الأرشيفتحليلات أخبارية

هل نحن مقبلون على نهاية العالم ؟

بقلم الإعلامى الكبير
السعيد الخميسى
* المهتم والمتأمل فى حال العالم اليوم بصفة عامة , وحال عالمنا العربي  والإسلامي بصفة خاصة يجد  ما يسيئه وما يحزنه ويصدمه نفسيا وعصبيا . فالسياسة متجمدة فى ثلاجة دفن الموتى , وحرية الكلمة مدفونة فى مقابر النسيان , وراية الحق منخفضة ومنهزمة ومنكسرة , وراية الباطل عالية ومرتفعة ومنتصرة .  الأفاضل يتقهقرون , والأرذال يتقدمون , الحربائيون المتلونون هم ذوو الرأي والكلمة فى وسائل الإعلام بكل فروعها حين تصبحون وحين تمسون .  الثابتون على مواقفهم قلة , الثابتون على مصالحهم كثرة . انظر بطرفك حيث شئت يمينا أو شمالا فى الشأن الداخلي والأقليمى والدولي , تجد أن اللغة الرسمية للحوار بين الناس هى لغة الرصاص , والتصفية الجسدية مقدمة على التصفية الفكرية . تهم العمالة والتخوين وغيرها هى تحية الصباح , التراشق بالألفاظ النابية البذيئة بين المختلفين سياسيا هو تحية المساء . الذين يملكون المليارات هم الذين يرسمون حدود الدول، ويخططون لإعادة هيكلة بعض الدول المجاورة، ويلطخون سمعة من يكشف خططهم. الشعوب فى تلك الأوطان ضعيفة لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا , لا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا ولا يدرون ماذا يخطط  لهم بليل أو نهار . إنه العار ولا شئ قبله ولا بعده .
 * العرب والمسلمون يذبحون فى أوطانهم وخارج أوطانهم بدم بارد مع سبق الإصرار والترصد . البراميل المتفجرة تسقط كالحمم البركانية فى سوريا فوق رؤوس الأبرياء فتقتل الأطفال والنساء  والشباب والرجال  فتحولهم إلى أثر بعد عين . يقتل العلماء وتشق لهم الأخاديد كأصحاب الأخدود فى ليبيا ويدفنون أحياء وأرواحهم لم تغادر حلوقهم بعد فى مشهد مأسوى حزين لم يحدث فى عصر الجاهلية الأولى . وأهل السنة يذبحون فى العراق على مرأى ومسمع من منظمات حقوق الإنسان النائمة فى سبات عميق كأهل الكهف  لا يسمعون ولا يبصرون . الدماء تراق , والنساء تغتصب , والأرض تحرق , والعالم الذى يسمونه حرا يشاهد ويبارك ولايحرك ساكنا ولا يتلفظ ببنت شفة . الكيان الصهيوني يعيش أزهي عصور الكبر والغطرسة والخيلاء , كالذئاب المفترسة المتوحشة التى تنظر إلى كل من يجاورها وكأنهم حظائر دواجن, مصيرهم معروف إن تكلموا أو تحركوا أو  حتى شجبوا وأدانوا وذلك أضعف الإيمان . تجارة غسيل الأموال رابحة لها أسواق مفتوحة , ومراكز مشبوهة ,  وشقق مفروشة , وصفقات متبادلة لإسكات أى صوت حر وأى قلم جرئ , فى عالم أشبه بغابة الحيوانات البقاء فيها للأقوى وليس للأصلح . فأنت قوى بقدر قوة مخالبك وأنيابك , ولاعزاء للقوانين والدساتير والقيم الأخلاقية فى عالمنا اليوم .
* يحرق المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين وتغلق أبوابه وتمنع فيه الصلاة , فلا يتحرك العالم العربي والإسلامي لا رسميا ولا شعبيا إلا مارحم ربك وبقدر لايليق بقدسية هذا المسجد العظيم .  ؟ فى الوقت نفسه يقتل أحد أفراد الكيان الصهيوني  احد المواطنين العرب  فى وطنه عينى عينك، وبدلا من محاكمته والقصاص منه ليكون عبرة لغيره من باب الدفاع عن شرف وحرمة الدم العربى المسلم، تجد حكومة تلك البلد تسلم هذا القاتل الصهيونى لرئيس وزراء الكيان الصهيونى معززا مكرما لاشئ عليه برئ براءة الذئب من دم ابن يعقوب . أما ثالثة الأثافى فتلك المذيعة التي ظهرت على إحدى الفضائيات وبطنها منتفخة  وتدعى أنها حامل بغير زواج لتبشر المشاهدين أنه فى الإمكان أن تصبح المرأة أما بغير زواج شرعى فيما تسميه بظاهرة ” السنجل مام “.  ومذيعة أخرى استضافت فتاة وعشيقها والتى اعترفت بخيانتها لزوجها على الهواء وحملها طفل زنا منه كما لو كان يبدو مباحا للزوجة أن تخون زوجها مع رجل آخر . إنها دعوة علنية للسفاح والدعارة والانحلال الخلقي . وللأسف والحسرة لم يحاسبها أحد , ولم يستنكر عليها أحد فعلتها الشنعاء  , بل فتحت لهم أبواب الفضائيات على مصراعيها . أين علماء الحناجر الذي هزوا  المنابر ؟ أين علماء فقه الفروع ؟ أين المدافعون عن شرف الأمة وكرامة المرأة ؟ لا أدري إلى أى أمة ننتمى نحن , وفى أى عصر نعيش هذه الأيام البئيسة التعيسة . ؟ ماذا حدث لأمتنا؟ وما الذى أصاب عروبتنا؟أين النخوة والشهامة والمروءة العربية والإسلامية .
* لقد اندلعت ثورات الربيع العربى منذ ست سنوات تقريبا فى بعض البلدان العربية بسبب وطأة الظلم , وتفشى الديكتاتوريات , ووأد الحريات , والتوسع والإفراط  فى السجون والمعتقلات وتحكم المحسوبيات , ودفن الكفاءات , وعلو أصحاب الانتماءات والولاءات فى شتى المراكز والمصالح العليا فى تلك الأوطان . فضلا عن تفشى الفساد حتى تحول من فساد الإدارة إلى إدارة الفساد .  لكن تلك الثورات سقطت  حتى إشعار آخر بفعل الثورات المضادة , فلم تحقق أهدافها من عيش وحرية وكرامة إنسانية . فاختفت الطبقى الوسطى التى تحمل على كاهلها عبء التغيير والعمل والكفاح , واندثرت وتحولت إلى طبقة فقيرة منعدمة بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية وانعدام قيمة العملة , وبسبب لهيب الأسعار وارتفاع الدولار .  وفرض الضرائب والإتاوات ورفع الدعم وتجميد المرتبات . وبعدما رفعت الجماهير العربية فى ميادين الثورة شعار ” ارفع راسك فوق أنت مصري وتونسي وليبي وسوري ويمنى وغير ذلك ” تطلعا لمستقبل واعد مشرق , تحولت الثورات إلى واقع محرق مظلم . الكل يضع يده المرتعشة  فوق صدره يتحسس نبضات قلبه , وآخرون يضعون أيديهم فوق رؤوسهم يتحسسونها خشية أن تكون قد طارت وفارقت أجسادهم , وآخرون لاذوا بالفرار من أوطانهم , والبقية  الباقية لاذوا بالصمت طمعا فى الأمن والأمان وعدم الملاحقة . لقد خلقنا الله أحرارا ويوم أن نتحول إلى عبيد  مناكيد, فلاقيمة لحياتنا وباطن الأرض أولى بنا من ظاهرها . الحرية والكرامة وحفظ عرض وشرف المواطن وحقه هى أعمدة خرسانية متينة تحفظ أى وطن من التصدع والتشقق والانهيار . إن لم تعم قيم العدالة والحرية والكرامة الإنسانية على هذه المعمورة   , فتلك إشارة إلى أن الدنيا بأسرها قد توشك على الفناء الذى لابقاء بعده وتلك سنة الله فى أرضه , فقد جاء فى الحديث الشريف ” لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس ” .
أفلا تعقلون ….!؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى