تقارير وملفات إضافية

هل جاملَت منظمة الصحة العالمية الصين بشأن مكافحتها “كورونا”؟ فكيف للعالم أن يأتمن رجلاً سبق أن كذب بشأن الكوليرا في بلاده؟!

تواجه منظمة الصحة العالمية انتقادات مكثفة بسبب تعاملها مع فيروس كورونا المستجد، فهل تسببت منظمة الصحة العالمية في انتشار كورونا بسبب مجاملتها للصين؟

نشرت مؤخراً صحيفة Wall Street Journal الأمريكية مقالاً توثِّق فيه رد الفعل السلبي للمنظمة الدولية. 

وكان مصدر القلق تحديداً هو أن منظمة الصحة العالمية كانت ودودة للغاية في تعاملها مع بكين ومادحة لأداء الحكومة الصينية، ولم تعلن عن حالة طوارئ صحية عامة بالسرعة الكافية،  حسبما ورد في تقرير لمجلة The National Interest الأمريكية.

وكان تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، الرئيس الإثيوبي لمنظمة الصحة العالمية، قد قال إن “الصين، في الواقع، تضع معياراً جديداً لكيفة الاستجابة لتفشِّي الأوبئة”.

ويرى كاتب تقرير The National Interest أنه في حين أن ما عرضته صحيفة Wall Street Journal كان مشوَّشاً، ذلك لأن الوقت فقط هو ما سيحدد ما إذا كان ينبغي لمنظمة الصحة العالمية إعلان حالة الطوارئ بشكل أسرع أم لا. 

لكن الأمر المؤكد هو أن منظمة الصحة العالمية عُرضة لمثل هذه الضغوط، من قِبل الدول، وأن هذه الضغوط قد تؤثر في قرارها.

كان تيدروس، كما هو معروف على نطاق واسع، قد قلَّل من أهمية وباء الكوليرا في بلده عندما كان وزيراً للصحة بين عامَي 2005 و2012. 

وقال لورانس غوستين، خبير الصحة العامة بجامعة جورج تاون، إن بعض حالات التعتيم في أعوام 2006 و2009 و2011 حدثت في وقت تولِّي تيدروس لمنصبه، بينما قال تيدروس إنها لم تكن كوليرا بل مجرد “إسهال مائي حاد”. ولكن عينات البراز كشفت وجود الكوليرا.

ولا يجد تيدروس غضاضة في التعامل مع الزعماء المستبدين، حيث إنه هو نفسه قادم من دولة استبدادية، ومن ثَم فهو يعلم أن الصين من المحتمل أن تتابع مزاعمها بأنها ستسيطر على الوباء (مثل عزل المدن التي تضم 60 مليون شخص). 

وبطبيعة الحال، فإن الجانب الآخر المتمثل في ازدراء حقوق الإنسان هو عدم وجود وسائل إعلام مستقلة للإبلاغ عن الحالات وبالتالي تحسين الشفافية.

ومن الواضح أن تيدروس يتعين عليه أن يلعب لعبة السياسة. فقد كان سريعاً في التأكد من أن اسم فيروس كورونا المستجد (COVID-19) لا يحوي أي إشارة إلى الصين. فقد تسببت الخلافات السابقة حول تسمية التفشيات أو الأمراض الجديدة في الكثير من الانزعاج على مستويات سياسية عالية.

رابعاً، في حين أن الولايات المتحدة هي المانح الأكبر لمنظمة الصحة العالمية، فإنها تقريباً تساعد تيدروس بشكل غير مباشر على الظهور في الأوساط الصحية اليسارية بمظهر من يقف في وجه الولايات المتحدة. 

فقد كانت الولايات المتحدة واحدة من أوائل الدول التي أوقفت السفر إلى الصين، وهي خطوة تتعارض مع سياسة منظمة الصحة العالمية في ذلك الوقت، وبالتأكيد ضد رغبة بكين.  

ولكن، بعد قول هذا، وجب التنويه بأن الدول الأعضاء تموِّل منظمة الصحة العالمية، والصين هي ثاني أكبر مانح بعد الولايات المتحدة. وكان تيدروس راغباً في التأكد من أن استجابة منظمة الصحة العالمية البطيئة لتفشِّي الإيبولا في عام 2014 لن تتكرر هذه المرة. علاوة على ذلك، يتعين على منظمة الصحة العالمية العمل برأي الإجماع، ولم يوافق الاجتماع الأوّلي لفريق الخبراء التابع لها على إعلان حالة الطوارئ.

وبشكل عام، تصرفت الصين بشكل أفضل من أي وقت مضى في حالات الطوارئ السابقة -مع الأخذ في الاعتبار أن ما أنجزته لا يعد تحدياً- وربما كان نهج تيدروس المتملق هو الأنسب في هذا الوضع.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى