آخر الأخبار

يئسوا من العلاج فأَنهوا حياتهم.. مصريون ينتحرون بعد إصابتهم بكورونا وتجاهل الحكومة لهم

انتحر سائق يبلغ من العمر 38 عاماً، داخل شقته بمنطقة بشتيل الريفية في نطاق محافظة الجيزة بمصر، بسبب سوء حالته النفسية، بعد إصابته بفيروس كورونا المستجد.

خبر عابر نشرته الصحف المصرية دون التدقيق في دلالاته النفسية والاجتماعية، خصوصاً بعدما ظهر أن الأمر ليس مجرد حالات فردية، وإنما تحوّل إلى سلسلة تشي بالأسوأ، حسبما توقَّع الطبيب النفسي المصري يحيى الرخاوي، حيث تم الإعلان عن تسجيل 5 حالات انتحار حتى الآن، وهو الرقم الرسمي المعلن.

في واقعة انتحار سائق بشتيل الذي يدعى “م. م”، أقدم المنتحر، على فعلته -بحسب ما أفادت به قريبة للأسرة لـ”عربي بوست”- بعدما أصيب بحالة نفسية سيئة عقب تعثُّر نقله للعلاج في مستشفى خاص نتيجة ضعف القدرة المادية للأسرة، ومعرفته أن المستشفيات الحكومية ليست بها أماكن لعلاج المرضى.

تحكي السيدة مأساة الأسرة من البداية، نقلاً عن الزوجة المكلومة، فتقول إن المنتحر “كان يعمل على سيارة للأجرة منذ الساعة الـ6 صباحاً لغاية المغرب، طلبت زوجته أن يأخذ احتياطاته ويرتدي الكمامة لكنه كان يقول: كل شيء نصيب”.

وتضيف: “في يومٍ عاد من العمل ووجهه ينبض بالدم، استحلفته أن يذهب للطبيب، فذهب وأمره بإجراء فحوصات طبية وأشعة، وأمره بالراحة في المنزل لحين ظهور النتائج”.

أجرى السائق التحليل والأشعة بالفعل، لكنه لم يلتزم بالراحة، “هو مين هيصرف على بيته وعياله (لديه بنت وولد) لو رقد في البيت؟ ما هو أصله بيسترزق يوم بيوم”، وتبين أن الرجل يعاني بالفعل من فيروس كورونا في درجة متوسطة، وهو ما استدعى دخوله مستشفى؛ ليكون تحت العناية الطبية على مدار الساعة.

تكمل السيدة البسيطة: “ذهب لمستشفى حميات إمبابة، أخبروه بعدم وجود أماكن للعزل، فعزل نفسه في منزلنا، إذ يوجد طابق بالأعلى تحت الإنشاء ينتظر شقيقه إتمامه للزواج فيه”. 

وتضيف: “كانت زوجته تضع له الأكل يومياً أمام الباب، حيث خشيت أن تصاب بالفيروس هي الأخرى، لكنه وبعد أسبوع شعر بأن الحرارة لا تنخفض على الإطلاق رغم العناية والأدوية”.

أسبوع وأصرَّ إخوته على اصطحابه للمشفى مرة أخرى، لكنه رفض؛ لعدم توافر مبلغ المستشفى معه، فالرجل يعمل بـ”اليومية”، وشقيقه يعمل سائقاً هو الآخر.

تقول قريبتهم إن الرجل هاتف شقيقه؛ ليقرضه ثمن اﻹقامة بالمستشفى، والذي بدا أنه لا يملكه هو الآخر، ومن خلف الباب في اليوم التالي كانت زوجته تضع له الطعام، طرقت الباب لكنه لم يرد، وبعد محاولات متعددة؛ على أمل أن يفتح، كسرت باب الشقة بمساعدة الجيران، لتجده متدلياً من حبل صنعه وشنق به نفسه.

الغريب أن ما كان يخشاه السائق ودفعه إلى الانتحار تحقق بالفعل، حيث رفض مدير الإدارة العامة للطب الوقائي بأوسيم (وهي القرية التي تجاور قرية المنتحر)، التحرك إلى منزل السائق أو نقل جثته إلى المستشفى، مبرراً موقفه بأن الحالة غير مسجّلة في وزارة الصحة والسكان؛ ومن ثم ليست له علاقة بالجثة، وزاد على ذلك بقوله إن السائق المنتحر أجرى الفحوصات الطبية بأحد مراكز الأشعة والتحاليل الخاصة، وليس المستشفيات الحكومية التي تتبع بروتوكول وزارة الصحة والسكان.

وامام تعقد الموقف بادر مأمور ورئيس مباحث قسم شرطة أوسيم بتولي مهمة نقل الجثة للمستشفى العام بمعرفتهما، وعلى مسؤوليتهما الشخصية.

صحيح أن فيروس كورونا تسبب في ازدهار حالات الاكتئاب الحادة بعديد من دول العالم، ودفع بالعشرات إلى الانتحار في أكثر من بلد أوروبي وآسيوي؛ خوفاً من الفيروس اللعين، لكن المشكلة بمصر تزداد خطورة، في ضوء تهاوي النظام الصحي الذي كشف عنه تفشي كوفيد-19 في مصر، وكذلك الضغوط المعيشية الهائلة التي يرزح تحتها ملايين المصريين، ما يجعل انهيارهم بسبب تفشي الفيروس أمراً سهلاً، ويدفع إلى لوقع زيادة حالات الانتحار بمعدلات لافتة.

لكن الغريب في الأمر هو تجاهل وزارة الصحة لتوصية من الأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان التابعة لوزارة الصحة المصرية، بضرورة إخضاع المتعافين من فيروس كورونا لجلسات علاج نفسي، وكشف مصدر بالأمانة في تصريح لـ”عربي بوست”، عن تقرير أصدرته كشف أن أبرز الأعراض التي ظهرت على المصابين بكورونا الذين تم علاجهم، هي الاكتئاب ومحاولة بعضهم الانتحار. 

وأضاف المصدر الذي لم يخفِ استغرابه من موقف الوزيرة، أن التقرير رصد أهم الأعراض التي ظهرت على المصابين داخل مستشفيات العزل والتي تراوحت ما بين قلق وخوف وصعوبة في النوم، إلى جانب فقدان الشهية وظهور أعراض ذهانية وأعراض هوس واكتئاب، وصولاً إلى أفكار ومحاولات انتحار. 

وتابع أن الحالات التي تم تقديم الدعم النفسي لها تتراوح ما بين بسيطة الحدة إلى شديدة الحدة، ومن بينها حالات الهلع والذهان والانتحار التى تستدعي -بلا شك- التدخل الطبي الفوري، وقد طلبت الأمانة من وزارة الصحة ضرورة توفير علاج نفسي للمتعافين من الفيروس، لكن المسؤولين تجاهلوا هذا الطلب؛ ربما لقلة عدد الأطباء النفسيين المسجلين بالوزارة.

تكررت في الشهرين الماضيين حالات الانتحار، بسبب المعاناة التي يجدها بعض المصريين في التعامل مع الفيروس الذي اقتحم حياتهم بين ليلة وضحاها، حتى بلغت 5 حالات حسب المعلن عنه، فيما يؤكد أطباء ونشطاء حقوق انسان أن العدد أكبر من ذلك.

وبات من الطبيعي قراءة صيغ مختلفة لوقائع انتحار تتكرر منذ بداية تفشي فيروس كورونا في مصر مثل “عُثر على منتحر/ انتحر مواطن/ أقدم عامل على إنهاء حياته”، إما من داخل المستشفيات وإما من خلال عزلهم بالمنزل.

أحدث المنتحرين عامل مصاب بفيروس كورونا المستجد، أقدم على الانتحار في السادس عشر من يونيو/حزيران، بالقفز من غرفة العزل الصحي في مستشفى الحميات العام بمحافظة قنا أقصى جنوبي مصر، نتيجة مروره بحالة نفسية سيئة عقب إصابته بفيروس “كوفيد-19″، ومعاناته الشديدة في الحصول على مستشفى يخفف من آلامه، فضلاً عن تغير معاملة الناس له وتهرُّب أهله من زيارته حال دخوله المستشفى؛ خوفاً من التقاطهم الفيروس المميت.

قبلها وتحديداً في التاسع عشر من مايو/أيار الماضي، أقدم شاب في العقد الرابع من عمره، على الانتحار بإلقاء نفسه من الطابق الرابع بمستشفى الصدر في العباسية بعدما أصيب بحالة اكتئاب وخوف، بعد أن أكدت المسحة التي أجراها إصابته بفيروس كورونا واحتجازه، حيث غافل الأطباء الموجودين بالمستشفى وقفز من شرفة الدور الرابع.

“محمد أ.”، وهو مدير تحرير واحدة من الصحف اليومية القومية في مصر، أرجع تزايد حالات الانتحار إلى السوشيال ميديا أو مواقع التواصل الاجتماعي، وليس لوسائل الإعلام التقليدية، بسبب المبالغات المفزعة التي تحفل بها صفحات وحسابات تلك المواقع، والتي لا يمكن أن يتثبت أحد من وقوعها بالفعل من عدمه. 

لكن ليس كل ما يُنشر على مواقع التواصل مبالغة أو تزييفاً، فقد قام شاب في الـ31 من عمره، يدعى محمد، من مركز قويسنا بمحافظة المنوفية، بتوثيق كل شيء عن رحلته مع فيروس كورونا حتى لحظاته الأخيرة ونطقه الشهادة قبل وفاته بدقائق متأثراً بـ”كوفيد-19″ داخل مستشفى العزل في مدينة 15 مايو بالقاهرة.

واستنجد “محمد” بالمسؤولين وكل من يستطيع مساعدته من خلال عدد من المنشورات والفيديوهات عبر حسابه على “فيسبوك” خلال فترة وجوده في الحجر الصحي، لنقله إلى مستشفى آخر؛ لحاجته إلى علاج مكثف، كما وثق تدهور حالته الصحية يوماً بعد يوم، عن طريق الفيديوهات التي واظب على نشرها، حيث ظهر في أحدها وهو يصرخ قائلاً: “الحقوني أنا بموت.. السخونية هتموتني”، دون أن يحرّك صراخه ساكناً من الطاقم الطبي للمستشفى.

مقطع فيديو آخر صوَّرته سيدة مصرية، يلقي الضوء على ما يحدث داخل مستشفى المطرية بالقاهرة، حيث وثقت السيدة وفاة أحد المصابين بالفيروس بسبب إهمال علاجه لساعات، فضلاً عن مكوث حالات أخرى بالساعات من دون أن يمر عليها طبيب أو يهتم بأمرهم ممرضون، وهو ما أثار مشاعر حزن ويأس شديدَين تجلت في التعليقات التي انهالت على مواقع التواصل الاجتماعي بمصر. وربط قطاع من المصريين بين ما يحدث من إهمال في المستشفيات وزيادة حالات الانتحار.

الاتهامات المتزايدة بالإهمال الموجهة للأطقم الطبية في المستشفيات الحكومية على وجه الخصوص، حملها “عربي بوست” لطبيب رعاية بأحد المستشفيات العامة التي تم تخصيصها مؤخراً لعزل المصابين بفيروس كوفيد-19، فكانت المفاجأة أن الطبيب الذي يدعى “محمد ب.”، لم ينكر الاتهامات، والمفاجأة الأكبر اعترافه بأنه شاهد بعينه انتحار أحد المرضى في المستشفى الذي يعمل به بإحدى ضواحي العاصمة المصرية قبل نحو 10 أيام.

محمد قال ببساطة إن الناس في مصر يحمّلون الأطباء والتمريض ما لا يحتملون، وهناك من يسعى لأن يدفع هؤلاء ثمن (حفلة كورونا) في مصر، بينما المشكلة أن البنى التحتية لكل المستشفيات العامة والحكومية في مصر مهترئة منذ زمن، “فمثلاً في قصة السائق المنتحر، لأنه لم يجد مكاناً بمستشفى حميات إمبابة كما تقولون، ما الذي كان يجب أن يفعله أطباء المستشفى ولم يفعلوه؟! هل كان عليهم إخراج مصاب آخر لإخلاء مكان للسائق؟!”.

ويضيف بأسى: “المصيبة التي تجري الآن أن الأطباء سوف يدخلون قوائم المنتحرين قريباً جداً، بسبب الضغوط العنيفة التي يتعرضون لها، فالعمل في ظروف صعبة، والإمكانات المتوافرة ضعيفة وأغلب المرضى وذويهم لا يتفهمون الوضع، ويظن بعضهم أن الصوت العالي وإرهاب الأطباء والتمريض هو الطريق المثالي لضمان الحصول على العلاج والرعاية”.

ويضيف: “90% من الأطباء وأطقم التمريض في كل المستشفيات أصيبوا بفيروس كورونا (والكلام على لسانه)، بالفعل وهذا الكلام على مسؤوليتي، ولك أن تعرف أن كل أفراد الطاقم الطبي في المستشفى الذي أعمل به أصيبوا بالفيروس، كما أصيب به كل زملائي وأصدقائي الأطباء ممن يعملون في مستشفيات أخرى”.

ويختم الطبيب تصريحاته الصادمة، بالقول إنه شخصياً أصيب بالاكتئاب من تأثير الفيروس الذي أصابه ونجا منه، ويعرف أن كثيراً من زملائه وأطقم التمريض يعانون من الاكتئاب أيضاً، وإذا استمرت الضغوط في العمل بجانب الضغوط المعيشية التي يعانيها بقية المصريين، والعائلية المتمثلة في رعبهم من أن يكونوا سبباً في نقل العدوى لأسرهم وزوجاتهم وأولادهم، فيمكن أن تسمعوا قريباً أخباراً عن انتحار طبيب أو ممرض، “وقتها يمكن الناس والحكومة والوزيرة ترتاح!”.

يفسر د. يحيي الرخاوي زيادة احتمالات انهيار المصريين أمام الفيروس، والوصول إلى حد التخلص من الحياة، فيقول إن العزلة المفاجئة والممتدة للحجر الصحي، تسبب ارتفاع درجات الشعور بالرهاب، ليس من الموت في حد ذاته باعتبار أن كثيراً من المصريين لا يخافون من الموت انطلاقاً من قاعدة إيمانية عميقة بالحياة الآخرة، ولكن من البهدلة التي ترافق الإصابة بفيروس كورونا، بداية من عدم وجود مستشفيات مجانية لائقة لعلاج جميع المرضى، حسبما يتردد في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.

ثم هناك مأساة أخرى يخاف منها كثيرون في حالة الوفاة لا قدر الله، حيث لن تقام له مراسم دفن وعزاء جيدة، ولن يجد من يصلّي عليه سوى أفراد قلائل في المستشفى أو المقابر، بسبب إغلاق المساجد، وربما يرفض بعض أهله تشييعه والصلاة عليه، مثلما حدث مع عدد من حاملي الفيروس. 

إلى جانب التأثيرات والمخاوف المباشرة التي تحيط بأغلب سكان الكرة الأرضية في الشهور الماضية، هناك مشاكل إضافية ربما تخص المصريين أكثر من غيرهم، مثل التأثر الشديد بوسائل الإعلام، خصوصاً الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي، وكلها تقريباً تخصصت في الحديث عن فيروس كورونا ومصائبه وتبعاته الكارثية، لدرجة جعلت البشر الطبيعيين يقعون فريسة الوهم الذي أصابهم بالوهن والمرض النفسي، فما بالك بمن يعانون مشاكل نفسية من قبل ظهور الفيروس؟! وهناك أيضاً الضغوط المعيشية التي تزايدت على كثير من الناس ممن فقدوا وظائفهم، أو أُجبروا على تقليص ساعات العمل، ومن كان يعمل في وظيفتين أو ثلاث لتدبير الاحتياجات المتزايدة لأسرته، بات يكافح للحفاظ على وظيفة واحدة.

ويفسر د. حامد محمد، استشاري الطب النفسي، لـ”عربي بوست”، ارتفاع نسب الانتحار بين الرجال، فيقول: “طول ساعات البقاء في المنزل، وافتقاد الممارسات اليومية المعتادة لكثير من الرجال خصوصاً، جعلا الذكور في مهب الإصابة بالكآبة أكثر بكثير من النساء”.

وعلى الرغم من ذلك فالسيدات أيضاً في مهب تأثيرات الفيروس ولسن بعيدات عن الاكتئاب، ومنذ أيام أقدمت صحفية مرموقة بإحدى الصحف الخاصة على الانتحار بعد إصابتها بالفيروس ووفاة والدتها بسببه، ورغم مساعدة كثيرين لها بسبب علاقاتها المتشعبة فإنها عانت الأمَرَّين، بسبب الإجراءات الروتينية وعدم إظهار نتيجة تحليل الـ”بي سي آر” الخاص بوالدتها لمدة أسبوع، رغم إصابتها باللوكيميا؛ مما أدى إلى تأخر حالتها ووفاتها وانتحار الصحفية التي لم تحتمل المعاناة التي مرت بها وهي الآن بين الحياة والموت.

بشكل عام تتصدر مصر، خلال السنوات الأخيرة، قائمة البلدان العربية من حيث أعداد المنتحرين، حيث يشير تقرير حديث للجنة التنسيقية المصرية للحقوق والحريات، إلى تزايد ملحوظ بعدد حالات الانتحار في عام 2019، حيث تم تسجيل أكثر من 150 حالة انتحار بين يناير/كانون الثاني وبداية أغسطس/آب، أغلبها لشباب في الفئة العمرية ما بين 20 و35 عاماً، علماً بأنه لا توجد في مصر إحصائيات رسمية منشورة بشأن عدد حالات أو محاولات الانتحار.

وتكشف أحدث الإحصاءات المتاحة على الموقع الإلكتروني لمنظمة الصحة العالمية، أن هناك 88 حالة انتحار من بين كل 100 ألف مصري سنوياً، حيث ذكرت المنظمة أن عدد سكان مصر يبلغ 100 مليون نسمة، وهناك قرابة 88 ألف شخص ينتحرون كل عام.

وبحسب المنظمة نفسها فقد تفوقت مصر على الدول العربية بعدما شهدت 3799 حالة انتحار في عام 2016، وحل السودان في المركز الثاني بـ3205 حالات انتحار، ثم اليمن ثالثاً بـ2335 منتحراً، وتجاوز عدد الرجال المنتحرين أعداد النساء المنتحرات (3095 مقابل 704).

في الثامن من يونيو/حزيران الحالي، شهدت قرية التحليلية التابعة لمركز الدلنجات بمحافظة البحيرة شمال العاصمة المصرية القاهرة، واقعة غريبة تمثلت في انتحار شاب لم يبلغ من العمر 20 عاماً، بتناول حبوب سامة تُستخدم في حفظ الغلال، بسبب رفض والده خروجه للعمل مع العمالة الزراعية؛ خوفاً عليه من الإصابة بفيروس كورونا.

ويرى د. حامد أن هناك حفنة من المؤثرات السلبية تحالفت بعضها مع بعض في توقيت واحد تقريباً، وكلها تدفع البعض -خصوصاً من يعانون من متاعب نفسية مختلفة- إلى الانتحار.

أول المؤثرات تمثَّل في إخفاء الحقائق عن وجود الفيروس من البداية وكان ذلك سبباً في استهتار المواطنين، مما أصابهم بالاكتئاب والتشاؤم بعد سرعة انتشاره وتصاعد حالات الوفاة في الدوائر القريبة منهم.

ومن المؤثرات أيضاً تركيز وسائل الإعلام على الحديث يومياً عن زيادة أعداد الإصابات ووقوع وفيات في الحجر الصحي، مما يدخل المصابين بالفيروس ويقيمون في المستشفيات أو ينتظرون دورهم لدخولها، في نوبات من الاكتئاب الحاد، لأن الأدرينالين يغلق الأوعية الدموية الطرفية، ويشجّع بعضهم على التفكير في الانتحار، حيث يُخيَّل للمنتحر أنه بذلك سوف يتخلص من آلامه.

الأكثر إيلاماً واستفزازاً أن يسمع مرضى وهُم في ذروة معاناتهم بسبب التحاقهم بأرصفة المستشفيات بدلاً من أسرَّتها؛ لعدم وجود مكان لعلاجهم، إعلان الحكومة عن إنشاء أكبر سارية علم في العالم بتكلفة لن تقل عن عشرين مليون جنيه، في الوقت الذي لا يتوافر بالمستشفيات جهاز تنفس صناعي تكلفته عشرون ألف جنيه!

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى