كتاب وادباء

هل تحولت السياسة إلى زواج متعة.؟

الأديب الكاتب والمحلل السياسي 

السعيد الخميسى k

السعيد الخميسى 

  * الزواج الشرعي هو ميثاق غليظ وعقد متين بين رجل وامرأة لتأسيس بيت آمن مستقر مطمئن . أما زواج المتعة فهو أن يتفق رجل مع امرأة على أن تقيم معه مدة معينة ومحددة أو غير ذلك مقابل مال معلوم وقد كان مشهورا فى الجاهلية . وهو زواج لايقصد من ورائه غير قضاء الحاجة  وينتهي بالطلاق عند انتهاء المدة أو بالمفارقة إن لم يكن له مدة محددة . وقد حرم الشرع زواج المتعة بعد استقرار التشريع الإسلامي وقد جاء فى الحديث الشريف ” وأن الله حرم ذلك إلى يوم القيامة . ” لا أدرى ما الذي جعلني أتذكر” زواج المتعة  “عندما فكرت فى شأن الساسة والأحزاب السياسية الهلامية الضعيفة كضعف بيت العنكبوت . لقد قبلت تلك الأحزاب المسكينة المتسولة أن تخلع ثوب الحياء والوقار وترتمي فى أحضان أى سلطة قائمة كفتاة ليل تبحث عن الهوى والمتعة الحرام دون عقد شرعى بينهما , وما إن تستنفذ تلك السلطات حاجتها من تلك الأحزاب ,  حتى ترمى بها  فى عرض الشارع لتبحث لها عن  محضن دافئ آخر تنام بين ذراعيه لعلها تنعم بالأمن والاستقرار المؤقت إلى أن يقضى الله أمرا كان مفعولا .  أعتقد ومعى الكثيرون أن هذا هو تصوير حقيقي لممارسة العمل السياسي فى مصرنا اليوم .
* أعرف أعضاء في أحزاب كرتونية يتلونون تلون الحرباء فى أرض صحراء بلا مبدأ أو أخلاق لأن المصالح عندهم فوق المبادئ . فتجد هولاء الأعضاء مثلا فى أول النهار ينتمون إلى حزب ما , وفى وسط النهار يغيرون انتماءهم الحزبي , أما آخر النهار فهم يعرضون أنفسهم للبيع السياسي كما تبيع فتاة الليل جسدها لراغبى المتعة الحرام مقابل أجر معلوم  حسب الاتفاق المبرم بينهما . وتلك الأحزاب وأعضاؤها هم سبب نكبتنا ومصيبتنا السياسية لأنهم شرعنوا للظالم  ظلمه , وللطغاة طغيانهم , وللمستبدين استبدادهم لأنهم منحوهم الغطاء الشرعي أن هناك حكما رشيدا , وهناك أيضا معارضة سياسية حكيمة تقدر المصلحة العليا للوطن , تؤيد عندما يكون هناك مبررا للتأييد , وتعارض عندما يكون هناك سببا للمعارضة . والحق أقول أنها تمثيلية هابطة رديئة على مسرح سياسي هزلي ليس بالجد ولكنه هزل فى هزل فى هزل .

* فماذا تقول فى رجال أحزاب  , وما هم هم برجال ولكنهم أشباه رجال  , يسيرون فى كل المواكب , ويحضرون كل الموالد , ويأكلون على كل الموائد بحثا عن الرضا السياسي ممن بيدهم الأمر والنهى , إسلاميون كانوا أم ليبراليون أو يساريون, لا يهم مطلقا , المهم أن يجدوا لهم ملجأ سياسيا يأووا إليه كالطيور الشاردة التي جن عليها الليل قبل أن تأوي إلى أوكارها وتخشى أن تضل الطريق . فهذا السياسي المشهور , وهذا المحلل والخبير الاستراتيجي , وهذا المفكر العبقري , وهذا الكاتب البارع , كانوا كلهم ليلة أمس يقفون فى طابور طويل يقبلون الأيدي بغية نظرة رضا من كانوا بيدهم السلطة بالأمس ورهن الإشارة لتنفيذ ما يملى عليهم لان تلك ثقافتهم المتلونة . واليوم انقلب الحال إلى حال , فاعرضوا وتمردوا وغيروا وجوههم وألسنتهم كما يغير أحدنا  ثوبه وحذاءه فى اليوم أكثر من مرة . وكأني بالشاعر الحكيم كان يقصدهم ساعة قال : عادني الدهر نصف يوم…. فانكشف الناس لى وبانوا …. أيها المعرضون عنى…. عودوا فقد عاد لى الزمان …!
* لن يتقدم وطننا قيد أنملة إلى الأمام , ولن يحرز اى تقدم أو نجاح فى أي مجال من مجالات الحياة المختلفة طالما أن الساسة ومنظمات المجتمع المدني المزعومة وجمعيات حقوق الإنسان الاستهلاكية والأحزاب السياسية العنكبوتية تمارس السياسة بنظرية ” زواج المتعة ” أي أنها تعرض نفسها لتام على سرير أى نظام حكم قائم لتقدم له خدمة كبيرة ومؤقتة مقابل أجر معين ومعلوم وفى وقت محدد أيضا والعهدة على الراوي..! . وهذا ما يسمى بالانتهازية السياسية الوقحة الرديئة . فهذا الذي يطلق عليه لقب ” دكتور ” ويزعم أنه رئيس حزب معارض أيام الطاغية المخلوع مبارك يقبل بأن يعين عضوا فى مجلس العائلة المسمى بمجلس الشورى تتويجا له على ما بذل من جهد فى تلميع وجه النظام القائم حينذاك . ولا مانع لدى جناب سيادته أن يكافئ أيضا بالظهور يوميا على شاشات الفضائيات ليكون نجم السهرة , ولامانع لديه من أن يعيد مفردات لغته الماركسية الخشبية القبيحة التي نفذت صلاحيتها لتذكير المشاهدين بأن سبب كوارثنا هم المتأسلمون الذين يتاجرون بالدين مع أنه هو هو أكبر تاجر للبانجو والهيروين وأعراض بائعات الهوى…!؟

* يجب على المثقفين والساسة المخلصون وأصحاب الأقلام النزيهة الحرة الشريفة أن يفضحوا أمر كل هولاء السابق ذكرهم وإسقاط ورقة التوت الباهتة الذابلة من على عوراتهم السياسية حتى ينكشفوا ويفتضح أمرهم على رؤوس الأشهاد , واستغلال أي فرصة سانحة حتى لا يتمادى هولاء فى خداع المجتمع والبسطاء من الناس الذين ينبهرون بمظهرهم الخادع وبوعودهم الزائفة التي هى أشبه بسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا مذكورا . يجب فض هذا العقد الغير شرعي بين هولاء وبين أنظمة الحكم المتعاقبة فى مصرنا , بل فى كل وطننا العربي , حتى تؤتى السياسة أكلها , ويجنى الشعب البائس الفقير ثمار صبره وعنائه وكده وكدحه طيلة عشرات السنوات العجاف التى رضخ فيها الشعب فى أعماق كهف مظلم تحت أرض الظلم والبغي والعدوان . آن الأوان لتطهير نهر السياسة من رجز الأوثان ومن عبادة الأصنام , ولن يتحقق ذلك إلا حين يتمتع الشعب بوعى كامل ويفيق من غيبوبته الدماغية ويخرج من غرفة العناية المركزة حتى يميز الخبيث من الطيب . ويسألونك متى هو قل عسى أن يكون قريبا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى