آخر الأخبارتحليلات أخبارية

أرادوا أن يحولوا غزة مقبرة جماعية تدفن فيها فلسطين للأبد فقامت غزة بغزو قلوب العالم

تقرير إعداد

سمير يوسف

رئيس منظمة “إعلاميون حول العالم”

Der erste Journalist in Österreich seit 1970. Er arbeitete mit 18 Jahren in der Presse in den Zeitungen Al-Jumhuriya, Al-Massa und My Freedom, dann in den deutschen Zeitungen Der Spiegel und in Österreich zwanzig Jahre lang in der Zeitung Brothers.

1991 gab er die erste arabische und deutsche Zeitung heraus, Al-Watan Zeitung, seit 11 Jahren Republik und Abend in Österreich seit 31 Jahren.

غزة الأمل.. غزة المعاناة.. غزة مقبرة النساء والأطفال.. غزة الإبادة الجماعية.. غزة المجاعة الإنسانية.. جميعها مشاهد حية لشعب يواجه أعتى مجرمي البشرية في العصر الحديث منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول.

حال غزة الآن مرآةً لحال الشعوب العربية التي ذاقت أهوالاً من حروب أهلية واستبداد وفاشية عسكرية دمرت حاضرها ومستقبلها لصالح بعض الموالين للغرب والفكر الاستعماري كي تبقى بلداننا في حالة موت إكلينيكي تحت نير دوامة من الديون اللانهائية والقمع والاعتقال والقتل والتشريد فأصبحنا جميعاً محاصرين.

لكن غزة تمكنت من تحويل المخططات الحديثة التي وُضعت لإعادة تشكيل منطقتنا العربية وفرض واقع جديد يسعى لمحو أي مسمى لفلسطين وحقوق شعبها إلى مجرد حبر على ورق، لذلك يحولوها إلى كومة من تراب الأنقاض في جرائم لم يشهد العالم لها مثيلاً منذ الحرب العالمية الثانية وتدمير ألمانيا النازية. والتشبيه هنا يقتصر فقط على واقع الإبادة الجماعية والتدمير؛ فغزة ليست ألمانيا النازية، بل الاحتلال الإسرائيلي وقادة الغرب والعرب هم الذين يمكن وصفهم بالنازيين الجدد.

فالحرب في غزة حرب إبادة جماعية ضد الأمهات والأطفال، حيث بلغت نسبة الشهداء منهم حوالي 70% من إجمالي عدد الضحايا. فالاحتلال يستهدف أرحام الأمهات عمداً كي لا يلدن أجيال قادرة على المقاومة لاستعادة أرضها، ويسعى للقضاء على جيل كامل من الأطفال الغزيين حقيقة لا مجازاً. فوفقاً للأرقام الأممية والمحلية المُعلنة – دون احتساب آلاف الشهداء الذين لا يزالون تحت أطنان من ركام الـ60% من المباني في القطاع التي دُمرت بالكامل – فقد بلغ عدد الشهيدات من النساء حوالي أكثر من 10 آلاف امرأة، حيث تستشهد امرأتان كل ساعة، من بينهن نحو 6 آلاف أم تركن وراءهن حوالي 20 ألف طفل يتيم.

بينما تشير التقديرات الأممية إلى أن إزالة الركام الناتج عن الدمار يتطلب 14 عاماً للتخلص من حوالي 37 مليون طن من الحطام، بما يقارب 750 ألف يوم عمل. 

عودة إلى الماضي ليس ببعيد، في عام 2017، حين بدأت ملامح صفقة القرن المشؤومة

حين بدأت ملامح صفقة القرن المشؤومة في الظهور إلى العلن. حين تحدث عنها  عبد الفتاح السيسي خلال لقاء جمعه بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وذلك بالتزامن مع إجراءات مصرية للتنازل عن جزيرتي تيران وصفافير، ذواتي الأهمية الاستراتيجية في البحر الأحمر وقناة السويس، للسعودية في خطوة لبدء تطبيع سياسي بين المملكة والاحتلال الإسرائيلي. بالتوازي، بدأت الإمارات والبحرين في التطبيع طواعية مع الاحتلال الإسرائيلي هي أيضاً. أما السودان، الممزق بحرب أهلية ومجاعة، فقد أُجبر على التطبيع بإرغام إماراتي، بينما المغرب طبّع مقابل الحصول على اعتراف “الترامبي” ومن نتنياهو بمغربية الصحراء الغربية.

كانت هذه الصفقة المشؤومة برعاية مصرية، فبعد نحو 100 عام على وعد بلفور المشؤوم والانهزام العربي، وكأن الأنظمة العربية لا تأبى إلا، بالتفريط في أهم قضية عربية وإسلامية من أجل مصالح سياسية ضيقة.

تلك الصفقة، التي أُعلنت في يناير/كانون الثاني، 2020، كانت موجهة لنسف فلسطين وحق شعبها في أرضه المحتلة. وفي أواخر سبتمبر/أيلول 2023، صعد رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو أمام الجمعية العامة بالأمم المتحدة، قبل طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر بنحو أسبوعين، حاملاً خريطة للشرق الأوسط الجديد التي شملت دولاً مثل مصر والسودان والسعودية والإمارات والبحرين والأردن ملونة بالأخضر في دليل على الرخاء كجزاء للتطبيع، بينما ظهرت خريطة فلسطين وقد لونت بالكامل بالأزرق؛ لون الاحتلال.

لكن الإبادة الجماعية التي تحدث للغزيين اليوم دفعت شعوب العالم الغربي بشكل إنساني لرسم مشهد سريالي مناصرا للقضية الفلسطينية ومناهضاً للاحتلال لم يكن أحد يتخيله إلا من قبل الذين آمنوا بإنسانية الشعوب وقدرتها على التلاحم في المآسي والنضال. فرأينا كيف صنعت غزة جيلاً من الطلاب والشباب والأكاديميين الغربيين الذين يهتفون الآن للقضية الفلسطينية، بينما لم يكن كثيرون يعلمون عنها شيئاً قبل سبعة أشهر.

أرادوا أن يحولوا غزة مقبرة جماعية كبيرة تدفن فيها فلسطين للأبد فأصبحت مقبرةً لهم، وأصبحت نيران غزة تصل إلى بيوت الذين مولوا إبادتها، فها هو العالم يشاهد كيف اجتاحت الاحتجاجات الطلابية الجامعات الأمريكية، ويقف شاهداً على ملاحم خيالية للدفاع عن فلسطين، مواجهين نفوذ اللوبي الصهيوني الذي أطلق فوهات قمعه وهرواته وقنابل الغاز المسيل للدموع لكتم صوت الحقيقة و الحرية، ويعتقل ا الطلاب والأساتذة في مخيماتهم المُحَرَرة والمُحرِرة لفلسطين داخل حرمهم الجامعي.

غزة تغزو عالم الشباب والطلاب الذين مازالوا يملكون بقاقى من إنسانية فقدها سياسيون الغرب والأنظمة العربية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى