آخر الأخبار

منح أموال للفقراء وتظاهرات تؤيد الحكومة إلى جانب الرصاص والاعتقال.. إيران تواجه الاحتجاجات بأساليب متعددة

اتخذت
طهران خطوات لتهدئة الاضطرابات العنيفة التي تشهدها البلاد من جراء رفع أسعار
الوقود، وذلك عن طريق توزيع الأموال على الفقراء وتنظيم التظاهرات المؤيدة للحكومة
من أجل حشد الدعم المقدم لسياسة تسعى لتعزيز الاقتصاد الذي تضرر من العقوبات
المفروضة عليه.

وتأتي
التدابير الجديدة، التي قالت عنها الحكومة إنها بدأ سريانها، الثلاثاء 19
نوفمبر/تشرين الثاني، في خضم ظهور تقارير تفيد بتزايد عدد القتلى والاعتقالات بين
صفوف المحتجين في طهران ومدن رئيسية أخرى، حيث أضرم المتظاهرون النيران في مصارف
ومحطات وقود ومقرات أمنية، ودمروها، حسب التقرير الذي نشرته صحيفة The
Wall Street Journal
الأمريكية.

توضح
التحركات كيف أن طهران تكافح لمعالجة الاستياء الشعبي الشديد، في وقت تحاول فيه
تسوية حساباتها والتزاماتها. إذ تجاهد الحكومة من أجل رفع المستويات المعيشية في
ظل تعرض اقتصادها المعتمد على النفط لضغوط بسبب العقوبات التي تفرضها عليها
الولايات المتحدة.

في محاولة لتخفيف الصدمة التي أتبعت زيادة أسعار الوقود، أوصت الحكومة بصرف إعانات نقدية شهرية إلى 60 مليون إيراني من ذوي الدخول المنخفضة والمتوسطة، بمبالغ لا تقل عن 13 دولاراً للمواطن، وذلك بحسب ما أفادت به وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية (إيرنا) الثلاثاء 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2019. وقد اتُّخذ القرار بشأن هذه التدابير قبل زيادة الوقود، لكنها طُبقّت بعد الاحتجاجات.

? #IranianProtests in #Shiraz city ,#Iran 19 November 2019#Internet4Iran #ایران_تنتفض pic.twitter.com/hjE7khlrOD

غير
أن الشعب الإيراني يفقد صبره، وينظر بعضهم إلى زيادات الأسعار على أنها ذريعة
لإثارة الموجة المشهودة مؤخراً من الاحتجاجات المناهضة للحكومة.

قال
مسؤول إيراني سابق في قطاع النفط كان مشاركاً في صياغة السياسة الحكومية الحالية
المتعلقة بإمدادات الوقود: «الشعب غاضب. وفي غضون يومين، يمكن أن يتحول إلى
شيء آخر».

وفي
ظل المخاوف من أن يُحفَّز التضخم نتيجة لزيادة أسعار الوقود، حشدت الحكومة مفتشين
للسيطرة على أي زيادات غير منظمة في أسعار الغذاء والسلع الأخرى.

قالت
قوات الحرس الثوري الإيراني، وهي أقوى قوة شبه عسكرية في إيران، إن البنى التحتية
للقطاعين الخاص والعام -بما فيها المصارف، ومحطات الوقود، والمقرات الأمنية-
أُضرمت فيها النيران ودُمرت منذ انطلاق الاحتجاجات في نهاية الأسبوع الماضي. وهدد
الحرس الثوري أمس الأول الإثنين 18 نوفمبر/تشرين الثاني باتخاذ إجراءات صارمة ضد الاحتجاجات.

وقالت
منظمة العفو الدولية الثلاثاء إن ما لا يقل عن 106 متظاهرين في 21 مدينة قُتلوا في
التظاهرات. ولم تقدم الحكومة الإيرانية من جانبها أي رواية حول حصيلة القتلى.

وقال
متحدث باسم البعثة الدبلوماسية الإيرانية لدى الأمم المتحدة في نيويورك إن
«أي أرقام للخسائر في الأرواح لم تؤكدها الحكومة، ليست إلا تكهنات وهي غير
موثوقة». وأضاف أن الإيرانيين يُسمح لهم «بممارسة حقهم في الاعتراض
بحرية وفي مناخ سلمي».

لكن
الاضطرابات اتسمت بدرجة من العنف لم تكن مشهودة في احتجاجات سابقة.

فقد
أفادت منصات إخبارية موالية للحكومة بأن أفراداً من الأمن أيضاً قُتلوا في
الاضطرابات. وقالت وكالة أنباء فارس المحافظة إن محتجاً مسلحاً قتل شرطياً في
محافظة خوزستان، وهي منطقة ذات أغلبية عربية غرب إيران. وطعن المتظاهرون ثلاثة
أفراد من قوات الباسيج شبه العسكرية غرب العاصمة، وذلك حسب مزاعم الحرس الثوري.

قال
المرشد الأعلى للثورة الإسلامية على خامنئي في وقت متأخر من يوم الثلاثاء:
«ليعلم الأصدقاء وكذلك الأعداء أننا جعلنا العدو يتقهقر في ساحات الحرب
العسكرية والسياسية والأمنية… وبتوفيق الله سنجعل العدو يتقهقر في ساحة الحرب
الاقتصادية بالتأكيد».

ونقلت
وكالات الأنباء الإيرانية عن رئيس شرطة طهران الجنرال حسين رحيمي قوله أمس
الثلاثاء إن عدداً كبيراً من المحتجين في طهران احتُجزوا، وإن الشرطة سوف تعتقل
المزيد. فيما زعم المتحدث باسم السلطة القضائية في إيران غلام حسين إسماعيلي أن
بعضاً من المحتجزين كانوا أعضاء في جماعات مستقرة في الخارج وتسعى لإطاحة النظام.

على
مدى العقد الماضي، ردت طهران أكثر من مرة على التظاهرات المناوئة للحكومة. فقد نظم
الإيرانيون مسيرات بانتظام منذ إعادة انتخاب الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد في
2009 التي تسببت في أزمة آنذاك، وتظاهروا لاحقاً للتعبير عن تظلمهم من الصعوبات
الاقتصادية، مما دفع الحكومة نحو الموازنة بين قمع الشرطة واتخاذ تدابير لتخفيف
المعاناة.

قالت
الباحثة المختصة بالشأن الإيراني سنام فاكيل، من معهد تشاتام هاوس: «الثقة
التي ردت بها الحكومة على الاضطرابات تُظهر أنها طورت تقنيات مواجهة
الاحتجاجات»، مشيرة إلى نشر أعداد كبيرة من قوات الأمن وقطع الاتصال
بالإنترنت مؤقتاً.

بدا
أن الاحتجاجات تتراجع الثلاثاء. لكن سنام حذرت من إمكانية عودة الاضطرابات، نظراً
إلى أن الحكومة «لم تعالج المظالم المرتبطة التي تعد واسعة الانتشار».

وتشكل
الاحتجاجات في إيران جزءاً من موجة غضب شعبي عصفت بالمنطقة، من شمال إفريقيا إلى
لبنان والعراق. تستثمر إيران بقوة في البلدين الأخيرين، وتسببت المحن الاقتصادية
هناك في زيادة مفاجأة في المشاعر المعادية لإيران.

واجهت
السلطات في إيران الاضطرابات بتظاهرات مؤيدة للحكومة مناوئة للاحتجاجات. وعرضت
وسائل الإعلام الرسمية حشوداً من المشاركين في المسيرات المؤيدة للحكومة في تبريز
ومدن أخرى شمال غرب البلاد، التي تدعم الحكومة وقرار خفض الدعم على النفط الذي
اتخذته.

وقد
انهارت صادرات إيران من النفط الخام -الذي يعد أكبر مصدر إيرادات للبلاد في
تاريخها- بسبب العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة عليها، مما أجبر الحكومة على
محاولة العثور على مصادر أخرى للإيرادات.

دافعت
طهران عن قرار خفض الدعم على الوقود. إذ يقول مسؤولون إنه سوف يقوض جهود المهربين،
الذين يستغلون المنتجات الرخيصة التي تُباع في إيران، فيشترونها ليعيدوا بيعها في
الدول المجاورة، التي تباع فيها بأسعار أغلى مقارنة بأسعارها في إيران. وقال
المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي ربيعي إن زيادة الأسعار سوف تؤدي كذلك إلى
زيادة الوقود المتاح للصادرات المشروعة.

It is often said that a picture is worth a thousand words. This’s certainly one of those pics. Streets of Marivan (Kurdistan Province, Iran) look like a war zone covered in blood on Tuesday Nov 19, 2019.

Unofficial reports suggest over 100 or 200 killed in #IranProtests so far. pic.twitter.com/Tjo9VDy0jg

بيد
أن خفض الدعم على الوقود أدى إلى زيادة بنسبة 50% في أسعار الوقود وهو ما استلزم
الترشيد، حسبما أوضحت مجموعة أوراسيا للاستشارات في مجال المخاطر. إذ كتب هنري
روم، المحلل الإيراني في مجموعة أوراسيا، في مذكرة بحثية أن زيادة أسعار الوقود
وترشيده سوف تستثير احتجاجات محدودة على المدى القريب، لكنها سوف تضع الاقتصاد على
قاعدة «أكثر استقراراً  في ظل استعداده لبدء سنة أخرى تحت وطأة العقوبات
الأمريكية القاسية».

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى