كتاب وادباء

اعادة بناء الانسان المصرى

اعادة بناء الانسان المصرى

بقلم الكاتب 

حاتم غريب 

حاتم غريب

——————————

اعادة البناء هى بالطبع ليست اعادة البناء الاقتصادى التى اطلقها الرئيس السوفيتى السابق ميخائيل جورباتشوف فى عام 1985 وتعنى بالروسية(البيروستريكا) والتى ادت الى انهيار الاتحاد السوفيتى لعوامل كثيرة ليس هنا مجال الحديث عنها ……ولكن ماعنيته هنا ومااقصده هو اعادة بناء الانسان نفسه وخاصة المصرى الذى تصدع بنيانه منذ سنوات عدة فاوشك على الانهيار ان لم يكن قد انهار بالفعل بعد ان تأأكل الاساس المقام عليه واصبح غير قادر على حمله وعملية التصدع هذه للبنيان المصرى بدأت مباشرة بعد التحول السياسى لمصر من النظام الملكى للنظام الجمهورى والذى اعقي انقلاب يوليو عام 1952 بقيادة مجموعة من العسكر انقلبت على ملك البلاد وسطت على مقدرات مصر بحجة الفساد الذى عم مصر فى عهد الملك فاروق على الرغم من ان الكثيرين من ابناء هذا الشعب يعلمون جيدا ان فترة الملكية التى عاشتها مصر كانت من ازهى عصورها بالمقارنة بما حدث بعد ذلك فعلى الصعيد الاقتصادى لم تكن مصر مدينة لاحد بل كانت دائنة لسيدة البحار بريطانيا العظمى وكان هناك حراكا سياسيا نوعا ما رغم وجود ماكان يسمى وقتها بالبوليس السياسى الذى يضاهيه الان امن الدولة فى مصادرة حرية التعبير عن الراى وعلى الرغم من ذلك كان هناك حياة اجتماعية مستقرة نوعا ما فلم يكن عدد الفقراء كما هو الان وحتى لو كان هناك اخطاء ارتكبها النظام الملكى فى حق الشعب لكنها لم تكن بالقدر الذى نعيشه الان فى ظل النظام الجمهورى والذى ظن الكثيرين وافترضوا ان هؤلاء الذين قاموا بانقلابهم وسموا انفسهم الضباط الاحرار انهم سيقومون بعملية تحول وتغيير شامل فى كل انظمة الدولة بما يعود فى النهاية لصالح مصر وشعبها وبسبب قلة خبرتهم للحياة المدنية فشلوا فشلا زريعا فى تحقيق مااسموه وقتها مبادىء الثورة وبدأت تظهر عليهم ملامح الطمع فسيطروا على كل مؤسسات الدولة او بمعنى اصح عسكروها ووزعوا المناصب عليهم واتباعهم وليست المناصب فحسب بل الثروة ايضا فصادروا الملكية الخاصة وانتزعوا اراضى ممن اطلقوا عليهم وقتها الاقطاعيين ووزعوا بعضها على صغار الفلاحين حتى يكسبوا تعاطف فئة عريضة من الشعب لكن وبلاشك الدافع وراء اطماعهم هذه لم يكن حماية مقدرات مصر وشعبها كما ظن الكثيرين انما انتقاما من الفقر والحرمان الذى عاشوه فقد كان غالبيتهم ان لم يكن كلهم اتوا من اسر فقيرة عانت من الفقر والحرمان فارادو ان يعوضوا ذلك بالاستيلاء على كل ماكنت تطالة يدهم والا فاين ذهبت مجوهرات العائلة المالكة وغالبية الممتلكات العقارية والاراضى انهم لم يكونوا وطنيين كما خدع فيهم الشعب بل نظروا اكثر مانظروا الى مصالحهم الشخصية قيل مصلحة الوطن والمواطن وحاربوا من اجل ذلك فصادروا كذلك حرية التعبير والراى والفكر وفتحوا ابواب المعتقلات لكل من يقف ضدهم او يعارضهم اسسوا دولة الخوف فقتلوا وسجنوا وانتهكوا اعراض وحرمات لم يكن لديهم خط احمر لاى شىء وحاربوا العلم والعلماء ووضعوا العلمانية فوق الدين وفصلوا الدين عن السياسة فكان من نتاج كل ذلك انتشار الفقر والجهل والمرض بين افراد الشعب بصورة اكبر مما كانت عليه فى العهد الملكى فلم يكن لديهم خطط علمية يسيرون عليها فى ادارة الدولة بل ان كل سياستهم كانت تسير بشكل عشوائى غير مدروس فلا خطط لنهضة علمية ولاصحية ولا اقتصادية ولاسياسية ولا اجتماعية كل ذلك بالطبع ساهم بشكل كبير فى اضطراب الشخصية المصرية وتصدعها فانتشر بين الناس عادات اصبحت عرفا بعد ذلك ان لم تكن قانونا كالرشوة والمحسوبية والوساطة فانهارت اخلاق المجتمع وضعف الوازع الدينى لدى الكثيرين وذادت معدلات الفقر والبطالة وظهرت طبقة سيطرت بشكل مباشر على الاقتصاد واحتكرت السوق والعمل والانتاج لصالحها وكونت ثروات ضخمة نتيجة ذلك وحدث مايسمى بعد ذلك بالتزاوج بين السلطة والمال فتحكموا فى قوت العباد وانتشر الفساد فى كل ربوع الوطن ففقد المصرى الكثير من اصوله الشخصية واصبح يعيش كالدمى يتلاعب به من يملكون المال والسلطة ففقد نفسة وشخصيته بعد ان نزعت منه فاصبح يفتقد الى الاخلاق والعلم والارادة فانهارت معنوياته واستسلم للامر الوقع حتى وصل به الحال الان وبعد تكرار التجربة المريرة من الانقلابات مرة اخرى الى مرحلة الانهيار شبه التام وربما ياتى عليه يوما يتلاشى ان لم يتم الاسراع باعادة بناءة على اساس من الخلق والعلم والفكر والارادة حتى يستعيد نفسه مرة اخرى…..فهل يتحقق ذلك عن قريب…………/حاتم غريب

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى