الأرشيفتقارير وملفات

موقع ميدل إيست آي .. حرب بريطانيا والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني.السرية في ليبيا

REVEALED: Britain and Jordan’s secret war in Libya Middle East Eye confirms that British and Jordanian special forces are secretly battling Islamic State fighters in Libya

قامت بريطانيا بشن عمليات عسكرية سرية في ليبيا ضد مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بدعم من الأردن، حسبما كشف موقع ميدل إيست آي.

فقد تم إرسال جنود من قوات النخبة في الوحدات الجوية الخاصة للتعامل مع التهديد المتنامي لداعش في ليبيا كجزء من الحرب الدولية ضد التنظيم، واستعانت بريطانيا بقوات خاصة أردنية للدعم الاستخباراتي على الأرض، بحسب العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني.

هذا هو أول تأكيد رسمي بأن القوات البريطانية تدخلت في ليبيا عسكريًا ضد داعش.

وقد حصل موقع ميدل إيست آي على تفاصيل اجتماع عقده الملك عبد الله مع قيادات في الكونجرس الأمريكي في يناير الماضي، حيث كشف عن تدخل بريطاني أردني سري في ليبيا، وصاغته ضمن مقال مطول من تحرير الصحفي روري دوناغي.

المعلومات التي تم الحصول عليها من مصدر مقرب من الاجتماع، تؤكد أن الملك عبد الله قال بأنه يتوقع أن تتصاعد وتيرة العمليات السرية في ليبيا، بعد الاجتماع الذي تم في الأسبوع الثاني من شهر يناير، فقد قال الملك لمستمعيه الأمريكيين بأن القوات الخاصة الأردنية ستعمل مع نظيرتها من البريطانيين، علمًا بأنه لم يكشف عن حجم أو نطاق العمليات في المناطق الليبية التي يسيطر عليها تنظيم داعش.

وكشفت صحيفة الميدل إيست آي بأن اجتماع العاهل الأردني الذي ألقى خلاله بتصريحاته حول عمليات القوات الخاصة السرية في ليبيا جمع كبار السياسيين الأمريكيين، من بينهم جون ماكين وبوب كوركر، وذلك في خضم زيارة الملك الأردني للولايات المتحدة والتي عقد ضمنها سلسلة من المناقشات رفيعة المستوى مع وزير الخارجية جون كيري ووزير الدفاع آشتون كارتر أيضًا.

temp1

حرب عالمية ثالثة .. فى الإجتماع السرى

خلال الاجتماع السري تحدث وزير الخارجية الأردني، ناصر جودة، والمديرة السياسية للديوان الملكي الأردني، منار الدباس، مطولًا عن الكيفية التي ستبدأ فيها المعركة التي وصفاها بـ”الحرب العالمية الثالثة”، والتي ستمتد من إندونيسيا إلى كاليفورنيا، حيث جاء في أحد تصريحات الملك عبد الله قوله: “المشكلة أكبر من داعش، إنها حرب عالمية ثالثة، فالمسيحيون واليهود يعملون اليوم مع المسلمين ضد الخوارج والخارجين عن القانون”، في إشارة إلى داعش.

تشير الصحيفة أيضًا إلى أن الوثائق التي حصلت عليها من الاجتماع توضح قيام العاهل الأردني بحثّ الولايات المتحدة وروسيا لدفن الأحقاد والعمل معًا للتغلب على داعش، مستطردًا بقوله: “المشكلة هي أن العديد من البلدان لا تزال تعيش في عقلية الحرب الباردة، ولكن عليهم تجاوز ذلك والتركيز على الحرب العالمية الثالثة”.

وأوضحت الصحيفة بأن أيًا من أعضاء الكونجرس لم يستجب لطلبات التعليق على الكشوفات التي تم الحصول عليها، قبل نشرها، أما المديرة السياسية للديوان الملكي الأردني، دباس، فقد أحالت الصحيفة إلى المستشار الإعلامي للديوان الملكي الأردني والذي اقتصر على القول: “المناقشات التي أجريناها في واشنطن خارج نطاق النشر والتعليق”.

إضافة لما تقدم، أوضحت الميدل إيست آي بأن الملك عبد الله انتقد خلال الاجتماع عدم وجود استراتيجية أمريكية واضحة لهزيمة داعش، قائلًا بأن أهداف السياسة الأمريكية لهذه الجهة “غير واضحة”، وداعيًا واشنطن لتزويده بفهم أفضل لخططها للقضاء على المجموعة الإرهابية في عام 2016.

ووفقًا لما نقلته الصحيفة عن مصدرها، ونتيجة لعدم وضوح خطة الولايات المتحدة، اتخذ الملك القرار باللجوء إلى بريطانيا، موضحًا بأن الحرب ضد داعش يحب أن تكون “حرب مكافحة التمرد” وليس “حربًا مفتوحة تقليدية”، كما اقترح ربط موظفي الخدمة المدنية التابعين للدول الحليفة للعمل معًا ضمن العمليات العسكرية العالمية، ناعتًا تلك السياسية بالأكفأ لمحاربة داعش لأن السياسيين غالبًا ما يكونون أكثر حذرًا بشأن نشر المعلومات ذات السرية العالية حول قوات الجيش المتخصصة.

كشف النقاب عن دور بريطانيا والملك عبد الله السري في ليبيا

أشارت الميدل إيست آي بأن كشف العاهل الأردني عن قيام القوات البريطانية والأردنية بالتعاون العسكري السري في ليبيا هو أول تأكيد رسمي على الدور البريطاني في القتال المباشر ضمن الدولة الشمال إفريقية المضطربة، ويأتي بعد أسابيع من زيادة الضغط على رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، لتوضيح دور البلاد العسكري في ليبيا إبان الإشاعات الكثيرة التي تحدثت عنه.

وأوضح كاتب المقال، روري دوناغي، بأنه وفي 17 مارس، كتبت لجنة الشؤون الخارجية البريطانية إلى كاميرون طلبًا لبيان حول التقارير التي تفيد بأن بريطانيا تعتزم إرسال 1000 جندي إلى ليبيا كجزء من قوة دولية قوامها 6000 جندي، علمًا بأن كاميرون سبق له التصريح أمام مجلس العموم بأنه سيحضر بالتأكيد إلى المجلس لمناقشة أي مخطط لنشر القوات البريطانية.

ونقل كاتب المقال عن النائب المحافظ كريسبن بلانت، الذي يرأس لجنة الشؤون الخارجية، عدم تفاجئه من انخراط القوات الخاصة البريطانية في ليبيا، حيث أوضح بلانت بأن بيان توبياس إلوود، الوزير البريطاني لشؤون الشرق الأوسط، يحمل ضمنًا تلميحات حول اشتراك سلاح الجو الملكي البريطاني برحلات ذهاب وإياب إلى ليبيا بشكل طيران استطلاع، وفي ظل العديد من التقارير التي تتحدث عن نشاط القوات البريطانية الخاصة في ليبيا، ليس من المفاجئ أن نحصل على أول بيان رسمي باشتراك بريطانيا بعمل عسكري ضد داعش، وهو الأمر الذي وصفه بلانت بـ”الجيد”.

وفي ذات السياق، نقلت الصحيفة عن مسؤول سابق كبير في الجيش البريطاني، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، قوله بأنه من الطبيعي أن يتم نشر القوات الخاصة البريطانية، باعتبارها ليست قوات تقليدية، دون أن يُفسح المجال للنواب لمناقشة القضية في البرلمان، مضيفًا بأن هذه القوات، وعلى الرغم من كونها أداة مهمة وجوهرية للغاية في مهمات التدريب والدعم المفترضة، إلا أنها لن تحدث تغييرًا جوهريًا في المعركة ضد داعش، لأن هذه القوات لا تعد بديلًا عن القوة التقليدية التي تحرر الأرض وتحميها، ووجود قوة دولية منسقة بشكل صحيح من شأنه أن يحدث تأثيرًا هائلًا من حيث بناء قوة ليبية وكيلة يمكن استخدامها على أرض الواقع، وفقًا لرأي المسؤول البريطاني السابق.

كما نقلت الصحيفة عن الخبير الأسترالي في مكافحة التمرد، ديفيد كيلكولن، قوله بأن وجود القوات الخاصة البريطانية في ليبيا قد يحمل أثرين إيجابيين على الجهود العسكرية الواسعة النطاق في تلك الدولة المضطربة، حيث يتمثل الأثر الأول بقدرة هذه القوات الخاصة، من موقعها على الأرض، على توفير معلومات استخبارية لتوجيه الضربات الجوية، والأثر الثاني هو توفير عامل معزز للقوات المحلية التي تعمل مع الوحدات الخاصة، من خلال منحهم المعلومات الإستخباراتية والمشورة التكتيكية.

ووفقًا لكيلكولن، وجود قوات خاصة بريطانية في ليبيا، يستتبع بشكل شبه حتمي وجود قوة رد سريع مع قوات بحث وإنقاذ، جنبًا إلى جنب مع الطائرات بدون طيار مع قدرة قصف كاملة، وذلك للتعامل مع حالات قتل او اختطاف عناصر القوات الخاصة ضمن ليبيا، أما المسؤول السابق في الجيش البريطاني، فيرى بأن القوات الخاصة يمكن أن تُستخدم لقتل كبار قادة داعش في ليبيا كجزء من خطة لمنع الجماعة من زيادة تواجدها في الدولة الشمال إفريقية التي تعد طريقًا رئيسيًا للاجئين المتجهين نحو أوروبا، وفقًا لما نقله المقال.

من المستفيد في ليبيا؟

وفقًا لما نقله كاتب المقال، دوناغي، عن ماتيا تولادو، كبير زملاء السياسات لدى المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية الذي يقع مقره في لندن، فإن بعثة القوات الخاصة البريطانية لا تحقق أي نجاح على نطاق واسع، “حتى لو تم قتل قادة داعش، فلا يبدو من الواضح من سيسيطر على الأرض المحررة بعد ذلك”، قال تولادو لصحيفة الميدل إيست آي، وأضاف:”من المرجح للغاية أن يحدث هذا السيناريو في سرت، وذلك في خضم تنافس القوى الذي نشهده اليوم، مع ادعاء كل منها بحيازة خطة لهزيمة داعش بدون وجود أي خطة ليتم حكم المحافظة بطريقة موحدة”.

وفي هذا السياق، نقلت الصحيفة عن تولادو وصفه لخطة حكومة الوفاق الوطني الليبية للاستقرار في طرابلس كـ”بداية لصراع جديد”، موضحًا بأن حكومة الوفاق الوطني يمكنها الانتقال إلى طرابلس ولكن ذلك لن يعني تشكيل حكومة وحدة وطنية، إنما بداية لمرحلة جديدة في المنافسة ما بين الحكومات الأربعة القائمة، حكومة السراج (حكومة الوفاق الوطني)، حكومة الغويل (المؤتمر الوطني العام)، حكومة حفتر (مجلس النواب الليبي)، وحكومة داعش.

تداعيات تدخل الناتو في ليبيا لعام 2011

يقتبس الكاتب من المقابلة التي أجراها الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، مع صحيفة الأتلانتيك مؤخرًا، لرصد تداعيات تدخل الناتو في ليبيا في عام 2011، حيث انتقد أوباما رئيس الوزراء البريطاني كاميرون والرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي لفقدانهما الاهتمام في ليبيا بعد أن قادا حملة قصف أسفرت عن سقوط القذافي، ولكن مع ذلك، يرصد دوناغي تنامي الاهتمام البريطاني والفرنسي بالوضع الليبي في الأشهر الأخيرة، خاصة مع تصاعد وتعمق أزمة اللاجئين في أوروبا.

وفي هذا الشأن، يشير المقال لتصريحات كاميرون التي تزعم بأن تركيز بريطانيا لا ينصب على العمل العسكري داخل ليبيا، بل بتشكيل حكومة وحدة ليبية فعالة، وهو التصريح الذي أصبح موضع شك بعد تصريحات الملك عبد الله التي كشفت تعاون القوات الخاصة البريطانية بشكل منسق وسري مع القوات الخاصة الأردنية داخل ليبيا، مما يثير التساؤلات حول مدى تناسب إرسال القوات الخاصة البريطانية إلى ليبيا مع هدف بريطانيا في رؤية ليبيا الموحدة، وفقًا لما نقلته الصحيفة عن الباحث تولادو.

واختتمت الصحيفة باقتباس قول تولادو: “المفاجأة ليست بالتعاون الأردني البريطاني، بل بحقيقة تواجد أدلة دامغة اليوم على تورط المملكة المتحدة على الأرض في ليبيا، ويحق لنا أن نتساءل كيف تعتقد الحكومة البريطانية بأن هذه العمليات تتفاعل مع الجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاق وحدة وطنية في ليبيا”.

المصدر: ميدل إيست آي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى