تقارير وملفات إضافية

هل تتم الإطاحة بنتنياهو من قيادة الليكود؟ منافسه أعدَّ خطة إزاحته، لكن الأمر ليس بهذه السهولة

يخطط غدعون ساعر منافس نتنياهو لوراثته في زعامة حزب الليكود اليميني المتطرف، رغم أنه يعلم أنه قد يخسر الانتخابات الداخلية للحزب التي ستُعقد خلال الساعات القادمة.

وتهدف هذه الانتخابات الداخلية التي تعقد الخميس 26 ديسمبر/كانون الأول 2019 لاختيار القائمة الحزبية التي ستخوض الانتخابات البرلمانية الثالثة في مارس/آذار القادم.

 وتحتدم المنافسة بين زعيم الحزب الحالي بنيامين نتنياهو، وبيت غدعون ساعر الطامح لخلافته.

تبدو فرص فوز نتنياهو بتجديد زعامته لليكود شبه مؤكدة، وإن اختلفت التقديرات حول حجم النصر الذي سيناله، في ظل الاستقطابات داخل الحزب، بعد خروج مواقف مؤيدة ومعارضة لنتنياهو.

 تجدر الإشارة إلى أن دستور الليكود ينص على إجراء انتخابات لعضوية القائمة ورئاستها في كل مرّة تجري انتخابات عامة في البلاد.

لكن هذه الانتخابات لم تجر في جولة سبتمبر/أيلول 2019، بينما تعود آخر انتخابات لرئاسة قائمة الليكود لانتخابات الكنيست العشرين 2015، ولعل ذلك يظهر أهمية هذه الانتخابات الحالية مع ظهور منافس قوي لنتنياهو، يحاول كسر زعامته الممتدة لليكود منذ نحو 14 عاماً.

محمود محارب، أستاذ الدراسات الإسرائيلية بجامعة القدس، والباحث بالمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالدوحة، قال لـ «عربي بوست» إن «فوز نتنياهو في انتخابات الغد متوقع جداً، لكن يبقى التحدي بأن يحصل على أكثر من 70% من نسبة مصوتي الليكود، دون ذلك ستكون ظروفه صعبة.

في المقابل يسعى ساعر لتحسين مواقعه داخل الليكود، ليس لانتخابات الغد، ولكن تحضيراً لليوم التالي لتقديم نتنياهو للمحاكمة في أي لحظة، لأنه يعلم أن فرصه في الفوز على نتنياهو ضعيفة، على الأقل حالياً.

وأضاف أن «قادة الليكود دعموا نتنياهو علنياً، لكنهم يتحضّرون لمعركة الوراثة القادمة، ولا أحد يعلم كيف سيصوت أنصارهم في انتخابات الغد، فاصطفافات الليكود كبيرة وحادة، ومع أن مواقف ساعر السياسية أكثر يمينية من نتنياهو، لكن مشكلة الأخير تكمن بتوجيه لائحة اتهام ضده، مما يمنع أي حزب من الجلوس معه لتشكيل الحكومة، وترؤسها».

ويعتبر جدعون ساعر 53 عاماً، الشخصية الوحيدة في الليكود الذي يهدد بقاء نتنياهو زعيماً للحزب، فهو حاصل على شهادة العلوم السياسية بجامعة تل أبيب، وضابط مخابرات سابق بلواء غولاني بالجيش الإسرائيلي.

شغل عضوية الكنيست منذ عام 1999، وبعد استقالته منه، عمل باحثاً رفيع المستوى بمعهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، ومحاضراً بموضوع إدارة الحكم، كما شغل منصب وزيري التعليم والداخلية، وعمل على تعزيز إنشاء جامعة أريئيل المقامة في مستوطنات الضفة الغربية، مما يدلل على توجهاته الاستيطانية.

خلال حرب غزة الثانية في عام 2012، كان عضواً في المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية، بعد أن كان سكرتير الحكومة، ومساعد المدعية العامة للدولة، ومساعد المستشار القانوني للحكومة.

سعيد بشارات، رئيس تحرير شبكة الهدهد للشؤون الإسرائيلية، قال لـ «عربي بوست» إن «نتنياهو يملك كل أوراق القوة للفوز بانتخابات الغد، ولديه تأثير كبير على القاعدة الانتخابية داخل الليكود لتثبيت موقعه القيادي، وهو ما اتضح في الأيام والساعات الأخيرة من خلال تعامله مع الدعاية الانتخابية وزياراته الميدانية المكثفة لجميع نقاط الليكود المنتشرة في إسرائيل، كما يعرف الشخصيات المفتاحية في الليكود».

وأضاف أن «ساعر يعلم أن حظوظه لم تكتمل بعد لإيقاع الهزيمة بنتنياهو، والأخطر أن عدم فوزه قد يعني هزيمة أبدية له، ولن تقوم له قائمة بعد اليوم، لأنه أخذ فرصته الكبيرة ليكون زعيم الليكود.

أما في حال ظهور فرص قادمة مستقبلية لانتخاب قيادة جديدة له، فعلى الأرجح لن يكون ساعر موجوداً بتشكيلته القيادية القادمة».

وأكد أن «ما يمنح انتخابات الغد في الليكود أهمية استثنائية أنها المرة الأولى التي تظهر فيها مواجهة مباشرة يتحدى فيها أحد قيادة نتنياهو لليكود.

ولا يختلف ساعر  كثيراً عن نتنياهو بمواقفهما السياسية، إن لم نقل أنه أكثر يمينية منه، وفي حال تحقق الاحتمال الأبعد المتمثل بفوز ساعر، فلن يتخلى عن كتل برلمانية في اليمين.

إلا أنه لفت إلى أن ساعر قد يتحالف مع بيني غانتس، زعيم حزب أزرق- أبيض، وأفيغدور ليبرمان زعيم حزب يسرائيل بيتنا، اللذين يرفضان الدخول في حكومة تحت قيادة نتنياهو».

عمل ساعر على تسويق نفسه داخل مصوتي الليكود من خلال إعلان جملة من المواقف السياسية، ومنها قدرته على تشكيل حكومة إسرائيلية، وتوحيد الدولة والمنظومة السياسية، وحول التحديات الأمنية التي تواجهها إسرائيل.

وطالب بضرورة التصدي لحركة حماس في غزة، لأنها خلال سنوات ستكون لديها قدرات كبيرة، ودعا لتطبيق السيادة الإسرائيلية على المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية.

لم يبدأ التنافس بين نتنياهو وساعر في الأيام الأخيرة فقط، فقد سَن الكنيست بضغط من الليكود في 2018 «قانون ساعر»، وينصّ على تكليف رئيس القائمة الفائزة فقط برئاسة الحكومة، خشية من «مؤامرة» قيل إنها يمكن أن تؤدي لأن يسعى الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين،  لتكليف ساعر بتشكيل الحكومة، حتى لو فاز نتنياهو.

وقبل ساعات من انتخابات الليكود، غازَل نتنياهو وساعر المستوطنين الذين يشكلون قطاعاً عريضاً من مصوّتي الليكود، ففيما تعهّد الأول بجلب اعتراف أمريكي بسيادة إسرائيل على غور الأردن بالضفة الغربية، فقد وعد الأخير بإخلاء تجمع الخان الأحمر في القدس، وتأمين الاستيطان.

عماد أبو عواد، الباحث بمركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي، قال لـ «عربي بوست» إن «التنافس قوي بين نتنياهو وساعر، وانتخابات الغد هي مرحلة انتقالية، وصولاً لتحضيرات اليوم التالي لما بعد غياب نتنياهو عن قيادة الليكود، حيث يقدم ساعر نفسه على أنه القيادي الأكثر كفاءة لخلافته، وفي حال ضمن في انتخابات الغد تصويت ثلث مركز الليكود لصالحه، فهذا يعطيه بطاقة الأمان لقيادته المستقبلية».

وأضاف أن «ساعر صاحب فكر يميني، ولعله أكثر يمينية من نتنياهو، علاقاته قوية مع المتدينين والحريديم، لا يختلف كثيراً عن نتنياهو بضرورة تثبيت حكمه في إسرائيل والضفة الغربية، لكن فرصه أقوى في إقامة ائتلافات حزبية أكثر من نتنياهو، وفي حال افترضنا السيناريو المستبعد حالياً بفوز ساعر في انتخابات زعامة الليكود، فإن ذلك سيقلب نتائج انتخابات الكنيست القادمة في مارس/آذار رأساً على عقب، بسبب الانقسام الذي يشهده المجتمع الإسرائيلي حول شخصية نتنياهو».

ليس من المتوقع أن تنتهي المعركة الحزبية داخل الليكود بإعلان نتائج انتخاباته الداخلية مساء غدٍ، لأنه حتى في حال فاز الليكود بزعامة نتنياهو في انتخابات مارس/آذار، وعدم تحصيله 61 مقعداً، حينها سيصبح تقديم نتنياهو للمحاكمة القضائية أمراً محتماً، وفي هذه الحالة ستزيد حدة المنافسة بين أقطاب الليكود لخلافته، وسيكون ساعر صاحب الحظ الأوسع، وهو يستعد لهذه المعركة الأهم بعد محاكمة نتنياهو.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى