الأرشيفتقارير وملفات

49 عامًا على نكسة 1967.. كيف أطاحت الهزيمة بما تبقى من فلسطين؟

حرب 1967، المعروفة بـ”نكسة يونيو”، أو “حرب الأيام الستة”، هي صدامات عسكرية وقعت بين إسرائيل وكل من: مصر، وسوريا، والأردن، وبمساعدة لوجستية من: لبنان، والعراق، والجزائر، والسعودية، والكويت؛ في الفترة الواقعة بين الخامس من يونيو والعاشر منه عام 1967؛ ونتج عنها احتلال “إسرائيل” شبه جزيرة سيناء، وقطاع غزة، والضفة الغربية، وهضبة الجولان.

كما نتج عن هذه الحرب صدور قرار مجلس الأمن رقم 242، وانعقاد قمة اللاءات الثلاثة العربيّة في الخرطوم، وتهجير معظم سكان مدن قناة السويس، وكذلك تهجير معظم مدنيي محافظة القنيطرة في سوريا، وتهجير عشرات الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني من الضفة الغربية، ومحو قرى بأكملها، وفتح باب الاستيطان في القدس والضفة الغربية.

https://www.youtube.com/watch?v=h4HHMXSXk18

الصراع العربي “الإسرائيلي”

جاء في وثيقة كشف عنها “وهي من ضمن الوثائق الأميركية التي أفرج عنها عام 2001م”، أن الولايات المتحدة الأميركية دفعت “إسرائيل” إلى الحرب المبكرة، وبدعم مباشر وفوري: “لقد التقى مدير الموساد الإسرائيلي حينها أميت مع الرئيس الأميركي جونسون، وبعد التداول سأل جونسون رئيس الموساد: لو هاجمتم العرب الآن فكم ستتحمل هزيمتهم معكم؟ فكان جواب أميت: عشرة أيام تقريبًا، فقال جونسون:” إذا ماذا تنتظرون؟”، ولكن الوثيقة الأميركية الخطيرة والتي وصلت معلوماتها إلى إسرائيل فكانت خطة تدمير الطيران العربي أولًا.

وتشير الوثيقة إلى ما يلي: “رأت روسيا أن حصول إسرائيل على السلاح النووي سيقوي ويدعم النفوذ الأميركي في المنطقة، وتصبح إسرائيل قوة كبرى نووية ستؤثر حتمًا وبشكل كبير على مصالح روسيا في المنطقة، وإضعاف حلفائها في المنطقة العاجزين أصلا عن الحصول على أية تكنولوجيا نووية”.

منذ نهاية عام 1964، ومع تصاعد لغة التهديد العربية بعد أول قمة عربية في مصر؛ كانت إسرائيل تراقب ما يجري من استعدادات عربية؛ ولكن وحسب نص الوثيقة: “إن روسيا هي التي كانت تخطط لمثل هذه الحرب؛ فقد أرسلت طيارين روس بطائراتهم الحديثة إلى مصر ومارسوا تدريبًا مكثفا على كيفيّة تدمير مفاعل ديمونا”.

صعدت إسرائيل عملياتها الاستفزازية ضد سورية بضرب الوسائط والمعدات التي كانت تعمل في المشروع العربي لتحويل روافد نهر الأردن والاعتداء على المزارعين السوريين وزيادة حجم التحديات ضد القوات السورية؛ ما أدى إلى زيادة حدة الاشتباكات التي بلغت ذروتها في الاشتباك الجوي يوم 7 أبريل 1967، إذ توالت الأخبار عن التدابير العسكرية التي اتخذتها إسرائيل، وخاصة ما يتعلق بحشد قواتها على الحدود السورية؛ ما دفع مصر إلى الوفاء بالتزامها وفقًا لمعاهدة الدفاع المشترك -المصرية السورية- التي تم التوقيع عليها في 4 نوفمبر 1966؛ فأوفدت رئيس أركان قواتها المسلحة اللواء محمد فوزي إلى دمشق لتقدير الموقف على الطبيعة وتنسيق التعاون.

وعندما عاد إلى القاهرة؛ أعلنت مصر حالة من التعبئة القصوى، وأخذت القوات المصرية تتحرك على شكل تظاهرة عسكرية اخترقت شوارع القاهرة يوم 15 مايو 1967 متوجهة نحو سيناء؛ ثم طلبت القيادة  المصرية يوم 16 مايو 1967من قائد قوات الطوارئ الدولية في سيناء، سحب قوات الأمم المتحدة؛ وقدم الأمين العام للأمم المتحدة يوثانت مجموعة من الاستشارات السريعة قرر على إثرها تلبية طلب مصر سحب تلك القوات يوم 19 مايو 1967؛ ثم أعلن الرئيس جمال عبد الناصر يوم 23 مايو 1967 إغلاق مضايق تيران في وجه الملاحة الإسرائيلية؛ وهكذا أزالت مصر آخر أثرين تبقيا من العدوان الثلاثي عام 1956.

