تقارير وملفات إضافية

هل نجح ترامب في إعادة صياغة التحالف مع السعودية؟ تخفيض الرياض للنفط يدل على ذلك

في تطوُّر مفاجئ أعلنت السعودية عن تخفيض كبير في إنتاجها النفطي يُقدر بـ مليون برميل يومياً، دون شروط أو اتفاقات مع أي دول أخرى، وهو إجراء غير مسبوق يعبّر عن تراجع حاد في موقف الرياض التي أعلنت حرباً نفطية قبل شهرين من الآن، بزيادة الإنتاج النفطي إلى ما فوق 11 مليون برميل يومياً، لينتهي الأمر بعد القرار الأخير إلى تخفيض الإنتاج  لمستوى 7.5 مليون برميل، وهو ما يعد اعترافاً غير مباشر بالهزيمة في حرب الأسعار النفطية.

تأتي هذه التطورات في سياق التوترات التي طرأت على علاقة التحالف بين أمريكا والسعودية، والتي أثيرت تكهنات كثيرة بشأنها في الفترة الأخيرة.

 في هذا التحليل نستعرض كيف نشأ هذا التحالف، وكيف تطور؟

ما الجديد الذي أحدثته الأزمة الأخيرة مقارنة بخلافات سابقة بين الرياض وواشنطن؟

كيف أثرت سياسات كل من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وشخصية ولي العهد السعودي الأمير  محمد بن سلمان، على مسار العلاقة ومستقبلها، وما هي السيناريوهات المتوقعة في المرحلة المقبلة؟

عام 1945م بينما كان الرئيس الأمريكي عائداً من مؤتمر يالطا – منتجع على البحر الأسود- خطط للالتقاء مع الإمبراطور الإثيوبي “هيلاسلاسي” و”الملك فاروق” في مصر، أضيف في وقت لاحق لقاء لم يكن مجدولاً مع  الملك عبدالعزيز آل سعود، تم اللقاء على متن السفينة الحربية “كوينسي” في منطقة البحيرات المرة على قناة السويس المصرية.

رغم أن اللقاء أبرز في سنوات تالية بوصفه تدشيناً لتحالف راسخ بين الدولتين، فإن الواقع حينها لم يكن بهذه الصورة، إذ يقول العقيد ويليام إيدي، ضابط المخابرات الذي عمل كمترجم فوري أثناء اللقاء، إنه على الرغم من أهمية الاجتماع، فإن المغزى الوحيد الذي كان الرئيس “روزفلت” معنياً به هو سماع وجهة نظر الملك السعودي في هجرة اليهود إلى فلسطين تحت الانتداب البريطاني.

يقول هاري هوبكنز، وزير التجارة ومستشار السياسة الخارجية للرئيس روزفلت، إن الاجتماع مع الملك عبدالعزيز لم يغط شيئاً جديداً، بل كان مجرد لقاء روتيني ذي تأثير محدود على سياسة الولايات المتحدة، وبالتأكيد ليس بداية لتحالف بين الدولتين.

رغم الحميمية المتداولة عن اللقاء، فإن روزفلت لم يرسل سفيراً إلى السعودية، وظل التمثيل الدبلوماسي الأمريكي محدوداً حتى أرسل الرئيس  ترومان  سفيراً للمرة الأولى عام 1946م.

تمخض اللقاء عما أصبح يعرف لاحقاً بــ “اتفاق أو تفاهم كوينسي“، وقد تضمن بنوداً أبرزها أن تضمن أمريكا الحماية لآل سعود والمملكة والتدفق النفطي، مقابل أن تضمن الرياض إعطاء الولايات المتحدة الحصة الأكبر من نفطها.

لعبت “أرامكو” التي تأسست كشراكة بين السعودية وشركات “ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا، موبيل، إكسون، تكساكو” دوراً أساسياً في الترويج لمشهد اللقاء بوصفه بداية مرحلة جديدة، وتأسيساً لعلاقة تحالفية وثيقة، في مبالغة واضحة، حيث لم تبرز أهمية السعودية كمنتج للنفط إلا منذ عام 1960م، ثم أثناء حرب 1973م عندما قطعت إمدادات البترول عن الولايات المتحدة، إذ لم يكن إنتاج السعودية من النفط في وقت اللقاء التاريخي يعطيها ثقلاً اقتصادياً. كما أن السعودية كدولة في ذلك الوقت كانت محدودة الإمكانات بشكل هائل، لدرجة أن الملك عبدالعزيز لم يكن أمامه للذهاب إلى اللقاء إلا أن يعتلي متن السفينة الأمريكية”ميرفي” من ميناء جدة مع الوفد المرافق، وكانت تلك المرة الأولى التي يرى فيها الملك الساحل الغربي لبلاده من البحر.

عملياً لا توجد أي اتفاقيات دفاع مشترك بين واشنطن والرياض بالمفهوم الاصطلاحي، ولم يظهر الأثر العملي لهذا التحالف إلا في عقود لاحقة، مع تزايد إنتاج النفط السعودي وتنامي الدور الإقليمي للمملكة، فبرزت مجموعة من الالتزامات والشراكات في ملفات وقضايا ذات اهتمام متبادل، مثل مكافحة الإرهاب، والتعاون الاقتصادي، ومواجهة التمدد الإيراني، لكنها شراكات لا تستند بالضرورة على “اتفاق كوينسي”، بل على المصالح المشتركة.

واقعياً، لم تطلب السعودية الحماية الأمريكية بصورة مباشرة، إلا بعد غزو الرئيس العراقي صدام حسين للكويت أغسطس/آب 1990م، عندما تخوفت العائلة الحاكمة من تمدد أطماعه إلى السعودية، فكان الطلب السعودي هو المفتاح الأساسي لأكبر حملة عسكرية عالمية مشتركة منذ الحرب العالمية الثانية.

من ناحية أخرى، فإن التطبيق العملي لبنود “كوينسي” يشوبه بعض الغموض، حول نطاق الحماية ومفهومها، فقد تعرض عدد من المدن السعودية للصواريخ التي أطلقتها جماعة الحوثي على مدار سنوات الحرب في اليمن، دون تدخل واضح من واشنطن، بينما أرسلت 4 بطاريات إضافية من صواريخ الباتريوت بالإضافة إلى 3000 عسكري أمريكي، بعد أسابيع قليلة من تعرض منشآت أرامكو النفطية للهجوم نهاية العام الماضي. لكنها قبل أيام قررت سحب هذه البطاريات، تحت دعاوى مختلفة، منها: حاجتها إلى الصيانة الدورية، أو بسبب تقلص الخطر الإيراني. بعض المصادر العراقية ذكرت لموقع “ميدل إيست آي” أن التوافق الأمريكي الإيراني على تمرير “مصطفى الكاظمي” في البرلمان كرئيس للوزراء، تم في إطار صفقة كان سحب بطاريات الصواريخ من السعودية أحد بنودها غير المعلنة.

لا تملك الولايات المتحدة قواعد عسكرية ثابتة أو مراكز للقيادة في السعودية، مقارنة بالبحرين، وقطر، لكنها تستطيع في حالة الحرب استخدام القواعد العسكرية السعودية، كما حدث في غزو العراق عام 2003م.

التعاون الأهم بين أمريكا والسعودية تمثَّل في برنامج التبادل المعلوماتي ضمن جهود مكافحة الإرهاب، الذي قادته وكالة المخابرات المركزية (سي آي إيه) بالشراكة مع ولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف، والذي أثمر حصول الأمير على ميدالية “جورج تينيت” عام 2017م، تقديراً لجهوده.

في المقابل، فإن الشراكة الاقتصادية بين أمريكا والسعودية لا تقل أهمية عن مثيلتيها العسكرية أو السياسية، فالسعودية بنظر الأمريكيين عبارة عن “مصرف هائل متجول”، بإجمالي استثمارات في أمريكا يتجاوز 800 مليار دولار قابلة للزيادة، مع وعود تلقاها ترامب من بن سلمان -مايو/أيار 2017م- بضخ ما يقرب من 500 مليار دولار في الاقتصاد الأمريكي على مدى عشر سنوات، والتي أطلق بعدها الرئيس الأمريكي تصريحه الشهير: “كان يوماً هائلاً.. مئات المليارات من الاستثمارات السعودية في الولايات المتحدة ووظائف، وظائف وظائف”.

كذلك فالسعودية من أكبر مستوردي السلاح الأمريكي -الميزانية العسكرية السنوية تتجاوز 80 مليار دولار، أكثر من روسيا وألمانيا-  وحجم تبادل تجاري سنوي يبلغ 48 مليار دولار. يضاف إلى ما سبق الدور المفترض أن تلعبه في ضبط سوق النفط العالمي من خلال نفوذها الكبير في منظمة أوبك، كونها من أكبر منتجي ومصدري النفط عالمياً.

بعد الزيارة التاريخية لولي العهد إلى أمريكا عام 2018م  والتي استغرقت أسبوعين، تزايدت أهمية الشراكة الاقتصادية بين واشنطن والرياض مع تنوع المَحافظ الاستثمارية، بالإضافة إلى أن الانفتاح السعودي على أسواق الدين الأمريكية -في ظل الأزمات المتتابعة- سيزيد من حجم الدور الذي يمكن أن يلعبه اقتصاد المملكة في إعادة تدوير الاقتصاد الأمريكي المتضرر.

توترت العلاقة بين أمريكا والسعودية عدة مرات في العقدين السابقين، إلا أن الأزمتين الأكثر تأثيراً قبل أزمة مارس/آذار 2020م، كانتا هجمات سبتمبر 2011م، وقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، في القنصلية السعودية بإسطنبول.

في الأزمتين كان الرئيس الأمريكي جمهورياً، لذا كان الاحتواء هو رد الفعل المباشر للبيت الأبيض، وبالفعل نجحت العلاقة المشتركة في تجاوز الأزمتين دون خسائر كبيرة.

في 8 مارس/آذار 2020م، أعلنت السعودية بدء حرب أسعار نفطية ضد روسيا علناً -وضد منتجي النفط الصخري ضمناً- بعد إخفاق البلدين في تمديد اتفاق “أوبك بلس”.  قررت الرياض زيادة إنتاجها النفطي إلى الحدود القصوى متجاوزة عتبة الـ11 مليون برميل يومياً، كما أعلنت عن تخفيض في أسعار النفط المتوجه إلى آسيا أوروبا وأمريكا بمعدلات تتراوح من 6 إلى 8 دولارات للبرميل.

أدت هذه القرارات إلى “سقوط حُر” لأسعار النفط العالمية، وأعلنت بعض شركات النفط الصخري إفلاسها، كما فقد آلاف الأمريكيين وظائفهم.

ألقى البيت الأبيض بالمسؤولية على السعودية، وتنوعت ردود فعل الرئيس ترامب ما بين الضغط المباشر، وتهديد الرياض بفرض عقوبات اقتصادية وعسكرية، ثم قام بدور وساطة للتقريب بين موسكو والرياض، وهو ما أسفر نهاية الأمر عن توقيع اتفاق جديد في 10 أبريل/نيسان، بين روسيا وأوبك ودول أخرى مستقلة، ينص على تخفيض قدره 23% من الإنتاج، يُقدر بـ 9.7 مليون برميل يومياً، فتراجع الإنتاج السعودي من 11 إلى 8.5 مليون برميل يومياً.

1- نشبت الأزمة في ظل تدهور اقتصادي عالمي بلغ مستوى الركود بسبب تداعيات وباء كورونا.

2- تراجعت شعبية الرئيس ترامب إلى مستويات غير مسبوقة بسبب أخطائه في مواجهة أزمة الوباء، بالإضافة إلى فقدان عشرات الملايين من الأمريكيين وظائفهم.

3- تعاني السعودية أساساً من تنامي مشاعر السخط والعداء في أروقة مؤسسات الحكم الأمريكية بسبب أزمة خاشقجي، وحملات القمع الداخلي المستمرة، ولم يكن الوضع يتحمل مزيداً من الضغوط.

تحولت مواقف كثير من مؤيدي وداعمي السعودية في واشنطن إلى الهجوم الحاد، بدءاً بالرئيس ترامب وصولاً إلى نواب الكونغرس، ومن أبرز هؤلاء السيناتور الجمهوري تيد كروز عن ولاية تكساس، الذي خاطب ولي العهد السعودي في حوار إذاعي، قائلاً: “من المفترض أن تكون صديقنا اللعين”، مشبهاً العلاقة بين السعودية وبلاده بالعلاقة مع روسيا من حيث مستوى العدائية.

يتبنى ترامب –كما يتضح من خلال أدائه- اتجاهاً منتشراً بين السياسيين الأمريكيين في التعامل مع أنظمة الحكم في الدول العربية، يختزل النظام في شخص الحاكم، هذا الاتجاه ينطلق في أفكاره من كتاب “العقل العربي” الذي ألفه الأكاديمي اليهودي الأمريكي -من أصل مجري- رافائيل باتاي، وهو أستاذ أنثروبولوجيا ثقافية، يذكر ضمن الكتاب طريقة التعامل مع القادة العرب من منظور “قبلي” وليس “مؤسسياً”، فرئيس الدولة هو “زعيم القبيلة” والتوافق معه هو الأساس لاتخاذ القرارات بعيداً عن مؤسسات الحكم، ويذكر “باتاي” أن القادة العرب يقعون في التناقضات بسهولة، ولديهم حساسية من فقدان الاحترام، ويميلون إلى المبالغات الخطابية، ويهربون من تحمّل المسؤولية.

أعاد ترامب صياغة العلاقة مع السعودية، ليس بوصفها دولة مؤسسات، وإنما “دولة الرجل الواحد”، فأقام علاقة شخصية مباشرة مع ولي العهد السعودي، وأغدق عليه عبارات الاحترام والمديح، واستقبله في البيت الأبيض بحفاوة، ونجح بالفعل في تقوية الوضع الداخلي للأمير الصاعد في أوساط العائلة الحاكمة، ما منحه سيطرة مطلقة على مقاليد الحكم.

اعتمد “ترامب” على شخصية ولي العهد محمد بن سلمان، الذي يوصف بأنه نموذج الحاكم “سريع الاندفاع- سريع التراجع”، الذي يخفق في قراءة تداعيات قراراته وردود الأفعال المترتبة عليها، وهو ما أدى في النهاية إلى فقدانه للقدرة على المساومة، وضعف القوة التفاوضية للمملكة في مواجهة دولة قوية مثل أمريكا.

من ناحية أخرى، عمد الرئيس الأمريكي إلى تغيير معادلة التوازن في العلاقة بين واشنطن والرياض، لتصبح بحسب فروقات القوة، وليس بالاستناد على التحالف التاريخي. يشرح هو نفسه هذا التغيير، فيقول: “يكمن الأمر في أنه لم يطلب أحد منهم القيام بذلك حتى وصولي إلى السلطة. لم يفعل ذلك أي من أوباما أو بوش أو كلينتون. لكنني جئت وطلبت، وهم الآن يدفعون، ولقد أحالوا لنا مليارات الدولارات وهي الآن في البنوك. وهم حقاً سعداء بذلك”.

هذا التغير في أسلوب التعامل أثبت نجاحاً؛ لأنه كلما ضغط ترامب أو أطلق تهديداته يجد استجابة فورية من الرياض، أشار إلى ذلك في لقاء جماهيري في ساوثهافن في مسيسيبي، فقال: “نحن نحمي السعودية. يمكننا القول إنهم أثرياء. وأنا أحب الملك، الملك سلمان،  ولكنني قلت: نحن نحميكم. قد لا تبقى هناك أسبوعين بدوننا. يجب أن تدفع تكاليف جيشك”.

نجح ترامب إذن في تحويل “اتفاق كوينسي” ليصبح “الدفع أولاً، والحماية ثانياً” بدلاً من “الحماية مقابل التدفق النفطي”، فواشنطن لا تحتاج إلى النفط السعودي كما كانت في الماضي، فإنتاج أمريكا من النفط تضاعف بفضل النفط الصخري ليصل إلى مستوى 13 مليون برميل يومياً مطلع العام، وهي تحتاج إلى استيراد متوسط 3-5 ملايين برميل يومياً، بينما انخفضت صادرات النفط السعودي لأمريكا لتصبح في نطاق 400 ألف – 700 ألف برميل يومياً في نهاية فبراير/شباط 2020م.

ما فعله الرئيس الأمريكي بمثابة إسقاط لمضمون “كوينسي” الاتفاقية التي عُقدت لمدة ستين عاماً، ثم تجددت عام 2005م في رئاسة جورج بوش، وهي بالفعل لم تكن قائمة من الناحية العملية، بعد استبدالها بعدد من الشراكات والتفاهمات.

لا يعترض ولي العهد السعودي على هذا التحول الاستراتيجي في الموقف الأمريكي، بل يبدو أنه يدعمه، من خلال الوعود البراقة بإغداق مئات المليارات على الاقتصاد الأمريكي مرسخاً مبدأ “الدفع أولاً”.

بعد إعلان الرياض حربها النفطية، أطلق “ترامب” سيلاً من التهديدات، انتهت بمكالمة هاتفية قال فيها  لولي العهد “إنه لن يستطيع منع الكونغرس من سن تشريع بسحب القوات الأمريكية من السعودية، بوغِتَ “بن سلمان” بالتهديد لدرجة أنه أمر مساعديه بالخروج من الغرفة، حتى يكمل المكالمة سراً.

رضخت السعودية فوراً بعد التهديد، ووافقت على تجديد الاتفاق مع موسكو، وخفضت إنتاجها بنحو 2.5 مليون برميل.

لم تستجِب الأسواق النفطية بالدرجة الكافية، واستمرت الأزمة، مع استمرار تقيد السعودية بتخفيضات خاصة لزبائنها في الأسواق الآسيوية والأوروبية، فاتصل “ترامب” من جديد ليصدر قرار مفاجئ من الرياض بتخفيض إضافي حاد في الإنتاج بلغ مليون برميل يومياً، دون اتفاق، ودون اشتراط تخفيضات من الدول المنتجة الأخرى داخل أوبك أو خارجها، مع الإعلان عن إلغاء التخفيضات السابقة في الأسعار. 

وبذلك يتراجع الإنتاج السعودي إلى مستوى قياسي:  7.5 مليون برميل يومياً..

تتحدد السيناريوهات بناء على التفاعل بين الاتجاه السائد في السنوات السابقة وتطورات الأحداث في المستقبل.

بحسب ما استعرضناه سابقاً، فإن الاتجاه السائد للعلاقة بين أمريكا والسعودية يمكن تلخيصه في النقاط التالية:

– العلاقة قوية بما يكفي لاحتواء الأزمات العابرة.

– تحول التغيير الذي أحدثه ترامب في بنية العلاقة إلى نمط ثابت.

– اضطرار السعودية إلى الاستسلام والاستجابة لضغوط الرئيس الأمريكي.

بناء على ذلك، فإن أبرز السيناريوهات المتوقعة، هي:

يبدأ التعافي الاقتصادي عالمياً بالتدريج، ويتقلص خطر الوباء تدريجياً، وتنتعش أسواق النفط ببطء، مع استمرار تقيد السعودية بخفض الإنتاج، وترتفع شعبية الرئيس الأمريكي مع تحسن مؤشرات الاقتصاد، وتعود العلاقة الثنائية إلى الاستقرار.

تستمر الأزمة الاقتصادية العالمية، وتتباطأ مؤشرات الاقتصاد الأمريكي، وتضطر السعودية لزيادة إنتاجها لمواجهة النقص الحاد في الإيرادات، فيعود الرئيس الأمريكي إلى ممارسة الضغوط ووضع مزيد من القيود على السياسات السعودية، فتتوتر العلاقات من جديد، لكن في حدود السيطرة.

يتخذ الرئيس الأمريكي قرارات جديدة في ظل استمرار الأزمة، لابتزاز الاقتصاد السعودي من أجل إنعاش اقتصاد بلاده المتدهور، وإنقاذ شعبيته على مشارف الانتخابات الرئاسية، قد تتمثل القرارات في مطالبة السعودية بضخ مزيد من الاستثمارات، أو تمرير قانون “نوبيك” الذي يجيز التعامل مع منتجي النفط كدول وليس تكتلات، وهو ما يفتح الباب للدعاوى القضائية المطالبة بتعويضات وغرامات ضد الاحتكار والتلاعب في الأسعار، وربما تندفع السعودية للبحث عن بدائل للتحالف مع أمريكا، متجهة ناحية الصين أو روسيا.

في جميع الأحوال، لا يبدو أن السعودية بتركيبتها السياسية الحالية، لديها استعداد للدخول في مواجهة مع الولايات المتحدة، خاصة أن الرياض تخشى من حدوث تغيرات في الانتخابات الرئاسية، ربما تدفعها للتعامل مع رئيس ديمقراطي لديه رؤية مختلفة ونهج جديد في التعامل، وقد أجرت صحيفة نيويورك تايمز مطلع العام استطلاعاً مرئياً لآراء ستة من مرشحي الرئاسة عن الحزب الديمقراطي، حول رؤيتهم للتحالف الأمريكي السعودي، كانت النتيجة أن أغلبهم دعا إلى إعادة النظر في العلاقة، أو على الأقل وضع مزيد من الضوابط والقواعد.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى