تقارير وملفات إضافية

هل تقع حرب أخرى بين حزب الله وإسرائيل أم يصل الطرفان لقواعد اشتباك جديدة؟

أدى التأهب الإسرائيلي غير المسبوق منذ سنوات على الحدود مع لبنان، إلى إثارة تساؤلات حول هل تستدرج إسرائيل حزب الله إلى حرب جديدة، على غرار عام 2006، أم أن الأمر مجرد رسائل متبادلة بين الطرفين؟

وفي هذا الصدد، قال المتحدث باسم ​الجيش الاسرائيلي​ أفيخاي أدرعي، في تصريح له عبر مواقع التواصل الاجتماعي، اليوم الإثنين 2 أغسطس/آب، إن “الجيش الإسرائيلي مستعد لكل الاحتمالات”.

وشهدت الحدود بين لبنان وإسرائيل تصعيداً خطيراً، منذ الإثنين 27 يوليو/تموز، حينما دوت انفجارات وإطلاق نار فى منطقة مزارع شبعا، إضافة إلى وقوع تبادل إطلاق نار وقصف بين الجانبين (إسرائيل وحزب الله)، دون معرفة تفاصيل حتى الآن.

والواقع أن التدهور الذي شهدته الجبهة الحدودية الإسرائيلية اللبنانية، ولو لفترة محدودة، أثار الكثير من التساؤلات والغموض في ظل مواجهة شديدة الالتباس نفى فيها “حزب الله” أن يكون قام خلالها برده على مقتل أحد عناصره في غارة إسرائيلية على سوريا قبل أسبوع، فيما قامت إسرائيل بردّ مدفعي كثيف، رداً على ما وصفته بتسلّل خلية إرهابية في مزراع شبعا. وبدا واضحاً أن هذه المواجهة، وإن كانت انتهت بسرعة نسبية، إلّا أنها أبقت الإصبع على الزناد، بمعنى ترسيخ مناخ الاستنفار والتوتر حتى إشعار آخر، في ظل ما أعلنه طرفا المواجهة إسرائيل و”حزب الله”.

مازال التوتر يسود الحدود بين البلدين، ويُخشى أن تتصاعد الأمور، ويتورط الطرفان هرباً من مشكلاتهما الداخلية، في ظل الوضع الخانق الذي يواجه الحكومة المدعومة من حزب الله والأزمات الداخلية في إسرائيل يخشى أن يؤدي التصعيد بين الجانبين إلى حرب على غرار حرب عام 2006.

وكان الجيش الإسرائيلي قد قال إن حوالي أربعة مسلحين عبروا الحدود في منطقة مزارع شبعا، في مرتفعات الجولان السورية المحتلة، ولكنهم عادوا إلى لبنان  بعد إطلاق النار عليهم.

وأفادت تقارير مؤخراً بأن الجيش الإسرائيلي حشد قوات ضخمة في الجنوب وأصبح في حالة تأهب غير مسبوقة منذ حرب عام 2006.

وتضاربت الروايات حول ما حدث في جنوب لبنان.

إذ تقول إسرائيل إنها أطلقت النار على مقاتلين لحزب الله، تسللوا عبر الحدود اللبنانية، فيما وصفه رئيس الوزراء الإسرائيلي بـ”حادثة أمنية خطيرة”.

لكن حزب الله نفى الرواية الإسرائيلية، وقال في بيان رسمي: “إن كل ما تدعيه وسائل إعلام العدو عن إحباط عملية تسلل من الأراضي اللبنانية إلى داخل فلسطين المحتلة، وكذلك الحديث عن سقوط شهداء وجرحى للمقاومة في عمليات القصف التي جرت في محيط مواقع الاحتلال في مزارع شبعا هو غير صحيح على الإطلاق، وهو محاولة لاختراع انتصارات وهمية كاذبة”.

يأتي هذا في ظل توتر كانت تشهده المنطقة أصلاً بعد مقتل مقاتل لحزب الله، فيما قيل إنه غارة إسرائيلية على سوريا.

وبدأ التصعيد الأخير، بعد أن اجتازت فرقة من حزب الله الحدود إلى داخل إسرائيل في منطقة هار دوف، ولكن بقيت تحت مراقبة الجيش الإسرائيلي لفترة طويلة، حسب المصادر الإسرائيلية، وفتحت إسرائيل هذه المرة أيضاً النار بهدف حث الفرقة على الانسحاب، وهو ما حدث وعادت إلى لبنان دون ضحايا.

مع ذلك، وعلى الرغم من “ضبط النفس” الذي أظهرته الحكومة والجيش في إسرائيل قد يبدو هذا حالة استثنائية في السنوات الأخيرة، حالة ستؤدي بمرور الوقت إلى تآكل الردع الإسرائيلي لحزب الله.

وعلى أي حال، يشير موقف حزب الله أنَه ربما تكون هناك محاولة أخرى للانتقام في الأيام أو الأسابيع المقبلة.

وتخضع آلية القيادة في إسرائيل الآن لشخص في محنة غير مسبوقة، وهو نتنياهو، وهذا سببٌ وجيه للإبقاء على متابعة وثيقة للاعتبارات العسكرية لشخصٍ يوصفه بأنه مستعدٌ لإشعال النار في البلاد، حسب الصحف الإسرائيلية.

وقدرت مصادر في ​الجيش الإسرائيلي​، أن تبقى حالة التأهب القصوى على الحدود الشمالية لفترة طويلة، وأن تبقى التعزيزات العسكرية كما هي عليه في الأيام الأخيرة.

ووفقاً لصحيفة “معاريف” العبرية، فإن هذه الحالة ستبقى كما هي عليه حتى يتضح ما إذا كان ​حزب الله​ سيحاول تنفيذ هجوم آخر، كما أن إسرائيل تسعى لإرسال رسالة من خلال حالة التأهب بأن لبنان هو من سيدفع الثمن الباهظ في حال وقع أي هجوم.

وأشارت الصحيفة، إلى أن الجيش الإسرائيلي نشر لواء الكوماندوز بأكمله على طول الحدود، وتم وضع وسائل عسكرية وتقنية حديثة على طول الحدود.

ورأت أن هذه التعزيزات الهدف منها إحباط أي هجوم محتمل، وخيار آخر هو تنفيذ سيناريو متعلق بسرعة عملية الرد على أي هجوم، وقد تتم مهاجمة أهداف خطيرة في العمق اللبناني.

ولفتت إلى أن كل هذا التأهب لم يمنع حركة المسافرين الإسرائيليين للمناطق السياحية القريبة من الحدود، في حين خفف الجيش من تواجد قواته داخل تلك المناطق للتخفيف من حدة التوتر، إلا أنه يمكن إغلاقها بشكل سريع عند أي حدث، وإغلاق الطرق ونشر الحواجز كما جرى بعد محاولة الهجوم الأخير.

أصحاب وجهة النظر المؤيدة للحياد في لبنان رأوا في ما حصل جنوباً نموذجاً لسياسات “الحزب” التي تجر لبنان إلى مواجهات ومخاطر لا قرار له فيها، إذ إن التوتر على الحدود اللبنانية- الإسرائيلية حصل بسبب مقتل أحد عناصره في سوريا بغارة إسرائيلية جنوب دمشق، استهدفت مواقع مشتركة للفرقة الرابعة السورية ولميليشيات إيرانية من بينها “حزب الله”، الذي يقاتل إلى جانب النظام السوري وبأوامر إيرانية منذ عام 2012. بالتالي فإن الاشتباك لم يخدم معارضة “حزب الله” لفكرة الحياد التي طرحها البطريرك الراعي، والمقصود بها عدم التدخل في الحروب العربية، نظراً إلى انعكاساتها السلبية على لبنان واقتصاده.

وبدا أن التوتر على الحدود أخذ منحى “استعراضياً”، في ظل قرار من إسرائيل ومن إيران بعدم أخذ الأمور إلى حرب مع “حزب الله”، الذي بات محرجاً أمام أنصاره وجمهوره من عدم الرد على إلحاق الخسائر البشرية به جراء القصف الإسرائيلي المتواصل على المواقع الإيرانية في سوريا، حيث يوجد مع “الحرس الثوري” ووحدات من الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد، الذي بات رمزاً للنفوذ الإيراني داخل السلطة في دمشق.

ويدرك “الحزب” أن جمهوره ولبنان لم يعد بإمكانهما احتمال الكلفة الباهظة للحرب، خصوصاً في ظل الأزمة الاقتصادية المالية الخانقة في لبنان، لكنه يحتفظ بورقة التهديد بالحرب في إطار المواجهة الإيرانية- الأمريكية، إلى أن تحين ظروف التفاوض المحتمل بين الجانبين. وفي الانتظار يبقي على وجوده العسكري في سوريا وسائر الحروب التي تورطت فيها إيران. ومعادلة ردود الفعل المحدودة الوظيفة عسكرياً بين الجانبين، تفسر الطابع الاستعراضي للتوتر العسكري على الحدود اللبنانية- الإسرائيلية.

أما ما دفع مراقبين إلى وصف التوتر الذي حصل بـ”الاستعراضي”، فكان البيان الذي صدر عن “حزب الله” رداً على إعلان الجانب الإسرائيلي أنه أحبط عملية للحزب في منطقة مزارع شبعا المحتلة، وأنه قتل وجرح 4 عناصر منه.

فنفى بيان الحزب أن يكون نفذ أي عملية، واصفاً ما قاله الجانب الإسرائيلي بأنه “محاولة لاختراع انتصارات وهمية كاذبة”، متوعداً بأن الرد على مقتل عنصره في سوريا علي كامل محسن “آت حتماً”. وعاد الجيش الإسرائيلي فردّ بدوره بأن عملية الحزب “موثقة”.

وقبل القصف الإسرائيلي لتلال بلدة الهبارية اللبنانية، قال مصدر عسكري لبناني لـ”إندبندنت عربية“، إن “التوتر أقرب إلى تبادل الرسائل والمناورات بين الجانبين، لأن أياً منهما ليس بوارد أخذه الأمور إلى الحرب”.

تحدثت تقارير إعلامية عن استراتيجية جديدة لحزب هي استراتيجية القوة الخفية الناعمة المركبة، التي تقوم بشكل أساسي على الاغتيالات والاعتراضات كما توجيه ضربات بالسياسة والاقتصاد.

ويرى الكاتب الصحفي عبدالباري عطوان أن هذه التطورات تعكس “الاستراتيجيّة الجديدة لحزب الله المتمثلة في ‘نهج الغموض’، وعدم الإدلاء بأي تصريحات تفصيلية عن أنشطته العسكرية، خاصةً ضد العدو الإسرائيلي، وتصعيد حالة الارتباك في صفوفه”.

ويعتقد  أن  الجانب الإسرائيلي لا يريد فتح معركة مع حزب الله، وفي هذا التوقيت الذي يواجه فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي ثلاث أزمات، الأولى صحية، تتمثّل في فشله في التصدي لانتشار كورونا، والثانية سياسية، تتمثل في الانقسامات الحادة في ائتلافه الوزاري الحاكم، ونزول عشرات الآلاف من المتظاهرين في الشوارع للمطالبة باستقالته، أما الثالثة فشخصية، تنعكس في الملاحقات القانونية التي تطارده بسبب فساده المالي”.

ولكنّ آخرين يرون أن “إسرائيل تستدرج حزب الله إلى حرب“، غير أن الحزب لن يقع في هذا الفخ، لأنه حريص على بيئته، ويواجه أعتى الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. وأي انفجار قد يؤدي إلى خسارة مكتسبات كثيرة، الحرب النفسية أكبر من تلك الواقعية”.

ويعتقد أن إسرائيل ستتخذ من هذه العملية محاولة لجسّ نبض الحزب… ويفترض أن الأيام المقبلة ستحدد شكل المعادلة الجديدة إما تثبيت قواعد الاشتباك، أو ربما رفضها إسرائيلياً وتنفيذ التهديد بالردّ الأقصى، فتتحول قواعد الاشتباك من ضربة مقابل ضربة إلى معركة أوسع”.

“ويرى البعض أن رسالة إسرائيل هي أن سوريا ولبنان ستدفعان ثمن الأهداف الإيرانية. وهو ما تطرّق إليه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مؤخراً”، ويظهر ذلك في قول نتنياهو إن “إسرائيل ستُواصل العمل ضد محاولات إيران التموضع عسكرياً في منطقتنا. واتهامه لنصرالله يورّط الدولة اللبنانية بسبب إيران”.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى