الأرشيفتحليلات أخبارية

هل تحولت المنطقة العربية إلى فئران مختبريه ؟

من روائع الأديب الكاتب
السعيد الخميسى
* هناك نوع من الفئران يتم تربيتها والإحتفاظ بها لأغراض علمية وطبية , ولإجراء التجارب عليها قبل استعمال أى دواء أو علاج جديد للإنسان وذلك للتشابه البيولوجى بين  الفئران وبين الإنسان فى تشريح الأعضاء لأنها تنتمى لعالم الثدييات  . ولهذا يتم تجربة العقاقير والأدوية الحديثة قبل أن يتناولها الإنسان . وللأسف الشديد تحولت المنطقة العربية إلى معمل تجارب وتحولت شعوبنا العربية إلى مجرد فئران تجرب عليهم الأسلحة الروسية والأمريكية والإيرانية  .  فكما ذكر أن الروس  جربوا أكثر من مائة سلاح جديد على أجساد الشعب العربي السوري المسلم للتحقق من مدى صلاحيته وفاعليته .  وما تبقى من هذا الشعب يجهز عليه الطاغية المتوحش بشار الأسد , وما هو بأسد لأن الأسد لا يلتهم فريسته إلا إذا كان جائعا . وهذا الوحش البشرى قتل أكثر من نصف مليون مواطن سورى عربى , وشرد الملايين . فعل مالم يستطع الاستعمار أن يفعله على مر العصور والأزمنة . ثم يجد هذا الطاغية فى غياب من الضمير والأخلاق من يهتف باسمه ويرفع صوره فى الشوارع والميادين وكأنه البطل صلاح الدين . إنها مهزلة مأساوية أن يقتل القاتل شعبه بدم بارد مع سبق الإصرار والترصد , ثم يجد من يسانده ويؤازره . ما أقبح الإنسان حين يتحول إلى حيوان لا يفرق بين الماء والدماء ,ولا بين ما هو حلال وماهو حرام . إنه الإنسان حين لا يميزه عن الحيوان إلا اعتدال القامة ونطق اللسان . تبا لكم أيها الظالمون المتوحشون المعتدون .
* إنها أم الكوارث والمصائب أن تصبح شعوبنا لا حول لها ولا قوة ولا إرادة , ولا حتى تملك حق الدفاع عن نفسها . إنه الذل والهوان والضعف والاستسلام فى أبهى صورة . وقد تنبأ بهذه الصورة وهذا الهوان منذ عشرات السنين الكاتب الكبير الراحل ”  مصطفى أمين ” حين  وصف شعوب دول العالم الثالث  ” بشعوب الترسو ..!” حيث أن شعوب ” الترسو ” من وجهة نظر الأنظمة الشمولية الحاكمة , قطيع من الرعاع والدهماء والضعفاء الذين لايستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا . هذه الشعوب تتزاحم على نوافذ تذاكر السينما فى مقاعد الترسو لتشاهد صورها وهى تساق كالقطيع إلى مواطئ الكلأ والعشب والماء . شعوب الترسو هى فئران تجارب . وكما قال الكاتب الساخر جلال عامر :  “ هناك طيور ترقد على بيضها لتفقس وهناك حكام ترقد على شعوبها لتفطس..! . ”  إن مثل  هذا الطاغية ” بشار الأسد ” رفض أن يتحاور مع شعبه ويلبى مطالبهم فى الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان . وفى الوقت نفسه يقبل بإدخال الميليشيات الشيعية من كل أنحاء المعمورة ومعهم الروس والأمريكان لقتل شعبه ودفنهم أحياء تحت الأنقاض عندما شعر بقرب نهايته . فليسقط الشعب ويبقى الطاغية ..! أرأيتم هوانا وذلا واستخفافا أكبر من هذا ؟
* لقد حيل بين شعوبنا العربية وبين حقهم القانوني والدستوري فى حياة حرة كريمة تحفظ لهم حقهم فى الصحة والتعليم ونصيبهم العادل من الدخل القومى للدولة . حيل بينهم وبين حقهم فى انتخاب من يمثلهم تمثيلا صحيحا واقعيا فى المجالس النيابة أو غيرها دون تزوير أو غش أو تدليس . حيل بينهم وبين حقهم فى تعليم حقيقى يخرج لنا جيلا يعى ويفهم ما له وما عليه . حيل بينهم وبين حقهم فى مستوى صحى معقول وعلاج مكفول ينأى بهم أن يناموا فى طرقات المستشفيات العامة يركلون بالأقدام من كبار المسؤولين وكأنهم فئران ضالة خرجت من الجحور فى ظلمة الليل فعكرت على البشوات مزاجهم فى أن يستمتعوا بأوقاتهم الثمينة . لقد تحولت معظم الشعوب العربية إلى شعوب ” عالم الترسو “ ليس لهم مكان إلا فى مدرجات الدرجة الثالثة , أما المقصورة فهى محجوزة لكبار القوم إلى يوم الدين . هانت تلك الشعوب على أنظمتها الحاكمة فكانت على غيرها أهون . لقد قتل ” بشار الأسد ” من شعبه أكثر مما قتل على أيدى الروس . هل بعد ذلك من جريمة فى حق شعوبنا المكلومة ؟
* لقد أرادوا لشعوبنا العربية أن تكون مثل اللبنات المركومة وأسياخ الحديد الملقاة فى عرض الشارع لاتبنى بيتا قويا ولا صرحا شاهقا .أرادوا لها أن تكون  مفككة ومهلهلة لا يربطهم رابط ولا يضبطهم ضابط . أرادوا لهم أن يكونوا غوغائيين يكثرون عند الطمع ويقلون عند الفزع . خططوا لتلك الشعوب أن يعيشوا  كأعراب البادية , كانوا إذا ولدت امرأتهم ذكرا وحلبت الماشية وأمطرت السماء واخضرت الأرض , تفاءلوا  وقالوا إن دين محمد دين خير وبركة . وإذا جف الضرع ومنع القطر وولدت امرأتهم أنثى , تشاءموا قالوا إن دين محمد دين شر .  خططوا لهم أن يظلوا فى مدرجات ” الترسو “لا يبحثون عن حرية ولا عن كرامة ولاعن ديمقراطية , فقط يبحثون عن لقمة العيش وشربة الماء من طلوع الشمس حتى غروبها , فلا على حرية حصلوا ولا على رغيف خبز كسبوا فشبعوا . إنها مجاعة سياسية واقتصادية وإن شئت فقل أخلاقية . لك الحق أن تعجب كل العجب حين ترى عربا يرفعون صورا لطاغية قتل شعبه بالأسلحة المحرمة دوليا , ولم يفعلها مع الكيان الصهيوني لأن أحداث التاريخ أثبتت أن مثل هؤلاء مجرد حراس لهم يؤدون واجبهم بكل إخلاص حتى يظلوا قابعين على أنفاس شعوبهم وجاثمين على صدورهم يحاسبونهم على الزفير قبل الشهيق , أما آن لنا من سكرتنا أن نفيق ؟
لقد خطط أعداؤنا لنا أن تكون أمتنا كأكوام كالرماد البارد النفخ فيه لا يولد جذوة نار .لقد بذلوا كل غال ورخيص أن يذلوا أمتنا  ويستعمروها  حتى أحنت ظهرها للإستعمار , وأهينت فقبلت الهوان , واستخف بها  فرضيت بالاستخفاف واطمأنت به وإليه .  فلم يعد لنا حق الاختيار , ولاحق العيش كالأحرار , لأنهم  ينظرون إلينا أننا مجرد عبيد والعبيد لايحكمون إلا بالحديد والنار . استنسخوا أصناما جديدة بديلا لأصنام الجاهلية الأولى , كصنم العصبية وصنم القبلية وصنم الشيوعية وصنم الديكتاتورية وأضف إليها الحروب الأهلية والطائفية فى كل بقاع عالمنا العربي المنكوب , حتى أصبح العربى المسلم يرفع السلاح فى وجه أخيه المسلم ولا يرفعه فى وجه أعدائنا  .  لقد صور تلك الحقبة سابقا  ووصفها وفصلها أفضل تفصيل الراحل الدكتور الأديب مصطفى محمود رحمه الله  حين قال : “ إنها جاهلية على مستوى عال , جاهلية عقلها الكتروني وأسنانها ذرية ودماؤها بترولية وأقمارها صناعية ويدها بلغت المريخ ” . أرأيتم أصناما أحدث من ذلك..؟ إنها أصنام عالم الترسو وشعوب العالم المتخلف. أصبحنا حقا فئران تجارب لكل أنواع الأسلحة . هانت علينا كرامتنا , فكنا على غيرنا أهون . وكما يقول المتنبى: ومن يهن يسهل الهوان عليه … ما لجرح بميت إيلام . الله اسال ان تفيق امتنا من غيبوبتها الدماغية  وتخرج من غرفة الإنعاش وتقف على قدميها حتى يسمع بها وعنها العرب والعجم . وما ذلك على الله بعزيز .

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى