آخر الأخباركتاب وادباء

جامعة العرب عبرية

بقلم الكاتب والباحث الليبى

كاتب وباحث ليبيى

فرج كندى

عضو مؤسس فى منظمة “إعلاميون حول العالم”

تأسست جامعة الدول العربية على يد الإنجليذ عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية سنة 1945 ميلادي. دون أن يكون للعرب أي عقل في فكرتها ولا إرادة في كونها حاجة مُلحة, ولا يد في تأسيسها؛ فهم مجرد متلقي للفكرة عامل بين اروقتها وواجهة لقراراتها .

كانت فكرة الجامعة قائمة على شكل صورة من الاصطفاف العربي قائم بين دول مستقلة ذات سيادة تحظى باعتراف دولي تجمعها روابط الدين واللغة والثقافة والتاريخ و المصير المشترك.

مرت الجامعة بحالات نجاحات وإخفاقات, وعانت من صراعات ومناكفات بين اعضائها, وعاشت حالات مد وجزر, ومرت بصراعات داخلية عميقة متعددة الصور ولأهداف؛ ادت إلى نتائج متعددة كان لها اثرها العميق على القضية العربية المركزية – فلسطين – و على العلاقات العربية البينية .

أهم ما واجه هذه المنظمة هو ذلك الصراع الحاد الذي نشب بين الأعضاء المشاركين في حرب فلسطين على قيادة المعركة وإدارة المعارك من تقدمات وانسحابات, واتهامات بالخيانة وتحميل بعضهم بعض المسؤولية  عن الهزيمة التي مٌنيت بها الجيوش العربية في حرب 1948ميلادي .

ثم جاءت مرحلة أكثر حدة وشراسة تلت الانقلابات العسكرية التي قام بها ضباط صغار قليلي الخبرة مع تعطش للسلطة  ومرض تضخيم الانا؛ مع لوثة جنون العظمة الفارغة من أي محتوى, مع مرارة ذل هزيمتهم أمام  العدو الصهيوني في حرب فلسطين .

لم تقدم هذه الانقلابات سوى الإعلان عن معاداة اسرائيل عبر خطابات جوفاء تدغدغ عواطف الجماهير البسيطة التي انجرت خلف هذه الشعارات. املا في تحرير الارض المغتصبة وإعادة كرامة الامة على يد هولا الذين قدموا انفسهم كمحررين ومنقذين وفي حقيقتهم أشد خطرا  من العدو الصهيوني نفسه .

لم تطول مدة ادعاء التحرير ,والقضاء على العدو وإعادة الأرض المغتصبة بقوة السلاح, وأن لا صوت يعلوا فوق صوت المعركة ؛ خاصة بعد الهزيمة النكراء الثانية التي تعرضت لها الجيوش العربية في حرب يونيو 1967ميلادي.

لينتقل الحكام العرب إلى مرحلة  تحول جديدة في التعامل مع القضية الفلسطينية كان شعارها لا نريد أن نموت لأجل الفلسطينيين ” ليمهد لعملية اعتراف بالكيان الصهيوني كانت  معاهدة ” كامب ديفد ” أولى بوادرها لتتمدد في صورة علاقات سرية وشبه سرية مع اكثر الأنظمة العربية, ومن لم يتواصل كان ينتظر الدور أو الفرصة المناسبة التي تمكنه من اللحاق بالركب قبل أن يفوته القطار  .

إلا أن الهدف الاساسي للكيان ” العبري ” هو التطبيع مع الشعوب العربية الذي يرى في الأنظمة ماهي إلا وسيلة فقط, وأن التطبيع هو الغاية الذي رفضته كافة الشعوب العربية ووقفت في وجهه, ولم تسمح بمروره من خلالها. مع ما قدمته الأنظمة العربية والكيان العبري من مُغريات مادية ومعنوية؛ إلا ان جبهة مقاومة التطبيع كانت في المستوي, وعلى قدر المسؤولية التاريخية الا القليل من ضعاف النفوس الذين باعوا ضمائرهم للكيان وانفسهم للشيطان.

كانت كل طبقات في المجتمعات العربية على قدر من المسؤولية وعلى معرفة تامة بالخطر الذي يهدد القضية الفلسطينية, فوقفت في وجه التطبيع بكافة مكوناتها السياسية والثقافية والاجتماعية؛ من الطبقة الشعبية العارمة إلى المثقفين والسياسيين ورجال الأعمال وأصحاب الرأي والفكر والتأثير.

إلا أنه في الآونة الأخيرة  ظهر على السطح موجة كبيرة من دعاة التطبيع ترعاها حكومات بعض الدول وبشكل رسيمي علني وخفي, تمثل في قيام بعض الوفود والشخصيات الرسمية وشبه الرسمية بزيارات متعددة ومكثفة لدولة الكيان وظهور هؤلاء المطبعين على وسائل إعلام الكيان ووسائل إعلام الأنظمة الراعية للتطبيع تعلن عن زياراتها وتدعو إلى التطبيع جهارا نهارا بلا حياء أو خجل.

فلا يخفى أن هذه الموجة المنظمة والمٌختارة بعناية أنها تحظى برعاية الأنظمة العربية التي لم تعد تعتبر أن العدو الأول للأمة العربية هو دولة الكيان العبري, بل تري أنهم والصهاينة أخوة يلتقون في ابراهيم عليه السلام, وأن الكيان لا يشكل خطر على أنظمتهم بقدر ما يشكله أي مواطن أو تيار أو فصيل عربي يطالب بالحرية والديمقراطية.

ولا يستغرب ظهور موجة قادمة لا ندري مكانها ولا زمانها, وإن كانت بوادرها قادمة من خلال السياق السابق أن تبدأ مرحلة الدعوة لما بعد التطبيع وهي مرحلة الدعوة للاستفادة من الإمكانيات العلمية للكيان المدعوم من كل الدول الغربية, وهو ما يمكن أن يتحول إلى دعوة لدمج الكيان العبري مع الكيان العربي وتحويله من المطقة العربية على المنطقة ” العرب عبرية ” وعلى اثرها يدخل الكيان الصهيوني إلى جامعة الدول العربية التي سوف يتحول اسمها تلقائيا إلى جامعة الدول ” العرب عبريه “ وهذا ما يسعى إليه الكيان عبر صنيعته من اعداء الأمة المتحكمين في رقابها,  ولكن جماهير الأمة غير مستسلمة وتعي خيوط اللعبة, وتنتظر الوقت الذي يعاد فيه كل شي إلى نصابه وتعود فلسطين عربية إلى حضن أمتها وإن طال النضال والايام حبلى بتحولات تنقلب فيها الموازين و يصحح فيا ما تغير من افكار ومفاهيم .

وإن غدا لناظره لقريب وإنا وإياكم لمنتظرون  .             

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى