اخبار إضافيةكتاب وادباء

أحزان وأفراح (خواطر مصري في الغربة)ألف ..ألف مبروك

الجزء الثانى

إعداد الإعلامى

أحمد شكرى

عضو مؤسس فى منظمة “إعلاميون حول العالم”

ركبنا سيارة صديق الأمس (وعشرة العمر كما سماها هو) ؛ أدرت محركها دون ناسيا القادم السلام عليه وتوديعه بسبب دهشتي لثقته في لدرجة أنه أعطاني سيارته دون شرط أو تحفظ ؛ وكنت أظن أن الوضع في مصر قد فرق بيننا (دون رجعة في هذه المرة) ، ولكنه وكما يبدو ورغم أننا تخاصمنا في مرتين سابقتين يعود ليتذكر العشرة والمعروف بيننا ؛ وهذا ما يملئني فخر به وعرفان له وأمل فيه وفي أمثاله في ان يعودوا لرشدهم مناصرين للحق الضائع بوطنهم الأم (مصر) …
سرت بسرعة غير عادية (لاحظتها جليا زوجتي بجانبي) بسيارة صديقي ؛ رغم الأمطار وانخفاض الرؤية ؛ ولكن لم يمنعني ذلك من المحافظة على الأمانة التي تركها لي أخي .. وخاصة أنني اعرف جيداً باريس وضواحيها وأتجول دائما بهما بحكم عملي..
وصلنا بسرعة فائقة لمكان العرس الذي تراءي لنا من بعيد ، وعلمت أنها صالة فخمة ضخمة يقوم على إدارتها بعض الأتراك (النشطين المنظمين بباريس)..
دخلنا الي القاعة مذهولين حائرين أين نجلس وبجوار من ؟ خاصة وان زوجتي غير مصرية (وحتى) انا لا آلف من في الحفل ولا أحبذ حفلات الصخب والأصوات العالية المزعجة ، ثم إن صديقي الذي وعدني بأن يستقبلني وزوجته لكي يصحبنا للجلوس و على مائدة من موائد من نعرفهم جيدا ؛ كان هو الآخر جالسا في ناحية نائية ومنعزلا بعض الشئ عن الجمع …
اصطحبت زوجتي أبحث عن مائدة من الموائد الفاخرة المعدة إعدادها جيدا محاولا أن نجلس بجوار مصريين يتحدثون اللغة الفرنسية أو مع من تألف الحديث معهم ويجارونها اجتماعيتها وشغفها الدائم الإيجابي للحديث مع الآخرين ..
واستقر بنا الأمر للجلوس على مائدة زميل نضال قديم ؛ ولكنه ابتعد بأسرته وأطفاله ليهتم بتعليمهم وتربيتهم غير ناس لقضية مصر التي طالما قدم من أجلها هو وابنته الرائدة …
كنا سعداء بالجلوس مع تلك العائلة الكبيرة ومع أطفالها المتعددين ثقافة وعددا ، عدا ان زوجتي لم تجد من الأم تجاوب للحديث (ربما لاختلاف الثقافة بينهن او لخجل إحداهن) ؛ مما جعل زوجتي تعود للجلوس مع مدعوات أخريات كن منفردات بمائدة منزوية ..

كان عرسا بهيجا ظاهريا
ولم ألحظ ما أخاف منه دائما وهو جو الفرقة والشتات بل والخصام الذي يسيطر على المجتمع المصري وعائلاته في ظل النظام الذي يكتم على أنفاس الجميع في مصر ويسلبهم حرية الكلمة والتعبير بل ويحرمهم من العيش سويا متحابين متآلفين ..
كنت أخشى ذلك الجو الذي يملأه الخلاف والكره وعدم التفاهم بين أبناء البلد الواحد والدين الواحد والذي شتت أوصاله جسد غريب عليه ليجعل منهم شخصيات متنافرة متناحرة ينقصها العلم والفهم والتعلم الصحيح الذي يواكب ويوجه الأحداث الدامية والمتسارعة في عالم ذاهب إلى الفناء …
تلقيت رسالة من صاحب السيارة (التي استعرتها لأخي العربس) يخبرني بأنه ذاهب للفراش ؛ وبأن اترك له مفتاح سيارته حينما ينتهي العرس وأنتهى من زف العروسين بالسيارة الأنيقة ..
ولكنني آثرت مغادرة المكان لأعود لرد السيارة لصاحبها الذي أعطاني أملا كبيرا في أن يلتقي الخصوم على مائدة واحدة ، وفي أن يعود مناصرو الباطل لرشدهم لمناصرة الحق وأهله ولمقاومة من هم يحاولون القضاء على الشخصية المصرية العريقة والأصيلة ؛ بل ويريدون تقطيع أوصالها وتآلفها مع بقية أطياف الشخصيات المحلية والعالمية …
غادرنا وتأكدت أنني كنت محقا في ترددي للذهاب لمكان ظاهره الفرح والبهجة والسرور ، ولكن باطنه كان فيه الضياع والتشتت والانكسار ..
وربما أكون مبالغا ، وعزاءي ورجاءي في الشباب الصاعد والمتزوجين الجدد والأجيال الجديدة التي ستأبي الخضوع والكبت وفرض القهر والجهل والاستبداد بالشخصية المصرية وبشعبها العربي الأصيل .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى