آخر الأخبارتحليلات

وفد برلمان الانقلاب يفشل فى تنظيف وجه السيسى الملطخ بالدماء فى أمريكا

طرد وفد السيسي لحقوق الإنسان من أمريكا والكونجرس يرفض استقباله

بقلم رئيس التحرير

سمير يوسف

رئيس منظمة “إعلاميون حول العالم”

14/10/2021

مشرعون أمريكيون لـ “السيسي شهبندر التجار”: لن نسمح لكم مجدداً بانتهاكات حقوق الإنسان

منذ الثالث والعشرين من يوليو/تموز 1952 استولت مجموعات من داخل الجيش المصري بقيادة عدد من عدد من ضباط الجيش الطامعين فى السلطة على مبنى الإذاعة، وانتشرت المركبات العسكرية في شوارع القاهرة والمحافظات الأخرى، وتم إعلان الثورة في المذياع والجريدة، وإجبار الملك على التنازل عن عرش مصر، لكن في الشوارع أعلنت الأحكام العرفية وتم فرض حظر التجول ومنع التجمعات، وانتشر العسكر ورجال الشرطة في كل الأماكن الحيوية في المُدن، و تم منع الصحف من النشر والإذاعة من البث إلا بالطبع ما تريده السُلطة السياسية الجديدة.

 وبدأنا نسمع بيانات الجيش المتتالية التي تدعوا الشعب المصرى إلى التزام الهدوء والسكينة في سنين الثورة المصرية، ومع كل صدام مع أجهزة الدولة، ينكشف تدريجيا طبيعة ومنظومة الاستبداد والسلطوية في مصر، فثورة يناير التي بدأت كاحتجاج سِلمي على ممارسات الأجهزة الشرطية والأمنية في مصر ومنددة بانتهاكاتها لحقوق الإنسان في مصر، مع مطالبات باستقلال السلطة القضائية كمطلب ديمقراطي أساسي، وجدت نفسها بعد كسر هيمنة وسطوة الشرطة المصرية في مواجهة مفتوحة وعنيفة مع جمهورية يوليو العسكرية العميقة والنظام القمعى ولا تطرح أهدافا سياسية محددة يمكن لهم أن يشاركوا في صنعها.

وقد كان لمرارة هزيمة الثورة في مصر وصعود الثورة المضادة على أجساد عشرات الآلاف من المواطنين القتلى في الشوارع والمسجونين في العنابر أن ولّدت التساؤل عن تاريخ صعود تلك السلطوية العسكرية، بل وفي السنين الأخيرة زاد الحنين في أوساط العديد من دوائر المهتمين بالشأن العام المصري، لحقبة المَلكية شبه الدستورية والليبرالية المدنية التي سبقت قيام دولة يوليو، والتي عرفت مصر خلالها أقصى درجات التعددية السياسية والثقافية، لتبدو الجمهورية السلطوية العسكرية في مصر، وفقا لهذا الحنين السياسي وهذه السردية السياسية، وكأنها انحراف عن مسيرة التحديث والديمقراطية الحقيقية التي عرفتها مصر منذ ثورة 1919، انحراف أتى على شكل انقلاب عسكري قام به مجموعة محدودة من الضباط الشبان الغاضبين، ليغيروا نظام الحكم ويغيروا وجه البلاد إلى الأسوأ والى وقتنا اليوم.

جمهورية جنرالات العسكر الأسياد

يصف غالبية مؤرخين العالم والباحثين النظام الجمهوري الذي تشكل بعد حركة 23 يوليو بجمهورية الضباط أو بدولة يوليو العسكرية البوليسية أو بحكم العسكر، مؤكدين على أن الاستبداد والعداء للديمقراطية والتعددية السياسية والثقافية والجنوح الدائم للعسكرة والأمننة وتصفية المجال السياسي هو جزء أصيل وهيكلي من طبيعة النظام الجمهوري العسكري المصري وليس مجرد حدث عارض داخله، وهو ما يؤكده تاريخ الجمهورية المصرية الممتد لأكثر من نصف قرن حتى الآن، فالسؤال عن الأسباب التاريخية التي أدّت إلى تَشَكُّل هذه السلطوية العسكرية وهيمنتها على الدولة والمجتمع في مصر بات سؤالا يتجدد طرحه كلما اشتدت دولة يوليو في المضي قدما في تصفية المجال السياسي المصري والقوى الفاعلة فيه، وهنا يُطرح تساؤل حول ما إذا كانت هذه السلطوية تمثل بالفعل انحرافا عن حقبة سابقة عليها، كانت ديمقراطية وليبرالية فعلا، وإذا صَحّ هذا؛ فمن يتحمل المسؤولية التاريخية عن هذا الانحراف؟

وفد برلمان الانقلاب يفشل فى تنظيف وجه السيسى القذر بالكونجرس الأمريكى

فشل الوفد الذي أرسله الرئيس السيسي إلى الولايات المتحدة،  للتأكيد على أنه لا تعذيب ولا اعتقالات ولا انتهاكات لحقوق الإنسان في مصر، وقطع زيارته عائداً إلى القاهرة.

طرد وفد السيسي 

 ورفض أعضاء الكونجرس مقابلة الوفد الذي اضطر لقطع زيارته والعودة.

فيما ادعى حزب النور السلفي التابع للنظام،  أن أشرف ثابت  عضو الوفد، لا يمثل الحزب بل ذهب إلى الولايات المتحدة بصفته الشخصية.

قطع زيارة وفد السيسي لتسويق “إنجازاته” في حقوق الإنسان ، وعودته لمصر ، بعد فشله في مقابلة الكثير من أعضاء الكونجرس والمسؤولين الأمريكيين ، 12 منظمة أمريكية كانت أصدرت بيانا دعوا فيه لمقاطعة وفد السيسي مؤكدين على أنه ما زال يعتقل 60 ألف سياسي ويمارس الاخفاء القسري وتصفية المعارضين.

وأضاف: السيناتور بوب كيسي ، عضو الكونجرس الأمريكي عن ولاية بنسلفانيا ، اتصل بشقيق الصحفي المعتقل عبد الناصر سلامة رئيس تحرير صحيفة الأهرام السابق ، الذي ينشط للتعريف بقضيته في أمريكا ، وسأله : هل شقيقك ما زال في السجن ؟ فقال : نعم ، فقال باستغراب : إذن ماذا يفعل هؤلاء هنا ؟!

وطالب مشرعون ديمقراطيون أمريكيون بإطلاق سراح ناشطين يقبعون في السجون المصرية “بسبب ممارستهم حقوق الإنسان الأساسية”.

جاء ذلك في خطاب الأعضاء الديمقراطيون اليوم إلى عبد الفتاح السيسي شهبندر تجار مصر“، بحسب تقرير لصحيفة واشنطن بوست.

ونقل موقع “بي بي سي” عن التقرير أن 56 عضوا بالكونغرس ينتمون للحزب الديمقراطي والنائب المستقل بيرني ساندرز، طالبوا – بحسب الخطاب الذي اطلعت عليه الصحيفة – السيسي بالإفراج عن النشطاء، والحقوقيين، والمعارضين السياسيين.

وأوضح الموقعون على الخطاب أن هؤلاء المساجين “ما كان يجب سجنهم بالأساس”، في إشارة واضحة للحكومة المصرية بأن تجاوزات حقوق الإنسان لن تكون مسموحة حال فوز الديمقراطي “جو بايدن” بالرئاسة الشهر المقبل.

يذكر خطاب أعضاء الكونغرس الديمقراطيين أسماء نحو 20 ناشطا من بينهم الفلسطيني رامي شعث، والناشط القبطي رامي كامل.

وحذر الأعضاء السيسي من أن “اعتقال أصحاب الرأي وغير ذلك من أعمال انتهاك حقوق الإنسان الأساسية يقوّض المصالح والقيم المشتركة بين البلدين”.

وأكد الموقعون على الخطاب أن عمليات احتجاز الناشطين “عمل غير قانوني وغير مقبول تحت أي ظرف”.

وبحسب التقرير، قال النائب الديمقراطي “رو خانا”، الذي تزعم مكتبه جهد صياغة الخطاب والحصول على توقيعات المشرعين: “أعتقد أنه عندما تتغير الإدارة الأمريكية، كما نأمل، سيكون هناك توجه سياسي أمريكي مختلف في الشرق الأوسط والعلاقة مع مصر سيتم إعادة تقييمها ليعود احترام حقوق الإنسان أولوية”.

وأوضح خانا أن سبب إرسال الخطاب في هذا التوقيت هو حملة القبض التي وقعت بعد 20 سبتمبر الماضي إثر مظاهرات محدودة ضد السيسي ألقي القبض خلالها على المئات.

وأضاف النائب الديمقراطي: “خطاب أعضاء الكونغرس يسلط الضوء على إحباطهم من انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان المصري في عهد السيسي”.

وجاء في الخطاب أن عشرات الآلاف من المصريين، بينهم صحفيون وناشطون وحقوقيون وغيرهم، يقبعون بلا وجه حق في السجون منذ سنوات، وأن العديد من هؤلاء يظل محتجزا في انتظارا محاكمة لفترات تتجاوز الحد القانوني.

الهروب من الشعب.. هكذا تعكس العاصمة الإدارية خوف السيسي من ثورة جديدة

إن التوجه السياسي لعبد الفتاح السيسى شهبندر التجار يُظهر عبر انتهاجه لسياساته الحالية دخوله في مسارات مناقضة لأدبيات السيطرة التقليدية للدولة، حيث مثّل فشلها في عزل المباني السيادية من خطر الجماهير دافعا للاتجاه نحو حل أكثر جذرية، متمثلا في تأسيس عاصمة إدارية جديدة، وهو ما يوضحه الباحث إسماعيل الإسكندرانى باعتبار أن العاصمة الإدارية الجديدة تأتي وفق خطة النظام المصري باعتباره متضمنة لعدد من العناصر الأساسية، حيث “هي عاصمة صحراوية مرتفعة عن سطح البحر، ذات هواء أنقى وأصحّ من العاصمة الحالية، واسعة الشوارع، يقتصر الانتقال فيها على الإطارات الهوائية حصرا، فلا سكك حديدية ولا مجال فيها للمشي على الأقدام.

 يريد السيسي مركز حكم يسهّل إغلاق الطرق المؤدية إليه وقت الحاجة، إما بقطع الطريق الأسفلتي أو بتعطيل أول سيارتين لتتراكم وراءهما حشود الزاحفين المحتملين. أما حراك الجماهير المرتجلين فهو مستبعد وغير عملي بعيدا بهذه المسافة عن الكثافة السكانية.

 فأيّ مسيرة تلك التي ستترك طرف المدينة الشرقي لتقطع عشرين كيلومترا في الصحراء حتى تصل إلى مركز الحكم الجديد”.

يظهر هذا الشكل العمراني الذي تم بناء عليه العاصمة الإدارية نموذجا شاذا ومستفز وفريدا في الآن ذاته، فالعواصم السياسية والاقتصادية وحتى المراكز الحضرية الصناعية والتجارية يتم الترويج لها بموقعها الجغرافي المُتميز وبسهولة الوصول إليها، أما العاصمة الإدارية الجديدة، مسكونة بهواجس أمنية لا يمكن لناظر إغفالها، فالموقع الذي تم اختياره يقبع في عزلة تامة عن شبكة الطرق التاريخية التي تربط المحافظات المصرية ببعضها البعض، مما يجعلها في مأمن تام من أي احتكاك أو اتصال غير مرغوب فيه مع الجماهير، فالأسوار العالية المُزمَع بناؤها ستكون مرتكزات للتحصين ضد العدوان المسلح. والشوارع الفسيحة هي الساحة المثالية لآلة البطش وأجهزة منع الشغب وفض التجمهر، “فلن نسمع عن اعتصام أمام مقر رئاسة الوزراء، ولا احتجاج أمام بوابات الوزارات. فحين تنشأ عاصمة جديدة في أرض خلاء بدءا من 2015، فإن الخيال لا يحتاج كثيرا من الإبداع لاستشراف وسائل المراقبة التي ستغطي كل شبر فيها”.

عاصمة الاستعمار السيساوى العسكرى البوليسى

تعيش مدينة القاهرة أزمة ضخمة بالفعل، فهي بحسب الإحصائيات تعد من أسوأ خمس مدن في العالم للحياة من حيث حجم الكثافة السكانية والبنية التحتية وشبكة المواصلات والخدمات والصحة العامة ومعدلات العنف والأمن، فهي تتحول مع الوقت إلى مدينة خارج السيطرة الأمنية والسياسية وحتى العمرانية.

وبصورة عامة، تتمثل المدن الحديثة في مساحة تتجلى فيها سيادة الدولة وما يتصل بمفاهيم العقد الاجتماعي والمواطنة، وعليه فإن تشظي المدن يعكس بالأساس وبصفة جوهرية تآكلا في صيغ المواطنة والتعايش، فدرجة العنف والمادي الذي تشهدة القاهرة يوميا يجعل الحياة داخلها حالة من الصراع المستمر بين السكان وبعضهم، وبين السكان الدولة من ناحية أخرى، بينما كانت الثورة والاعتصامات والمسيرات التي شهدتها العاصمة المصرية، وضمت ملايين المواطنين المصريين والهتافات والأناشيد التي تم إنشادها، محاولة جادة في تشكيل صيغة عقد اجتماعي مصري جديد، يؤسس حالة من المواطنة والتشاركية الديمقراطية في المساحات والفضاء العام وأجهزة الدولة المُختلفة باعتبارها امتدادا للمواطنين، إلا أن هذه المحاولة سُحقت من أطراف أجهزة الدولة العسكرية والأمنية وآلتها الإعلامية التي أنتجت في المقابل حالة من الفاشية والعُنف لم تشهدها مصر طوال تاريخها الحديث تقريبا.

في هذا السياق تأتي العاصمة الإدارية كمحاولة من السيسي ونخبته الحاكمة في مصر للهروب إلى الأمام، والتخلص من عبء المجتمع والدولة معا، والهروب من استحقاقات الشرعية والمواطنة والعقد الاجتماعي والتنمية، ومع العجز البنيوي للنظام عن إنتاج أي خطاب يؤسس لشرعيته السياسية مما يجعل الفجوة بين الدولة والمجتمع تزداد يوما بعد يوم خاصة مع الإجراءات لكتم الأنفاس التي تتخذها السلطة، تأتي العاصمة الإدارية كحل قادم من قلب العصور الوسطى، حيث يتم إنشاء عاصمة جديدة بمجرد إنجاز الغزو العسكري لتكون العاصمة الجديدة مقر الحكم الجديد وقاعدة الغزاة الجُدد، وإليها تُحصّل أموال الجزية والخراج.

وهكذا يبدو حكم السيسي شهبندر التجار بذلك منتميا في كثير من جوانبه لثقافة القرون الوسطى بامتياز، حيث الاستيلاء على السلطة بالقوة وترسيخ الوجود فيها بمذبحة سياسية ضد الغريم الرئيسي ،وبالكيفية نفسها تأتي عاصمة السيسي، ليست كعاصمة مركزية مفتوحة على محيطها الجغرافي والسياسي، بل كقلعة منيعة يسكنها الغزاة الجدد، كتعبير عمراني بليغ عن الانهيار التام للعلاقة والعقد الاجتماعي بين المواطنين من ناحية، وبين سلطة وطبقة حاكمة تسعى للتحكم في المجتمع من بعيد دون حتى أن تشاركهم المكان والعالم الذي يعيشون فيه.

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى