رياضة

رجل المهام الصعبة.. هل شغف مورينيو يقوده إلى الهاوية في «مهمته الانتحارية» مع توتنهام؟

بعد رحيله عن تدريب مانشستر يونايتد في العام الماضي، ظن كثيرون أن ذلك إعلان النهاية للمدرب الكبير مع الأندية العظيمة في القارة العجوز، جوزيه مورينيو أو الاستثنائي كما يلقَّب، صنع المجد بل المجد كله مع فريق متواضع أوروبياً عام 2004، عندما حقق أمجد الكؤوس الأوروبية «دوري أبطال أوروبا» رفقة بورتو البرتغالي؛ ومن ثم بدء رحلته مع التاريخ في عدة أندية، صنع خلالها مجده التدريبي في عالم المستديرة، انطلاقاً من تشيلسي ثم إنتر ميلان فريال مدريد وتشيلسي ولاية ثانية، وأخيراً مان يونايتد.

ورغم أنه كان مرشحاً فوق العادة لتدريب كبار القوم في أوروبا مرة أخرى هذا الموسم، والحديث عن ريال مدريد مجدداً، تحسباً لإقالة زيدان في أوقات ماضية، كانت نتائج الملكي فيها ليست على ما يرام، ثم العملاق البافاري بايرن ميونيخ الذي أعلن بالفعل انفصاله عن مدربه الكرواتي نيكو كوفاتش، وتوقُّع الغالبية تولي جوزيه أحد تلك الأندية بالإضافة إلى نادي أرسنال أيضاً مؤخراً- فإن سبيشال وان -كما هي عادته- فاجأ الجميع باختيار لم يكن على البال أو الخاطر، حيث قرر تدريب توتنهام، نعم توتنهام ذلك الفريق الذي لطالما هاجمه عندما كان مدرباً للبلوز.

فكيف حدث ذلك ولماذا؟ وهل هي مهمة انتحارية للمدرب الغارق في أزمات عديدة بالسنوات الماضية، ولا يعرف كيفية الخروج منها بطلاً كما كان من قبل، خاصةً أن توتنهام في موقف صعب للغاية بالدوري الإنجليزي، حيث يحتل المركز الرابع عشر برصيد 14 نقطة فقط، جمعها بالفوز ثلاث مباريات فقط مقابل الخسارة في أربع مباريات والتعادل في خمسة، كما تعرَّض لخسارة مذلَّة أوروبياً بسباعية مقابل هدفين على ملعبه أمام بايرن ميونيخ؟

والأوضاع داخل الفريق الشمالي في لندن متوترة للغاية، لا سيما بعد رحيل الأرجنتيني ماوريسيو بوكيتينو صانع مجد السبيرز بالسنوات الأخيرة، عن تدريب الفريق ورغبة عديد من النجوم في الرحيل بنهاية هذا الموسم، كما أن هناك لاعبين لا يرغبون في تجديد عقودهم التي تنتهي بنهاية الموسم الحالي.

وهو ما يجعل قبوله مهمة تدريب توتنهام مع أوضاعه تلك، وأوضاع مورينيو نفسه الباحث عن طوق نجاة يعيده إلى الواجهة من جديد وليس عن فريق يغرقه أكثر- أشبه بمهمة انتحارية أقدم عليها البرتغالي رجل المهام الصعبة كما يلقب، فهل يكون شغفه بالتدريب والتحديات الصعبة يمثل نهايته وسقوطه إلى الهاوية؟ أم سيحقق النجاح في المهمة الصعبة ويعود سبيشال وان كما كان، في مخاطرة كبيرة لسمعة المدرب البرتغالي الأشهر في كرة القدم؟

هدف مشترك

لعل قبول جوزيه المهمة هو الهدف المشترك بين النادي وبينه، وهو العودة من جديد إلى الواجهة، فيرغب وصيف أوروبا لهذا العام في العودة لانتصاراته ونتائجه المبهرة من جديد، بعد شهور ولا أسوء محلياً وأوروبياً، وأيضاً مورينيو الباحث عن العودة للنجاح في مسيرته التدريبية بعد محطات غير ناجحة بالسنوات الأخيرة له.

بالطبع سيكون مورينيو أمامه اختبار أول، وهو إعادة توتنهام إلى وضعه الصحيح والوجود بين الأربعة الكبار، حيث يفصل الفريق اللندني عن مانشستر سيتي صاحب المركز الرابع، 11 نقطة، مقابل ثلاث نقاط فقط عن فريق شيفيلد صاحب المركز الخامس.

توتنهام في حقبة مدربه السابق بوكيتينو، لم يحقق الفوز منذ الأسبوع السابع، حيث كان على حساب ساوثهامبتون (2-1)، ليتلقى بعدها الخسارة مرتين مقابل ثلاثة تعادلات. أما أوروبياً فتوتنهام تلقى نتيجة كارثية بين جماهيره وعلى ملعبه، كانت على يد بايرن ميونيخ بسبعة أهداف مقابل هدفين، لتكون هذه الهزيمة ضربة قاتلة في صفوف عملاق لندن.

ورغم الخسارة أوروبياً من بايرن، فإن توتنهام يُعد قريباً من الوصول إلى الدور التالي، بالنظر إلى وضع المجموعة، حيث يوجد «السبيرز» في المركز الثاني حالياً برصيد سبع نقاط، بفارق خمس نقاط عن المتصدر بايرن ميونيخ، الذي ضمِن الوجود في الدور التالي، وبفارق أربع نقاط عن النجم الأحمر بطل صربيا وصاحب المركز الثالث في المجموعة، وست نقاط عن أولمبياكوس متذيل المجموعة.

السيطرة على النجوم وغرفة خلع الملابس

المهمة الثانية لجوزيه، الرجل الصارم كما يُعرف عنه، هي فرض السيطرة على نجوم الفريق وغرفة خلع الملابس، حتى يعيد الاستقرار والهدوء ثانية إلى الفريق وكل اللاعبين، ويبدأ حقبة جديدة وصفحة جديدة مع الكل، لتحسين النتائج وإنجاح مهمته الصعبة.

كما أنه خلال الفترة الماضية، عانى توتنهام عدم وجود استقرار فني، حيث ستنتهي عقود ثلاثة من أعمدة الفريق في الصيف المقبل، بجانب فشل الإدارة في إقناع الثلاثي، توبي ألدرفيريلد ويان فيرتونخين، وأخيراً النجم الدنماركي كريستيان إريكسن، في التجديد،؛ وهو ما أدى إلى تدهور الوضع في الفريق، وأسهم في تراجع النتائج.

تجديد عقود الثلاثي سيكون اختباراً صعباً لمورينيو، خاصة ملف إريكسن الباحث عن تجربة جديدة والانتقال إلى فريق ينافس على الألقاب، حيث سبق أن عبّر اللاعب عن رغبته في الرحيل، وعدم التجديد بعد نهاية عقده؛ أملاً في الانتقال إلى صفوف ريال مدريد الإسباني.

الأيام المقبلة سوف تكشف خطة مورينيو مع ملف تجديد عقود اللاعبين الثلاثة، ومدى قدرته على إقناعهم بالبقاء مع الفريق؛ أملاً في إعادة الاستقرار من جديد والحفاظ على النجوم.

ثأر وانتقام في الدوري الأقوى بالعالم

لطالما أكد جوزيه رغبته في التدريب بإنجلترا والدوري الإنجليزي، مفضِّلاً إياه على الدوريات كافة، التي تلقَّى بها عروضاً جدية مثل إيطاليا وإسبانيا وألمانيا وحتى فرنسا ولكنه رفضها جميعاً؛ بحثاً عن فرصة أخرى في البريميرليغ، لاستمتاعه بالتدريب خلاله وإثارته ومتعته التي ترضي شغفه التدريبي والكروي، وأيضاً بحثاً عن الثأر والانتقام من فريقَيه السابقين تشيلسي ومانشستر يونايتد، اللذين عاملاه بطريقة سيئة في نهاية مشواره مع كل منهما، رغم تقديمه كل ما لديه لهما.

وبالنظر إلى التقارير الصادرة ببريطانيا، فمورينيو كان في انتظار العودة من جديد إلى البريميرليغ، حيث رفض سبيشال وان عروضاً مغرية من أندية الدوري الصيني، بجانب التدريب في فرنسا، وتحديداً قيادة فريق أولمبيك ليون؛ أملاً في الرجوع والرد على كل من انتقدوه.

مورينيو يمتلك الكثير في إنجلترا، فالبرتغالي المشاغب خارج الخطوط سبق أن حقق لقب الدوري الإنجليزي ثلاث مرات مع تشيلسي، إلا أن تجربته الثانية مع «البلوز»، وتحديداً في موسمه الثالث لم تكن بالموفقة، ليرحل بسبب سوء النتائج، على الرغم من تحقيقه لقب بريميرليغ (2014-2015).

البرتغالي المخضرم حاول مرة أخرى أن يحقق النجاح محلياً، وهذه المرَّة عندما قاد مانشستر يونايتد في موسم (2016-2017)، ليحقق رفقة الشياطين الحمر في عامه الأول ثلاثة ألقاب وهي: السوبر الأوروبي، وكأس الرابطة «كاراباو»، وأخيراً السوبر المحلي أو الدرع الخيرية.

وكالعادة رغم البداية القوية لمورينيو مع يونايتد، فإنه في عامه الثالث لم يستطع استكمال مشواره في «مسرح الأحلام»، ليترك منصبه وسط نتائج مخيبة، كان آخرها الخسارة من الغريم ليفربول (3-1)، وهو الأمر الذي أسهم في رحيله، خاصة بعد عدة أزمات مع الإدارة؛ نظراً إلى عدم قيامهم بصفقات قوية، على حد تعبير البرتغالي.

فهل ينجح مورينيو في مهمته الانتحارية تلك ويعود سبيشال وان كما كان في بريطانيا وأوروبا، أم أنها ستكون تجربة صعبة عليه تضاف إلى تجاربه المريرة مؤخراً، وتضيّع هيبة وسمعة واحد من أفضل مدربي العالم في الألفية الجديدة؟

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى