آخر الأخبارالأرشيف
“مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي”.. صفقات السلاح المصرية لمواجهة انتفاضة شبيهة بسوريا
خلص تحليل نشرته “مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي” إن الإنفاق العسكري الهائل، الذي أقدمت عليه مصر منذ تولى “عبدالفتاح السيسي” الحكم، ونوعية المشتريات العسكرية، “ربما يهدف إلى قمع انتفاضة متوقّعة في المدن شبيهة بالأزمة السورية”.
واعتبر التحليل، الذي أعده المحلل السياسي “ماجد مندور”، أن نوعية الأسلحة، التي حصلت عليها مصر في السنوات الأخيرة، “لا تبدو مناسبة للتحديات الأمنية الداخلية أو الخارجية التي تواجهها البلاد، كما أنها لا تتلاءم مع أهدافها في السياسة الخارجية”.
فمنذ أصبح عبد الفتاح السيسي رئيساً للبلاد في يونيو 2014، انطلق الجيش المصري في معدلات إنفاق هائلة؛ إذ بلغت قيمة اتفاقات نقل الأسلحة التي وقعتها مصر في العام 2015، 11.9 مليار دولار أمريكي، لتحتل بذلك المرتبة الثانية بين البلدان النامية.
ويشمل هذا المبلغ 5.9 مليارات دولار من فرنسا في إطار صفقة لتزويد مصر بعدد 24 مقاتلة رافال، و1.1 مليار دولار لتزويدها بحاملتَي طائرات من طراز ميسترال، ووجهة استعمالها الأساسية هي الإنزال البرمائي والعمليات الهجومية.
في العام 2016، وقّعت مصر وفرنسا اتفاقاً إضافياً بقيمة 1.1 مليار دولار لتزويد مصر بالطائرات والسفن وبمنظومة للتواصل عبر الأقمار الصناعية العسكرية.
وفي يناير 2016، أبرمت مصر اتفاقاً للحصول على 46 مروحية هجومية من روسيا استكمالاً لحاملتَي ميسترال.
ووفق المحلل السياسي، فإن التهديدات التي تواجهها مصر على مستوى الأمن الداخلي والخارجي لا تقدّم أسباباً واضحة تبرّر هذه الأنواع من المشتريات.
وأوضح أنه على الحدود الشرقية بلغت مصر مستوى تاريخياً من التعاون الديبلوماسي والأمني مع إسرائيل.
ففي 22 ديسمبر الماضي مثلاً، أرجأت مصر تصويتاً على قرار اقترحته في مجلس الأمن الدولي كان من شأنه أن يطالب إسرائيل بوقف بناء المستوطنات في الأراضي المحتلة، وقد عمدت مصر إلى إرجائه عندما بات واضحاً أن الولايات المتحدة لن تستخدم حق النقض (الفيتو) لإسقاط مشروع القرار.
وفي مايو 2016، عيّنت مصر أحمد أبو الغيط، المعروف في المنطقة بصديق إسرائيل، أميناً عاماً لجامعة الدول العربية.
وعلى الجبهة الأمنية، وإلى جانب التعاون المصري الإسرائيلي في فرض حصار على قطاع غزة، فقد سمحت إسرائيل لمصر باستخدام الهجمات الجوية والأسلحة الثقيلة لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية في سيناء، ما يشكّل تقنياً انتهاكاً لاتفاقات كامب ديفيد.
وعلى الحدود الغربية، أتاح الفراغ في السلطة في ليبيا لعدد من المجموعات المسلّحة، بما فيها الدولة الإسلامية، بالانتشار، ما قد يُهدّد في نهاية المطاف الأمن المصري.
لكن ما عدا السماح للمقاتلات الإماراتية باستخدام القواعد الجوية المصرية لشنّ غارات جوية في ليبيا ومبادرة مصر إلى شنّ هجمات جوية بنفسها رداً على إعدام عدد من المصريين الأقباط حافظت مصر على مسافة من الصراع في ليبيا.
وعلى النقيض من سيناء، لم يظهر تمرد متطور في القسم الغربي من البلاد؛ إذ لم يتمدد النزاع الليبي عبر الحدود، وليست هناك أي مؤشرات بأنه سيتمدد.
غير أن التهديد الأمني الأساسي الذي تمثّله ليبيا مصدره تهريب الأسلحة إلى سيناء.
لكن بدلاً من الاستثمار في معدات ضبط الحدود، مثل أجهزة الاستشعار، والطائرات من دون طيار، وزيادة الدوريات الميدانية، اشترت مصر معدات لإظهار قوتها غير مناسبة لجهود مكافحة التهريب.
التمرد في سيناء
وعلى الصعيد الداخلي، ربما كان ظهور تمرد متطور تقوده الدولة الإسلامية في سيناء يستدعي إنفاق هذه المبالغ الطائلة، غير أن أنواع الأسلحة التي تم شراؤها لا تتناسب مع هذه المهمة.
وعلى سبيل المثال، لا فائدة من مقاتلات رافال التي تم شرائها من فرنسا، نظراً إلى أن الجيش المصري يملك في الأصل 230 مقاتلة «إف-16» تتمتع بإمكانات مماثلة ، وهذا الرقم يفوق العدد الحالي للطيارين المدرَّبين في مصر.
كما أن مروحيات أباتشي التي سلّمتها الولايات المتحدة إلى مصر في ديسمبر 2014 أكثر فعالية إلى حد كبير في مواجهة هذا النوع من التمرد.
وعلاوةً على ذلك، لن تعود حاملتا الطائرات من طراز ميسترال بفائدة كبيرة في سيناء؛ حيث لا حاجة إلى تنفيذ عمليات إنزال برمائي.
وبناء على ما سبق، يصعب، إقامة رابط بين القتال في سيناء وواردات الأسلحة الأخيرة.
وذكر المحلل السياسي أن بعض المحللين اعتبروا أن الهدف من هذه الواردات هو تنويع الجهات المزودة للجيش المصري الذي يعتمد بشدة على الولايات المتحدة.
لكن على الرغم من أن هذه الأخيرة عمدت مؤقتاً إلى تعليق شحنات الأسلحة إبان الانقلاب في العام 2013، إلا أنها لا تزال تقدم لمصر، بموجب اتفاقات كامب ديفيد، مساعدات عسكرية قدرها 1.3 مليار دولار في السنة؛ ما يجعل مصر ثاني أكبر متلقّي للتمويل العسكري الأمريكي في العالم.
وربما كانت الرغبة في تنويع مصادر التزويد بالأسلحة من العوامل التي تؤدي دورا في هذا السياق، غير أنها لا تقدم صورة وافية وشاملة.