وقد اعتبرت إسرائيل إغلاق مضائق تيران إعلان حرب؛ فأخذت تسرع بخطواتها وتجهز نفسها عسكريًا وسياسيًا للبدء بالعدوان بتأييد من الولايات المتحدة الأميركية ومباركتها؛ وذهبت جهود الأمين العام للأمم المتحدة في مهب الريح، رغم ما بذله من لقاءات وجولات بين القاهرة وتل أبيب بغية الحد من تدهور الموقف.

وبدأت طبول الحرب تدق في المنطقة، وبدأت مشاعر الحرب تسيطر على الموقف من خلال وسائل الإعلام المختلفة، وتوجهت القوات السورية والمصرية نحو جبهات القتال؛ أما “إسرائيل” فقامت بمجموعة من الإجراءات أظهرت نية قادتها في العدوان، مثل التعديل الوزاري الذي جاء بالجنرال موشيه دايان إلى وزارة الحرب، ولم تمض سوى ساعات قليلة على ذلك، حتى بدأت القوات الإسرائيلية بشن الحرب.

واعتبارًا من منتصف مايو 1967م، بدأت استعدادات الجيش الإسرائيلي لشن العدوان، وذلك بتنفيذ الدعوات الاحتياطية السرية، وحشد القوات على الاتجاهات العملياتية؛ ما زاد في توتر الموقف العسكري في المنطقة.

تأثير نكسة 1967 على القضية الفلسطينية

لم تزل تبعات حرب 1967م حتى يومنا؛ إذ تواصل “إسرائيل” احتلال الضفة الغربية، كما أنها قامت بضم القدس والجولان لحدودها؛ وكان من تبعاتها أيضًا نشوب حرب أكتوبر عام 1973، وفصل الضفة الغربيّة عن السيادة الأردنيّة، وقبول العرب منذ مؤتمر مدريد للسلام عام 1991 بمبدأ “الأرض مقابل السلام”، الذي ينص على العودة لما قبل حدود الحرب، لقاء اعتراف العرب بـ”إسرائيل”، ومسالمتهم إياها؛ رغم أن دولًا عربيّة عديدة باتت تقيم علاقات منفردة مع “إسرائيل” سياسيّة أو اقتصادية.

اسرى

وشرعت “إسرائيل” على الفور في نهب الكثير من ثروات الضفة الغربية لا سيما المائية منها، والقيام وبطريقة منهجية بعمليات تهويد للقدس الشرقية، واستطاعت باستيلائها على أراضي الضفة تحسين وضعها الإستراتيجي وقدرتها على المناورة العسكرية، وإزالة الخطر الذي كان من الممكن أن يتهددها من وجود أي جيش عربي منظم ومسلح في الضفة الغربية التي تعتبر القلب الجغرافي لفلسطين التاريخية.

لقد أصبحت الحرب التي أطلق عليها اسم “النكسة” هروبًا من وصف الهزيمة إحدى العلامات الفارقة في التاريخ العربي، ورغم مرور 49 عامًا، فإن الحدث لا يزال يلقي بظله الثقيل على العرب والفلسطينيين خاصة، بقصته ونتائجه، وبكيفية النظر للمستقبل من بعده.

وكان لتداعيات حرب 1967 أو النكسة وقع كبير على منظمة التحرير الفلسطينية، والتي كانت لا تزال فتية آنذاك، ونتج عنها تأسيس فصائل جديدة منشقة ذات فكر أقرب إلى الماركسية منها إلى القومية العربية، نتيجة لتدهور المشروع القومي العربي في فترة ما بعد النكسة، وبدأ انتشار الفدائيين الفلسطينيين يتركز في دول الطوق وخاصة الأردن ولبنان وسوريا، وبدأ العمل المقاوم يظهر من خارج فلسطين، بعد سقوط الضفة الغربية وقطاع غزة بيد “إسرائيل” وإكمال احتلالها لأرض فلسطين.

يشار إلى أن النزوح الجماعي للفلسطينيين بعد النكسة عام 1967 إلى دول الجوار وخاصة الأردن، الذي يحوي أصلا نسبة كبيرة من الفلسطينيين منذ النكبة عام 1948، وبسبب قربه جغرافيا من فلسطين، حيث يتشارك بأطول حدود برية معها، أدى إلى تمركز رئيسي لمنظمة التحرير في الأردن والذي استمر حتى عام 1971.

المصدر

فوربرس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى