آخر الأخبارالأرشيف

«واشنطن بوست»: ”عاصفة ملكية“ تختمر وصراع مكتوم بين ولي العهد ونائبه

عاصفة سياسية داخلية تؤرق المملكة العربية السعودية، ففي حين يسيطر ولي العهد ونائبه على السلطة تحت إمرة الملك «سلمان» المتقدم في العمر، فإن بعض أعضاء العائلة المالكة يقومون بالتحريض نيابة عن أمير كبير ثالث يزعمون أن يتمتع بدعم أسري على نطاق واسع.

بالنسبة للمملكة النفطية السرية، فإن المناقشات الداخلية عادة ما تكون مبهمة بالنسبة للغرباء، ولكن الصراع الأخير يبدو مفتوحا على غير العادة. وتتناثر الأنباء في العالم العربي عن أجواء من التوتر تسود ما بين الأمير «محمد بن نايف» ولي العهد ونائبه «محمد بن سلمان» نجل الملك.

وقد بدأ المنشقون من العائلة المالكة في تعميم رسائل مفتوحة تم توجيهها لعشرات الآلاف من القراء عبر الإنترنت. وقد كانت المخاوف حول الخلافة مثارة في الخلفية حين قام الملك «سلمان» (79 عاما) ونجله «محمد بن سلمان» (30 عاما) بزيارة الولايات المتحدة الأمريكية أوائل سبتمبر/ أيلول. 

وكان مسؤولون أمريكيون قد حرصوا على مقابلة الأمير الشاب ونائب ولي العهد. لكنهم كانوا يشعرون بالقلق من أن «محمد بن سلمان» قد يمثل تحديا لـ«محمد لن نايف» والذي ينظر في واشنطن على كونه حليف موثوق ضد تنظيم القاعدة.

ويجادل أنصار «محمد بن سلمان» حول كونه يمثل عنصرا طموحا يؤمن بالتغيير وهو ما تحتاج المملكة بشدة بعد أن عانت لعدة عقود من تحكم قادة دفاعيين متقدمين في العمر. الأمير الشاب يدفع نحو المزيد من تنويع الاقتصاد وزيادة الخصخصة ومستقبل مشابه للنموذج المنفتح لدولة الإمارات العربية المتحدة، وأكثر بعدا عن النموذج المحافظ التقليدي لآل سعود. ويقال أنه يقوم بإشراك الشركات الاستشارية الأمريكية في وضع خطط التحديث الخاصة به.

«لديه رؤية مؤثرة بشكل كبير في مداها وتفاصيلها وسرعتها»، كما يقول أحد كبار المسؤولين الأمريكيين السابقين والذي عقد اجتماعا مطولا مع «محمد بن سلمان» مؤخرا. الوضع السياسي المحموم «يمكن أن يكون في المراحل الأولى من الاضطرابات، أو أن يكون مقدمة نحو مملكة عربية سعودية أكثر قدرة اقتصاديا وسياسيا وعسكريا».

النقاد، في المقابل، يرون «محمد بن سلمان» على أنه شخص متسرع وعديم الخبرة. وأنه دع بلاده نحو حرب مكلفة وفاشلة في اليمن. ويجادل هؤلاء المنشقين أن حرب اليمن عززت موقف تنظيم القاعدة هناك، وجلبت المزيد من ضغوط اللاجئين والمتمردين على الحدود السعودية.

تقويض سلطة ولي العهد

وقد زادت حدة التوتر الداخلي خلال الشهر الماضي. وبعد أيام من عودته من واشنطن أوائل الشهر الماضي، قام الملك «سلمان»، بناء على إلحاح من نجله، بالإطاحة بـ«سعد الجابري» وزير الدولة الذي كان كبير مستشاري «محمد بن نايف».

وقد شعرت الولايات المتحدة ودول غربية أخرى بالقلق تجاه هذا القرار لأن «الجابري» كان واحدا من أهم المكلفين بمسؤولية الاتصالات الاستخباراتية للمملكة مع الغرب. وقيل أن «الجابري» كان قد شكك في تكتيكات «محمد بن سلمان» في اليمن خوفا من أن تنظيم القاعدة كان ينمو بشكل أقوى هناك.

كما تم تقويض سلطة «محمد بن نايف» سلفا عبر تفكيك بنية ديوان ولي العهد التي كانت متاحة لشاغلي المنصب من أسلافه (تم ضمه إلى الديوان الملكي بموجب مرسوم في 28إبريل/ نيسان الماضي). في غياب ديوانه الخاص، كان على ولي العهد أن يعتمد على نائبه ونجل الملك الذي يتحكم في الوصول للملك ويتخذ معظم القرارات الرئيسية.

خلاف حول الخلافة

الخلاف حول الخلافة صار الآن مفتوحا على نطاق أوسع داخل الأسرة الحاكمة. بما في ذلك أربع رسائل مفتوحة تدعو إلى إزالة الملك ونائبيه. تحدثت عدة مرات مؤخرا عبر الهاتف مع أمير كبير كتب اثنين من هذه الرسائل التي تمت الإشارة إليها لأول مرة في 18 سبتمبر/ أيلول في تقرير صحيفة «الجارديان» الذي كتبه مراسلها في القاهرة «هيو مايلز».

قال لي الأمير المنشق أنه يؤيد تولية الأمير «أحمد بن عبد العزيز» (73 عاما) نجل مؤسس المملكة «عبد العزيز بن سعود. ويؤكد أن «هذا هو اختيار 85% من أسرة آل سعود». وجادل هذا الأمير، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن الأمير «أحمد» قد خدم لفترة وجيزة في منصب وزير الداخلية ولكن لم يكن في خط خلافة الملك «عبد الله» الذي توفي في يناير/ كانون الثاني.

الخطاب الأول للأمير المنشق انتقد خلاله « تهميش أبناء الملك عبد العزيز» ودعاهم إلى التقارب والاتحاد من أجل مواجهة الأخطار التي تحدق بالعائلة. أما في خطابه الثاني الأقصر نسبيا، فقد أشار إلى «ضعف الملك سلمان واعتماده كليا في الحكم على ابنه». هناك خطابان ملتهبان آخران ظهرا إلى الساحة يفترض أنها مكتوبان أيضا من قبل بعض أفراد الأسرة المجهولين.

تشير موازين القوى أن الجمود قد يستمر لفترة. الملك «سلمان» يسيطر على المال. «محمد بن نايف» يسيطر على وزارة الداخلية وشبكات المراقبة المرتبطة بها و«محمد بن سلمان» يسيطر على النفط والوزارات الاقتصادية الرئيسية.

وقد قال نائب ولي العهد لأحد الذين التقوه مؤخرا أنه لم يتوقع أن يكون ملكا حتى يبلغ سن الـ55، وهو تقريبا نفس سن الأمير «محمد بن نايف حاليا». ومع ذلك، فإن هذا التعليق غير الرسمي لا يصلح لأن يكون ضمانة للاستقرار.

كيف يمكن لهذا الإعصار السياسي السعودي أن يتطور؟ بالنظر إلى الضجيج الذي تعج به المملكة، التي طالما ظلت هادئة، على مدار الأشهر التسعة الماضية، فإن جواب المراقبين السعوديين المخضرمين أنه لا أحد يعرف على وجه التحديد.

المصدر | واشنطن بوست

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى