الأرشيفتحليلات أخبارية

منظمة «هيومن رايتس ووتش» العالمية ..”عبد الفتاح السيسي” اعتقل 60 ألفا وأنشأ 19 سجنا وأن ما يحدث من تعذيب للمعتقلين في مصر بأنه «جريمة محتملة ضد الإنسانية».

وصفت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الحقوقية، في تقرير نشرته، اليوم الأربعاء، ما يحدث من تعذيب للمعتقلين في مصر بأنه «جريمة محتملة ضد الإنسانية».
وذكرت المنظمة أنه تم توقيف 60 ألف شخص على الأقل منذ انقلاب 3 من يوليو/تموز 2013،  كما تم إنشاء 19 سجنا جديدا خلال الفترة ذاتها لاستيعاب هذه الاعداد.
وتعتقد المنظمة أن «التعذيب الشائع في مصر يشكل جريمة محتملة ضد الانسانية بسبب انتشاره وممارسته بشكل ممنهج».
ويقول «كريم»، الذي يبلغ من العمر18 عاما، وهو طالب جامعي، حسب ما أورد التقرير، إنه «تم توقيفه من جانب الأمن بعد مشاركته في تظاهرة وتم اقتياده من قبل ضباط قسم شرطة البدرشين بمحافظة الجيزة إلى غرفة داخل القسم ليقوموا بتجريده من ملابسه وصعقه كما تم ربط معصميه بالحبال وتعليقه منهما على مسافة من الأرض».
أساليب تعذيب جديدة بمصر ومطالب بمحاكمة المتورطين
أكدت منظمة “هيومن رايتس ووتش” أن ضباط وعناصر الشرطة و”قطاع الأمن الوطني” بمصر، في عهد رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، يعذبون المعتقلين السياسيين بشكل روتيني بأساليب تشمل الضرب، والصعق بالكهرباء، ووضعيات مجهدة، وأحيانا الاغتصاب، مطالبة الدول الأجنبية باستخدام الولاية القضائية العالمية لمقاضاة المسؤولين المصريين المشتبه في تورطهم في أعمال التعذيب. 

وأشارت – في تقرير لها الأربعاء صدر في 63 صفحة بعنوان “هنا نفعل أشياء لا تصدق: التعذيب والأمن الوطني في مصر تحت حكم السيسي” – إلى أن ما وصفته بالتعذيب الواسع النطاق والمنهجي من قبل قوات الأمن المصري قد يرقى إلى جريمة ضد الإنسانية.

ولأول مرة في ظل نظام السيسي، تقدم منظمة دولية لحقوق الإنسان أدلة تثبت أن التعذيب في مصر منذ انقلاب 3 تموز/ يوليو 2013 يتم بشكل ممنهج وواسع النطاق على نحو مفزع، وهو ما يكشف تماما كذب التصريحات الرسمية لسلطة الانقلاب، والتي تنفي دائما وجود أي حالات تعذيب وتدعي خضوع المعتقلين لمحاكمات قضائية عادلة.

وأوضحت “هيومن رايتس ووتش” أن “النيابة العامة تتجاهل عادة شكاوى المحتجزين بشأن سوء المعاملة وتهددهم في بعض الأحيان بالتعذيب، ما يخلق بيئة من الإفلات شبه التام من العقاب”.

ويوثق التقرير كيف تستخدم قوات الأمن، ولا سيما عناصر وضباط الأمن الوطني التابع لوزارة الداخلية، التعذيب لإرغام المشتبه بهم على الاعتراف أو الإفصاح عن معلومات، أو لمعاقبتهم، لافتا إلى انتشار ادعاءات التعذيب بشكل واسع منذ أن أطاح وزير الدفاع آنذاك، السيسي، بالرئيس محمد مرسي عام 2013، وبدأ هجوما واسعا على الحقوق الأساسية.

وأضاف:” لطالما كان التعذيب متفشيا في الأطر الأمنية والعدلية في مصر، كما أن الانتهاكات الواسعة من قبل قوات الأمن ساعدت على انطلاق الثورة في مختلف أنحاء البلاد عام 2011، التي أطاحت بالزعيم السابق حسني مبارك بعد قرابة 30 عاما في الحكم”.

وقابلت “هيومن رايتس ووتش” 19 معتقلا سابقا وأسرة معتقل آخر تعرضوا للتعذيب بين عامي 2014 و2016، فضلا عن محامي الدفاع وحقوقيين مصريين. وراجعت “هيومن رايتس ووتش” عشرات التقارير عن التعذيب التي أصدرتها المنظمات الحقوقية ووسائل الإعلام المصرية.

 

واستطردت قائلة:” مورست تقنيات التعذيب التي وثقتها هيومن رايتس ووتش في مراكز الشرطة ومقرات الأمن الوطني في جميع أنحاء البلاد، واستخدمت أساليب متطابقة تقريبا، لسنوات عديدة“.

 

وشدّدت المنظمة على أنه بموجب القانون الدولي، يُعتبر التعذيب جريمة تخضع للولاية القضائية العالمية ويمكن مقاضاة مرتكبيه في أي بلد، مطالبة الدول الخارجية بتوقيف، والتحقيق مع، أي شخص مصري على ترابها يشتبه في تورطه في التعذيب، وأن تحاكمه أو تُرحله لمواجهة العدالة.

 

وتابعت:” منذ الانقلاب العسكري عام 2013، اعتقلت السلطات المصرية أو اتهمت 60 ألف شخص على الأقل، وأخفت قسرا المئات لعدة أشهر في وقت واحد، وأصدرت أحكاما أولية بالإعدام في حق مئات آخرين، وحاكمت آلاف المدنيين في محاكم عسكرية، وأنشأت ما لا يقل عن 19 سجنا وحبسا جديدا لاحتواء هذا التدفق”، لافتة إلى أن الهدف الرئيسي لهذا القمع هو جماعة الإخوان المسلمين، والتي وصفتها بأنها أكبر حركة معارضة في البلاد.

 

وأضافت:” وجدت هيومن رايتس ووتش أن وزارة الداخلية طورت سلسلة متكاملة لارتكاب الانتهاكات الخطيرة لجمع المعلومات عن المشتبه في كونهم معارضين وإعداد قضايا ضدهم، غالبا ما تكون ملفقة.

 

ويبدأ ذلك عند الاعتقال التعسفي، ويتطور إلى التعذيب، والاستجواب خلال فترات الاختفاء القسري، وينتهي بالتقديم أمام أعضاء النيابة العامة الذين كثيرا ما يضغطون على المشتبه بهم لتأكيد اعترافاتهم، ويمتنعون بشكل كامل تقريبا عن التحقيق في الانتهاكات“.

 

وقال معتقلون سابقون للمنظمة الدولية إن جلسات التعذيب تبدأ باستخدام عناصر الأمن بصعق المشتبه به بالكهرباء وهو معصوب العينين، عار، ومقيد اليدين بينما يصفعونه، أو يلكمونه، أو يضربونه بالعصي والقضبان المعدنية. وإذا لم يمنح المشتبه به العناصر الإجابات التي يريدونها، فإنهم يزيدون قوة الصعق بالكهرباء ومدته، وغالبا ما يصعقون المشتبه به في أعضائه التناسلية.

 

وأكد المعتقلون أن العناصر يستخدمون نوعين من وضعيات الإجهاد لإخضاع المشتبه بهم لألم شديد. في واحدة منها، يعلقون المشتبه بهم فوق الأرض وأيديهم مرفوعة إلى الوراء، وهي وضعية غير طبيعية تسبب ألما شديدا في الظهر والكتفين، وتخلع أحيانا أكتافهم. وفي الثانية، وتسمى (الفرخة) أو (الشواية)، يضع العناصر ركبتي المشتبه فيهم وذراعيهم على الطرفين المتقابلين للقضيب، بحيث يقع القضيب بين مفصل المرفقين والجزء الخلفي من الركبتين، ويربطون أيديهم معا فوق مقدمة سيقانهم.

 

وعندما يرفع الضباط القضيب ويعلقون المشتبه بهم في الهواء، مثل دجاجة على سيخ الشواء، يعاني هؤلاء من ألم شديد في الكتفين، والركبتين، والذراعين.

 

وتؤكد “هيومن رايتس ووتش” أن عناصر الأمن يضعون المعتقلين في وضعيات الإجهاد هذه لساعات كل مرة، ويستمرون في ضربهم، وصعقهم بالكهرباء، واستجوابهم.

 

وأردفت:” يمتد تاريخ مصر من التعذيب إلى أكثر من 3 عقود، سجلت هيومن رايتس ووتش لأول مرة الممارسات الموثقة في هذا التقرير منذ عام 1992″، مشيرة إلى أن مصر هي الدولة الوحيدة التي تخضع لتحقيقين عموميين من قبل “لجنة مناهضة التعذيب” التابعة للأمم المتحدة، والتي كتبت في حزيران/ يونيو 2017 أن الوقائع التي جمعتها اللجنة تؤدي “إلى استنتاج لا مفر منه، وهو أن التعذيب ممارسة منهجية في مصر“.

 

وأكملت:” منذ أن أزاح الجيش الرئيس الشرعى دكتور محمد مرسي، عام 2013، أعادت السلطات تشكيل وتوسيع الأدوات القمعية التي ميّزت حكم مبارك. وأدى انتظام التعذيب والإفلات من العقاب على ممارسته منذ عام 2013 إلى خلق مناخ لا يرى فيه من يتعرضون للإيذاء أي فرصة لمساءلة المسيئين، وكثيرا ما لا يكلفون أنفسهم حتى عناء تقديم الشكاوى إلى النيابة العامة“.

 

ولفت التقرير إلى أنه “بين تموز/ يوليو 2013 وكانون الأول/ ديسمبر 2016، حققت النيابة العامة رسميا في 40 قضية تعذيب، وهي جزء بسيط من مئات الادعاءات المقدمة، لكن هيومن رايتس ووتش لم تعثر إلا على 6 قضايا فازت النيابة العامة فيها بأحكام إدانة ضد عناصر وضباط وزارة الداخلية. ولا تزال جميع هذه الأحكام قيد الاستئناف، وتشمل حالة واحدة فقط ضباطا بالأمن الوطني“.

 

وذكرت “هيومن رايتس ووتش” أنه “يجب على السيسي تكليف وزارة العدل بإنشاء منصب مدع خاص مستقل مكلف بتفتيش مراكز الاعتقال، والتحقيق في الإساءة من قبل الأجهزة الأمنية ومقاضاتها، ونشر سجل الإجراءات المتخذة”، مضيفة أنه “في حال عدم قيام إدارة السيسي بجهد جدي لمواجهة وباء التعذيب، فإن على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التحقيق ومقاضاة المسؤولين المصريين المتهمين بارتكاب التعذيب، أو الأمر به، أو المساعدة عليه“.

 

من جهته، قال نائب المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة، جو ستورك: “أعطى الرئيس السيسي ضباط وعناصر الشرطة والأمن الوطني الضوء الأخضر لاستخدام التعذيب كلما أرادوا”، مؤكدا أن الإفلات من العقاب على التعذيب المنهجي لم يترك أي أمل للمواطنين في تحقيق العدالة.

 

وأضاف “ستورك”: “تسبب الإفلات من العقاب في الماضي في ضرر كبير لمئات المصريين ومهّد لثورة 2011″، مشدّدا على أن السماح للأجهزة الأمنية بارتكاب هذه الجريمة الشنيعة في جميع أنحاء البلاد قد يسبّب موجة أخرى من الاضطرابات..
وفي وقت سابق، وصف تقرير أعدته «منظمة العفو الدولية» ما يجري في مصر بأنه عودة إلى «دولة القمع الشامل» و«السياسة القمعية»، موضحا أن مصر تسحق آمال جيل كامل متطلع إلى مستقبل أكثر إشراقا.
وفي تقرير لفريق الاعتقال التعسفي التابع لـ«الأمم المتحدة»، قال إن هناك أكثر من 3200 طفل تحت سن الـ18 اعتقلوا منذ الانقلاب، ما زال أكثر من 800 منهم رهن الاعتقال، وتعرض أغلبهم للتعذيب والضرب المبرح داخل مراكز الاحتجاز المختلفة.
وتحولت السجون ومقار الاحتجاز في مصر، منذ انقلاب 3 يوليو/تموز 2013، إلى ما تشبه المقابر الجماعية بالنظر إلى المعاملة غير الآدمية والتعذيب البدني والنفسي غير المسبوقين، واللذين يمارسان بحق معارضي «السيسي».
ولم تفلح التقارير الحقوقية المحلية والدولية، ولا الإدانات، في وقف هذه الانتهاكات ولا حتى التخفيف منها، فقد استمر النظام في انتهاج سياسة ممنهجة للتعذيب أودت بحياة مئات تحت التعذيب أو بسبب الظروف المعيشية البالغة السوء أو الإهمال الطبي ومنع تلقي العلاج.
وعادة ما ترفض الأجهزة الأمنية بمصر، اتهامات معارضين لها، بالإهمال الطبي بحق المسجونين أو ارتكاب انتهاكات بحقهم، وتقول إنها توفر كامل الرعاية للسجناء داخل أقسام الشرطة والسجون، وأن التعامل مع جميع المحبوسين يتم وفقا لقوانين حقوق الإنسان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى