آخر الأخبارتحليلات

هل الاصطفاف مع النظام المصري في حربه علي ليبيا وطنية أم خيانة؟

بقلم الكاتب الصحفى والمحلل السياسى

ياسر شمس الدين محمد محمد علي

مؤسس حركة شباب ٦ ابريل الجبهة الديمقراطية بالاسكندرية

النرويج
خريج اكاديمية نانسن النرويجية

للعلوم الانسانية قسم فلسفة وسياسية عام 2018/2019

إن أبسط ما يفعله الإستبداد بالشعوب.. إنه يشل إرادتها فيستوي لديها الحق والباطل .. تتغير مفاهيمها وتنقلب قيمها.. فتكتفي بالمشاهدة فقط.. ولا يصبح للشعب قيمة أو وزنًا أو رأيًا.. قيمة الشعب تنبع من قوته.. وقوة الشعب هي قدرته علي أن يختار من يمثله .. أن يعبر افراده عن رأيهم بحرية دون أن يتهم أحدًا منهم بالخيانة أو العمالة  .
مصر لا تمتلك نظام حاكم.. بل يمتلكها نظام عسكرى..أختار النظام أن يثق في نفسه أكثر من ثقته في عقول الشعب المصرى.. أختار أن يصمت الجميع لكي يتحدث هو فقط.. أن يشل إرادة الجميع لكي تتحقق إرادته .. أصبحت حرية الرأي وممارسة النقد جريمة..والمعارضة كابوسًا..النظام أستبدل المفاهيم الصحيحة بأخري مغلوطة.. فالبلطجية أصبحوا مواطنين شرفاء.. والمعارض ارهابيا..معتقلًا..مطاردًا أو مقتولًا.. والبارع في التصفيق وطنيًا مخلصًا..ثورة ٢٥ يناير أصبحت نكسة ٢٥ يناير ..والإنقلاب أصبح ثورة.. تم إختزال الدولة في الجيش..والجيش في الرئيس..والرئيس أصبح هو مصر.. ومصر تمتلك أذرعًا إعلامية و سيفا في يد .الرئيس.. والسيف مخيف.. وحاملة جبان
في وسط إنقلاب المفاهيم في مصر يرفع شعار “لا صوت يعلو فوق صوت المعركة ” تقرع طبول الحرب في الإعلام المصري وعلي مواقع التواصل الإجتماعي .. لتهيئة الشعب المصرى لقبول فكرة الحرب علي ليبيا..حفاظًا علي الأمن القومي المصري وحفاظًا علي حدود وتراب مصر من المحتل التركي ..والتعريف المختصر للأمن القومي هو حماية الحكومة والبرلمان للدولة من الخصوم التقليديين من دول أخري وأيضا حمايتها من المسئولين الفاسدين وأعداء الداخل .
يذكرني موقف النظام المصري “بعمدة قرية مجنون ..يذهب يوميًا هو وشيخ الغفر إلي القري المجاورة ويقذفون أهلها بالحجارة.. ويعودون ويطالبون أهل القرية بالذهاب معهم يوميًا..وإذا حاول احد العقلاء تنبيه أهل القرية بأن العمدة وشيخ الغفر مجانين .. وأن اهل القرية لا ناقة لهم ولا جمل في إلقاء الحجارة علي القري المجاورة..يجد العمدة وشيخ الغفر يوجهون له تهم الخيانة والعمالة والانتماء لجماعة محظورة .
الحملة الاعلامية في مصر الأن تطالب جميع المصريين بالوقوف صفا واحدًا خلف الجيش المصري والقيادة المتمثلة في عبد الفتاح السيسي..للحفاظ علي أمن مصر .. وأن هذا الوقت غير مناسب لأي خلاف سياسي بين اي وطني مخلص وبين النظام العسكري الحاكم.. يجب أن ننسي خلافتنا ونصطف مع الرئيس .. ونؤيده في قرار الحرب وإلقاء ..الحجارة ..علي ليبيا .
لكن السؤال هنا هل فعلًا الخلاف بيننا وبين النظام العسكري الحاكم في مصر هو خلاف سياسي ؟
إن بيع جزيرتي تيران وصنافير للسعودية.. والإنقلاب علي ثورة ٢٥ يناير..وقتل وسحل وإعتقال المتظاهرين.. وكبت الحريات.. ليس بخلاف سياسي..تهجير أهالي سيناء وجزيرة الوراق.. تدمير اقتصاد مصر وتعويم الجنيه وإفقار أهلها وإغراق مصر في الديون… ضياع ماء النيل.. ليس خلاف سياسي.. توريط مصر في حروب بالوكالة تنفيذا لأوامر السعودية والإمارات..وتحويل مصر الي دولة تابعة لآل سعود وآل زايد .. ليس خلاف سياسي..مطاردة آلاف الشباب وقتل آلاف وأعتقال الأهالي وتعذيب المعتقلين وإغتصاب الفتيات في السجون.. ليس خلاف سياسي .
إنه خلاف وجود ولا يطلق عليه أبدًا  خلاف سياسي..إن النظام العسكري المصري إختار أن يدمر مصر تدميرًا ممنهجا ..تدمير آمال وطموح ومستقبل شعب تعداده ١٠٠ مليون..تدمير حضارة وحقوق تاريخية في مياه النيل .. تقزيم دور مصر لتصبح من أحد رعايا آل سعود وآل زايد .. تحول الجيش المصري الي مجموعة مرتزقة بفضل قيادته.. نذهب للحرب لأجل بعض الأموال وتنفيذًا لخطة الحرب مسافة السكة.. نخاطر بالآلاف من الشباب من أجل لاشئ .


ماذا يعني إصطفاف الشعب المصرى مع النظام العسكري الحاكم؟
إن الاصطفاف مع النظام المصري هو تفويض بالقتل .. للمعارضين في السجون وإسكات صوت المعارضة للابد.. هو تفويض بالقتل لشعب عربي شقيق .. وتمكين لمرتزقة الإمارات وروسيا من رقاب الليبيين ..هو تجهيل وشغل الرأي العام المصري بقضايا أخري لتغطية الفشل فى إدارة ملف مياه النيل .. إن الحرب علي ليبيا هي النسخة الثانية من حرب اليمن في الستينات .
إن الاصطفاف مع النظام المصري في حربه علي ليبيا يعني تمزيق الممزق وتقسيم ليبيا إلي دولتين غرب وشرق ليبيا والقضاء على ثورة ١٧ فبراير إلي الأبد .. إن الحرب علي ليبيا هي القشة التي ستقصم ظهر الإقتصاد المصري.. والحرب مع الليبين ليست نزهة ولا ضرورة ولا حتي منفعة منها
الاصطفاف مع الجيش المصرى معناه الاصطفاف ضد ثورات الربيع العربي وإنهاء تلك الثورات والقضاء علي أهدافها .. الاصطفاف مع النظام هو دعم ومساندة لتوجية السلاح نحو صدور الأشقاء وليس الأعداء الذين يعيشون في امان رغم إنتهاكهم وإحتلالهم للمقدسات العربية والإسلامية .


إن الاصطفاف مع النظام المصرى هو خيانة لمعني العدل وحسن الجوار وعدم التدخل في شئون دولة تواجه حربا ضروسا مع مرتزقة بوتن وال زايد .
إن الاصطفاف يعني الوقوف مع الحق .. والحق لا يمتلكه من يعتدي علي الآخرين .. الحق لا يمتلكه أبدًا ديكتاتور وسفاح ..بيننا وبينه دماء إخوتنا.. ومعتقلينا يرزحون تحت الآلات التعذيب في سجونه.. الخلاف بيننا وبين النظام المصري ليس خلافا في وجهات النظر .. بيننا وبينه دماء اخوة لنا سقطوا في ميادين الشرف والكرامة مطالبين بالحرية.. الحرية التي قتلها النظام عمدا .. اختطف الجيش المصري مصر تحت قوة السلاح .. إنه احتلال عسكري كامل الأركان من جيش لشعب ووطن .. ويطالب إعلام هذا الجيش الشعب بالاصطفاف خلفه .
إن الأمن القومي المصري في خطر ..وهو خطر داخلي .. فساد وقتل وقمع ..وفقر وجهل ومرض.. وعسكر .. هذا هو الخطر الحقيقي علي الأمن القومي المصري.. الذي يجب أن نصطف جميعًا للوقوف ضده .
أشعر بالحزن من طرح هذا السؤال الذي هو عنوان المقال هل الاصطفاف مع النظام المصري في حربه علي ليبيا وطنية أم خيانة؟ فكرت كثيرا كيف يمكن لاحد عاقل الا يصطف جنبا الي جنب مع بلده كيف يمكن أن يجول هذا السؤال في رأس اي شخص يحب مصر .
.. لكن الحق أحق أن يتبع .. لن أقف في صف ظالم أبدًا ولو وجهت الي كل تهم الخيانة.. لن أدعم نظام حكم ظالم وأعطيه تفويض بقتل الليبين والمخاطرة بحياة الجنود المصريين المجبرين علي إطاعة أوامر هذا النظام العسكري..
إنه ليس خيار بين الوطنية والخيانة.. إنه إختيار للحق والعدل .. ورفضا لمساندة نظام ورئيس أعتبره مسدس صوت جديد .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى