وبينما يهوي الغزيون إلى ما دون خط الفقر في الأردن، فإنه يتوجب عليهم أن يدفعوا تكاليف ونفقات علاجهم، كما تتزايد المخاوف لديهم حالياً من انهيار وكالة غوث وتشغيل اللاجئين التي تُشغل المدارس التي يدرس فيها أبناؤهم، ما سيعني بالنسبة لهم أنهم سيضطرون لدفع تكاليف تعليم أبنائهم في المدارس الأساسية الإلزامية، فضلاً عن أن الجامعات تُعاملهم معاملة الوافد الأجنبي، وتتقاضى رسومها منهم بالدولار الأمريكي أضعافاً مضاعفة. يتوجب على أبناء غزة في الأردن أيضاً دفع مبلغ 200 دينار أردني (300 دولار) نظير تجديد جوازات سفرهم، وهي جوازات لا يجوز تركها منتهية الصلاحية بسبب أنها “مؤقتة” أي أن تجاهل تجديدها يعني فقدانها بشكل أو بآخر، ما يعني أن كل شخص يتوجب عليه أن يدفع هذا المبلغ مرة واحدة كل خمس سنوات (5 دولارات شهرياً للفرد الواحد).
أوضاع الفلسطينيين بالمجمل أينما كانوا بائسة، وأبناء غزة أكثر بؤساً من غيرهم، سواء من كان منهم داخل القطاع أو من كانوا خارجه، ورغم أن الفلسطيني في الأردن يظل أفضل حالاً منه في أي مكان آخر، إلا أن هذا لا يعني عدم المطالبة بإعادة النظر في أوضاعهم وتحسينها، خاصة أن الحديث يدور عن عدد قليل وليس شريحة كبيرة. أبناء غزة في الأردن أشبه بـ”البدون” في بعض دول الخليج، وعندما نتحدث عن 140 ألف شخص في دولة يسكنها أكثر من عشرة ملايين نسمة، فنحن نتحدث عن عدد قليل جداً، وتحسين أوضاعهم المعيشية لن يقدم أو يؤخر في الوضع الاقتصادي الكلي للبلاد، فاتخاذ قرار بعلاجهم مجاناً في المستشفيات الحكومية لن يزيد من الأعباء شيئاً، خاصة أن الـ140 ألفاً ليسوا جميعاً مرضى، وأن ميسوري الحال منهم سوف يتجه طواعية للعلاج في القطاع الخاص، ما يعني في نهاية المطاف أننا نتحدث عن تكلفة فسيفسائية تكاد لا تُرى بالعين المجردة.