آخر الأخبارترند

هل يستطيع شهبندر التجار “عبد الفتاح السيسى” الخروج من أزمته الحالية؟

 تحليل بقلم رئيس التحرير

سمير يوسف

رئيس المنظمة

كأن هذا الحاكم الذى يدعى بشهبندر التجار “عبد الفتاح السيسى” جاء من أحشاء الشياطين، أو من صُلب مصاصي الدماء، أو من فيضان كراهية وسادّية وضعتها فيه صدمةُ الحكم ونفاق حوارييه وصمت الأغلبية.

الطاغية يعد لكم جحيما مقيما تصغر بجانبه كل سنوات البؤس والقحط والفقر وسكن المقابر والأمراض والفشل الكلوي والأمية والغلاء والبيروقراطية والظلم والطبقية والارهاب، واستحلفكم بالله أن لا تسلموه مصرنا كما فعلتم طوال ربع قرن.
ستكون لكم مقابر جماعية تصغر بجانبها مقابر شيطان الإمارات.. ، أو اعدامات بشار الأسد، أو تصفيات العقيد لأبناء شعبه، أو حتى تزمامارت التي جسدت دراكيولية الحسن الثاني طوال حكمه الدموي.
أيها المواطنون المصريون،
شهبندر التجار عبد الفتاح السيسى الذي كان جالسا في قصره يشاهد بلذة عجيبة ومتعة مرضية ونشوة طغيانية مفزعة صور كلابه من البلطجية وهي تنهش أجساد أولادكم واخوانكم وأخواتكم في مظاهرات رَفْض الديكتاتور سيجعلكم إن لم تسارعوا للدعوة للعصيان المدني حطاما تذروه الريح، أو بقايا شعب أو هياكل عظمية تسير على غير هدي في شوارع مدن الأشباح الممتدة من الأسكندرية إلى حدود السودان.

كل الأوجاع والآلام يتحملها الجسد، ويبررها العقل، ويغفو عنها الفؤاد إلا الالغاء فهو الموت المهين، وتلك لعمري صناعة العبودية التي مارسها معنا السيد شهبندر التجار، وأعتدنا عليها، واستعذبناها، والتصقت بأرواحنا، وكلما ازداد احتقاره وازدراؤه لنا تغلغل الذل في كبرياء الصمت، فأنت المصري قد تمت برمجة حياتك وفق ما أمرت به سلطة القصر، تأكل وتشرب وتنام وتبحث عن عمل، ولا يحق لواحد من 100 مليونا الترشيح أمام السيد الكبير، وعليك أن تصفق، وتبتسم، وتسخر من نفسك، وتفرج عن كرباتك بنكتة أو تهكم، وتغوص في عَرَقك، وتذهب ذليلا إلى قسم الشرطة إن استدعاك مخبرٌ جلف، ولا ترى شمسَ يوم بدون قانون الطواريء إن جاء يومُ مولدك البائس بعد يوليو 2011، وعليك أن تشاهد مليارات من خيرات بلدك تُنهَب أمام عينيك، ويضربك على قفاك ضابط شرطة وصاحب شركة توظيف أموال ومحتال في الأوقاف وصاحب عمارة تقف على مواد مغشوشة وتنتظر سقوطها، وربما تكون واحدا من ستة ملايين عاطل، أو معتقلا من بين عشرين ألفا، أو موظفا لم يزد مرتبه في السنوات العشر الماضية، أو ربَ أسرة تأكل بعد اليوم الثامن من كل شهر من أحلامها ودعائها لرب العزة أن يستر الجميع حتى بداية الشهر القادم.

وإذا اقتربت من الأسياد فقد ثكلتك أمُكَ حتى لو ظننت أن بامكانك السير في الشارع الذي يقيم به احد لواءات العسكر وشاء حظك النحس أن يخرج أحد لؤاءات العسكر الحرامية ناهبى مصر.
ولك أن تتصور وتتخيل حقوقك لو علمت أن كلَ الأحزاب والقوى الوطنية وملايين التوقيعات على عرائض والبيانات والندوات وتقارير منظمات حقوق الانسان لن تجعل ضابطا واحدا في قسم الشرطة يتراجع عن وضع سيجارته في جسدك الضعيف، أو أن يعلن الرئيس مساواة القطيع مع اسرته الشريفة، أو ينهي العمل بقانون الأحكام العرفية أو يكتشف أن عدة آلاف من الأبرياء والمظلومين يفترشون زنزانات باردة قذرة تنفر منها الفئران.

لم أصدق أن هذه مصر العظيمة التي تحمل على كاهلها حضارات عدة، ويخرج من رحمها عباقرة في كل المجالات، وتستطيع أن تلحق بركب الحضارة في وقت قياسي، وتملك عبقريتي المكان والزمان، لكنها تقف مرتعشة، خائفة، ترتجف كل مسامات جسدها الواهن أمام رهبة الضعف في مواجهة رجل واحد جعلها تحقق الصفر في كل المجالات، الرياضية والتعليمية والثقافية والسياحية والاعلامية والسياسية، ومنع عنها الهواءَ النقي، وأرسل أبناءها إلى المعتقلات والسجون بدون محاكمة، وأهانها في مقتل عندما رفض رفع الأحكام العرفية لثلاثة وعشرين عاما، وبصق على وجهها وهو يكرر أنه لا يوجد بطن لامرأة مصرية أنجبت مواطنا يستطيع أن يكون نائبه كما في كل دول العالم قاطبة.
المصريون كلهم، أميوهم مع متعلميهم، مثقفوهم مع جاهليهم، أغنياؤهم مع فقرائهم، اشرافهم مع حقرائهم، شرفاؤهم مع مجرميهم، يعلمون مدى عمق اختراق الصفر في المشهد السيساوى منذ أن تولى الحكمَ بعد الخلاص من مبارك الرئيس وعائلته.
وكل القرائن والدلائل تشهد، وتصرخ، وتنتحب، وتولول، وتلطم وجوهنا لتشير إلى فشل شهبندر التجار عبد الفتاح السيسى في كل المجالات الاقتصادية والسياسية والعلمية والتعليمية والادارية والسياحية والاعلامية فضلا عن نجاحه في تغيير وجه الحياة الطيبة للمصري الذي لم تعبث بقلبه الطيب كل الغزوات والحروب والأزمات والنكسات، فعبث بها الرئيس ورجاله وأسرته فتغيرت سلوكيات المصريين، وربما لا يصدق المغترب الذي طالت غربته أنه يعود ليحتضن الوطن الطيب الكريم الحنون

تبدو السيناريوهات لما هو قادم في مصر خطيرة، لدرجة أن جميع من في الشوارع يخشى مجرد الاقتراب منها أو تخيلها، لكنها تظل بادية في الأفق، حتى نظام الحكم نفسه يتنبأ بأيام سوداء قادمة، ويهيئ الشعب لها عن طريق أبواقه الإعلامية، مع محاولة فاشلة لإلقاء اللوم على الحرب الروسية- الأوكرانية وقبلها جائحة كورونا.

على الناحية الأخرى، يتوقع المعارضون لنظام “3 يوليو” انفجاراً شعبياً شبيهاً بثورة يناير 2011، لكنه أمر صعب الحدوث لسببين؛ أن المعارضة المصرية ليس لها وجود داخل مصر حتى يمكنها تطويع الانفجار أو توجيه الغضب الشعبي ليسلك مساراً سياسياً وتفاوضياً كما حدث في 25 يناير 2011. السبب الثاني هو أن انحياز الجيش للثوار في 25 يناير 2011 كان العامل الحاسم في الإطاحة بالرئيس المخلوع حسني مبارك، وهو موقف لن يتكرر نظراً لدخول وتوغل الجيش في الحياة السياسية والاقتصادية المصرية بشكل يجعله شريكاً واضحاً في الحكم وبالتالي يتحمل جزءاً كبيراً من مسؤولية الأوضاع.

لكن يبقى مسار الانفجار سيناريو قائماً ومحتملاً في ظل الضغط المتزايد على المصريين، لكنه سيكون عشوائياً، بلا رأس، وتكمن خطورته على مصر في عدم القدرة على تخيله، وقد تفلح الضربات الأمنية في إخضاعه، لكنها قد تؤدي أيضاً إلى تحوله لصراع أهلي، له أبعاد طبقية وسياسية.
وفي الحالتين سيتكبد الشعب المصري والدولة المصرية خسائر فادحة.

هل هذا الانفجار المرتقب نتيجة للأزمة الاقتصادية فقط؟

الحق أن الأزمة الاقتصادية ستكون السبب المباشر، ولكن السبب الرئيسي هو سياسات نظام الحكم المصري المستمرة منذ 2013 والقائمة على الاستبداد والقمع السياسي والاجتماعي.

ينتهج السيسي منهجاً في الحكم قائماً على الصدام مع الطبقات المتوسطة والفقيرة للشعب المصري وتحميلها مسؤولية المشاكل الاقتصادية ومسؤولية حلها.

كذلك الإنفاق غير المدروس على مشروعات البنية التحتية، وعقد صفقات سلاح مليارية، واقتناء طائرات رئاسية فخمة وبناء قصور رئاسية، كلها أمور فاقمت من الاحتقان الشعبي. ناهيك عن التعامل الأمني والإعلامي المستفز الذي يصنف أي دعوة لمقاومة الفساد مهما كانت محدوديتها وبعدها عن العمل السياسي بأنها “إرهاب” ومحاولة انقلاب على الدولة، وآخرها كان اعتقال مُنظِّم حملة على وسائل التواصل الاجتماعي لتحسين سرعة الإنترنت في مصر!

خطورة هذا الأسلوب أنه أفقد الغالبية العظمى من الشعب المصري الأمل في إصلاح الأحوال طالما استمر هذا النظام في الحكم. وللأسف الشديد طوال السنوات الثماني الماضية لم يفلح داعمو النظام الدوليون والإقليميون في إثنائه عن هذا الأسلوب الذي يفاقم حالة الاحتقان المصاحبة للمشاكل السياسية والاقتصادية التي يعاني منها الشعب المصري بشكل مستمر منذ أواخر عهد مبارك وحتى اليوم، والتي تسوء يوماً بعد يوم.

وحسب ما هو واضح، فإن قادة النظام الحالي ليسوا ممن يقبلون النصيحة أو يعملون بمشورة الغير، بل لا يقبلون بأي مساحة اختلاف معهم؛ لذا فمن الصعب أن يغيروا طريقة حكمهم، ولو حتى بشكل مرحلي حتى تمر الأزمة التي تتفاقم يوماً بعد يوم.

هل هناك ظواهر تؤكد حدوث انفجار شعبي قريب؟

أبرز ما يؤكد ذلك هو ما شهدته مصر في الشهر الأخيرة من جرائم قتل فردية أو جماعية غير مسبوقة وأغلب من قاموا بها أشخاص عاديون ليست لهم سوابق إجرام.

وانتشار جرائم القتل هو غالباً دليل على احتقان داخل المجتمع وتمهيد لحدث جلل.

لكن هل لا يدرك نظام الحكم المصري فداحة ما قد تسببه هذه الأزمة؟

المؤكد أنه يدرك، ولكنه يتعامل معها كأي نظام ديكتاتوري بمزيد من تشديد القبضة الأمنية، ويراهن على قدرتها على إسكات أي تذمر قد يحدث. وكذلك يراهن على عدم وجود قوى سياسية معارضة داخل مصر يمكنها الحشد ضده.

ولكن، كلا الرهانين غير مضمون بنسبة كبيرة؛ لأن القوة الأمنية لم تختبر في مواجهة حقيقية مع احتجاج شعبي قوي طوال فترة حكم الرئيس السيسي، ولأن عدم وجود قيادة للانفجار يمثل خطورة على النظام الحاكم أكثر مما لو كانت هناك قيادة يمكنها وضع مطالب وإتاحة الفرصة للتفاوض.

هل يمكن تفادي هذا الانفجار؟

نعم يوجد مساران يمكن من خلالهما تخفيف الاحتقان السياسي والاقتصادي وتفادي كارثية نتائجه، وكلا المسارين بيد الرئيس السيسي أو الداعمين له؛ الأول إزاحة السيسي من سدة الحكم برضاه، أي أن يستقيل الرئيس مفسحاً المجال لغيره، ومجيء وجوه جديدة بحزمة إصلاحات اقتصادية وسياسية عاجلة تهدئ الغضب الشعبي.
والثاني أن يقوم السيسي نفسه بتصحيح مساره، بمصالحة وطنية شاملة وإيقاف أو على الأقل ترشيد الفساد الذي نخر في عظام الدولة.

وكلا المسارين مرهون بإدراك الداعمين والمحيطين بخطورة الوضع الحالي وما قد يسببه من مشاكل ستتخطى حدود مصر بكل تأكيد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى