آخر الأخباركتاب وادباء

الانكسار لا يعوق إنتاج الثمار..!

من روائع الأديب الكاتب

السعيد الخميسي

** الحياة في مجملها رحلة ابتلاء للإنسان سواء في دينه أو صحته أو ماله أو أبنائه. والإنسان القوى الإيمان ثابت العقيدة لايهتز بقوة ريح الابتلاء التي عصفت به، بل يزداد قوة وثباتا. فالنخلة الشاهقة تموت مكانها ظمأ ولا تنحني لكي تشرب من البئر الذي اسفلها لأن طلب العزة مقدم على طلب الحياة والجبال الراسيات لايحركها كثبان الرمال المتحركة. الحياة محطات كمحطات القطار على القضبان، قد تسرع بك الحياة لتصل إلى هدفك المنشود، وقد يتأخر بك قطار الحياة قليلا فلاتصل إلى هدفك ومحطتك التي ترنو إليها في الوقت المعلوم فتيأس وتتقاعد وتندب حظك ويجري منك الشيطان مجرى الدم في العروق. **اليأس رذيلة والأمل فضيلة فتمسك بالفضائل ودعك من الرذائل فإنها من وساوس الشيطان وهوى الإنسان.

تمسك بحبل الله المتين كما جاء في سورة الأعراف ” والذين يمسكون بالكتاب” بتشديد حرف السين دلالة واضحة إلى ضرورة اللجوء إلى الله وقت الأزمات والنكسات والعثرات والزلات. تسقط النخلة كما هو موضح بالصورة لكن لأن أصلها ثابت وفروعها في السماء، فإنها لاتكف عن إنتاج الثمار الناضجة ولو يئست لجفت ثمارها وسقطت فروعها وذبلت أوراقها وغاص ساقها في باطن الأرض. لكنها الإرادة والعزيمة والتصميم على البقاء على قيد الحياة.

**إن القدرة على العطاء ليست موقوفة فقط على حقبة الشباب لأن الشباب الحق هو شباب العقول والقلوب.

قد يمرض الإنسان ولكن عقله يقظ نشط، قد يفتقر الإنسان ، لكنه غني بالله اولا ثم بقوة إيمانه، قد يبتلى الإنسان، لكنه ثابت بمبادئه و مواقفه التي لاتهتز ولا ترتعش، قد يظلم الإنسان من مجتمعه، لكنه لايتنازل عن ثوابته التي تربى عليها منذ نعومة اظافره. فالله تعالى يقول ” فتزل قدم بعد ثبوتها” اي ان الإنسان قد يثبت في خضم الحياة وأمام الأمواج العاتية ولكن مع فتور العزيمة وضعف الإرادة يتنازل عن كل شئ بثمن بخس دراهم معدودة فينطبق عليه قول الله تعالى ” وقدمنا إلى ماعملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا” أحياناً يغلق الله سبحانه وتعالى أمامنا باباً لكي يفتح لنا أبوابا آخري أفضل منه، ولكن معظم الناس يضيع تركيزه ووقته وطاقته في النظر إلى الباب الذي أغلق، بدلاً من النظر إلى الأبواب التي فتحت.

لماذا الخوف، والشمس لا تظلم في ناحية إلا وتضيء في ناحية أخرى؟ **

إن الإنسان قد يعيش بلا بصر لكنه يستحيل أن يعيش بلا أمل. قال ضعاف النفوس حين أوشك فرعون على اللحاق بأصحاب موسى “ إنا لمدركون” فرد عليهم موسى عليه السلام في ثبات وإيمان ” كلا إن معي ربي سيهدين” فليكن شعارنا في كل لحظة : ” إن معي ربي سيهدين” خاصة وقت الأزمات والنكبات. وبكى الصديق في الغار قائلا : يارسول الله، لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا. فقال المعصوم صلى الله عليه وسلم:” يا أبا بكر لاتحزن إن الله معنا” إنها الثقة المطلقة غير المقيدة في الله تعالى وفي نصره. **

إن رفع الراية البيضاء أمام ريح الحياة العاتية ومطبات الطريق العميقة وابتلاءات الحياة الدقيقة قد يهوى بصاحبه في مكان سحيق في واد غير ذي ذرع لا نبات فيه ولا ماء ولاثمار فيقف الإنسان وحيدا كما يقول الشاعر : كالتينة الحمقاء كأنها وتد في الأرض أو حجر. الفرق بين الانكسار أمام مطبات الحياة والانتصار عليها هو ساعة صبر. فالصبر هو زاد المؤمنين والأمل في الله هو حبل الله المتين.

وقد جاء في آخر سورة آل عمران قوله تعالى ” “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ‎

“‎ هذا والله أعلى واعلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى