تقارير وملفات إضافية

أصغر حكومة في تاريخ المغرب الحديث.. العثماني يقلص وزراء الأحزاب لصالح «الكفاءات»، فهل تلبي طموحات المغاربة؟

أخيراً وبعد كثير من التجاذبات والخلافات السياسية، تم الإعلان رسمياً
عن التشكيل الوزاري الجديد للحكومة في المغرب بعدما استقبل الملك محمد السادس،
مساء الأربعاء 9 أكتوبر/تشرين الأول 2019، أعضاء الحكومة في صيغتها الجديدة بقاعة
العرش في القصر الملكي بالرباط.

المفاجأة في هذه الحكومة لا تتعلق فقط بنوعية الوزراء وخلفيات بعضهم
السياسية، ولكن حتى عدد الحقائب الوزارية، وهو ما جعلها الحكومة الأصغر في تاريخ
المغرب الحديث. هذا الأمر أثار تساؤلات فعلية حول إمكانية أن تحل هذه الحكومة
المشكلات الأساسية بالمغرب، وإمكانية صمود الائتلاف الحكومي حتى الانتخابات
القادمة.

وتتألف الحكومة المُعدَّلة من 5 أحزاب بقيادة «العدالة
والتنمية» الإسلامي المتصدر لنتائج الانتخابات التشريعية في أكتوبر/ تشرين
الأول 2016، إلى جانب 9 وزراء تكنوقراط/كفاءات، دون قبعات سياسية.

وتضم الحكومة في نسختها الثانية 23 وزيراً، بالإضافة إلى رئيس
الحكومة سعد الدين العثماني، وشارك فيها 5 أحزاب عوض ستة، بعد انسحاب حزب
«التقدم والاشتراكية» الشيوعي من الحكومة قبل أيام قليلة.

ويتكون الائتلاف الحكومي بالمغرب من حزب «العدالة والتنمية»
الإسلامي، وأحزاب «التجمع الوطني للأحرار» و «الاتحاد الدستوري» و «الحركة
الشعبية» و «التقدم والاشتراكية» و «الاتحاد الاشتراكي».

وتشكلت الحكومة بعد أسابيع من المشاورات التي قادها رئيس الحكومة سعد
الدين العثماني، تنفيذاً لأوامر الملك محمد السادس خلال خطاب وجهه إلى الشعب في
يوليو/تموز الماضي، دعا فيه إلى تعديل تشكيلة الحكومة قبل الجمعة الثانية من
أكتوبر/تشرين الأول، تاريخ بداية السنة التشريعية بالبرلمان المغربي.

منذ بداية المشاورات، سعى سعد الدين العثماني إلى تشكيل حكومة بأقل
عدد ممكن من الوزراء، وهو ما أكده رئيس الحكومة في تصريحات سابقة لوسائل إعلامية،
من أن عدد الوزراء سيتقلص بنسبة الثلث.

وبعد أن كانت الحكومة السابقة تضم 40 حقيبة وزارية، لا تتجاوز
الحالية 23 منصباً وزارياً، وبذلك تكون حكومة العثماني في نسختها الثانية، الأقل
عدداً في تاريخ المغرب السياسي الحديث.

وعمد العثماني إلى تجميع عدد من الوزارات والوزارات المنتدبة وكتابات
الدولة، ذات المهام المتشابهة أو المتكاملة في وزارة واحدة، حيث تم الجمع بين
قطاعات الثقافة والشباب والرياضة في وزارة واحدة، كما تم الجمع بين قطاع حقوق
الإنسان والعلاقات مع البرلمان في وزارة واحدة كذلك.

وفي وقت حظي التكنوقراط بـ9 حقائب وزارية، نال حزب العدالة والتنمية 7 مقاعد وزارية، بالإضافة إلى 4 مناصب لفائدة حزب التجمع الوطني للأحرار، آل واحد منها للوزير الثري عزيز أخنوش (صديق الملك)، وحقيبتان لحزب الحركة الشعبية، وحاز كل من حزب الاتحاد الاشتراكي وحزب الاتحاد الدستوري منصباً واحداً لكل منهما.

يستمر الوزراء التكنوقراط، من دون انتماءات سياسية، في إدارة دفة
عديد من الوزارات المهمة والحساسة بالمغرب، حيث حصلوا على 9 حقائب وزارية.

وحصل «التكنوقراط» على وزارة الداخلية، واستمر عبدالوافي
لفتيت في هذا المنصب خلال النسخة الثانية، بالإضافة إلى وزارة الشؤون الخارجية
والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج في شخص ناصر بوريطة، في حين كُلف
أحمد التوفيق (لم يتغير) وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.

وعُيِّن عبداللطيف لوديي وزيراً منتدباً مكلفاً إدارة الدفاع الوطني،
ونور الدين بوطيب وزيراً منتدباً لدى وزير الداخلية، وتمت تسمية حسن الجزولي
وزيراً منتدباً مكلفاً التعاون الإفريقي، ومحمد الحجوي أميناً عاماً للحكومة،
وخالد آيت الطالب وزيراً للصحة، وإدريس عويشة وزيراً منتدباً مكلفاً التعليم
العالي.

وجود هذا العدد من التكنوقراط في حكومة ائتلافية يجده المحلل السياسي
وأستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية محمد زين الدين، أمراً عادياً، كما أن
«المصالح العليا للبلاد تقتضي تعيين كفاءات وطنية عالية في قطاعات مهمة لا
تتوفر عليها الأحزاب السياسية»، على حد تعبيره.

وأوضح خلال حديثه مع «عربي بوست»، أن عاملين اثنين كانا
وراء اللجوء إلى تعيين وزراء دون لون سياسي في الحكومة الثانية للعثماني. أولهما
بسبب حيوية وحساسة وزارات السيادة، بالإضافة إلى الفشل الكبير الذي أبانت عنه
الحكومة السابقة في التعاطي مع قطاعات خدماتية ذات طابع اجتماعي واقتصادي من قبيل
الصحة والتعليم والشغل.

ما إن اطلع المغاربة على اللائحة الجديدة للحكومة، حتى أعربوا عن
تشاؤمهم، على مواقع التواصل الاجتماعي، من أي تغيير يمكنه أن يطرأ، لافتين إلى أن
الأسماء والوجوه نفسها تتكرر، ومتسائلين عن أسباب غياب وزراء شباب.

الأمر نفسه سار إليه الكاتب والصحفي المغربي محمد لغروس، حين لفت إلى
أن سقف توقع المغاربة من حكومتهم الجديدة منخفض للغاية.

وقال لغروس لـ «عربي بوست»، إن الاهتمام الكبير لرئيس
الحكومة خلال المشاورات انصب على الحديث عن التعديل والحقائب الوزارية، بعيداً عن
المضمون السياسي وعن أبرز التحديات والبرامج التي ستنكبُّ النسخة الثانية من
الحكومة على الاشتغال عليها.

«لم نلمس مؤشرات يمكن أن تجعل المغاربة يعولون على التغيير
مستقبلاً، فلا وزراء شباباً يضخون دماء جديدة بالحكومة المعدلة، بل هي التشكيلة
نفسها ونفس أعمار الوزراء ممن يتجاوزون 50 سنة وأكثر»، على حد قوله.

من أهم الأهداف التي جعلت ملك المغرب يدعو إلى تعديل حكومي، رغبته في
تحسين ظروف عيش المواطنين المغاربة وتلبية احتياجاتهم اليومية، خاصة في مجال
الخدمات الاجتماعية الأساسية، والحد من الفوارق الاجتماعية، وتعزيز الطبقة الوسطى.

وسيكون أمام الحكومة بتشكيلتها الجديدة، التي واجهت انتقادات لاذعة
طالت عدداً من وزرائها، فضلاً عن طريقة عملها والخلافات بين أعضائها، عام ونصف عام
على الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها منتصف 2021، في ظل عزوف سياسي كبير ومناخ
إقليمي مضطرب.

وتساءل مهتمون بالشأن السياسي في البلاد، إن كان في مقدور الحكومة
المصغرة أن تحقق الأهداف التي سطرها الملك محمد السادس في هذه المدة القصيرة،
وتحسين وضعية الفئات الهشة والمحرومة والرفع من مستوى التعليم والصحة وخلق فرص
الشغل.

المحلل السياسي محمد زين الدين يرى أن القرارات المتخذة خلال اﻷيام
المئة الأولى من تولي الحكومة الجديدة كفيلة بإعطاء صورة عن مدى فاعليتها.

«على الحكومة أن تسرّع وتيرة عملها بالقطاعات الاجتماعية،
بالإضافة إلى تدارك الاختلالات التي أضاع فيها المغرب سنوات من النقاشات العقيمة
والفراغ المؤسساتي، والتهيؤ الجيد للانتخابات المقبلة»، يقول الأستاذ الجامعي
لـ «عربي بوست».

وخلص إلى أن تحقيق هذه الخطوات كفيل بتحقيق مصالحة سياسية حقيقية بين
المواطنين المغاربة والسلطة.

وعيَّن الملك كلاً من:

1.سعد الدين العثماني،
رئيس الحكومة.

2.المصطفى الرميد، وزير الدولة
المكلف حقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان.

3.عبدالوافي لفتيت، وزير
الداخلية.

4.ناصر بوريطة، وزير
الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج.

5.محمد بنعبدالقادر، وزير
العدل.

6.أحمد التوفيق، وزير
الأوقاف والشؤون الإسلامية.

7.محمد الحجوي، الأمين
العام للحكومة.

8.محمد بنشعبون، وزير
الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة.

9.عزيز أخنوش، وزير
الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات.

10.سعيد أمزازي، وزير
التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي.

11.خالد آيت الطالب، وزير
الصحة.

12.مولاي حفيظ العلمي،
وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي.

13.عبدالقادر اعمارة،
وزير التجهيز والنقل واللوجستيك والماء.

14.نزهة بوشارب، وزيرة
إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة.

15.نادية فتاح العلوي،
وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والنقل الجوي والاقتصاد الاجتماعي.

16.عزيز رباح، وزير
الطاقة والمعادن والبيئة.

17.محمد أمكراز، وزير
الشغل والإدماج المهني.

18.الحسن عبيابة، وزير
الثقافة والشباب والرياضة، الناطق الرسمي باسم الحكومة.

19.جميلة المصلي، وزيرة
التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة.

20.عبداللطيف لوديي،
الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف إدارة الدفاع الوطني.

21.نور الدين بوطيب،
الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية.

22.محسن الجزولي، الوزير
المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج.

23.نزهة الوافي، الوزيرة
المنتدبة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج،
المكلفة المغاربة المقيمين بالخارج.

24.إدريس اعويشة، الوزير
المنتدب لدى وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي،
المكلف التعليم العالي والبحث العلمي.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى