الأرشيف

ملوك وأمراء ورؤساء العرب من الوصاية الإنجليذية إلى الوصاية الأمريكية

ملوك وأمراء ورؤساء العرب من الوصاية الإنجليذية إلى الوصاية الأمريكية

بقلم رئيس التحرير

 سمير يوسف

سمير يوسف

بالرغم من أنني دربت نفسي على أن أجنح للعقلانية، وأن كل شيء قابل للحوار لدى إلا أن ثلاثة  أشياء لم تتغير قيد شعرة طوال أكثر من أربعة وأربعون عاما هي عمر إقامتي في النمسا قناعتي ويقيني وإيماني بالاسلام ديناً، وبإنتمائي لعالم عربي رغم كل مساوئه وتخلفه وهزائمه ومعتقلاته وسجونه وطغاته إلا أن مشاعري العروبية القومية ظلت كما هي.

أما الشيء الثالث فهو علاقتي بالكيان الصهيوني، فلم يحدث مرة واحدة في حياتي أنْ أشتريت أيَّ شيء مصنوع في إسرائيل، وأعتبر نفسي مقاطعا لها ما دمتُ حياً.

ولو اعترف العربُ كلهم بإسرائيل وتم انتخاب إسرائيلي أمينا عاما لجامعة الدول العربية فلن يتغير موقفي من الاحتلال ولست على استعداد لمحاورة ضميري وتقديم مبررات واهية حمقاء.

السعودية بلد يحتل موقعا روحيا تهوي إليه أفئدة الملايين، ويلعب دورا اقتصاديا كبيرا، فضلا عن دوره المسيطر والمتحكم في مجلس التعاون الخليجي ، كان من المفترض أن يسقط الإرهاب صريعا عندما يطرق باب المملكة، وأن لا يحتاج لقبضة الأمن او قمة أمريكية عربية مثل قمم سابقة كانت إنجليذية عربية، وأن لا يتم زرعه في الأساس في هذا البلد الآمن.

ليس ثمة استغراب في سير العلاقات السعوديةـ الصهيونية الحاضرة لمن كان له أدنى تأمل في التاريخ السعودي ـ الصهيونى السالف أي قبل عدة عقود وبالتحديد منذ زمن عبد العزيز آل سعود مؤسس دولة آل سعود الثالثة المعروف بمناصرة للوبي الصهيوني لتمكين إسرائيل من رقاب المسلمين بإعلانه التنازلي بيع فلسطين لليهود وتسليمه صكّاً لبريطانيا آنذاك. وإنما ما حدث وما يحدث في هذه الأيام من القيام بالإعلان السعودي المكشوف والمفضوح في العهد الفهدي عن بيع القضية الفلسطينية ما هو إلا عملية تمتمة وتتويج لما قام به والده عبد العزيز.

عبد العزيز وإسرائيل:

فالتاريخ لا يمكن أن ينسى ما قامت به أسرة آل سعود  في عام 1936 من إخماد الثورة الفلسطينية والتي مهدت لاحتلال فلسطين ونكبتها عام 1948 عندما كانت فلسطين مستعمرة من قبل الانكليز وكان الشعب آنذاك في حالة ثورة وتمرد وعصيان وإضراب شامل استمر 183 يوماً وعصيان وإضراب شامل استمر 183 يوماً ضد الاستعمار الإنكليزي، حيث لم يستطع الاستعمار وقتها من إيقاف هذه الثورة وإنما لجأ إلى أساليب القمع والسجون والتشريد ولما عجزوا عن كسر طوق ذلك الإضراب الشهير حاولت الحكومة البريطانية في يوم 8 أيار 1936 أن تخفّف من الاستياء الشعبي (بإيفاد لجنة تحقيق ملكية لتحري أسباب الثورة ووضع الحلول المناسبة) لكن عرب فلسطين رفضوا هذه اللجنة وحلولها والتي قصد بها الاستعمار كسر الإضراب وإخماد الثورة.

مراسم البيعة في العهد السعودي

وبعد الفشل لدريع للحكومة البريطانية من إخماد هذه الثورة العارمة قررت أن تستخدم نفوذها عن طريق الأمراء والحكام العرب في ضرب هذه الثورة حيث لجأت إلى الأمير عبد الله حاكم الأردن لفك الإضراب وإيقاف الثورة إلا أنها لم تتمكن من الوصول إلى بغياها فلم يجد الإنكليز آنذاك ملجأً إلا إلى ملك المملكة العربية السعودية عبد العزيز آل سعود لأنه لن يألو جهداً في خدمتهم بعد أن أُغلقت جميع الأبواب في وجوه المستعمرين لولا أن قوّض لهم هذا ووجدوا فيه البديل المناسب الذي يتّقن الدور المنوط به حيث وجدوا ما يصبون إليه عنده. يومها بعث عبد العزيز برسالة إلى الفلسطينيين كتبها مستشاره جون فيلبي باسم القادة العرب ، ولا يخفى على القارئ أن القادة العرب آنذاك كان يقصد بهم عبد العزيز وأولاده،وبعثها بواسطة رئيس اللجنة العليا “أمين الحسيني” وأطلقوا على هذه الرسالة باسم (النداء). حيث يقول عبد العزيز في هذه الرسالة ..”إلى أبنائنا الأعزاء عرب فلسطين… لقد تألمنا كثيراً للحالة السائدة في فلسطين فنحن بالاتفاق مع ملوك العرب والأمير عبد الله ندعوكم للإخلاد إلى السكينة وإيقاف الإضراب حقناً للدماء. معتمدين على الله وحسن نوايا صديقتنا الحكومة البريطانية ورغبتها المعلنة لتحقيق العدل وثقوا بأننا سنواصل السعي في سبيل مساعدتكم.

هذه البرقية التي بعثها عبد العزيز حيث كانت بداية الضربة القاصمة للشعب الفلسطيني والتي كانت تحمل في طياتها السموم لتطعيم الشعب الفلسطيني

عبدالعزيز وقائد قوات الإحتلال البريطاني

 لصالح الاستعمار البريطاني. مما أسفر عن انقسام الشعب الفلسطيني إلى عدة أقسام وبدأ تفككه وانتشار السم العبد العزيزي في أوردته وأمعائه وبدأت النداءات تلو النداءات ترد على هذا الشعب الذي بدأت أنفاسه تخمد شيئاًَ فشياً إلى أن ازداد انقسام الشعب الفلسطيني أكثر مما هو عليه حينما أرسل عبد العزيز ابنه فيصل ومن قبله سعود إلى القدس للتأكد من إيقاف الثورة الفلسطينية خدمة لصديقته بريطانيا وتمكيناً لقيام دوله اليهود. حيث اجتمع فيصل بقيادة فلسطين في القدس الشريفة في ذلك الاجتماع قال فيصل: ـ

(حينما أرسلني والدي عبد العزيز في مهمتي هذه إليكم فرحت فرحتين الفرحة الأولى: كان من أجل زيارة المسجد الأقصى والصلاة في بيت المقدس، أما الفرحة الثانية: فكانت فرحتي بلقاء هؤلاء الثوار لأبشّرهم أن جهودهم لم تذهب سدى وأن ثورتهم قد أثمرت بإثارة اهتمام صديقتنا بريطانيا العظمى التي أكدت لوالدي حينما رأت اهتمامه بفلسطين إنها لن تخيب آمال الفلسطينيين. وبناءاً على ما عرفته من صدق نوايا بريطانيا أستطيع أن أقسم لكم بالله أن بريطانيا صادقة فيما وعدتنا به وأن بريطانيا تعهدت لوالدي أنها عازمة على حل القضية الفلسطينية) .

ولقد جاءت هذه البرقية “النداء”بداية المساومات والتنازلات في القضية الفلسطينية على حساب الشعب الفلسطيني المضطهد ويقول تقرير نشرته منظمة التحرير والذي نقلته الصحيفة المصرية (آخر ساعة) عن هذه البرقية أو النداء الذي وجهه عبد العزيز آل سعود إلى الشعب الفلسطيني،هي التي استطاعت أن تجهض الروح الكفاحية العالية للشعب الفلسطيني التي سادت طوال السنوات السابقة كرد طبيعي وثوري على محاولات تهويد فلسطين وذلك حين تمكن منأن يبدل الأسلوب الثوري بأسلوب المساومة والتنازلات بالاعتماد على نوايا الدول الاستعمارية وهي نفسها التي خلفت إسرائيل أجل لقد كان هذا النداء بمثابة المحاولة الأولى لسحب القضية الفلسطينية من تحت أقدام أبنائها ودفع النضال الفلسطيني بعيداً عن مرتكزاته الفعلية .

آل سعود

نعم ومن خلال هذا النداء استطاعت بريطانيا إخماد الثورة وتفكيكها عن طريق العميل عبد العزيز حيث استطاعت بريطانيا أخيراً التقسيم الذي انتهى إلى إعلان قيام الأدلة العنصرية الصهيونية فيما بعد حيث استطاع المثلث السعودي الصهيونى الانكليزي المشترك أن يفصل شعب فلسطين

ولقد سرّت القيادة البريطانية أعظم سرور ونلنا على أثرها ثلاثة أوسمة تقديرية الأول لي والثاني لعبد العزيز والثالث لفيصل لهذا الدور بل لهذا الفاصل التاريخي الذي قام به صديقها الحميم عبد العزيز آل سعود ووجهت إليه رسالة شكر تفيض بالعواطف العمله الذي عجز عن فعله الجميع كما سرَّ قادة صهيون في فلسطين لهذا الجهد السعودي الجبار.

والآن هل أعيد حساباتي من جديد للتأكد من أنني أعيش في زمن خارج الزمن الحقيقي، وأن النجمة السداسية أقرب إلينا من حبل الوريد؟ كابوس أم حلم مزعج أم حقيقة لا تستطيع أوهامي أن تتفهمها وتستوعبها؟

لا أعرف إن كنت أنا خارج الزمن العربي أم أن الزمن هو الذي تغير اسمه إلى العبري!

يجنح بي خيالي لأشياء تبدو اليوم غيرَ واقعية، وأخشى أن تتحقق بعد زمن وجيز وسط ضحكات وقهقهات من تخلفنا وعدم فهمنا لمستجدات الأمور وواقع العالم الجديد ، فهناك قمة عربية أمريكية عقدت في السعودية من أجل التصدي للإرهاب التى زرعته امريكا فى المنطقة وللأسف لم تحضره إسرائيل الحاضر الغائب ، وفى الغالب تقوم القمة بفعل مالم تفعله انجلترا فى بيع البقية الباقية من القضية الفلسطينية ولا أستبعد ان تقوم بعض الفضائيات العربية بالإعلان عن حاجة أجهزة الاستخبارات الاسرائيلية لمهندسين عرب لفك بعض الشفرات القديمة، أو البحث عن متطوعين يحملون أي جنسية عربية للسير بين الالغام، فإذا انفجر لغم موظف الموت فيتم تعويض أهله.

أو تنشر صحيفة قومية عربية خبرا عن وفد من الموساد سيزور العاصمة لتجنيد جواسيس ضد الجماعات المتمردة التي لم تقدم ولاءها بعد للدولة العبرية .

والسؤال الذى يطرح نفسه هل صحيح أن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى