الأرشيفتقارير وملفات

نساء الإخوان المسلمين تاريخ من التضحية والوفاء رغم الألم والمعاناة ” الجزء الأول “

حركة الإخوان المسلمون التي لم يقاتل أحدٌ مِثلها في فلسطين في العام 1948 ، ولا في قناة السويس ضد الانجليز .. هذه الحركة التي ما وقف أحدٌ مِثْلها سلميا في وجه طغيان الحكام المستبدين منذ العهد الملكي وحتى عهد السيسى ، ولم يدفع أحد مثلها ثمنا باهظا من الدماء والدموع والآلام على مدى عمرها الممتد لثمانين عاما سجنا واعتقالا وتنكيلا وعذابا وحصارا ومصادرة … هذه الحركة التي خَرَّجَتْ من بين صفوفها عشرات آلاف العلماء الخبراء في كل علوم وفنون الدنيا .. هذه الحركة التي صَدَرَتْ ضد كوادرها إحكامٌ بلغت أكثر من ثمانين ألف سنة سجن على مدار عقود وجودها في الميدان.

زوجة-الرئيس

هذه الحركة بقيت حية وحيوية ، تعطي بلا حدود ورغم الحدود ، وذهب الطغاة من جلاديها إلى غير رجعة لا يكاد التاريخ يذكرهم بخير إلا على استحياء أو بسبب عصبية عمياء .. بقيت حركة ( الإخوان المسلمون ) ملئ السمع والبصر .. ظلت تشارك في حمل الهم العام .. ظلت ترعى شؤون المسحوقين ، وترفع لواء الحق خفاقا في ربوع العالمين ، مبشرةً بأعظم دين حضاري وإنساني عرفته البشرية ، حتى جاءت لحظة الخلاص من الاستبداد فانطلقوا جنبا إلى جنب مع كل القوى الحية في مصر في ثورة 25 يناير ، فكانوا على امتداد فترة الثورة ألأٌقربَ إلى العدو المتربص بالثوار من عصابات أجهزة الأمن وبلطجيتهم ، والأكثرَ تضحيةً بالأرواح في سبيل انتصار الثورة وحماية المعتصمين في ميدان التحرير وغيره ، وذلك بشهادة الصادقين من أبناء الثورة وقيادات الفكر والعمل الوطني المصري

البلتاجى

كانت قيادة مصر الشرعية الإخوان المسلمون وحلفاؤهم بتبنيهم لهذه السياسة كمن أدخل إلى حجره وقريبا من قلبه “المنطقة الدافئة” مجموعة من الأفاعي الرقطاء السامة ( كوزارتي الدفاع والداخلية مثلا ) ظنا منهم أنها يمكن أن تغير – إذا ما لقيت الحض الدافئ والآمن – ما تَرَبَّتْ عليه من سياسات اللدغ وإفراغ السم في أعدائها مهما أحسنوا إليها ….

ما كان من هذه الأفاعي الرقطاء على رأس المؤسسة العسكرية والداخلية والقضاء والإعلام وغيرها ، إلا أن لدغت عند أول فرصة سانحة ، فجاءت لدغتها سامة ، كلفت مصر ثمنا باهظا ابتداء من الانقلاب العسكري على الشرعية وما تلاه من إلغاء كامل لإنجازات ثورة 25 يناير إلى درجة تقزز !! أدبيات الانقلاب وأعوانه من إعلام العار وقضاة العهر والفساد والجريمة ، من ذكرها ، واستبدالها بما أسموه زورا بثورة 30 حزيران / يونيو

إن تاريخ الأخوان الناصع في الدفاع عن الدين والتضحية والبذل دفاعا عن أخوانهم وحفاظا علي أوطانهم وتقديما لدينهم لا يخفي علي أحد ولا يجهله مسلم وأنا أذكر لهم بعض فضلهم فإن قال قائل لأنك واحد منهم اقول له هذا شرف لا أدعيه وفضل يتمناه الكثيرون.

عادت تضحيات الأخوان القدامي تتجلي أمامنا وهم يساقون الي السجون ضاحكين ويعذبون من المجرمين صابرين ويقدمون أرواحهم رخيصة لهذا الدين
وتساقط الكثيرون ممن سخروا منهم ولم يثبت الا الأبطال من الاخوان ونفر قليل والجميع الآن يعلم أنه لن يعيد العزة والكرامة ويقدم آخرهم كم قدم أولهم الا الاخوان الذين منهم من قضي نحبه ومنهم من ينتظر ونسأل الله ألا يبدلوا أبدا وأن يجمعنا بهم في الدنيا علي طاعته وفي الآخرة في الفردوس الأعلي.

زوجة البلتاجي نموذج عصري لنضال الحرائر

أهداف الإخوان ابتداءً من تربية الفرد المسلم ثم الأسرة المسلمة ثم المجتمع المسلم.

أنه منذ إنشاء الجماعة عام 1928م بعد سقوط الخلافة الإسلامية سنة 1924م عملت الجماعة على إعادة الأمة الإسلامية إلى مكانتها في ريادتها للبشرية، مشددًا على أن هذا لن يتحقق إلا بعودة الأمة إلى ربِّها، وأن تتصالح معه.

مراحل إنشاء الجماعة منذ عام 1928م ومدى تضحيات الإخوان المسلمين من أجل رفعة الدين الإسلامي والنهوض بالمجتمعات الإسلامية.

تظل السيدة زينب الغزالي هي الرمز الواضح والمعروف لنساء الإخوان المسلمين، حيث تصدرت المشهد الإخواني جنبا إلى جنب مع قيادتها، بل إن صوتها في بعض الفترات كان أقوى حضورا وانتشارا من صوت قياداتها الرئيسية، وباستثنائها ظلت القيادات النسائية ودورها وكفاحها في حركة الإخوان المسلمين مجهولة وغائبة عن المشهد، على الرغم من أن تاريخ مشاركة النساء الإخوانيات خاصة في المجال الدعوي والاجتماعي كان مواكبا لبدايات نشوء الحركة وانتقالها إلى القاهرة عام 1932، ثم تطور مشاركتهن لتدخل المجال السياسي بدءا من عام 1944 حيث شهد هذا العام إطلاق أول لجنة تنفيذية “للأخوات المسلمات” بأمر مؤسس الجماعة الشيخ حسن البنا وبإشراف محمود الجوهري، وهي اللجنة التي ضمت 12 أختا برئاسة السيدة آمال العشماوي ووكيلتها السيدة فاطمة عبدالهادي.

هذه اللجنة التي اشتغلت داخل المجتمع المصري بقدرات تنظيمية عالية توازي القدرات التنظيمية للإخوان، ولا عجب في ذلك إذ كان هناك إشراف وتوجيه من جانب الإخوان للأخوات، لكن ذلك لم يمنع أن تتمتع الأخوات المسلمات ببصيرة نافذة في الكثير من أمور دعم ومساندة وحماية الجماعة، والتعرف على تلكم النساء اللاتي يمكن ضمهن للجماعة وكسب ثقتهن وولاءَهن تماما، فاستطعن استقطاب نماذج من مختلف شرائح المجتمع.
السيدة فاطمة عبدالهادي التي عاصرت وعايشت عن قرب البدايات الأولى للجماعة واقتربت من رموزها المؤسسين الكبار، وزوجة أهم شخصيات تنظيم 1965 “محمد يوسف هواش” الذي أعدم مع سيد قطب في عام 1966، نشرت أخيرا شهادتها تحت عنوان “رحلتي مع الأخوات المسلمات من الإمام حسن البنا إلى سجون عبدالناصر”، وفيها تكشف البعد الغائب لقدرة جماعة الإخوان المسلمين على الصمود والاستمرار والحفاظ على قوة زخمها في المجتمع المصري، فبعيدا عن التقنيات التكنيكية التي استخدمتها الجماعات لحفظ قدراتها التنظيمة والتجنيدية والاقتصادية والعقائدية وغيرها، كان جانب النساء وما تتمتع به المرأة المصرية من قوة وصلابة في التحدي، يلعب دورا حيويا بل جوهريا في الحفاظ على الكيان الأسري والعائلي لأفراد الحركة.
وظهر هذا الدور جليا مع بدء سلسلة المحن والاعتقالات التي تعرضت لها الجماعة في العصر الملكي أو بعد قيام الثورة وفي عصر عبدالناصر خاصة وقضية تنظيم 1965 التي أودت بأبرز رموز الجماعة، “كان قسم الأخوات المسلمات من تولى رعاية أسرنا وقت غيابنا في السجون والمعتقلات، فكانت الأخوات يجمعن التبرعات ويدبرن نفقات البيوت التي غاب عائلها، وكن يوفرن الحاجات الأساسية لأي أسرة سجن عائلها أو فر هاربا من المعتقل“.

تغلغلت الأخوات المسلمات في المجتمع وامتد نشاطهن من إقامة مشغل خياطة وتطريز وتعليم ودعم الأسر الفقيرة من خلال “دار الأخوات المسلمات” إلى الشارع والمؤسسات والهيئات الحكومية، لم تكن دعوتهن مقصورة على مكان الدرس الأسبوعي أو الزيارات الأسرية والعائلية بل امتدت إلى الأماكن العامة، وفي نشاط مواز لنشاط الجماعة قامت بنشر الدعوة بين النساء في كل مصر، وخرجن من القاهرة لتأسيس فروع لقسم الأخوات المسلمات في أنحاء القطر المصري “سافرنا إلى بورسعيد، وأسيوط والمنيا وكثير من المحافظات وأسسنا فروعات للأخوات المسلمات، وكان الأخوان يرتبون لنا برنامجنا في كل مدينة قبل أن نسافر إليها، فكنا ننزل في بيت معين تجتمع فيه السيدات، فكنا نعطيهن بعض الدروس ونوجهن للعمل والقراءة في كتب معينة، وكانت مدة الزيارة تختلف حسب الظروف“.
لا يملك المرء إزاء النماذج والتضحيات التي قدمتها نساء الإخوان المسلمين فتياتهن وزوجاتهن وأمهاتهن وتشير إليها السيدة فاطمة عبدالهادي في شهادتها إلا أن يقف أمامها بإجلال خاصة أنه كثيرا ما كانت تعتقل نساء عائلة بكاملها، وأمهات وبنات وزوجات معتقلين، فيما كانت أطفالهن في الخارج بلا عائل في كنف هذا أو ذاك، فالأب والأم والجد والجدة في السجن، “في المعتقل 1954 1965 كان معنا كل الأخوة المسئولات عن العمل النسائي في الجماعة تقريبا“.
وتقول فاطمة “كانت من مهازل النظام (تقصد النظام الناصري) اعتقاله لسيدات فوق الستين وفوق السبعين من العمر مثل والدة الأخ أحمد عيد من مصر الجديدة، وقد كان عمرها فوق السبعين، ولم يكن لها أي ذنب إلا أن ابنها كان قد قضى عشر سنوات في السجن ثم أعيد اعتقاله مرة أخرى، وكذلك السيدة عالية السيد حسن والدة الأخ جودت شعبان الذي قضى عشر سنوات في السجن، وكانت قد تجاوزت الخامسة والستين وليس لها علاقة بالإخوان وقد اعتقلوها لأنها اعترضت على اعتقال زوجة ابنها الأخت زينب السيد حسنين سلام التي كان لديها أربعة أطفال أصغرهم طفل رضيع لم يتجاوز الأربعين يوما ومازالت في فترة النفاس، فما كان من الضابط إلا أن اعتقلها مع زوجة ابنها ورضيعها وأخذهم من بيتهم في منتصف الليل“.
بالطبع الشهادة تحمل الكثير من المآسي التي حلت ب “الأخوات المسلمات” وبأزواجهن وعوائلهن في فترة عبدالناصر، وجانبا من فترة السادات، وهي مآسي إن كشفت عن شيء فهي تكشف عن أن دور “الأخوات المسلمات” كان جوهريا في استمرار الجماعة وقدرتها على البقاء “لما بدأ الصدام بين حكومة ثورة يوليو وجماعة الإخوان وبدأت اعتقالات الإخوان في عام 1954 واجهت الجماعة أزمة كبيرة تمثلت في مئات الأسر التي صارت من دون عائل وخلّف الجميع أسرا لا عائل لها، فأصبحت إعالة الأسر ورعايتها هي أهم أعمال قسم الأخوات المسلمات الذي قام بدور كبير في هذه المرحلة من عمر الدعوة“.
تقول فاطمة عبدالهادي “قسمنا أنفسنا إلى مناطق لجمع التبرعات وإيصالها لبيوت الإخوان المعتقلين أو الهاربين من السلطات، كان لكل منطقة مندوبة لتلقي التبرعات من أهل المنطقة من محبي الأخوان أو الميسورين المتعاطفين معهم، كما كانت كل مندوبة تعتمد كذلك كشفا بأسماء المعتقلين وعناوينهم وعدد أفرادهم، ثم تأتيني كل المندوبات بهذه البيانات حيث نبدأ في تقسيم هذه المعونات وتوزيعها وفق البيانات والاحتياجات وكنت أنا المسئولة عن تنظيم هؤلاء المندوبات“.
ومن النماذج الكثيرة التي أشارت فاطمة إلى فضلها ودورها النضالي سواء قبل الثورة أو بعدها أثناء الفترة الناصرية ومحنة الإخوان، السيدة آمال العشماوي ابنة العشماوي باشا وزير المعارف المصري في الأربعينيات التي ترأست مجلس إدارة دار الأخوات المسلمات، وقدمت الكثير من التضحيات في سبيل دعم أسر الإخوان المعتقلين، وفي فترات اعتقالها كانت تحتضن النساء في داخل السجن، تقول السيدة فاطمة “اعتنت بي كثيرا لما أصابني النزيف في المعتقل، وكانت تدعو لي بالشفاء، وهي التي قادت احتجاج الأخوات على الاستمرار اعتقالي وأنا أنزف، وأجبرن الضباط على ضرورة نقلي إلى مستشفى قصر العيني“.
الكتاب ليس ضخما لكنه يمثل شهادة مهمة، فهو مثلا يؤرخ باليوم لمذبحة يونيو/حزيران 1957 التي راح ضحيتها 21 برصاص عساكر سجن الليمان بخلاف 28 مصابا، حيث دخلت كتيبة بمدافعها الرشاشة لتصفية معتقلي الإخوان في الزنازين، وغير ذلك.
ويؤكد حسام تمام في تقديمه للكتاب أن “شهادة فاطمة عبدالهادي على قضية تنظيم 1965 أعدم فيها زوجها مع سيد قطب وآخرين الذي صار العنوان الأبرز في تاريخ العلاقة بين الإخوان والدولة شهادة فريدة واستثنائية ليس فقط لقربها بل واتصالها بكثير من وقائع القضية وتفصيلاتها، بل لأنها كانت من أبرز ضحاياها فقد عاشت تجربة السجن بنفسها ثم كان زوجها ثالث ثلاثة نفذ فيهم حكم الإعدام“.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى