الأرشيف

اللهُ لا يهدى كيدَ الخائنينَ

اللهُ لا يهدى كيدَ الخائنينَ
بقلم المستشار
 عماد أبوهاشم رئيس محكمة المنصورة
الخائنُ أو الخائنةُ يكونُ أو تكونُ أكبرَ عُنفًا وأشدَّ خُصُومةً وأعلى صوتًا و أطولَ لسانًا وأسبقَ شِكَايةً وأكثرَ حَلِفًا وأفيضَ دمعًا وأقوى إصرارًا وأربطَ جأشًا وأفضلَ ثباتًا على الباطلِ ليُلبسَ أو تلبسَ به الحقَّ بهتًانًا وزورًا ، وليبرِّئَ نفسَه أو تبرِّئَ نفسها مما لَحِقَ به أوبها مِنْ تُهَمٍ يعلمُ أوتعلمُ أنَّها الحقُّ ، وقبلَ أن يُصدِّقَ الآخرونَ كَذِبَه أو كذبَها يكون أو تكون أسرعَ منهم فى تصديقِه .
فلا تعجبْ إن رأيتَ أحدَهم بعينيكَ يقترفُ إثمًا فى حقِّك ثمَّ يُقسِمُ لك باكيًا أنه لم يفعلْ ، لقدْ أتفنَ كذِبَه على الناسِ حتى أصبح يصدِّقُ كذبَه غلى نفسِه ، وعندما يحلِفُ أمامَك وأمامَ الناس يكونُ قد صَدَّقَ كذِبَه وآمَنَ به ، وعندما يبكى قولَك فيهِ واتهامَك إيّاه يكونُ قد نَسِىَ خطيئَتَه وفقدَ ذاكرتَه فيها تمامًا ، فيثورُ عليكَ طالِبًا حقَّه مِنكَ ، ويناصبُكَ العداءَ دافِعًا بظُلمِكَ له ، بل يكون أشرسَ فى عدائكَ ممن أخطأتَ بالفعلِ فى حقِّهم ، إن إزالة الخطايا عندَ هؤلاءِ لا تحتاجُ أكثرَ مِنْ أنْ يغسلَ الواحدُ فيهمُ يدَهُ بالماءِ ، ونسيانُها تَمَامًا لا يحتاجُ أكثرَ مِنْ حَمَّامٍ يغتسلونَ فيهِ اغتسالَهم مَنَ الجنابةِ ، وإنْ كانوا لا يستبرئونَ مِنْها أبدًا .
الخيانةُ ظلمٌ وشرٌّ عظيمٌ ، ذلك الظلمُ أولُ ما يقعُ يصيبُ صاحبَهُ ؛ لأنّ ناموسَ اللهِ فى الخلقِ أنَّ الخائنينَ – رغمَ حرصهِم على الكَذبِ – يخسرون كلَّ شيئٍ ، بل يأتى اليومُ الذى يُقرُّون فيهِ بخطيئاتهِم ، وهو ما ذُكِرَ فى الآيتين 51 ، 52 مِنْ سورةِ يوسفَ فى قولِه تغالى ” ……قالت امرأةُ العزيزِ الآنَ حصحصَ الحقُّ أنا راودتُه عن نفسِه وإنَّه لَمِنَ الصادقينَ ( 51 ) ذلك ليعلمَ أنِّي لم أخُنْهُ بالغيبِ وأنَّ اللهَ لا يهدي كيدَ الخائنين ( 52 )
وأن الله لا يهدي كيد الخائنين معناه : أن الله لا يهدي الخائنين بكيدهم .
المستشار عماد أبوهاشم رئيس محكمة المنصورة – عضو المكتب التنفيذى لحركة قضاة من أجل مصر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى