آخر الأخبار

من لقاءات مغلقة في واشنطن إلى صفقات أسلحة.. كواليس العلاقة الودية السرية بين إسرائيل والإمارات

في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2015، كان موظف الخارجية الإسرائيلية”دوري غولد” يفعل شيئاً لم يفعله دبلوماسي إسرائيلي قط إذ قام بافتتاح بعثة حكومية رسمية في الإمارات العربية المتحدة. البعثة كانت عبارة عن مكتب صغير في موقع غامض تابع للأمم المتحدة -وكالة للطاقة المتجددة تستضيفها دولة نفطية- لكنها كانت علامة فارقة في العلاقات السرية غير السرية بين إسرائيل والإمارات.

كانت تلك الحلقة حسب تقرير صحيفة The Washington Post إحدى خطوات عملية حساسة ومربكة في بعض الأحيان، اتبعتها البلدان لسنوات في بناء العلاقات الدبلوماسية والأمنية والتجارية خلسة، لتبلغ ذروتها في إعلان الخميس 13 أغسطس/آب 2020، عن الاتجاه نحو علاقات دبلوماسية كاملة.

العلاقات الاستخباراتية كانت نقطة اتصال مبكرة بين إسرائيل والإمارات، ويعود تاريخها إلى السبعينيات على الأقل، واستمرت منذ ذلك الحين، وفقاً لما ذكره يوسي ميلمان، الذي يكتب منذ وقت طويل مقالات استخباراتية في صحيفة هآرتس اليومية.

كان لكل رئيس في وكالة الاستخبارات الإسرائيلية الموساد علاقة مع نظيره في الإمارات العربية المتحدة منذ ذلك الوقت. ومع خروج مسؤولي المخابرات الإسرائيلية من الخدمة، ذهب كثيرون منهم إلى شركات أمنية وجدت طرقاً لبيع السلع والخدمات للإمارات، وإنشاء بعض العلاقات التجارية الأولى والأكثر أهمية بين البلدين. تسارعت وتيرة هذه الاتصالات بعد توقيع إسرائيل والفلسطينيين على اتفاقيات أوسلو للسلام عام 1994.

وفقاً لدان شابيرو، الذي أصبح لاحقاً سفيراً للولايات المتحدة لدى إسرائيل، فإنه خلال فترة الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش، كان المسؤولون الإسرائيليون الذين يزورون واشنطن يعقدون اجتماعات سرية في غرفة فندق مع السفير الإماراتي المؤثر لدى الولايات المتحدة، يوسف العتيبة. عمل شابيرو في مجلس الأمن القومي التابع للرئيس باراك أوباما، وقال إن البيت الأبيض في ذلك الوقت كان على اطلاع على الاجتماعات.

أوائل عام 2010، توقفت الاتصالات، عندما اتهمت الإمارات إسرائيل باغتيال محمود المبحوح، القيادي في حركة حماس الفلسطينية، في غرفة فندق في دبي، أكبر مدن الإمارات العربية المتحدة. وقال شابيرو إن ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان قطع معظم الاتصالات، إلى أن تمت طمأنته بأن مثل هذا القتل لن يحدث مرة أخرى، ووافقت إسرائيل على بيع تكنولوجيا أسلحة كانت تحجم عن بيعها للإمارات.

استؤنفت الاتصالات في واشنطن، وفي عام 2011 سمح الطرفان أحياناً لمسؤول من البيت الأبيض بحضور الاجتماعات، ولاسيما عند مناقشة التهديد المتزايد من إيران.

تنظر إسرائيل والإمارات، مثل الدول العربية الأخرى في الخليج، إلى إيران كخصم، وقد أدت مخاوف الطرفين المشتركة إلى تقريبهما. عارض البلدان بشدة الاتفاق النووي لعام 2015، الذي وقعته الولايات المتحدة وقوى عالمية أخرى مع إيران.

عام 2016، قام سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، داني دانون، برحلة رسمية نادرة إلى دبي، قيل إنها ركزت بشكل كبير على إيران.

وبينما كان البعض في الخليج غير مرتاحين لهذه الخطوات، كان المزيد والمزيد من الإسرائيليين يجدون طريقهم إلى الأحداث والمؤتمرات الرياضية في الإمارات العربية المتحدة.

عام 2017، صعد نجم جودو إسرائيلي يبلغ من العمر 17 عاماً على منصة التتويج بميدالية ذهبية في بطولة أبوظبي الدولية، وعندها استبدل المسؤولون النشيد الوطني الإسرائيلي بنشيد الاتحاد الدولي للجودو. لكن في العام التالي، عندما فاز إسرائيلي مرة أخرى، عزف المسؤولون الإماراتيون النشيد الإسرائيلي “هاتيكفا”، وانتشرت صور وزير الثقافة والرياضة الإسرائيلي، الذي كان حاضراً، وهو يبكي.

أثار إعلان الخميس عن إنهاء الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل علاقتهما السرية وقررتا إظهارها للعلن وتطويرها، وهناك تكهنات حيال دول خليجية ستتبعها.

كان وزيرا خارجية إسرائيل والبحرين قد عقدا أول اجتماع علني لهما العام الماضي، وكانت البحرين من أوائل الدول العربية التي دعمت الاتفاق الإماراتي علناً هذا الأسبوع. استضافت عُمان أيضا نتنياهو في زيارة رسمية عام 2018، ووصفت وزارة الخارجية العمانية الاتفاق المعلن الخميس بأنه “تاريخي”.

الموقف السعودي: محللون يقولون إن السعودية، وهي تقليدياً أقوى دولة عربية في المنطقة، لا يزال من غير المرجح أن تبدأ علاقات مع إسرائيل في المدى القريب. كانت المملكة العربية السعودية داعماً رئيسياً للفلسطينيين، وكانت الداعم الأول لمبادرة إقليمية عرضت علاقات عربية طبيعية مع إسرائيل، مقابل اتفاق سلام إسرائيلي فلسطيني، شمل انسحاباً إسرائيلياً من الأراضي المحتلة.

جون بي ألترمان، النائب الأول لرئيس مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية قال إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ربما يدعم مبادرة الإمارات. لكن ألترمان قال إن “كل الدلائل تشير إلى أن محمد بن سلمان سيواجه صعوبة في فعل ذلك بسرعة”، بسبب اعتراضات رجال الدين الأقوياء في المملكة، ولأن القضية الفلسطينية، في المملكة العربية السعودية وفي جميع أنحاء العالم العربي والإسلامي، لا تزال قضية ذات “وزن أخلاقي”.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى