تقارير وملفات إضافية

تعرف على ترتيب الدول المالكة لأسلحة نووية، ولماذا تمثل معاهدة “ستارت 2” انتصاراً كبيراً للصين؟

جاء إعلان الولايات المتحدة عن “اتفاق مبدئي” مع روسيا على تمديد معاهدة نيو ستارت للأسلحة النووية ليعد بمثابة انتصار للصين، كما أنه يعني أن واشنطن ذاقت من نفس الكأس الذي أعطته لأغلب دول العالم عبر إرسائها مبدأ التمييز النووي، فما هي أسباب نشوء مجموعة الدول النووية الخمس التي تريد احتكار الأسلحة النووية، ولماذا كانت أمريكا تتلكأ في تجديد معاهدة ستارت مع روسيا؟ 

أفادت الولايات المتحدة، أمس الثلاثاء، بأنها توصّلت إلى “اتفاق مبدئي” مع روسيا على تمديد معاهدة نيو ستارت لخفض ترسانة الأسلحة النووية التي ينتهي مفعولها في فبراير/شباط 2021.

وفي حين طالبت واشنطن مراراً بكين بالانضمام إلى مفاوضات خفض ترسانة الأسلحة النووية، مع قرب موعد الانتخابات الأمريكية المقرّرة بعد ثلاثة أسابيع، أشارت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى إبقاء المعاهدة على ما هي عليه في الوقت الراهن.

وصرّح المفاوض الأمريكي المعني بهذه القضية مارشال بيلينغسلي: “نرغب في الواقع في تمديد معاهدة نيو ستارت لفترة معينة، شرط أن يوافقوا في المقابل على الحد من ترسانتهم النووية“.

وتابع بيلينغسلي: “نعتقد أن هناك اتفاقاً مبدئياً على أعلى مستوى بين حكومتينا”.

وقال: “نحن جاهزون لإبرام هذا الاتفاق. في الواقع، يمكننا أن نبرمه غداً. لكن يتعيّن على موسكو إظهار إرادة سياسية للقيام بالمثل”.

وأفاد بيلينغسلي بأن الولايات المتحدة لا تزال تصرّ على مشاركة الصين التي يشهد برنامجها النووي نمواً مطّرداً، لكنه لا يزال أصغر بكثير من أن يقارن بالترسانتين الروسية والأمريكية.

رغم أن هناك تسعَ دولٍ لديها أسلحة نووية، فإن هناك خمسَ دولٍ تمتلك هذا السلاح المدمر بشكل شرعي هي: أمريكا وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أعرب، في وقت سابق، عن تعجبه من امتلاك البلدان المتقدمة أسلحة نووية، فيما تعترض أمريكا على امتلاك بلاده المنظومة الدفاعية الروسية “إس 400”.

ويرى الباحث الأكاديمي وواضع الاستراتيجيات السياسية، جايرار شاليان، أن “الحد من انتشار الأسلحة النووية يستهدف (أيضا) تأخير —بقدر المستطاع- إمكانية أن تصبح القوى المتوسطة، خاصة إذا ما كانت عدائية، ملاذا. وبالنسبة للأقوى، يتعلق الأمر بالحفاظ على القدرة على إخضاع الأضعف”.

تفاوضت القوتان العظميان في عام 1960 على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، إذ لم يرغب الحاصلون على التكنولوجيا النووية في منع التطوير المدني للنووي مع كل المصالح الاقتصادية التي يمكن أن يجلبها من خلال ضمان مراقبة التقنيات بهدف تجنب أي انحراف عسكري.

تم التوقيع على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية يوم 1 يوليو/تموز 1968، ودخلت حيز التنفيذ يوم 5 مارس/آذار عام 1970 بعد أن تمت المصادقة عليها من قبل الحكومة المودعة (الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة واتحاد الجمهوريات السوفييتية الاشتراكية) و40 دولة موقعة أخرى. واليوم، تم التوقيع عليها من قبل جميع الدول تقريباً باستثناء الهند وباكستان وإسرائيل (انسحبت كوريا الشمالية من المعاهدة بعد أن وقعت عليها).

يستند المبدأ الأساسي لمعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية إلى التمييز بين الدول التي تمتلك السلاح النووي والتي فجرت قنبلة نووية قبل يناير/كانون الثاني عام 1967 وبين الدول الأخرى التي لا تمتلك السلاح النووي، إذ تلتزم الدول الأولى (الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي والمملكة المتحدة وفرنسا والصين) -الأعضاء الخمسة الدائمون في مجلس الأمن الدولي- من خلال التوقيع على المعاهدة بعدم مساعدة الدول الأخرى بالحصول على الأسلحة النووية، أما الدول الثانية فتلتزم بعدم صنع الأسلحة النووية وعدم السعي إلى الحصول عليها.

وعلى هذا الأساس، حددت ترسانة من النصوص (بما في ذلك دور الرقابة الموكل إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي أنشئت عام 1957) آليات تطبيق الحد من انتشار الأسلحة النووية الموجهة إلى الدول الموقعة على المعاهدة.

على الرغم من معاهدات الحد من انتشار الأسلحة النووية، عادت القنبلة من جديد في آسيا من خلال تجارب الهند وباكستان في عام 1998، ولكن الدولتين غير موقعتين على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية. “رفضت الهند دائماً التوقيع على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، بسبب طابعها التمييزي، إذ ترى الهند أن المعاهدة تضفي ببساطة الشرعية على احتكار حيازة الأسلحة النووية وتكرّسه من قبل الدول الخمس الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة”، حسب إيزابيل كابات التي تقوم بأطروحة حول هذا الموضوع.

كما رفضت الهند أيضاً التوقيع على المعاهدة التي تحظر التجارب النووية.

وبالطبع الدافع وراء الموقف الهندي واضح، لماذا تمتلك جارتها الصين أسلحة نووية بينما تحرم نيودلهي منها.

وهو نفس موقف باكستان، التي بنت دائماً سياستها وفقاً لسياسة الهند: “لن توقع طالما أن الهند لم توقع”.

وتعرضت الدولتان إلى عقوبات من قبل الولايات المتحدة التي انتهت برفع أغلبها.

ثلاث دول وثلاث حالات مختلفة، إذ بدأ تطوير النووي الإيراني في عام 1950 بمساعدة الولايات المتحدة، ناهيك عن فرنسا في عام 1970، ووقعت إيران على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية في عام 1968، وصادقت عليها في عام 1970.

وفي نهاية عام 1980، وضعت إيران تكنولوجيات تخصيب (مع باكستان) ووجدت إيران نفسها بعد الاشتباه بأنها تريد الحصول على السلاح وهي الطرف في المعاهدة، في صراع مع المجتمع وفرضت عليها عقوبات.

أما حالة كوريا الشمالية فمختلفة؛ لأن البلاد قد انسحبت من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية قبل أن تبدأ بتجاربها النووية.

وأخيراً، تحافظ إسرائيل التي لم توقع على المعاهدة على الغموض حول قدراتها النووية العسكرية، رغم أن الجميع يعلم أنها تمتلك ترسانة ضخمة من الأسلحة النووية.

تمتلك دول أخرى التكنولوجيا والمعرفة العلمية الضروريتين لصنع الأسلحة النووية بسرعة، ويمكن بالتالي لهذه الدول أن تؤكد رسمياً عدم امتلاكها لأسلحة كهذه.

تبقى الآن حالة “الدول العتبة” أي الدول المعروفة بقدرتها على الحصول سريعاً على السلاح النووي ولكنها لم تطوره، ومن بين هذه الدول، وضعت الولايات المتحدة العراق  في هذه الخانة (خطأ) وغزته على هذا الأساس، ولكن يمكن لدول أخرى أن تدخل ضمن هذا التصنيف، ولكن المفهوم لا يزال غامضاً، ويبدو أن إيران تتواجد ضمن هذه الفئة، وهناك أيضاً دول أخرى قادرة على تخصيب اليورانيوم مثل جنوب إفريقيا والأرجنتين والبرازيل واليابان.

وفي أحدث ترتيب لقدرات بلدان العالم وترسانتها النووية، توصل موقع “بيزنس إنسايدر” إلى أن تسع دول فقط تسيطر على 14200 رأسٍ نووية، مشيراً إلى أن قنابل روسيا وحدها تكفي للقضاء على جميع أشكال الحياة على الأرض.

ويلفت الموقع الأمريكي إلى أن خبراء الأسلحة النووية يشيرون إلى أن “الصين تمتلك أفضل ترسانة نووية في العالم، لكنها ليست الأكبر ولا الأكثر استعداداً للقتال حتى الآن”.

وجاءت كوريا الشمالية التي تعاني من العزلة والعقوبات على الصعيد الدولي بسبب نشاطها النووي في ذيل القائمة التي أعدها “بيزنس إنسايدر”، أي في المرتبة التاسعة، ويقدر الخبراء رصيدها بـ60 رأساً نووية.

أما إسرائيل التي تحيط برنامجها النووي بالكثير من التكتم والغموض وترفض الإفصاح عن أسلحتها النووية، فحلت الثامنة بترسانة نووية قوامها 80 رأساً، بحسب تقدير الخبراء.

واحتلت الهند الترتيب السابع إذ تملك 140 رأساً نووية، تسبقها باكستان، الدولة الإسلامية الوحيدة في القائمة، بـ150 وحلت في المركز السادس.

أما بريطانيا فحلّت الخامسة بترسانة تضم 215 رأساً من بينها 120 منشورة و95 في حالة تخزين، في حين حلت الصين في المرتبة الرابعة ولديها 280 رأساً نووية.

وبرزت فرنسا في المركز الثالث بترسانة بها 300 رأس من بينها 290 منشورة و10 مخزنة، وتعتبر فرنسا الوحيدة من بين دول القائمة التي تسيّر حاملة طائرات بوقود نووي بالإضافة إلى الولايات المتحدة.

حلّت الولايات المتحدة في المرتبة الثانية في قائمة الدول النووية، بترسانة ضخمة قوامها 6450 رأساً نووية من بينها 1750 صاروخاً منشوراً و2050 في حالة تخزين. في حين تم إحالة 2650 رأس إلى التقاعد.

وكانت الجمهوريات السوفييتية السابقة -أوكرانيا وكازاخستان وبيلاروسيا- قد تخلت طواعية عن الأسلحة النووية في أوائل التسعينيات في مقابل الضمانات الأمنية التي توفرها جميع القوى النووية الكبرى. علاوةً على ذلك، في ذلك الوقت كانت أوكرانيا تملك ثالث أكبر ترسانة نووية في العالم، وكازاخستان الرابعة.

أصرت إدارة ترامب لفترة على أن أي معاهدة ستارت مستقبلية يجب أن تشمل بكين وكذلك موسكو، لكن الخبراء يقولون إنه لا توجد فرصة تقريباً لموافقة الصين.

وسعت إدارة ترامب بشكل متزايد إلى محاولة إدخال الصين في اتفاقات ستارت التي تضع قيود على الأسلحة النووية الرئيسية لأمريكا وروسيا، وفقاً لوثائق حصلت عليها مجلة Foreign Policy  الأمريكية، وسط مخاوف من قبل خبراء الحد من التسلح من أن هذا الجهد لا طائل من ورائه.

لأكثر من عام، طرحت إدارة ترامب فكرة متابعة اتفاقية أسلحة نووية ثلاثية لتحل محل معاهدة ستارت، أو معاهدة تخفيض الأسلحة الاستراتيجية، بين الولايات المتحدة وروسيا، والتي تضع قيوداً على الأسلحة النووية بعيدة المدى لكل دولة.

ولكن الوقت لم يسعف ترامب وإدارته، إذ تنتهي معاهدة ستارت في فبراير/شباط 2021، ويواجه الرئيس دونالد ترامب معركة إعادة انتخاب صعبة ضد المنافس الديمقراطي جو بايدن، ما قد يعني تغييراً في الإدارات قبل شهر واحد فقط من ناحية المعاهدة.

يتحدث تقرير صادر عن وزارة الخارجية الأمريكية مقدم للكونغرس في فبراير/شباط 2020 صراحة عن أن الإدارة قلقة من أن إعادة التفويض المحتملة لنيوستارت قد تؤثر على صفقة أسلحة ثلاثية مع الصين وروسيا. كما تعرب عن قلقها من أن مخزون الصين النووي سوف يتضاعف إذا تم تمديد الاتفاقية الحالية؛ لأنها لا تغطي بكين.

وأشارت شانون كايل مديرة برنامج نزع الأسلحة النووية والحدّ من التسلّح وعدم انتشار الأسلحة في المعهد الدولي لأبحاث السلام في ستوكهولم، إلى أن “عصر الاتفاقات الثنائية للحدّ من الأسلحة النووية بين روسيا والولايات المتحدة يمكن أن ينتهي”.

تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة والصين بشأن وباء كورونا بدد أي آمال في أن تكون بكين مستعدة للتفاوض بشأن أسلحتها النووية.

واعتبرت الصين محاولات الولايات المتحدة إشراكها في المحادثات الثلاثية بشأن خفض الأسلحة النووية خدعة سياسية من قبل واشنطن.

وسبق أن قال متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية إن بكين “ليس لديها نية” للانضمام إلى محادثات أسلحة ثلاثية مع روسيا والولايات المتحدة على الرغم من المناشدات الأمريكية. لم تكن الصين أبداً طرفاً في اتفاقية الحد من الأسلحة النووية.

وقال تشاو ليجيان، المتحدث باسم الخارجية الصينية، يجب على الولايات المتحدة قبول الاقتراح الروسي وتمديد معاهدة تدابير الحد من الأسلحة الهجومية الاستراتيجية والحد منها (معاهدة ستارت الجديدة).

واعتبرت روسيا أن مسألة انضمام الصين إلى معاهدة ستارت الجديدة قضية “مفتعلة بالكامل”.

وقال توماس كنتريمان، المسؤول الثاني في الحد من التسلح في وزارة الخارجية حتى عام 2017: “إن المطالبة بأن تصبح معاهدة ثلاثية موسعة هو إما حبة سامة أو في أفضل الأحوال إجراء تأخير”. وأضاف: “حتى بدون COVID لن تكون هناك فرصة واقعية إبرام معاهدة ثلاثية تشمل مواضيع لم يتم تناولها في أي معاهدة خلال الأشهر الستة المقبلة”.

وقال الخبراء إن مجرد إعادة التفويض بالاتفاق سيستغرق عشرات الاجتماعات، فقد استغرقت إدارة الرئيس السابق باراك أوباما 9 أشهر لتوقيع معاهدة ستارت جديدة مع روسيا في عام 2010.

لكنّ مؤيدي خطة ترامب يقولون إن على الولايات المتحدة أن تشمل الصين في المستقبل.

وسبق أن أبدت الصين استعدادها للانضمام إلى محادثات الحد من التسلح مع الولايات المتحدة وروسيا، إذا خفضت الولايات المتحدة ترسانتها النووية إلى المستوى الصيني.

وقال مسؤول صيني: “لكن في الواقع، نعلم أن هذا لن يحدث”، مضيفاً أن طلب الولايات المتحدة كان مجرد حيلة لتبرير انسحابها من المعاهدة (قبل أن تعلن استعدادها للتوقيع عليها).

في الوقت الحاضر، يخزن الروس عدداً إجمالياً يبلغ 6490 رأساً حربياً، وهو ما يعد بالكاد أكثر من الولايات المتحدة الأمريكية. عندما يتعلق الأمر بعدد الرؤوس الحربية المنشورة، فإن الكمية مماثلة للأمريكيين، أي 1600 رأس حربي منشور.

أما الصين فهي آخر الدول الخمس الحائزة للأسلحة النووية بموجب معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وهي تمتلك في الوقت الحالي ما يقرب من 280 رأساً نووياً في المجموع.

ومع ذلك، فإن عدد القنابل المنشورة غير معروف.

وعلى الرغم من أن الصين طوّرت واختبرت أول جهاز ذري لها فقط في عام 1964، فإنها تمكنت من اختبار أول قنبلة هيدروجينية بعد 32 شهراً فقط. نتيجة لذلك، يمكنهم التباهي بأقصر فترة بين تطوير تقنيتي الانشطار والاندماج النوويين.

وتمكنت الصين من إجراء 45 تجربة للأسلحة النووية. ومع ذلك، فإن البيانات المتعلقة بمخزون الرؤوس الحربية المتراكمة غير مؤكدة. الشيء نفسه يتعلق بعدد الرؤوس الحربية المنتشرة. كل ذلك بسبب المعلومات المحدودة التي توفرها الدولة. يجب أن نضع في اعتبارنا أيضاً أنها الدولة الوحيدة من بين الدول الخمس الحائزة للأسلحة النووية بموجب معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، التي لا تقدّم ضمانات أمنية إيجابية.

وهذا الوضع يجعل الصين أضعف نووياً كثير من روسيا وأمريكا، ولكن قوتها قابلة للنمو، والرقابة عليها هي الأضعف.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى