آخر الأخبارالأرشيف

العاصمة الإدارية الجديدة” المدينة المحصنة “التي تجمع كبار رجال الجيش والمال وطبقة الممثلين والممثلات والحكومة ونسانيس الإعلام في مكان يصعب على المتظاهرين الوصول إليهم

«عبدالفتاح السيسي»الشهير ببلحة، افتتح الأربعاء، المدينة المحصنة التي تجمع كبار رجال الجيش والمال ونخبة المجتمع والحكومة، في مكان يصعب على المتظاهرين الوصول إليهم.
المشروعات التي أنجزت في «يوتيوبيا مصر»، المعروفة إعلاميا باسم «العاصمة الإدارية الجديدة»، كانت الحي السكني الأول، وكوبري «محمد بن زايد» الشمالي، وشبكة الطرق.
وتختلف القيمة التقديرية للمشروع، بيد أن تقارير إخبارية قالت إنها قد تصل إلى 300 مليار جنيه (17 مليار دولار)، في وقت تلجأ مصر إلى الاقتراض لسد عجز الموازنة ومن أجل استيراد المنتجات الأساسية.
ما تم في مشروعات في العاصمة الجديدة، تم إنجازها بعد تعطيل العديد من المشروعات القومية والخدمية في البلاد، بعد توجيه 80% من قوة شركات المقاولات المصرية الصغيرة إلى العاصمة الإدارية الجديدة، بدلاً من إنجاز المشاريع الحكومية الأخرى.
وجرى الإعلان عن خطة مصر الطموحة لإنشاء العاصمة الإدارية الجديدة، في مارس/آذار 2015، خلال قمة اقتصادية عقدت في شرم الشيخ (شرقي مصر) لجذب المستثمرين الأجانب بعد عزوفهم عن البلاد في أعقاب ثورة 2011 وانقلاب 2013.
ويهدف بناء العاصمة الإدارية الجديدة، إلى الخروج من زحام القاهرة والتلوث، لكن سكان القاهرة يتساءلون عن المنطق من وراء إحلال العاصمة الإدارية الجديدة محل العاصمة الحالية المطلة على ضفاف نهر النيل، والتي يرجع تاريخها إلى ألف عام في الوقت الذي قد يدفع ذلك البديل الجديد آلاف الموظفين الحكوميين إلى الانتقال لمكان ما زال صحراء إلى الآن.
وتم تأسيس شركة «العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية» في مايو/أيار 2016، لإدارة مشروع العاصمة الإدارية الجديدة كشركة مساهمة مصرية خاضعة لقانون الاستثمار رقم 8 لسنة 1997 برأسمال مدفوع 6 مليارات جنيه (340 مليون دولار)، ارتفع إلى 9 مليارات جنيه (510 مليون دولار) بعد ذلك، موزعا بين القوات المسلحة وهيئة المجتمعات العمرانية التابعة لوزارة الإسكان.
يتكون مجلس إدارة الشركة من 13 عضوا، موزعين كتالي: 3 من الأعضاء من ممثلي هيئة المجتمعات العمرانية، و5 لواءات ممثلين للقوات المسحلة، و5 من ذوي الخبرة في مجال العقارات.
الموقع والإدارة
وتقع العاصمة الجديدة، على حدود مدينة بدر (شمال شرق القاهرة) في المنطقة ما بين طريقي القاهرة السويس والقاهرة العين السخنة، مباشرة بعد القاهرة الجديدة، ومدينة المستقبل ومدينتي.
تقع في منتصف المسافة بين القاهرة والسويس، وتعد حوالي 60 كيلومتر عن وسط القاهرة.
ويعتبر طريق السويس المؤدي إلى طريق جندالي 2، هو الطريق الأساسي المؤدي إلى العاصمة الجديدة، وهو طريق مؤقت لحين الانتهاء من الطريق الأساسي وهو طريق «محمد بن زايد».
وتعد العاصمة الإدارية الجديدة امتداداً جغرافياً وعمرانياً للعاصمة الحالية، وتابعة لها عمرانيا، مما يعني عدم وجود تعارض دستوري من نقل الأجهزة الحكومية إليها.
تبلغ مساحة العاصمة الإدارية الجديدة، 170 فدان تقريبا، أي ما يعادل مساحة مدينة سنغافورة، وتتكون من تجمع «محمد بن زايد» الشمالي، ومركز للمؤتمرات، ومدينة للمعارض، وحي حكومي كامل، وحي سكني، ومدينة طبية، ومدينة رياضية، وحديقة مركزية، بالإضافة إلى المدينة الذكية.
يتكون الحي الحكومي من 18 مبنى وزاريا، ومبنى لمؤسسة الرئاسة ومبنى للبرلمان ومبنى لمجلس الوزراء.
وتشارك أكبر شركات مقاولات في مصر والمصنفه فئة «أ» بالاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء، في تنفيذ المخطط الذي وضعه تحالف «+5» للعاصمة الإدارية الجديدة، وهو المخطط الذي تم اعتماده من مجلس الوزراء في مارس/آذار 2016، وبدأت أعمال تنفيذه في أبريل/نيسان من نفس العام.
وطبقا لما هو مخطط، فسيتم ربط العاصمة الجديدة بخط سكة حديد جديد مع كافة شبكات سكك الحديد في الجمهورية، حيث متوقع أن يتم تشغيله بعد عامين، بتكلفة  40 مليار جنيه (2.3 مليار دولار).
كما سيتم إنشاء مطار دولي بالعاصمة الإدارية على مساحة 16 كيلومترا.
خلافات التمويل
ولجأت الحكومة المصرية، إلى تحمل نصيب الأسد من تكاليف إنشاء المدينة الجديدة، والاكتفاء بتوقيع اتفاقيات ثنائية لتنفيذ مشروعات محدودة داخلها، عقب انسحاب شركتين إماراتية وصينية من تحالف البناء الرئيسي للمدينة.
ورصدت هيئة المجتمعات العمرانية المصرية، 9 مليارات جنيه حتى شهر يونيو/حزيران الماضي؛ لتنفيذ الوحدات السكنية وأعمال المرافق في المرحلة الأولى من مشروع العاصمة الإدارية الجديدة.
ويأتي قرار الحكومة المصرية، بعد خروج شركة إماراتية، وأخرى صينية، من المنافسة على تنفيذ المشروع.
يشار إلى أن الشيخ «محمد بن راشد آل مكتوم» نائب رئيس دولة الإمارات وحاكم دبي والرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي»، شهدا في مارس/آذار 2015، عقد توقيع العاصمة الإدارية الجديدة، بتكلفة تتجاوز 150 مليار جنيه (8.5 مليار دولار)، قبل أن يتم إسناد المشروع لشركة «إعمار» سرا.
بيد أن الاتفاق المبدئي بين الحكومة المصرية و«إعمار» لم يدم طويلا، وفي يناير/كانون الثاني 2016، علق رجل الأعمال الإماراتي «محمد العبار»، الرئيس التنفيذي لشركة «إعمار»، على المشروع، قائلا: «الاتفاق الذي تم مبدئي… والحكومة المصرية غيرت رأيها في بعض البنود ويحق لها لأن الاتفاق غير ملزم، وبالتالي لم نتفق على وجهة نظر واحدة، ولذلك انسحبنا من المشروع».
وأسدل «العبار» الستار، على خططه لإقامة عاصمة إدارية في مصر نهائيا، مضيفا «لم نصل لاتفاق يرضي الطرفين».
ووفقا لتقارير إخبارية محلية، سادت خلافات بين الحكومة المصرية و«العبار»، بشأن مصادر التمويل، حيث عرض الأخير على الحكومة المصرية توفير مصادر تمويل محلية، وهو ما رفضته الحكومة والبنوك معا.
عقب ذلك، دخلت شركة «سي إس سي إي سي» الصينية كشريك لبناء المنشآت الحكومية، لكن لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي، بحسب بيان لوزارة الإسكان المصرية.
«الماسة كابيتال»
أحد أبرز المعالم في العاصمة الإدارية الجديدة، والتي تم الانتهاء منها، هو فندق «الماسة كابيتال»، الذي تم افتتاحه مع احتفالات ذكرى نصر أكتوبر/تشرين الأول 2017، وهو الافتتاح الذي أثار ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب مظاهر الترف والبذخ الذي صاحبه.
ويعد «الماسة كابيتال»، هو أول مجمع عمراني يتم إنجازه في هذه العاصمة الإدارية الجديدة.
لا يوجد رقم معلن حول تكلفة إنشاء الفندق، بيد أن صحيفة «البورصة»، ذكرت في أكتوبر/تشرين الأول 2016، نقلاً عن مصادر حكومية، لم تسمها، أن تكلفة الفندق بين 700-900 مليون جنيه (51 مليون دولار).
وتعد هذه التكلفة تقديرية، قبل اكتمال الفندق، وقبل قرار تعويم الجنيه، الذي هوى بالعملة المحلية إلى نصف قيمتها، كما لا يعرف إذا كانت هذه التكلفة من ميزاية الجيش الذي تولى إنشاءه أم ميزانية العاصمة الإدارية الجديدة.
الفندق أنشئ على مساحة أكتر من 10 أفدنة في قرابة 31 شهرا، ليكون امتدادا لفندق «الماسة» التابع للجيش، والموجود في مدينة نصر (شرق القاهرة) وتم إنشاءه في 2006.
ويتضمن الفندق مركزا تجاريا، وقاعة مؤتمرات، ومن المتوقع أن يستقبل الفندق رجال الأعمال والمستثمرين، الذين سيقومون بتنفيذ مشروعات داخل العاصمة الإدارية.
تحصين المدينة مثل قلاع القرون الوسطى والمستوطنات الإسرائيلية
أغرب ما في المدينة، هو تشييد أكبر سور خرساني كثيف التسليح، بارتفاع يصل إلى 7 أمتار حول العاصمة الإدارية الجديدة، في تشابه مع الأسوار حول المستوطنات الإسرائيلية، في محاولة لفصلها عن العالم الخارجي.
المغردون الذين تداولوا صورا لهذا السور، قالوا إن الغرض من تشييده هو حماية رموز الحكم والنخبة المترفة والأجانب خلف جدران العاصمة الجديدة، وعزلهم عن باقي الشعب.
المغردون قالوا أيضا أن عزل العاصمة الجديدة في منطقة صحرايو صعب الوصول إليها، وضم طبقة دخيلة لا تنتمي لنسيج المجتمع المصري، والانتقاء السكاني يفضح عملية العزل العنصري التي تجري.
ودلل لمراقبون على ما يقولون بأن الطرح الأولي للفيلات بالعاصمة تتراوح أسعارها بين 3 ملايين جنيه (170 ألف دولار) و9 ملايين جنيه (510 ألف دولار)، وأقل شقة لا يقل سعرها عن المليون جنيه (57 ألف دولار).
كما أن حملة الدعاية للعاصمة الإدارية، تركز على نوع خاص من المصريين، فهي مدينة مراقبة بأحدث وسائل المراقبة وأحدث الكاميرات، تستقطب النخبة المترفة، يتم فيها انتقاء السكان.
يوتيوبيا
كل هذا وغيره، يدفع المراقبون للتساؤل، حول الغرض الحقيقي من العاصمة الجديدة، وهل هو تخفيف الزحام عن العاصمة الأم، أم محاولة لإنشاء يوتوبيا جديدة، خاصة أن السنوات الأخيرة شهدت محاولات عدة لمحتجين بالوصول إلى مقرات حكومية والتأثير على صناع القرار بالاعتصام أو التظاهر أمامها.
فمثل ما جرى في العاصمة الجديدة، يتشابه مع رواية الكاتب المصري «أحمد خالد توفيق»، التي صدرت في عام 2008، تحت اسم «يوتوبيا».
وتدور أحداث الرواية في سنة 2023، إذ تحولت مصر إلى طبقتين يسكنون مدينتين، الأولى بالغة الثراء والرفاهية، وهي «يوتوبيا» المدينة المحاطة بأسوار عالية، ويحرسها جنود أشداء، والتي تقع في الساحل الشمالي، والثانية مدينة تقبع في فقر مدقع، وتعيش في عشوائيات، يتقاتل أهلها من أجل الطعام.
ويعاني المصريون في الرواية أزمات معيشية طاحنة، أدت للاقتتال فيما بينهم، ومحاولة كل فئة أو مجموعة أشخاص السيطرة على بعض الموارد الضعيفة التي تعينهم على الحياة.
ويعاني المواطن المصري من ارتفاع شديد في الأسعار، منذ أن قررت الحكومة في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، تحرير سعر صرف العملة الوطنية ورفع أسعار الوقود، في إطار خطة اقتصادية حصلت بموجبها على قرض من «صندوق النقد الدولي».
وحذر خبراء اقتصاديون من أن مصر وصلت حد الخطر في الاقتراض الخارجي، وأكدوا أن ارتفاع الديون  بشكل قياسي يمثل عبئا على موارد الدولة من العملة الصعبة، كما يؤثر على معيشة المواطنين.
وارتفعت ديون مصر الخارجية إلى مستويات غير مسبوقة خلال الفترة الأخيرة، إذ أعلن «البنك المركزي المصري» في تقرير الاستقرار المالي بلوغها 79 مليار دولار نهاية يونيو/حزيران الماضي، مقابل 55.8 مليارات قبل سنة من ذلك، بزيادة تعادل 41.57%.
وكانت وزارة المالية أعلنت أن إجمالي دين الموازنة العامة للدولة (المحلي والخارجي) ارتفع إلى نحو 3.7 تريليونات جنيه (208.3 مليارات دولار) نهاية مارس/آذار الماضي، وهو ما يعادل 107.9% من الناتج المحلي للبلاد.
ومن المتوقع أن تتجاوز قيمة عجز الموازنة العامة للدولة نهاية العام المالي الجاري نحو 322 مليار جنيه (18.2 مليار دولار).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى