت أنام هديك الليلة، (لم أعرف النوم تلك
الليلة)، كنت خايفة من صوت الزنّانات، (كنت خائفة من صوت الطائرات الإسرائيلية
المسّيرة)».

وأضافت نور وهي تستذكر ما حدث في ذلك الوقت،
أن عائلتها كانت تنام بغرفة بلاستيكية داخل المنزل، في حين شاهدت نور ضوءاً أحمر،
وسمعت صوت انفجار قوي.

وتابعت: «طلعت أجري بسرعة من الدار
(خرجت هاربة بسرعة من البيت)، وما قدرت أصحي أهلي من النوم (لم أستطع أن أُوقظ
عائلتي من النوم)، ووقفت في أرض جنب الدار (بجوار البيت) أرتعش من الخوف وأعيط
(أبكي)».

وعندما غابت أصوات الانفجارات، عادت نور بخوف
إلى مكان منزلها، وصُدمت مما رأت.

وتضيف: «ما لقيت الدار، كان بس فيه حفر
كبيرة (لم أجد المنزل، فقط وجدت حفراً كبيرة جداً)، وكل أغراض الدار طايرة هان
وهان وأهلي تحت الأرض، (كل أغراض المنزل متناثرة ومدمرة، وأهلي تحت التراب)».

وتوضح نور، التي قابلها مراسل الأناضول في
أثناء زيارة أشقائها الجرحى؛ نرمين (10 سنوات) ومصابة بكسر في القدمين، وريم (8
سنوات) مصابة بكسر في الأنف، وسالم (3 سنوات) مصاب بكسر في الحوض، ووالدها محمد
(40 عاماً) الذي يرقد في غرفة العناية المركزة- أن والدتها يسرا (39 عاماً)
استُشهدت، وشقيقيها معاذ (7 سنوات)، ووسيم (13 عاماً).

ولم يعد للصغيرة الناجية وأشقاؤها مأوى سوى
منزل جدتها الصغير.

وتقضي نور، معظم يومها في زيارة أشقائها
المصابين؛ الذين يبكون طوال الوقت من شدة آلام الإصابة، ويطلبون رؤية والدتهم،
التي لا يعلمون أنها استشهدت.

وفي المستشفى، يتجمع عدد من الجرحى الصغار
وعديد من الأقرباء وفاعلي الخير من النساء ممن أخذن على عاتقهنّ الوقوف بجانب
العائلة المكلومة.

الطفل ضياء السواركة (13 عاماً)، ناجٍ آخر من
مصير عائلته، لا يدرك تماماً حتى اللحظة حجم المصاب الذي تعرضت له أسرته.

يضع ضياء على وجهه ضمادات طبية، إثر إصابته
بشظية من جراء القصف، وهو يركض أمام منزل جدته الذي بات مأواه الوحيد أيضاً هو
وأشقائه الناجين من القصف؛ ولم تَعنه كثيراً مشاهد النساء اللواتي يرتدين الأسود
ويتوافدن لتأدية العزاء باستشهاد عائلته.

يقول ضياء، بعد محاولات عديدة من مراسل
الأناضول للحصول منه على تفاصيل ما حدث: «كنت مستلقياً في منزلنا المسقوف من
الصفيح، شاهدت المكان تحوَّل إلى لون أحمر، وصوت انفجارين بمنزل عمي المجاور، هربت
مسرعاً من المنزل للخارج، إلى حيث منزل جدتي (يبعد نحو 500 متر)».

وتابع: «ثم حدثت انفجارات أخرى وأنا
أركض، وصلت جدتي وطلبت منها الاتصال بالإسعاف، لأنهم قصفوا منزلنا، ولم تكن جدتي
تعرف أن منزلنا تعرض للقصف».

ضياء، الذي يصفه أحد أقربائه الموجودين خلال
اللقاء، بأنه طفل يمتلك جرأة وقوة قلب، أردف: «عُدت إلى مكان القصف مع أخي
محمد ورجل آخر من الجيران، ووجدت الناس في المكان، وشاهدت أخي مهند (12 عاماً)
مدفوناً في التراب، ورجلاه في الخارج، ونرمين ابنة عمي (10 سنوات) مدفونة في
التراب».

وتابع: «أمسكت نرمين وحاولت سحبها وهي
تبكي، بعدها نقلوني معهم إلى المستشفى، ولا أعرف ما حدث، وأخبروني بأن أبي استشهد
هو ومهند».

سلمية السواركة (70عاماً)، جدة الأطفال، بدت
مهمومة مثقلة بمصابها وبالحِمل الذي بات في مسؤوليتها.. لم يكن من السهل الحديث
معها ولقاؤها في زحمة المعزين.

لكن سلمية قالت لـ «الأناضول»:
«الأطفال سيعيشون عندي في البيت، وحِملهم ثقيل، وأبنائي الشهيد والجريح (آباء
الصغار) وضعهم المادي صعب، ومنزلهم من الصفيح والبلاستيك، حتى تعليم أطفالهم لم
يقدروا عليه، وعدد منهم تركوا الدراسة».

وأضافت: «لا أعرف كيف سأدبر لهم الطعام
والشراب ومتطلبات الحياة، وأربيهم حتى يكبروا، وهذا فوق طاقتي».

وتوضح وهي تجلس وسط ما تبقى من فراش المنزلين
المقصوفين، أن ليلة المجزرة، جاء ضياء يصرخ: «بدنا (نريد) إسعاف..أهلي وعمي
ماتوا».

واستطردت: «أنا سيدة كبيرة في السن، ما بقدر (لم أستطع) فعل شيء، ناديت الجيران وطلبت منهم أن يتصلوا بالإسعاف وفعلوا ذلك، حتى أخبروني بعد فترة قصيرة بأن هناك ثمانية شهداء من أولادي وزوجاتهم وأطفالهم.. كانت صدمة كبيرة».

وعن حديث تل أبيب عن أن الجيش الإسرائيلي قصف
المنزلين بالخطأ، ردَّت: «طوال اليوم الطائرات في الجو، وترى وتعرف كل شيء؛
لماذا قصفوهم دون إنذار، لو تم إشعارهم لغادروا المنزل فوراً، لكن ما حدث يعني أن
القصف متعمد».

ومنذ فجر الثلاثاء وحتى فجر الخميس، شنّ
الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية على غزة، بدأها باغتيال القائد البارز في
«سرايا القدس»، الذراع المسلّحة لحركة الجهاد الإسلامي، بهاء أبو العطا
وزوجته، وأسفرت إجمالاً عن ارتقاء 34 شهيداً بينهم 8 أطفال و3 نساء، وإصابة 111
آخرين بجراح مختلفة.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى