آخر الأخبارالأرشيف

بيزنس حيتان الجيش المصري في 2017.. هل من مزيد؟!

واصل الجيش المصري خلال العام 2017، تغلغله في نشاطات المال والبيزنس، وصولا إلى قطاعات جديدة، تزيد من حجم إمبراطورية المؤسسة العسكرية في البلاد، التي تضاعف حجم اقتصادها منذ الانقلاب على «محمد مرسي»، أول رئيس مدني منتخب ديموقراطيا في تاريخ مصر في 3 يوليو/تموز 2013.
السمة الأبرز هذا العام، تمثلت في محاولة إضفاء صبغة قانونية ودستورية لحماية هذه الأنشطة من خلال تمرير قوانين تمنح الجيش المصري الحق في امتلاك مشروعات بعينها، هذا بالإضافة إلى تمدد إعلامي واسع يستهدف بناء إمبراطورية من وسائل الإعلام لإعادة تشكيل وعي الشعب المصري.
حصاد عام من مشروعات الطرق إلى الاستزراع السمكي، ومن التصوير الجوي، إلى إطلاق فضائيات جديدة، ومن الوجبات المدرسية إلى المطاعم المتحركة، ومن معارض الأغذية إلى الصناعات العسكرية، تمددت خلاله نشاطات المؤسسة العسكرية بشكل واضح للعيان، بات محط سخرية واستنكار من المصريين.
350 مشروعا
تصريح مثير للجدل صدر عن «عبدالفتاح السيسي»، مطلع يناير/كانون الثاني الماضي، زعم خلاله أن «كل المشروعات تقيمها القوات المسلحة من موازنتها دون أى أعباء على الموازنة العامة للدولة».
وقال «السيسي» في حوار مع رؤساء تحرير الصحف الحكومية في مصر، إن «الجيش بنى قدرته الاقتصادية على مدى سنوات طويلة»، مضيفا: «منذ 3 سنوات ونصف السنة لم تحصل القوات المسلحة على قطعة سلاح من الموازنة العامة وإنما من موازنتها»، والتي لا تخضع لأي رقابة من أجهزة الدولة المعنية، ولا تدخل ضمن موازنة الدولة المصرية.
لكن «السيسي»، لم يفصح عن حجم تلك الإمبراطورية، التي تقول تقديرات غير رسمية، إنها تمثل نحو 60% من قوة الاقتصاد المصري، وتصل إلى نحو 350 مشروعا بمليارات الدولارات، بحسب تصريحات صحفية لرئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، «عماد الألفي».
في مارس/آذار، لم يلتق وزير الدفاع المصري الفريق أول «صدقي صبحي»، نظيره البيلاروسي، بل التقى وزير الزراعة «ليونيد زاياتس»؛ لبحث عدد من مشروعات التعاون (الزراعي)، والإنتاج الحيوانى والداجني بين البلدين.
في الشهر ذاته، ثارت ضجة كبيرة في البلاد إثر تسمم نحو 3 آلاف تلميذ في مدارس الجمهورية، جراء تناول الوجبة المدرسية، وتبين تورط جهاز الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة المصرية، في الواقعة، بصفته المسؤول عن توريد التغذية المدرسية للطلاب.
وتعد شركة النصر للخدمات والصيانة «كوين سرفيس»، إحدى شركات جهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابعة لوزارة الدفاع في مصر، وهي المعنية بالإشراف على مشروع التغذية المدرسية، وتحمل أغلفة الوجبات المقدمة للتلاميذ اسم الشركة.
طرق ومطاعم ومعارض
في أغسطس/آب الماضي، فاز الجيش المصري بحصة تبلغ 60% من إيرادات طريق «شبرا- بنها» الجديد، بمحافظة «القليوبية» شمال العاصمة المصرية القاهرة.
وخلال حكم «السيسي»، حصل الجيش رسميا على حق استغلال الطرق في عموم البلاد مدة 99 عاما، وهو يدير طرق «القاهرة الإسكندرية» الصحراوي، و«العلمين وادي النطرون» و«القاهرة العين السخنة»، ويحصل مقابل ذلك على إيرادات ضخمة من حصيلة رسوم المرور والإعلانات.
كما أسندت الرئاسة المصرية، خطط تطوير محور «ترعة المحمودية» (شمال)، ويمتد بطول نحو 21 كيلومترا، للمؤسسة العسكرية، دون مزيد من التفاصيل عن كلفة المشروع.
وفي الشهر ذاته، أبرم الجيش المصري، اتفاقا جديدا يزيد من حجم استثماراته الاقتصادية، في مجال المطاعم والمطابخ، وخدمات توريد الطعام والمشروبات.
ووقع وزير الدولة للإنتاج الحربي، «محمد العصار»، بروتوكول تعاون بين «الهيئة القومية للإنتاج الحربي»، وشركة «موبي فودز» للمطاعم (ش.م.م)، لإقامة مطاعم متحركة بمختلف المحافظات بمستوى عال، على أن يمدها الجيش المصري، بالأطعمة المطلوبة.
وقبل نهاية العام، بدأت المؤسسة العسكرية استعداداتها لإقامة أول معرض من نوعه في شمال أفريقيا، فى مجال التسليح والصناعات الدفاعية والأمنية.
ومن المقرر أن تجرى فعاليات معرض «أيدكس 2018»، خلال الفترة من 3 إلى 5 ديسمبر/كانون الأول المقبل، بمشاركة أكثر من 300 جهة عارضة من صناع أنظمة الدفاع والأمن، إضافة إلى أكثر من 10 آلاف زائر من مختلف دول العالم.
وينظم الجيش المصري معارض أخرى لعرض وبيع الأجهزة المنزلية، والكهربائية، والأثاث، ويقيم معارض متنقلة لبيع الأغذية واللحوم والحلويات.
وواصل الجيش المصري تدخله في الحياة المدنية، وأعلن عن منح شهادة عليا للأطباء، بعد مرحلة البكالوريوس، في جميع التخصصات، تحت مسمي «بورد الأكاديمية الطبية العسكرية» بتكلفة 15 ألف جنيه للمدنيين (840 دولار أمريكي)، و10 آلاف جنيه للعسكريين (560 دولار أمريكي).
شركات رابحة
الخطورة تكمن في خطط يجري الإعداد لها، تهدف إلى تدخل الجيش لأول مرة في ملكية وإدارة شركات قطاع الأعمال العام.
وتقوم الخطة على أن يتشارك الجيش مع وزارة قطاع الأعمال العام لتملّك وإدارة عدد من الشركات التابعة للشركات القابضة، الناشطة في مجالات ليس للجيش شركات تعمل فيها، خصوصاً صناعة الغزل والنسيج، والسياحة، والأدوية، والنقل واللوجيستيات، بشرط أن تكون هذه الشركات رابحة.
ومن هذه الشركات: «شركة المعمورة للتعمير والتنمية السياحية، وبورسعيد لتداول الحاويات والبضائع، ودمياط لتداول الحاويات والبضائع، والمستودعات المصرية العامة، والقناة للتوكيلات الملاحية، والعربية المتحدة للشحن والتفريغ، والإسكندرية لتداول الحاويات والبضائع، وإيجوث السياحية، ومصر للسياحة».
وتحصل كل مصانع وشركات الجيش على إعفاء كامل من الضرائب والجمارك، فضلا عن امتلاكها عمالة مجانية، كون إلزام من يؤدون الخدمة العسكرية (التجنيد الإلزامي) بالعمل في مشروعات الجيش برواتب تصل إلى 400 جنيه (25 دولارا).
الشهر الماضي، ربما يعد افتتاح «السيسي»، المرحلة الأولى من مشروع مزرعة لتربية الأسماك، بمحافظة كفر الشيخ (شمال)، وتمتد على مساحة 4 آلاف فدان، نقطة فارقة في وعي المصريين بخطورة انخراط الجيش في أعمال الاقتصاد والبيزنس.
حفل الافتتاح الذي كان مثار استنكار في مختلف الأوساط المصرية، استمع خلاله «السيسي» لشرح من أحد قادة القوات المسلحة لتفاصيل المشروع، وقدم المتحدث ضباطا بالجيش قائلا: «رائد (مقاتل) أحمد سامي قائد خط الجمبري، ورائد (مقاتل) محمد إبراهيم قائد خط السمك»، وهو ما أثار وقتها سخرية كبيرة.
ومنذ أشهر، بدأت «الشركة الوطنية لتنمية الثروة السمكية»، التابعة للجيش المصري، في الاستزراع السمكي لعدد من أنواع الأسماك على رأسها «سمك التونة»، وأنواع مختلفة من الأسماك الأخرى، منها «البوري»، «البربونى»، «الدينيس»، برأسمال مبدئي 150 مليون دولار.
تمدد إعلامي
يعد 2017 بامتياز، عام التمدد الإعلامي للجيش المصري، فيه تولى المتحدث العسكري السابق العميد «محمد سمير» رئاسة شبكة قنوات «العاصمة»، بعد أيام من مغادرته منصبه العسكري في يناير/كانون الثاني 2017، والذي تولاه في يوليو/تموز 2014، خلفاً للعقيد «أحمد محمد علي».
كذلك استحوذت شركة «فالكون»، القريبة من الاستخبارات العامة المصرية، على قناة «الحياة» المملوكة لرجل الأعمال ورئيس حزب الوفد «السيد البدوي».
الملفت، أيضا، احتكار الجيش لخدمات «التصوير الجوي» في البلاد، من خلال شركة «IFly Egypt»، والتى تتولى إمداد الفضائيات بخدمات تصوير الحالة المرورية، وصور جوية، ونقل مباريات كروية.
الصفقة الأكبر في تاريخ الإعلام المصري .. زوجة محافظ البنك المركزي ” داليا خورشد “تعلن الاستحواذ على حصة «أبو هشيمة» في إعلام المصريين
قبل أن يلملم العام أوراقه، تفاجأ الشارع المصري، بصفقة ضخمة (لم تعلن قيمتها)، سيطرت بموجبها شركة «إيغل كابيتال» التي تمتلكها وزيرة الاستثمار المصرية السابقة «داليا خورشيد»، على حصة رجل الأعمال المصري «أحمد أبو هشيمة»، في شركة «إعلام المصريين» للتدريب والاستثمارات الإعلامية، المالكة للعديد من الشركات والمؤسسات الإعلامية في مصر.
وتشير تقارير عن وقوف الاستخبارات المصرية وراء «خورشيد»، المتزوجة من محافظ البنك المركزي المصري «طارق عامر»، والتي خرجت من الوزارة في فبراير/شباط الماضي، لتعاود الظهور بقوة من خلال رئاسة شركة استحوذت بالفعل على مجموعة ضخمة ومؤثرة تضم نحو 20 فضائية وصحيفة ومجلة، وشركات للتصوير والدعاية والتسويق والإنتاج الفني والسينمائي، بما يعزز من سيطرة الجيش على وسائل الإعلام.
ومما لا شك فيه، أن إمبراطورية عسكرية ضخمة تتمد كل عام، تشمل (المواد الغذائية والإسكان والتعمير والكهرباء وشركات الأمن والحراسة، وبطاقات التموين الذكية، وبطاقات الخبز، والطرق، والزراعة، والخدمات الفندقية، والإنتاج الحيواني، والدواء والألبان، والحديد والأسمنت والأثاث، وتأجير قاعات الأفراح، وبيع الحلويات واللحوم، ومزارع الخضروات والفاكهة، ومصانع المعلبات والمزارع السمكية، وصولا إلى الصحف والفضائيات)، تعزز أرصدة جنرالات الجيش المصري في خزانة ضخمة خارج نطاق الرقابة والمساءلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى