كتاب وادباء

القصص القرآني وواقعنا المعاصر (9) – موسي .. فرعون ..و عباد العجل الجزء الأول

القصص القرآني و واقعنا المعاصر

                 ====================

بقلم الدكتور

جمال محمد k

جمال محمد 

 موسي .. فرعون ..و عباد العجل ( الجزء الأول )

===========================

     تشابه , غريب , عجيب , متطابق , علي هدي من الله من خلال قصصه الكريم , من قصة موسي و فرعون وعباد العجل , و كأنها ترسم لنا طريقا تفصيليا , علي هدي من الله , كيف نعايش ما نعايشه الآن , ك ( تصديق الذي بين يديه ) , فتصديق قصص الأمم السابقة , وتكرارها وكما قال أساتذة التاريخ , أن للتاريخ دورات تتكرر,  و القصص القرآني يلخص تلك الدورات من علو وسقوط للأمم , وبالطبع مع ذكر أسباب ذلك ( كقصة حضارة سبأ ) علي سبيل المثال لا الحصر, مع التأكيد علي أسباب العلو و السقوط . و لكن لابد من تفصيل قصير , لنستشعر خطورة مرحلتنا هذه , بل و كيفية الخروج منها منتصرين و غير مفتونين و لا مبدلين . 

 , ” فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم و قومهم أجمعين “..” و مكروا مكرا و مكرنا مكرا و هم لا يشعرون .”

هذه الآيات من أهم الدروس المستفادة من القصة التالية …قصتنا و واقع ما نعانيه, و قصة موسي و فرعون , نستنبطها من الأحداث و السياق القرآني للقصة, و كانها تحدث الآن ,  لنصل الي البشري الأهم  , ألا وهي ……………”( يد الله تعمل في الخفاء)” من حيث لا ندري ولا نشعر  (نحن و لا غيرنا ), لنتيقن من موعود الله عز و جل …….” و الله غالب علي أمره و لكن أكثر الناس لا يعلمون “.

فجاءت هذه القصة من سورة القصص لتؤكد لنا هذا المعني , نستشعره و نعيش به يعيننا في هذه الأيام وكأننا نعيشه , و ما أحوجنا الي ذلك في هذا الليل الطويل , في تعامل مع انقلاب عميل. .

طسم . تلك آيات الكتاب المبين . نتلوا عليك من نبأ موسي و فرعون بالحق لقوم يؤمنون . “

انظروا معي الي لفظ الكتاب ” المبين” ,لم يختر الله لفظ الحكيم مثلا, أي أن المقصود من تلك القصة , التبيان والهدي و الرشاد , لمن ؟؟ …لقوم يؤمنون ( جعلنا الله منهم ) , مصداقا للمقصد الأهم الذي بيناه من قبل , القصص ليس افتراء و لا مجرد أحاديث مرسلة , ولكنه أحسن القصص و أصدقها علي الاطلاق ولها أهميتها القصوي , و لابد لها من فائدة غاية في الأهمية , وان لم يكن في زمن من الأزمنة…( .ففي الزمن الذي يليه.), ليظل الطريق مضيئا ممهدا لمن التمس هدي الله …..أو أصيب باحباط , أو احتار بسبب فتن , أو اعلام كذاب مضل عميل , ( راجعوا حلقة أصحاب الأخدود و اعلام الدجال علي ذات الموقع ).

 ” لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب , ما كان حديثا يفتري و لكن تصديق الذي بين يديه و تفصيل كل شئ و هدي و رحمة لقوم يؤمنون .” فالقصص بصفة عامة , و هذه القصة بصفة خاصة موجهة لقوم يؤمنون , لا يهتزون و لا يحبطون ,  , يعبر بهم الي درجة ايمانية اعلي , ترسخ بداخلهم اليقين والثقة بموعود الله عز وجل ,تثبتهم و تربط علي قلوبهم , فلا يستعجلون نصرا , و لا يستبطئونه , و لا تتعلق قلوبهم بتسريبات ( أسباب من الله أسعدتنا علي غير موعد ) , فقط المطلوب منهم الي جانب ذلك , دوام التمسك بحبل الله . أولئك لا يفت من عضدهم ظلم و لا قهر و  لا يحيدون عن طريقهم ,… الثبات واليقين هو عنوان المرحلة , نري ذلك من قصة فرعون و موسي , فلا يتخلفون أبدا عن الركب و لا يحبطون ( راجعوا حلقة طالوت و القافزون من السفينة علي ذات الموقع )…والي الموضوع

 .

يطرح الله لنا قضية , و تروي لنا الآيات الحل و المقصد :

القضية :

=====

ان فرعون علا في الأرض و جعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم , انه كان من المفسدين

.”

المقصد :

======

و نريد أن نمن علي الذين استضعفوا في الأرض و نجعلهم أئمة و نجعلهم الوارثين . و نمكن لهم في الأرض و نري فرعون و هامان منهم ما كانوا يحذرون

 .”

الحل :

====

جاءت بداية الحل من حيث لا يحتسب أحد من البشر ” و أوحينا الي أم موسي أن أرضعيه فاذا خفت عليه فألقيه في اليم …………..الآيات “

فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا و حزنا , ان فرعون و هامان و جنودهما كانوا خاطئين .”

.امعانا في المكر الالهي و السخرية من المفسدين , سيتربي من ستكون نهايتهم علي يديه بين ظهرانيهم

النهاية :

=====

فأخذناه و جنوده فنبذناهم في اليم , فانظر كيف كان عاقبة الظالمين .”

أيضا نهاية لم يتوقعها بشر و لا حتي موسي و من معه.

و من خلال هذه القصة القرآنية المعجزة في أحداثها وسياقها , يذكر الله لنا من خلال الآيات الكريمات , كيف أن يد الله تعمل في الخفاء لتحقق قدر الله و غايته و موعوده لعباده المؤمنين , مبينة الطريق الذي لابد أن يسلكه عباد الله ليستحقوا ذلك المدد الالهي , و في كل جزئيات القصة , لا يخلو جزء من السبيل و الهدف الأعظم , ألا و هو التمسك بحبل الله عز و جل في أحلك الظروف , و مهما علا الباطل فمآله الي زوال ولكن بشروط ربانية ذكرها الله لنا تفصيلا ترسم النهج الرباني للوصول الي ذاك الهدف الأسمي ألا و هو انتصار الحق و نهاية الباطل .

ولنا هاهنا عودة مفصلة الي ذات الموضوع بعون الله عز و جل , نستشعر سويا هذا المعني , نعيشه و نعيش به , بعد أن نعرج سويا لنري من يستحق نصرة الله و لماذا قد يتأخر النصر أحيانا , بعد أن نري كيف اصطفي الله بني اسرائيل فاستحقوا النصر , و لماذا غضب الله عليهم فاستحقوا لعنته فيما بعد , ………..و أين نحن من ذلك الآن ؟؟!

تساؤل ……, طالما دار بذهني علي مدي سنين العمر , و أثق أيضا أنه دار بخلد الكثيرين , ما سر و حكمة تكرار ذكر بني اسرائيل المرات العديدة في القرآن , سواء مع نبي الله موسي أو قبله أو بعده , و لم تعجبني ولم تشف فضولي الاجابات العديدة , الي أن بات الرد واضحا يطل برأسه من خلال الأيام و الأحداث الجسام , و مع أحوالنا كمسلمين في السابق و الحاضر .

اصطفي الله بني اسرائيل علي البشر ” و لقد اخترناهم علي علم علي العالمين .” , و لم تنقطع عنهم النبوات , الي أن باءوا بغضب من الله و انتزع الله منهم الاصطفاء و أعطاه لأمة خير المرسلين عليه الصلاة و السلام . لكننا كمسلمين وقعنا في أخطاء عدة , كبني اسرائيل , حذرنا الله منها من خلال قصصهم المتوالية و المتكررة , حتي لا نقع فيها , فما كان منا الا أن وقعنا فيها جميعا فاستحققنا أن نسير في ” التيه ” السنين العديدة ,لا ندري الي أين نسير و لا ماذا نريد من الدنيا .

ومن أهم هذه الأخطاء , تصورنا أن هذا الاصطفاء انما هو تذكرة مجانية لدخول الجنة , بغير عمل و لا نية و كأننا لم نقرأ هذه الآيات من سورة النساء ” ليس بأمانيكم و لا أماني أهل الكتاب , من يعمل سوءا يجز به و لا يجد له من دون الله وليا و لا نصيرا . و من يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثي و هو مؤمن , فأولئك يدخلون الجنة و لا يظلمون نقيرا .” …………فعيينا حتي أن ندرس و نتدارس معني الايمان الموجب لدخول الجنان .

, سريعا و حتي لا نطيل نذكر أهم أسباب وجوب سخط الله علي بني اسرئيل بعد الاصطفاء, و كأننا لم نأبه من تحذير الله لنا من خلال قصص بني اسرائيل , فاستحققنا غضب الله والوقوع في التيه . قارنوا معي ما سنقول ونسرد بحال المسلمين عامة , و ” الانقلابيين” خاصة:

1 – حب الدنيا : ” ولتجدنهم أحرص الناس علي حياة و من الذين أشركوا “

2 – حب المال : ” قالوا و ما لنا ألا نقاتل في سبيل الله و قد أخرجنا من ديارنا و أبنائنا “……..خرجوا فرارا من أهليهم ودورهم , ولكن أخذوا معهم أموالهم و لذلك لم يذكرها الله في السياق .

3 – كراهية الموت : ” قل ان كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت ان كنتم صادقين .”

4 – سماعون للكذب : و أظن حال مؤيدي الانقلاب الذين أدمنوا سماع الكذب بل

ويحبونه , ما علي ذلك ببعيد .

5 – أكالون للسحت : و انظروا معي لمشايخ السوء و قضاة الظلم .

6 – موالاة الكافرين : ” تري كثيرا منهم يتولون الذين كفروا , لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليه و في العذاب هم خالدون .”………..وما حرب غزة منا ببعيد.

7 – حب المنكر وكراهية المعروف : ” كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه, لبئس ما كانوا يفعلون .”

8 – كراهية الجهاد : ” اذهب أنت و ربك فقاتلا انا هاهنا قاعدون .”

9 – حمار يحمل أسفارا , معذرة أتركها بلا تعليق , أسفه نفسي به , و يكفي الاعراض عن أوامر الله و نواهيه ,و هذا شيخ اعتبر الخمر حلالا … و هل الراقصة شهيدة أم لا , و لا أسترسل

 10- عبادة العجل : و انظروا الي حال المسلمين في أقطار الأرض عامة , و في الخليج وفي مصر خاصة , الذين صنعوا العجل بأيديهم بعد أن من الله عليهم بالخلاص منه في ثورة يناير.

11 – لسان حال االمسلمين يقول ” اذهبا أنت و ربك فقاتلا , انا ها هنا قاعدون “ , فاستحق المسلمين أن يعيشوا في التيه , عدة أحقاب , بعد أن نسوا الهدف الأعظم .. ألا و هو تحرير الأقصي ..

أخوتي و أحبتي , فقط ثقوا في موعود الله و نصره , انما هي الابتلاءات و التماحيص , ليحيي من حي عن بينة و يهلك من هلك عن بينة , و ثقوا أن يد الله تعمل في الخفاء من حيث لا يدري و لا يحتسب أحد , و لله الحكمة البالغة في تأخير النصر , فقط سنسأل عن الثبات و اليقين بالله و ماذا قدمنا . كل قدر استطاعته , انما هي خطوات يجب علينا الأخذ بها و انتهاجها من قصة فرعون و موسي , أخبرنا الله بها ليتحقق النصر علي يد الفئة المؤمنة الثابتة علي النهج الرباني السليم . أكثروا من دعاء ” حسبنا الله و نعم الوكيل” , في هذه الأيام المباركة , و ربنا ” الوكيل ” سيكرمنا بنصر تقر به الأعين من حيث لم نحتسب باذن الله .

كيف أوحي الله الي موسي و ألهمه طريق الخلاص هو و من معه ؟ و كيف رسم الله الحل الرباني للخلاص من فرعون ؟ مع الأخذ بأسباب معينة , لم تكن بداية الحل ولا نهايته منها , أسباب رسمها الله لموسي و من معه , وجب علينا الأخذ بها و انتهاجها من خلال قصة موسي و فرعون ,نكمل المقال المقبل  أهم جزء من هذه السلسلة باذن الله عز و جل , عسي الله أن يهدينا سواء السبيل و أن يرينا الحق حقا و يرزقنا اتباعه و أن يدبر لنا فاننا لا نحسن التدبير …و للموضوع بقية ان شاء الله تابعونا ..

فستذكرون ما أقول لكم و أفوض أمري الي الله , ان الله بصير بالعباد

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى