لايف ستايل

علماء يتوصلون لتأثير التلوث الضوئي على حياة الحشرات ومطالب بإنقاذ الكوكب

يعتبر التلوث الضوئي عاملاً رئيسياً في
التراجع السريع في أعداد الحشرات، حيث يقول باحثون إن الضوء الصناعي أثناء الليل
يمكن أن يؤثر على كل جانب من جوانب حياة الحشرات

وخلص العلماء بعد تقييم أكثر من 150 دراسة
وفق تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية إلى: «نعتقد بقوة أن الضوء الصناعي في الليل -إلى جانب التلوث
الكيميائي والأنواع الدخيلة وتغير المناخ- هو السبب وراء انخفاض أعداد الحشرات.
ونفترض هنا أن الضوء الصناعي في الليل هو عامل آخر مهم -ولكن غالباً ما يلقى
تجاهلاً- في اختفاء الحشرات».

ومع ذلك، على عكس العوامل الأخرى لتراجع
أعداد الحشرات، من السهل نسبياً منع التلوث الضوئي، عبر إطفاء الأضواء غير
الضرورية واستخدام درجات الأضواء المناسبة. وقال الباحثون: «يمكن لذلك أن
يقلل بشكل كبير من خسائر الحشرات على الفور».

بريت سيمور، عالم البيئة السلوكي في جامعة
واشنطن في سانت لويس ومساهم رئيسي في المراجعة قال إن: «الضوء الصناعي في
الليل هو الإضاءة التي يسببها الإنسان، بدءاً من إنارة الشوارع إلى اشتعال الغاز
الناتج عن معالجة النفط. ويمكن أن يؤثر على الحشرات في كل جزء يمكن تخيله من
حياتها».

وأوردت تقارير أن ثمة انخفاضاً في أعداد
الحشرات في ألمانيا وبورتوريكو، وذكرت أول
مراجعة علمية دولية
، نُشرت في فبراير/شباط، أن هذا الانخفاض الهائل يهدد
بالتسبب في «انهيار كارثي للأنظمة البيئية الطبيعية».

وجاء في آخر مراجعة: «تتناقص الحشرات في
جميع أنحاء العالم بسرعة. واختفاؤها سيكون له عواقب وخيمة على الحياة على هذا
الكوكب».

يُعتقد أن هناك ملايين الأنواع من الحشرات،
لا يزال العلم يجهل معظمها، ونصفها تقريباً ينشط في الليل. وقد تتضرر الحشرات التي
تنشط في النهار أيضاً من ضوء الليل وهي في فترة راحتها.

يشير التحليل، الذي نُشر في دورية Biological
Conservation
، إلى أن المزارعين يستخدمون منذ أمد بعيد الضوء عمداً لإيذاء
الحشرات. ولكن مع توسع البنية التحتية البشرية، وانخفاض تكلفة الإضاءة، أصبح
التلوث الضوئي يؤثر على ربع مساحة اليابسة في العالم.

ويتعلق التأثير الأكثر شيوعاً للتلوث الضوئي
بالعث الذي يرفرف حول المصباح، ويعتقد خطأً أنه القمر. فيموت ثلث الحشرات وهي
عالقة في محيط هذه المصابيح قبل الصباح، وفقاً لدراسة مقتبس عنها في المراجعة، إما
بسبب الإرهاق أو بسبب أكلها.

ووجدت أبحاث حديثة في المملكة المتحدة
انخفاضاً في أعداد العث في الأماكن الملوثة ضوئياً أكبر مما في مثيلاتها المظلمة.
فيما تشكل المصابيح الأمامية للمركبة خطراً متحركاً مميتاً، ويقدر أن هذه المصابيح
الجاذبة المميتة تؤدي إلى موت 100 مليار حشرة كل صيف في ألمانيا.

وتوصلت المراجعة إلى أن الضوء الصناعي يمنع
الحشرات من العثور على رفيق في بعض الأنواع، ويظهر ذلك جلياً مع اليراعات التي
تتبادل الإشارات الضوئية أثناء التزاوج.

وتستخدم بعض الحشرات استقطاب الضوء للعثور
على الماء الذي تحتاجه للتكاثر، لأن موجات الضوء تصطف بجانب بعضها بعد انعكاسها من
على سطح أملس. لكن الضوء الصناعي يمكن أن يفسد هذا. «تعيش اليراعات ليوم واحد
فقط، لذلك تخرج وتبحث عن الضوء المستقطب. وحين تجده -ولكن يكون منعكساً عن
الأسفلت- تضع بيضها هناك ثم يموت جميعها. وهذه طريقة جيدة لقتل أعداد كبيرة من
الحشرات خلال 24 ساعة».

وقد تبين أن تطور الحشرات في المراحل العمرية
المبكرة، مثل صراصير الحقل، يتأثر أيضاً بالتلوث الضوئي، الذي يغير من طول الليل
والنهار المُتوقع.

وتوصلت المراجعة إلى أن البحث عن الطعام
يتأثر بالتلوث الضوئي أيضاً. إذ إن الحشرات التي تتجنب الضوء، على سبيل المثال
حشرة ويتا، والصراصير العملاقة التي لا يمكنها الطيران والتي توجد في نيوزيلندا،
تقضي وقتاً أقل في البحث عن الطعام في المناطق الملوثة ضوئياً.

وتعتبر الحشرات فريسة مهمة للكثير من
الأنواع، لكن تلوث الضوء يمكن أن يقلب الميزان لصالح المفترس إذا كان يحاصر
الحشرات حول الأضواء. ووُجد أن العناكب، والخفافيش، والفئران، والطيور الساحلية،
وأبو بريص وعلجوم القصب تتغذى حول الأضواء الصناعية. وقال الباحثون إن مثل هذه
الزيادة في خطر الافتراس قد تسبب انقراض هذه الأنواع المتأثرة سريعاً.

حيث قال الباحثون إنه من الصعب على الحشرات
التعامل مع التلوث الضوئي على وجه الخصوص. إذ إن معظم التهديدات التي يتسبب فيها
الإنسان للحشرات لها نظائر طبيعية، مثل تغير المناخ والأنواع الدخيلة، مما يعني
أنها قد تتكيف إلى حد ما. إلا أن الدورة اليومية للضوء والظلام ظلت ثابتة طوال
مراحل التطور على مر الزمن.

وقال سيمور إن التلوث الضوئي رغم ذلك هو أسهل
التهديدات التي تواجه الحشرات. وقال: «فور أن تطفئ الأضواء، يختفي. إذ لا
يتعين عليك التنظيف، مثلما تفعل مع معظم الملوثات. وأنا لا أقول إننا بحاجة إلى
التخلص من الضوء أثناء الليل، وإنما أعتقد أننا بحاجة فقط إلى استخدامه
بحكمة».

وقال إن إطفاء الأنوار غير الضرورية هو
التصرف الأكثر بديهية، في حين أن تشغيل الأضواء المتحركة يقلل أيضاً من التلوث
الضوئي. وتقليل الأضواء بحيث تكون المساحة المطلوبة هي المضاءة فقط أمر مهم، وكذلك
تجنب الأضواء الزرقاء البيضاء التي تتداخل مع التواتر اليومي. وتمنحنا مصابيح LED الأمل أيضاً، إذ يمكن ضبطها
بسهولة لتجنب الألوان ومعدلات الوميض الضارة.

وقال مات شاردلو، الرئيس التنفيذي لمؤسسة Buglife الخيرية
للمحافظة على البيئة: «الأدلة على أن التلوث الضوئي له آثار عميقة وخطيرة على
النظم البيئية قوية للغاية. من الضروري أن يتخذ المجتمع الآن خطوات كبيرة لجعل
البيئة أكثر أماناً للحشرات».

وأضاف: «الهدف الوطني بالحد من الضوء،
الواجب التنفيذ قانوناً، سيكون الخطوة التالية الأهم». وقال إن التوجيه
الجديد لحكومة المملكة المتحدة بشأن تلوث الضوء لم يأخذ في اعتباره أزمة تدهور
أعداد الحشرات.

وقال البروفيسور نايجل راين، خبير التلقيح في
جامعة غويلف في كندا الذي لم يشارك في إعداد المراجعة: «التلوث الضوئي يمكن
أن يكون له تداعيات خطيرة على أعداد الحشرات أو أنواعها أو مستوياتها».

وقال إنه يتعين على العلماء أن يولوا المزيد
من الاهتمام لهذه المسألة، وقال: «ولكن قد يكون من السابق لأوانه القول إن
هذه الآثار بخطورة عوامل الإجهاد الأخرى».

يقول فريق سيمور إنه لم يُجر المزيد من
الأبحاث حول التلوث الضوئي والحشرات بسبب التحيز النهاري، أي ميل علماء البيئة
لدراسة الظواهر النهارية.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى