آخر الأخبار

نقل أشهر رجلين في داعش من مناطق الأكراد في سوريا يسبب أزمة لأمريكا

تتحرك القوات الأمريكية لنقل عشراتٍ من المعتقلين التابعين لتنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) من سجون حربٍ يديرها الأكراد في شمالي سوريا، ومن ضمن المعتقلين حالياً بريطانيان يشتهران بأدوارهما في تعذيب وقتل رهائن غربيين، وفقاً لمسؤولين في الولايات المتحدة.

يأتي القرار في الوقت الذي عبَرت فيه قوات تركية إلى شمالي سوريا، والتي تستهدف قوات سوريا الديمقراطية الكردية، المدعومة أمريكياً، بعد الحصول على ضوء أخضر من ترامب، وفق صحيفة The New York Times الأمريكية.

وقد أثارت الحملة التركية شكوكاً في مدى قدرة الميليشيات الكردية على الاستمرار في احتجاز نحو 11 ألفاً من مقاتلي داعش المأسورين لديها.

تحدَّث المسؤولون بحذرٍ عن عملية النقل لأنها لا تزال جارية، لكن ترامب تحدّث بصراحةٍ بعد ظهر الأربعاء 9 أكتوبر/تشرين الأول 2019، عن حقيقة أن الولايات المتحدة كانت تنقل «عدداً معيناً من مقاتلي داعش السيئين على نحو خاص»، للتأكد من عدم خروجهم.

وقال ترامب في تصريحاتٍ خلال توقيعه على بعض الأوامر التنفيذية: «إننا نخرج بعض أخطر مقاتلي داعش، لقد أخرجناهم لنضعهم في أماكن أخرى أكثر تأميناً».

وقال ترامب من قبل إن محتجزي داعش في شمالي سوريا سيصبحون مسؤولية تركيا، ولم يكن من الواضح ما هي خطة إدارته طويلة الأجل فيما يخص أولئك الذين يأتون، عوضاً عن ذلك، ليصبحوا محتجزين لدى الجيش الأمريكي.

نقل الجيش الأمريكي بعض هؤلاء الرجال على الأقل إلى العراق، حيث للولايات المتحدة قاعدة كانت تحتجز فيها عدد قليل من معتقلي داعش الذين يحملون الجنسية الأمريكية، قبل نقلهم إلى الولايات المتحدة، أو، في حالة واحدة أخرى، إطلاق سراح معتقل وتركه في البحرين.

إذ قاومت بلدانهم الأصلية إعادتهم إلى أوطانهم، وكان العراق متردداً في أخذ كثير من المقاتلين المنتمين لداعش، الذين أُسروا في سوريا، علاوة على أن هناك تحديات قانونية حيال نقلهم إلى المعتقل العسكري الأمريكي في خليج غوانتانامو، في كوبا.

ومع ذلك، فإن الحكومة لديها خطة نهائية بشأن الرجلين البريطانيين، الشافعي الشيخ، وأليكساندا كوتي، إذ تريد وزارة العدل الأمريكية جلبهما للمحاكمة في فرجينيا. 

وقد كان الرجلان جزءاً من خلية بريطانية من أربعة أعضاء، عيّنهم تنظيم داعش مسؤولين عن الرهائن الغربيين، وأطلقوا عليهم لقب «البيتلز»، إشارة إلى لهجاتهم البريطانية.

وكان من بين ضحاياهم جيمس فولي، الصحفي الأمريكي الذي قُطِعَ رأسُه في أغسطس/آب 2014، في شريط فيديو دعائي لداعش. 

ويُعتقد أن عضواً آخر في الخلية، محمد إموازي، أو «جون الجهادي» هو من قتل فولي. وقد قُتل إموازي في وقت لاحق في غارة جوية لطائرة بدون طيار.

تسبّبت معركة مع المحاكم في بريطانيا في تأخير عملية نقل عضوَي داعش البريطانيّيْن. 

وقد دارت الدعوى حول مدى إمكانية أن تشارك الحكومة البريطانية الأدلة مع الولايات المتحدة، دون أخذ ضمانات أن الادعاء العام الأمريكي لن يطالب بعقوبة الإعدام في حق المتهمين.

وأفرجت الحكومة البريطانية عن أقوال شهود على الرجلين، ووفرتها لوزارة العدل الأمريكية، لكن من المحتمل أيضاً أن تظل شهادات مسؤولي الحكومة البريطانية ضرورية في أي محاكمة. 

ورفعت والدة الشيخ دعوى قضائية تسعى إلى عرقلة مثل هذا التعاون، لأن حكومة الولايات المتحدة لم تعِد بأنها لن تسعى لإعدام ابنها، في حين أن بريطانيا ألغت عقوبة الإعدام.

كان الجيش الأمريكي قد أعدّ خطط طوارئ لنقل المقاتلين الذين تضمهم قائمة بنحو سبعين رجلاً من المعتقلين ذوي الأولوية العليا من تلك المجموعة، من شمالي سوريا، منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي، عندما أعلن ترامب لأول مرة أنه سيسحب القوات الأمريكية من سوريا قبل أن تبطئ إدارته من وتيرة تنفيذ تلك الخطة، وفق ما قاله أحد المسؤولين.

غير أن قرار ترامب السماح لتركيا بالمضي قدماً في حملتها، دفع الجيش الأمريكي إلى البدء في نقل هؤلاء السجناء، خشية أن يهربوا وسط الفوضى، ومع سحب الأكراد لحراس السجون للمشاركة في القتال. 

لكن المسؤول قال إن المعتقلين كانوا متناثرين في عدد من السجون المؤقتة، ولم يكن من الواضح على وجه التحديد عدد معتقلي القائمة الذين يمكن نقلهم في النهاية.

وتحدثت صحيفة The Washington Post في وقت سابق، عن نية التحركِ هذه لنقل حجز المعتقلين، ومن ضمنهم الرجلان البريطانيان.

يؤدي قرار ترامب إفساح الطريق لتركيا لبدء عمليتها في شمالي سوريا، إلى انفجار أزمة ما انفكت تغلي منذ فترة طويلة، وهي أن نحو 50 دولة لديها مواطنون معتقلون في سجون الأكراد المعدة لمقاتلي داعش.

فضلاً عن معسكرات النازحين، حيث يحتجز عشرات الآلاف من نساء وأطفال المقاتلين في داعش، وكانت تلك الدول مترددة في استعادة هؤلاء المقاتلين إلى أوطانهم، ومن ثم تركتهم، بدلاً من ذلك، في أيدي الأكراد إلى أجل غير مسمى.

ضِمن المقاتلين الذكور الذين يحتجزهم الأكراد نحو 9 آلاف سوري وعراقي محلي، بالإضافة إلى 2000 مقاتل أجنبي، يضمون عشرات من أوروبا الغربية. 

ويخشى كثير من مسؤولي إنفاذ القانون الأوروبيين من أنهم إذا أعادوا مواطنيهم المتطرفين إلى بلادهم، فلن يتمكنوا من إدانتهم أو إبقائهم محبوسين لفترة طويلة، وفق الصحيفة الأمريكية.

وبعد أن رفضت بريطانيا إعادة الشيخ وكوتي إلى الوطن لمقاضاتهما، وجرّدتهما من جنسيتهما بدلاً من ذلك، وزنت الولايات المتحدة خياراتها المختلفة للتعامل معهما، لتقرر بعد ذلك مقاضاتهما في محكمة مدنية بمجرد حصولها على جميع الأدلة التي تحتاج إليها لإدانتهما.

فيما قال شخص مطّلع على عملية التبادل، إن المدعي العام الأمريكي وليام بي بار، طلب من ترامب جعل الاحتفاظ بالرجلين البريطانيين أولوية، حتى يتمكن الأمريكيون في نهاية المطاف من مقاضاتهما في الولايات المتحدة، وقد وافق الرئيس على ذلك، بحسب المصدر.

وكانت إدارة ترامب ألغت أيضاً فكرة إرسال الرجلين البريطانيين إلى المعتقل العسكري الأمريكي في خليج غوانتانامو في كوبا، لفترة من الاحتجاز، لأجل غير مسمى كأسرى حرب، دون محاكمة. وأيّد السيناتور ليندسي غراهام، النائب الجمهوري عن ولاية كارولينا الجنوبية والحليف الوثيق لترامب، تلك الخطوة، في حين أنه انتقد سياساته الأخرى تجاه سوريا.

لكن الجيش الأمريكي يعارض الانخراط أكثر من ذلك في عمليات اعتقال طويلة الأجل، علاوة على أن ثمة عقبات قانونية باهظة الثمن تحول دون نقل هؤلاء الرجال إلى المعتقل الموجود في كوبا.

ومن بين تلك العقبات، تبرز القيود المفروضة على عمليات النقل، التي فرضها الكونغرس لمنع الرئيس باراك أوباما من تنفيذ خطته لإغلاق معتقل غوانتانامو، والتي ستجعل من غير القانوني نقل الرجال، ولو لمرة من القاعدة، إلى الأراضي الأمريكية المحلية لإجراء محاكمة نهائية أمام محكمة مدنية، زيادة على أن نظام اللجان العسكرية المتبع في توجيه التهم في غوانتانامو يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه نظام مختل وظيفياً، وفق الصحيفة الأمريكية.

كما أنه ليس من الواضح ما إذا كانت هناك سلطة قانونية لإبقاء أعضاء تنظيم الدولة الإسلامية -على خلاف أعضاء تنظيم القاعدة- قيد الاحتجاز لأجل غير مسمى كأسرى حرب. 

ومن ثم، فبمجرد وصولهم إلى غوانتانامو، سيكون للمحتجزين الحق في رفع دعاوى قضائية تطعن في قانونية اعتقالهم، وهو ما قد يزيد من خطر صدور أحكام بأن المجهود العسكري الأكبر ضد داعش كان غير قانوني.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى