آخر الأخبارالأرشيف

تحت حكم جنرالات العسكر .. انهيار أكبر قلعة في الشرق الأوسط لصناعة السفن واليخوت ومراكب الصيد بالإسكندرية

بعد مرور قرابة 200 عام على إنشاء أكبر قلعة في الشرق الأوسط لصناعة السفن واليخوت ومراكب الصيد بالإسكندرية، أصبحت ورش الأنفوشي مكانا مهجورا ومنطقة لإيواء الخارجين على القانون ومتعاطي المخدرات، وليس بها سوى بقايا سفن غير مكتملة ومراكب ينخر في أخشابها السوس.

يقول محمد محروس، 80عاما، من أشهر صانعي السفن بالأنفوشي، إنه منذ نعومة أظفاره وهو يعمل بتلك المهنة بعد أن تعلم أدق فنونها من والده، وكانت تلك المهنة مصدر رزق له ولأولاده وأحفاده الذين يعملون معه في الورشة، ومع حلول عام 2004 وصدور قرار بحظر ترخيص مراكب أو يخوت جديدة، بدأت الدنيا تكشر لهم عن أنيابها، وعزف الصيادون وبعض رجال الأعمال والهواة من المتيسرين عن تصنيع مراكب ويخوت، مؤكدا أنه ظل متمسكا بالأمل في إلغاء القرار، خاصة بعد تظاهر واعتصام الصيادين أمام هيئة السلامة البحرية، ولكن حتى الآن لم يتم إلغاؤه.

سفن

وقال إبراهيم مخيون، صانع سفن، إن الإسكندرية، وخاصة منطقة الأنفوشي، كانت تحتوي على أكثر من 80 ورشة يعمل بها المئات من أمهر الحرفيين، وتصدر ما يزيد على نصف إنتاجها من السفن واليخوت إلى الخارج وذلك لاشتهارها بالدقة والمهارة والحرفية، إلى أن توالى إصدار القرارات ووضع الكثير من المعوقات أمام الصناع، وظهور مافيا احتكار الأخشاب الخاصة بتلك الصناعة مما ضاعف من أسعارها، مشيرا إلى أن الأخشاب المستخدمة في صناعة السفن واليخوت تتنوع بين أحشاب الكافور والتوت والسنط.

وأضاف أصبحنا تحت رحمة من يعطي الأخشاب لمن يدفع أكثر، مع ارتفاع أسعار باقي الخامات”، وقال: “أسعار المراكب في مصر أرخص من أي مكان في العالم، وفي حال عودة هذه الصناعة مرة أخرى يمكن أن تحظى مصر بمكانة عالية جدا بين الدول المصنعة”.

وأوضح: “يتكلف اليخت الكبير بين 140 إلى 200 ألف جنيه أخشاب، بخلاف سعر الماكينة الذي يختلف من نوع إلى آخر، ويتراوح بين 80 إلى 90 ألف، ويحتاج اليخت الكبير إلى ماكينتين، بينما يحتاج اليخت الصغير من 80 إلى 100 ألف جنيه أخشاب، وماكينة يتراوح سعرها بين 12 و18 ألفا، بينما يتكلف مركب الصيد الصغير من 8 إلى 12 ألف جنيه.

من جانبه، أكد أبو شنب، عضو مجلس إدارة جمعية صناع السفن بالإسكندرية، أن أصحاب الورش مهددون بالسجن بسبب مديونيتهم لمحافظة الإسكندرية نتيجة تراكم قيمة الإيجار، إلى جانب هجر الكثير من العمال المهرة للمهنة والاتجاه إلى مهن أخرى بحثا عن مصدر للرزق، وقال: “نطالب الرئيس السيسي بضرورة إنشاء مدينة لصناعة السفن بالإسكندرية على غرار مدينة الأثاث بدمياط، لتجميع العمال المهرة وتدريب الشباب على تلك الصناعة التي إذا تم إحياؤها فستمثل مصدر دخل قومي لمصر لسمعة الإسكندرية المتميزة دوليا بصناعة السفن واليخوت، كما ستسهم الصناعة في تقليل نسبة البطالة، كما نطالب بجدولة ديون أصحاب الورش، وإلغاء قرار منع إصدار تراخيص للمراكب الجديدة”.

ويقول الربان الدكتور محمد الحداد، الخبير البحري واستشاري تشغيل الموانئ ورئيس الحكماء العرب للنقل البحري، إن هناك معوقات كثيرة أدت لانهيار الأسطول البحري وبالتالي انهيار صناعة السفن، منها عزوف ملاك السفن من المصريين والأجانب عن تسجيل سفنهم تحت العلم المصري لعدد من الأسباب أهما الضرائب ورسوم الشهر، والرسوم الجمركية، والإتاوات والرشاوى، والعوار القانوني.

وأوضح أن القوانين المصرية لم تعد تواكب التطورات والاتفاقيات والمعاهدات الدولية، فباتت القوانين المصرية تحارب مالك السفينة ولا تمكنه من بيع سفينته إلا بعد موافقة وزير النقل شخصيا وبعد عرضها بالسوق المحلي بفترة يحددها القانون الوزاري، لذلك عزف الكثيرون عن تصنيع وشراء السفن التى يتم تصنيعها بمصر وخصوصا الإسكندرية، كما أن تسجيل السفينة تحت علم مصر يستغرق وقتا ومجهودا وأموالا كثيرة، الأمر الذي يجعل المستثمر في هذا المجال يلجأ لتسجيل سفينته بدول أعلام المنفعة مثل بنما وليبيريا وهندوراس وغيرها بلا ضرائب، وبرسوم زهيدة، ودون قيود على البيع أو الشراء.

يذكر أن صناعة السفن في مصر نشأت في عصر محمد علي باشا، حين أراد تجهيز حملة عسكرية للقضاء على الثورة الوهابية بشبه الجزيرة العربية، فسارع بتأسيس ورشة لتصنيع البواخر بمنطقة بولاق، قبل أن يتوجه إلى الإسكندرية لينشئ بها ترسانة لبناء البواخر، ليصبح بعدها الأسطول البحري المصري من أقوى الأساطيل البحرية فى العالم، وبعد القضاء عليه بتحالف الأساطيل الفرنسية والإنجليزية والروسية في موقعة “نفارين البحرية”، أعاد الخديوي إسماعيل بناءه من جديد بتأسيس شركة خطوط البوستة الخديوية بمسمى “وابورات الأسرة الخديوية”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى