آخر الأخبارالأرشيف

واشنطن بوست..«السيسي» ليس حليفا للولايات المتحدة.. وآن الأوان لمراجعة العلاقات مع مصر

يتمّ الاحتفاء بالرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي» في واشنطن منذ يوم الاثنين كحليفٍ رئيسي في الحرب على الإرهاب والتطرف الإسلامي الراديكالي، بالإضافة إلى كونه داعمًا للجهود الأمريكية لتحقيق السلام والاستقرار فى المنطقة. ولسوء الحظّ، فإنه ليس كذلك.
إنّ القمع الوحشي الذي يمارسه «السيسي» جعل مصر منشأةً ضخمة لإنتاج التّطرف العنيف. وازدادت الحوادث الإرهابية بشكلٍ كبير ولم تنخفض منذ تولّيه السلطة عام 2013. أمّا بالنسبة للمنطقة، يدعم «السيسي» نظام بشّار الأسد في سوريا، وقد قدّم تأييدًا غير مشروطٍ للوجود العسكري الروسي المتزايد في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
وكصديقٍ للولايات المتحدة؟ ذلك فقط عندما يتعلّق الأمر بأخذ المال الأمريكي، نعم، يسرّ «السيسي» أن يحصل على أكثر من مليار دولارٍ يصوت عليها الكونغرس لصالح مصر كلّ عام. لكن في الوقت نفسه، فإنّ وسائل الإعلام التي تتحكّم بها الدّولة مليئة بالمتحدّثين المناهضين للغرب، وقد واجه الأمريكيون العاملون في مصر والمصريون الذين يعملون مع المنظمات الغربية، اتهاماتٍ بارزة، في ظلّ قوانينٍ صارمة متزايدة لا تجرّم التمويل فحسب بل حتّى الاتّصالات بين المصريين والأجانب.
ومع ذلك، فإنّ الكثيرين في الإدارة والكونغرس لا يزالون يرون أنّ «السيسي» حليفٌ مستقرّ. ويجب علينا أن نأخذ نظرة فاحصة أكثر للأمر. وقد أصبحت سجون مصر، المليئة بآلاف الشبان والشابات المعتقلين بشكلٍ تعسفي، والتي يتعرّضون فيها للإيذاء الجسدي والتعذيب، حاضناتٍ للتطرّف. فالّذي قام بالهجوم الانتحاري الذي قتل 29 شخصًا في كنيسة بمحافظة القاهرة في ديسمبر/كانون الأول، على سبيل المثال، كان نتاج نظام سجنٍ وحشيّ، حيث يتحوّل الشباب الذين لم يعرفوا التطرّف من قبل إلى متطرّفين حين خروجهم.
وليست فقط الجماعات الإسلامية تعاني وحدها من القمع. بل قد تصدّى «السيسي» للجماعات العلمانية، من منظّمات حقوق الإنسان المصرية إلى مجموعات الشباب. وتعدّ «آية حجازي»، وهي إحدى المعتقلات، نموذجًا لآلافٍ آخرين، باستثناء كونها مواطنةً أمريكية، وهي محتجزة بشكلٍ لا يمكن تفسيره لأكثر من ألف يومٍ بتهم ملفّقة وزائفة تتعلّق بعملها مع أطفال الشوارع.
ولعلّ أكبرَ خطرٍ على استقرار مصر هو اقتصادها الكارثي. وهنا يحصل «السيسي» على تقديراتٍ عالية في الولايات المتّحدة عن اتّخاذه خطواتٍ طويلة الأجل، مثل تعويم العملة المحلّية وخفض دعم الطّاقة. لكنّه فشل في اتّخاذ الخطوات التي تعدّ مصر في أمسّ الحاجة إليها، مثل تدريب القوى العاملة وتشجيع خلق فرص العمل في القطاع الخاص. ووفقًا للإحصاءات الرّسمية، سجّل مؤشر البؤس في مصر في فبراير/شباط الماضي 45%، و33% هو معدل التضخّم الأساسي، بالإضافة إلى 12% على معيار البطالة. وتعدّ البطالة بين المصريين الذين تقل أعمارهم عن 30 عامًا أعلى بكثير. وبدلًا من ذلك، قام «السيسي» بتوجيه المليارات إلى الإمبراطورية التجارية الواسعة للجيش المصري. وضاعت الأموال في مشاريع البناء الضّخمة مثل توسعة قناة السويس التي ضخّ فيها 8 مليارات دولار، ومشروع العاصمة الإدارية الجديدة التي ابتلعت 45 مليار دولار، وذلك للحفاظ على سعادة «السيسي» وجنرالاته.
ولدى الولايات المتّحدة سجلٌ طويلٌ من الدّعم الأعمى لكل من يتقلّد مقاليد السّلطة في القاهرة. وفي الأعوام السبع الماضية وحدها، دعم نظام «حسني مبارك»، والحكومة العسكرية التي تولّت من بعده، وحكومة «محمد مرسي»، وهي الآن تدعم «السيسي». وقد تجاهلت إخفاقاته وحكومته وغضّت الطرف بينما تُدفع مصر إلى حفرةٍ اقتصادية وسياسية خانقة. وعلى الرّغم من ذلك، قدّمت الولايات المتّحدة نفس المستويات الهائلة من المساعدات في نفس الشكل دون المطالبة بأيّ شيءٍ في المقابل. وقد وفّرت لمصر أسلحةً ثقيلةً ليس لها أيّ استخدامٍ في محاربة الإرهابيين أو تأمين الحدود، لمجرّد إبقاء الجيش المصري سعيدًا. وقد تعاملت مع مصر كشريكٍ في عملية السّلام حتّى مع أنّ القيادة المصرية أصبحت غير ذات صلة بجهود السّلام في المنطقة.
وتتيح الإدارة الجديدة فرصةً لإلقاء نظرةٍ جديدة على هذه العلاقة القديمة المتزايدة في الاختلال. وحان الوقت للخروج من وضع القيادة الآلية. فـ«السّيسي» قادمٌ إلى واشنطن لطلب المزيد، المزيد من المال، والمزيد من الأسلحة، والمزيد من الاحترام. ويتعيّن على الرئيس «ترامب» أن يطرح بعض الأسئلة الصّعبة حول ما حصلت عليه الولايات المتّحدة مقابل مبلغ الـ 77 مليار دولار الذي أنفقته بالفعل. وقد يضغط على «السيسي» لتغيير تكتيكات مكافحة الإرهاب لجعلها أكثر فعالية وأقل قمعًا. وقد يصرّ على الإفراج عن المعتقلين الأميركيين ووقف قذف الولايات المتّحدة في وسائل الإعلام التي لم تعد حرّة. وقد يشير إلى أنّ السياسات الاقتصادية في مصر يجب أن تعالج أمر الشباب العاطل عن العمل بدلًا من تفريخ المزيد من المشاريع والشركات العسكرية. وقد يطلب من «السيسي» أن يدعم الولايات المتّحدة في سوريا وفي القضايا الإقليمية الأخرى.
لا يخجل «ترامب» من سؤال حتّى أقرب حلفائنا عمّا فعلوه لأجلنا في الآونة الأخيرة. ونحن نأمل يوجّه خلال هذه الزيارة نفس السؤال إلى «السيسي».
المصدر
 واشنطن بوست

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى