الأرشيفتحليلات أخبارية

نشرت “الغارديان” الصحيفة البريطانية المرموقة افتتاحيتها .. بن سلمان مصاب بجنون العظمة.. وهذا ما على الشعب فعله

وجّهت صحيفة “الغارديان” البريطانية، في افتتاحيتها أمس الإثنين، انتقادات لاذعة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ووصفته بأنّه “مريض بجنون العظمة”، مشيرة في هذا الإطار لقراراته المتهورة في الحرب باليمن والأزمة مع قطر، والتي باتت تشكّل له مصدر إحراج.
وقالت الصحيفة، إنّ صعود ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، في يونيو/ حزيران الماضي، شكّل اختباراً عاجلاً لمراقبي شأن المملكة، “هل هو مصلح مستعد لسحب مملكته، من كونها نظاماً قمعياً يتولّى كتابة شيكات رعاية ضخمة، في القرن الحادي والعشرين، أم أمير يفتقد الخبرة وقد يؤدي صعوده إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة؟”.
واليوم تحت عنوان رأي الغارديان، نشرت الصحيفة البريطانية المرموقة افتتاحيتها عن التغيرات المتسارعة التي تشهدها المملكة العربية السعودية في الآونة الأخيرة على كافة الأصعدة، بدءاً من انقلاب القصر والحالة الاقتصادية ومروراً بالاشتباكات الإقليمية، وانتهاء بالتراجع السعودي على مستوى السياسة الدولية، موضحة أن كلمة السر خلف كل هذا هي “إم بي إس”.
و”إم بي إس”، بحسب الصحيفة، ترمز لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، البالغ من العمر 31 عاماً، الذي جمع سلطةً عظمى وهيمن على السياسة الاقتصادية والدبلوماسية والمحلية السعودية، إلا أنه كذلك مهندس المستنقع الدموي للحرب اليمنية، والمتعنّت في الأزمة الخليجية الحالية مع دولة قطر المجاورة.
والده، الملك سلمان، البالغ من العمر 81 عاماً، ليس في صحة جيدة، يمشي مستنداً على عصا، كما أنه يعاني من السرحان خلال الاجتماعات. من خلال تقديم ابنه السابع ليكون أصغر وريث في التاريخ السعودي، يصنع العاهل السعودي المريض قطيعة واضحة مع الماضي، بحسب المقال المنشور في الصحيفة، الإثنين 18 سبتمبر/أيلول 2017.
وتخلص الغارديان إلى أنه “إذا تم الاعتماد على الأشهر القليلة الأولى كدليل موثوق به، فإن مؤشرات المستقبل تبدو غير جيدة بالمرة”.
لعبة العروش
كان انقلاب القصر الذي شهد استيلاء بن سلمان على السلطة انقلاباً أبيض، بلا دماء. وخلال لعبة العروش التي جرت في الصيف، تمت السيطرة على أعمامه الأقوياء المنافسين، إما بالتحييد أو بالوضع تحت الإقامة الجبرية.
ويمكن كذلك استنباط الصدوع داخل العائلة المالكة، من خلال التقارير المعتمدة على مصادر من داخل البلاط الملكي السعودي، التي أفادت أن المنافس الرئيسي الآخر للعرش عانى من مشكلة في استخدام الأدوية المخدرة.
في سياق متصل، شهد الأسبوع الماضي، أيضاً حملة واسعة شنتها السلطات السعودية ضد المعارضة، مستهدفةً بعض المفكرين الإسلاميين، والمنتقدين والمنافسين السياسيين. كما جرى اعتقال اثنين من رجال الدين البارزين لعدم تأييدهما العلني لموقف ولي العهد تجاه قطر.
كلا الرجلين ليسا من المحسوبين على تيار المحافظين، وكلاهما مشهور، ولديه جمهور سعودي كبير، بالإضافة إلى ملايين المتابعين على تويتر. كما مُنع صحفي آخر من كتابة عمود رأي، بينما عوقب نشطاء حقوق الإنسان بالسجن لمدة ثماني سنوات، بسبب تنظيم بعض الحملات السلمية.
وكان المغرد السعودي المعارض الشهير “مجتهد”، قد قال في تصريحات سابقة ، إن الاعتقالات التي تنفذها السلطات السعودية بحق شيوخ ومغردين وشخصيات عامة “هي حملة مخطط لها مسبقاً للقضاء على الإسلام السياسي داخل السعودية”.
ولفت إلى أن الحملة تعكس رغبة الأمير محمد بن سلمان في إزالة مظاهر ارتباط الدولة بالدين، وتحجيم النشاط الديني إلى المستوى الشخصي ودور العبادة فقط.
أياً كانت وجهة وتفكير الأمير الصغير، فإن هذا التعصب والقمع للمعارضة ينبئ عن جنون العظمة، بحسب الغارديان، التي أضافت: “إذا كان هناك وقت مناسب للمجتمع السعودي لمناقشة كيفية المضي قدماً، فمن الضروري أن يكون الآن”.
فوضى كبيرة وقلق عالمي
تُعد المملكة العربية السعودية مهد الجهاد، لذا فاستقرارها هو مصدر قلق عالمي. من الناحية الداخلية، المملكة العربية السعودية في فوضى كبيرة.
كما أن المملكة هي أكبر مصدر للنفط في العالم، مع احتياطي يُقدر بـ260 مليار برميل، لكنه اقتصاد خادع؛ إذ أدى انخفاض أسعار النفط الذي بلغ أعلى مستوياته في عام 2014، إلى دفع الرياض نحو إنفاق حوالي 200 مليار دولار من احتياطيات النقد الأجنبي لديها لتغطية عجزها.
ورداً على ذلك، قام ولي العهد بالحث عن تفعيل برنامجٍ للخصخصة، وتخفيض الدعم لتحقيق التوازن. ولكن هذه التحركات هدَّدت العقد الاجتماعي بين الأسرة المالكة ورعاياها، الذين يقع أغلبهم دون سن الخامسة والثلاثين.
وأشارت وكالة “بلومبيرغ” الأميركية، قبل أيام، إلى أنه لو أصبح محمد بن سلمان ملكاً للسعودية، فسوف يواجه سنوات من تباطؤ النمو والعجز المالي، واعتبرت أن خطة الحكومة الإصلاحية الطموحة “ربما كانت طموحة أكثر من اللازم”.
وفي يونيو/حزيران الماضي، اعتبرت الغارديان أن خطة بن سلمان التي أطلق عليها اسم (رؤية 2030) لترميم وإصلاح الاقتصاد السعودي، ووضع حدٍّ لاعتماده واتكاله التام على النفط- كلها كانت في معظمها محض أحلام وتمنيات، رافقتها طبول الإعلام ومزاميره، لا ترتكز إلا على الخصخصة والتقشف فوق كل شيء، وكانت بمثابة بطاقة دعوة للمتاعب؛ بسبب ما نجم عنها من توتر اجتماعي شعبي في الدولة التي عُرفت بسخاء دعمها لأسعار السلع والخدمات.
أما على الساحة العالمية، فقد اضطرت المملكة العربية السعودية للتراجع نتيجة الأحداث التي أقحمت نفسها فيها، وافتقارها إلى الكفاءة المطلوبة في إدارتها؛ حيث كلفت الحرب في اليمن أرواح العديد من المدنيين، بالإضافة إلى تكلفتها الباهظة، كذلك الحصار المفروض على قطر، وكلتا القضيتين انبثقتا من مشكاة واحدة: وهي الحد من نفوذ إيران في العالم العربي، والتخلي عن أي نفحة من الإسلام السياسي.
بيد أن جهود المملكة لم تُسفر عن نجاح يُذكر في المعركتين. وبدلاً من ذلك، سببت كلتاهما إحراجاً لولي العهد.
انسحبت السعودية كذلك من سوريا، تاركة مستقبل ذلك البلد في أيدي كل من موسكو وطهران. وتواجه الرياض خياراً صعباً في أفغانستان بين حليفتها باكستان ودونالد ترامب، الذي يقوم ولي العهد بمقارنة نفسه به.
وتختتم الغارديان: أظن أن ولي العهد لديه شيء من الرؤية. ولكن عدم وجود الحكمة والتهور يؤديان إلى تحويلها إلى سراب.
محمد بن زايد أصبح يحكم السعودية.. والشعب يتفرج
بوصول محمد بن سلمان الى ولاية العهد في السعودية، وبالتالي حكم المملكة الفعلي على اعتبار أن والده المريض يوكل له كل الصلاحيات، فان ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد يكون قد نجح في تدبير ثاني أهم انقلاب في المنطقة العربية بعد الانقلاب العسكري في مصر.
ويسيطر محمد بن زايد بشكل شبه كامل على الأمير محمد بن سلمان الذي يبلغ من العمر 32 عاما، كما أنه منذ اللحظة الأولى التي بدأ فيها ابن زايد التزلف لابن سلمان بات معروفاً أن الشيخ الاماراتي يريد الاطاحة بالأمير محمد بن نايف، وذلك على خلفية الكراهية المعروفة والمشهورة بينهما.
وتعود أسباب الكراهية الى الوثيقة التي تسربت عبر “ويكيليكس” والتي تبين فيها أن محمد بن زايد وصف والد محمد بن نايف، وهو الأمير نايف الذي كان وزيراً للداخلية وكان أحد أقوى رموز الحكم في السعودية، وصفه بأنه “قرد”، وهي الشتيمة التي كتبها باهتمام السفير الأمريكي في أبوظبي وبعث بها الى واشنطن، لينكشف الأمر بعد سنوات.
وبهذه المعطيات يتبين أن ابن زايد لعب دوراً مهماً في الاطاحة بابن نايف، إذ وجد نفسه فجأة في مصلحة مشتركة مع محمد بن سلمان من أجل التخلص من محمد بن نايف، حيث كان ابن سلمان يرى في ابن نايف عائقاً أمام وصوله الى الحكم، وأنه سيصبح ملكاً في أي لحظة يموت فيها سلمان، أما محمد بن زايد فكان وصول ابن نايف الى الحكم في السعودية يمثل كابوساً مرعباً بالنسبة له، لأنه لحظة وصوله سيقطع علاقته مع محمد بن زايد الذي يكرهه ويكره والده الأمير نايف من قبله.
وهكذا أشرقت شمس يوم الحادي والعشرين من يونيو 2017 على محمد بن زايد وهو ملك غير متوج على السعودية، اذ اعتبارا من اليوم يفعل ما يشاء من خلال ابن سلمان، كما أن كلاً من ابن سلمان وابن زايد ينتميان الى المدرسة الليبرالية المعادية للتيار الاسلامي والتي تريد تحويل السعودية الى النموذج الاماراتي القائم على أن “الدين في المسجد فقط”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى