كتاب وادباء

نظرة بعض النخب المصرية تجاه ليبيا

 

  • نظرة بعض النخب المصرية تجاه ليبيا

    بقلم الكاتب والباحث الليبى

    فرج كندي

    فرج كُندى

    ان جذور العلاقات الليبية المصرية التي تضرب في اعماق التاريخ البشرى الذى لا ينفصل عن البعد الاجتماعي و للطبيعة الجغرافية دورها ومن العمق التاريخي والبعد الاجتماعي والوحدة الجغرافية مجتمعة ينشا البعد الاستراتيجي الذى يحدد معالم العلاقات الليبية المصرية عبر التاريخ من ايام الفراعنة التي تتوجت بقيام الاسرة التاسعة والعشرين اسرة شيشنق ذو الاصول الليبية حوالي 950 ق م والتي سجلت تاريخها علي جدران معبد الكرنك كما تذكر كتب التاريخ التي تناولت العلاقات الليبية الفرعونية او هجرة القبائل الليبية نحو الدلتا وهذا التداخل ما بين مصر والشرق الليبي عبر العصور التاريخية امتداداً فجر الحضارة الفرعونية ومن العصر اليوناني البطلمى الى الروماني البيزنطي الي أن تتوجت بالفتح الإسلامي لمصر وافريقيا الشمالية وسيادة الصبغة العربية الاسلامية التي وحدت بين كل المكونات الموجودة في المنطقة بسيادة اللغة العربية و اعتناق الدين للغالبية العظمي من السكان وتعايش من بقى محتفظ بدينة مع الدول والامارات الاسلامية القائمة عبر التاريخ , وكانت مصر منطلق الفتح الإسلامي لأفريقية وكانت برقة الجزء الشرقي من ليبيا هي بوابة افريقيا على رأى بعض المؤرخين المسلمين والحقيقة التاريخية جيش الفتح الإسلامي توجه نحو برقة كمسمى وككيان مستقل بذاته لا يتبع مصر ولا غيرها من الاقاليم المعروفة ذلك الوقت ومع استمرار التقلبات السياسية والتغييرات الادارية تغيرت اوضاع برقة من ولاية أو امارة تابعة لمصر الى امارة أو ولاية تابعة الى افريقية او الى جزء من الدول التي نشأت في حقبات متأخرة من الفتح الا سلامى وفى احايين كثيرة كمنطقة او امارة او ولاية لها حدودها الادارية وعليها والي او امير يتبع ادارة مركزية من جه الشرق او من الغرب وهذا ما حدث ابان الحكم العثماني بتبعية برقة الى الباب العالي مباشرة في حين وفى احيان يتم ضمها الي والى طرابلس ولم يكن لها تبعية الى الشرق عبر الفترة العثمانية علي الاطلاق واصبحت تعد من ضمن شمال افريقيا بنص عثماني صريح وهو ما أشار إليه فرمان من الخليفة العثماني في العقد الثاني من القرن العشرين بعد انسحاب القوات التركة من ليبيا عقب معاهدة لوزان إبان الاحتلال الإيطالي لليبيا بتكليف السيد احمد الشريف السنوسي بتمثيله في منطقة شمال افريقيا وهم ما نعتبره ولو بشكل اسمى تبيعة اقاليم شمال افريقيا الي برقة بكون السيد احمد الشرف من برقة وهي محل اقامته, ولم تكن هناك أي مطالبات لمصر بحكم برقة وان تداخلت الحدود الجغرافية وتشابكت العلاقات الاجتماعية بين ابناء المناطق المتداخلة وكانت هجرات بينية بحسب الظروف الاقتصادية والظروف السياسية واحيانا للحروب الاهلية دور في الهجرة البينية وإن كان الغالب هو الهجرة من جهة الغرب بالنسبة لموقع مصر الذى يمثل الشرق الليبي لم يتولد الشعور برغبة مصر في ضم برقة ولا توجس سكان برقة من نفوذ مصر بل كانت العلاقة يسودها الود والتبادل التجاري والمصاهرة بين القبائل المتداخلة في تلك المنطقة التي نعمت بهدوء وتوافق كبير بن القبائل المتجاورة المتصاهرة ومع قيام ما يعرف بالدولة الوطنية ومطالبة الشعوب التي تقع تحت الاستعمار باستقلالها عقب الحرب العالمية الثانية سعي الليبيون في الاقاليم الثلاثة – طرابلس , برقة , فزان – الي المطالبة بالحرية والاستقلال وانشاء دولة ليبيا الحديثة اسوة بالدول العربية التي نالت استقلاها وتصدرت برقة المشهد مع شقيقاتها وكان للدور السنوسي الاثر البارز علي يد الامير ادريس – الملك- بعد ان نالت ليبيا استقلالها عام 1951 .
    خاضت ليبيا رحلة كفاح مريرة وسط بحر من الامواج العاتية من الدول الاستعمارية وبعض الدول الاقليمية للسيطرة علي البلاد وحرمان الشعب الليبي من نيل حريته واستقلاله وخاصة من الدولتين المستعمرتين فرنسا التي كانت تحتل فزان وايطاليا التي كانت تحتل كامل التراب الليبي ورضيت ان تبقى سيادتها على طرابلس , وبرقة كان لها وضع خاص مع بريطانيا التي وافقت علي امارة ادريس السنوسي عليها ووعدت باستقلال الاقليم

    البطل-عمر-المختارولكن اللافت للنظر هو موقف عبد الرحمن عزام اول امين عام لجامعة الدول العربية وهو من مصر ودعوته ان يتكون مجلس وصاية على ليبيا تكون مصر عضو فيه ومع تدرج المفاوضات حاول ان تكون برقة تحت السيادة او الوصاية المصرية ولكن لتعلق برقة بالأمارة السنوسية لم يتحقق له ما اراد الامر الذى جعله ينقل توجهه نحو الزعماء الطرابلسيين في محاولة لشق الصف الذى يدعو الى الاستقلال والوحدة والامارة السنوسية الذى نحج في تحقيق اهدافه وولدت الدولة الليبية بقرار من الامم المتحدة وبعد قيام الدولة التي اعترف بها العالم ومنها مصر تم ترسيم الحدود بين ليبيا ومصر العضوين في جامعة الدول العربية ومع ثورة يوليو وانتشار المد القومي الذي تأثر به الكثير من الشباب والانبهار بعبد الناصر الامر الذى دفع ببعض الشباب المتحمس لعبد الناصر من الليبيين الى الدعوة الى ضم ليبيا الى مصر لأجل تحقيق مشروع الوحدة العربية الذ كان حلم كل شباب ذلك الجيل المتحمس للقضية العربية وإن كانت مجرد اصوات قليلة وليس لها شأن يذكر أو تأثير معتبر .
    ومع التحولات الكبيرة والهائلة مع مطلع عام 2011 في المنطقة العربية عامة و في ليبيا ومصر خاصة والتي لم تتحدد معالمها ولا نهايتها بل مازالت في حالة تشكل ولم تصل الي حالة الاستقرار بعد ظهر صوت في مصر يطالب بحقوق تاريخية لمصر في برقة التي تتمتع بثروات هائلة من البترول تفوق احتياجات العدد القليل من السكان وهذا الامر اعلن عنه محمد حسنين هيكل الصحافي المصري المعروف بصلته بالمجلس العسكري الذى كان يحكم مصر في تلك الفترة واخذه البعض بعدم الاكتراث والبعض بعدم التصديق وإن وجد بعض القبول من بعض وسائل الاعلام المصرية ورفض شديد من الشارع الليبي وعدم اكتراث من الحكومتان الليبية والمصرية وتتابعت الدعوات والاشارات المباشرة والغير المباشرة علي الأعلام المصري الذى لا تخفي علاقته بمؤسسة الحكم في مصر الذى يقدم خطاب تحذيري حيناً وتهديدي احيان اخرى والاكثر ترديدا هو الحقوق التاريخية لمصر وحق مصر في الاستفادة من ثروات الشرق الليبي بالدعوة الى الاستثمار تارة وبالمطالبة بالتدخل تارات أخري وفى الايام الاخيرة تطور الامر الى مسئولة مصرية تطالب بإرجاع واحة الجغبوب التي تحتوي على كميات كبيرة من احتياطيات النفط الى السيادة المصرية , صاحب هذا التصريح دعوة كبيرة وواسعة من مسؤولين مصريين واعلاميين لهم صلة بمؤسسة الحكم في مصر تطالب الشعب المصري بالهجرة وترك البلد وطلب الرزق في اماكن اخرى .
    والسؤال الذى يطرح نفسه اين المكان الاقرب والاسهل للمصيريين يمكن الهجرة اليه وطلب الرزق في ضل ظروف وقوانين ونظم دولية تنظم السفر والاقامة وتحدد قوانين العمل و تعاون دولي كبير في العمل علي الحد من الهجرات الي الدول التي هي حلم كل محتاج الي عمل وحياة كريمة ولكن رئيس حزب الاصلاح والتنمية المصرية يقدم الاجابة بمقترح تعاون واستثمار اقتصادي ينتهي بالتوطين خلال فترة تتراوح ما بين ثلاث الى خمس سنوات , هذاما هو مطروح ومتداول هذه الايام في سماء الاعلام المصري وفى تصريحات بعض الساسة فهل هذا مقدمات وارهاصات تمهد الي تغيير في الخارطة الجغرافية والاجتماعية في المنطقة ام هو كلام لا يتعدى حناجر الناطقين به ؟؟؟؟؟؟؟ هذا ما سينبئ به المستقبل

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى