آخر الأخبارالأرشيف

سي آي ايه تعتذر لتركيا بسبب اتهامات سابقة لها بشراء بترول من داعش

اعتذرت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية “سي آي ايه” رسمياً لأنقرة بسبب اتهامات سابقة لتركيا بشراء بترول من تنظيم داعش الإرهابي.

وكان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري قد اتهم تركيا عام 2014 خلال إحدى اجتماعات الأمم المتحدة، قائلاً إن لديه وثائق مصدرها وكالة الاستخبارات المركزية تثبت قيام تركيا بشراء البترول من تنظيم داعش الإرهابي، وطالبه وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو، بإظهار تلك الوثائق، موضحاً أن هذه مجرد شائعات أطلقتها بعض الجهات عقب توتر العلاقات بينها وبين تركيا.

بعد عدة أشهر لم تقم الولايات المتحدة بنشر هذه الوثائق مما دفع وزير الخارجية التركي، خلال أحد الاجتماعات الدولية، بمطالبة الولايات المتحدة بنشر تلك الوثائق أو الاعتذار رسميا لتركيا.

وقام وزير الخارجية الأمريكي بالاعتذار لتركيا، ثم قامت وكالة الاستخبارات المركزية، اليوم الجمعة، بتقديم اعتذار رسمي مكتوب لأنقرة.

تركيا

واتهم المحلل الأمريكي الشهير دافيد غولدمان دوائر في الإدارة الأمريكية وأجهزة الاستخبارات بدعم محاولة الانقلاب الساقط في تركيا في تموز/ يوليو الماضي، داعيا الإدارة الأمريكية الجديدة إلى تبني سياسة جديدة مع تركيا تخالف سياسة الإدارة الحالية التي قد تتسبب في خروج تركيا من التحالف الغربي والتوجه نحو روسيا.

وإلى ترجمة المقال:

 حان الوقت لكي تصغي الولايات المتحدة إلى تركيا

ذكرت صحيفة فايننشال تايمز يوم الخميس أن روسيا بمساعدة من تركيا تجري مفاوضات مع المعارضة السورية المسلحة. وكتبت الصحيفة أن أحد قادة المعارضة عندما سئل لماذا يعتقد أن روسيا ستسعى إلى التوصل إلى اتفاق مع المعارضة بحيث يبدو الأسد كما لو كان منتصرا، قال: “إن موسكو كانت تقول بالأساس “تبا لكم أيها الأمريكيون”.

تركيا في الواقع تقول الشيء نفسه لواشنطن. وتوضح الصحيفة اللندنية ذلك:

قال أربعة من أعضاء المعارضة المسلحة في شمال سوريا لفايننشال تايمز إن تركيا تتوسط في المحادثات التي تعقد في أنقرة مع موسكو التي ساعد تدخلها العسكري إلى جانب الرئيس السوري، بشار الأسد، في تحويل الحرب الأهلية التي دامت خمس سنوات لصالح النظام. وتدعم روسيا في الوقت الراهن جهود النظام لاستعادة آخر معاقل المعارضة في مدينة حلب ثانية كبري المدن السورية.

وقال أحد قادة المعارضة الذي طلب عد الكشف عن هويته “الروس والأتراك يجرون حاليا محادثات دون الولايات المتحدة. استبعدت واشنطون تماما من هذه المحادثات، ولا تعرف حتى ما يجري في أنقرة” .

هذا يجعل من السهل فهم الضجة التي ثارت حول المقال الذي كتبه الجنرال مايكل فلين في يوم انتخابات الرئاسة بأن على الولايات المتحدة أن تولي اهتماما لوجهة النظر التركية، ولاسيما فيما يتعلق بالحركة الإسلامية المتنامية في الداخل مع تلميحات بوصفها إرهابية. فلين مستشار الأمن القومي المعين في إدارة ترامب والرئيس السابق لوكالة الاستخبارات الدفاعية، كان أول مسؤول كبير في الاستخبارات يحذر من ظهور داعش في قت تجاهل فيه الرئيس أوباما الحركة الإسلامية وعدها “تجمعا للناشئين”.

أشار الجنرال فلين على نحو خاص إلى خوف الحكومة التركية من رفض أمريكا تسليم القائد الإسلامي ،فتح الله غولن، الذي يعيش في المنفى في ولاية بنسلفانيا منذ عام 1999 ويتملص من اتهام الحكومة التركية بالتآمر. في الخامس عشر من تموز الماضي حاولت مجموعة من الضباط الأتراك الموالين، على ما يبدو، لغولن الإطاحة بحكومة الرئيس رجب طيب أردوغان. ومثلما حذر مايكل روبين، الخبير في شؤون الشرق الأوسط في معهد أمريكان إنتر برايز، في عام 2008 من أن غولن قد يستخدم ملايين الأتباع ومليارات الدولارات من الأصول التجارية لإطلاق انقلاب للإسلاميين، وهذا ما فعله غولن على ما يبدو في تموز الماضي، وقال فلين وقتها إن على الولايات المتحدة أن تدعم زعيم تركيا المنتخب ضد مدبري الانقلاب.

أثار هذا الاقتراح الذي يبدو عاديا عاصفة قذرة. والغريب أن مايكل روبين اتضح أنه واحد من أقوى أنصار الزعيم الإصولي “غولن” ضد حكومة أردوغان إلى جانب نوا روثمان الكاتب في مجلة كومنتاري. هاجم الاثنان الجنرال فلين لدعمه حكومة أردوغان ضد محاولة الانقلاب التي دبرها أتباع غولن، وأضاف روثمان إلى ذلك أن فلين كان “خيارا مريبا” في تعيينه مستشارا للأمن القومي؛ لأن شركته الاستشارية كان لها عملاء أتراك، مشيرا إلى أن وجهة نظر فلين في تركيا تنبع من “تضارب المصالح”.

مجلة كومنتاري كانت في السابق صوتا حافظا في الشؤون العامة، وأيدت ترشيح هيلاري كلينتون ضد دونالد ترامب. ويمكن إرجاع الزعم بأن عميلا تركيا هو شكل وجهة نظر فلين حول تركيا إلى التشهير السياسي العادي.

هناك جانب مظلم لهذه القصة، ذلك أن لغولن أنصارا أمريكين بارزين في السياسة إلى جانب أجهزة الاستخبارات، وبعض هؤلاء تم شراؤهم بوسائل معتادة. أقام أتباع غولن علاقات وثيقة بمؤسسة كلينتون. يرد اسم رجب أوزكان العضو النافذ في حركة غولن والرئيس السابق لمركز الثقافة التركي في مدينة نيويورك ضمن قائمة  الجهات المانحة للتبرعات لمؤسسة كلينتون بمبلغ يتراوح بين نصف مليون ومليون دولار في عام 2015 . شارك اوزكان في لجنة العمل السياسي لجمع التبرعات لصالح كلينتون، ومثلما لاحظ فلين في مقاله في الثامن من تشرين الثاني/ نوفمبر فقد أطلقت هيلاري كلينتون على الزعيم الأصولي الإسلامي “صديقي” وذلك في مقطع فيديو نشره أتباع غولن على نطاق واسع.

والأكثر إثارة هو لوبي غولن في أجهزة الاستخبارات الأمريكية، فمن بين مسؤولي الاستخبارات الأمريكية السابقين يعد رئيس محطة وكالة المخابرات السابق في أفغانستان غراهام فولر، أكثر المدافعين حماسا عن غولن. يدعي فولر أن الزعيم التركي “غولن” هو صوت الإسلاميين المعتدلين الذي ينبغي أن تغرسه الولايات المتحدة. كان فولر رئيس محطة جهاز الاستخبارات في منطقة الشرق الأوسط وجنوب آسيا بين 1982-1984 عندما سلحت المخابرات المركزية الأمريكية المسلحين الأفغان الإسلاميين ضد الاحتلال السوفيتي لأفغانستان، وفي عام 1968 عين نائبا لرئيس مجلس الاستخبارات الوطنية.

استخدام المسلمين المتطرفين لزعزعة استقرار روسيا هي فكرة ثابتة في تاريخ فولر المهني. وعندما أسقط الجهاديون الأفغان المروحيات السوفيتية خلال عقد الثمانينيات بمساعدة سرية من وكالة المخابرات المركزية، كان هذا تكتيكا فعالا ضد الاتحاد السوفيتي، على الرغم من آثاره الجانبية المؤسفة من تدريب الإرهابيين مثل أسامة بن لادن الذي هاجم الولايات المتحدة في وقت لاحق، لكن بالكشف الكامل أعتقد أن فولر المقاتل في عصر الحرب الباردة في عقد الثمانينيات وزملاءه فعلوا الصواب في ذلك الوقت.

 لكن فولر ما يزال في مهمته لتقويض روسيا، فقد صار الأمر بالفعل قضية عائلية، فبعد تفجير بوسطن كشف الصحفي الاستقصائي دانيال هوبسيكر، أن ابنة فولر، سامنتا أنكرا فولر، كانت متزوجة في سنوات التسعينيات من رسلان تسارني (المولود في الشيشان باسم تسارنايف) عم الشقيقين اللذين نفذا الهجوم جوهر تسارنايف وتامرلان تسارنايف.

من الواضح أن فولر يدعم فتح الله غولن لأن الإمام التركي يشكل خطرا على روسيا. أردوغان أيضا إسلامي، لكن من نوع مختلف جدا من الإسلاميين، فلا رئيس التركي يسعى إلى استعادة مجد (وربما بعض مناطق) الدولة العثمانية، في حين أن غولن داعية يهدف إلى توحيد المسلمين في العالم، ولاسيما أبناء العرق التركي في حركة كبيرة تتخطى الحدود القومية، وبينما يرغب أردوغان في توسيع الدولة التركية، يأمل غولن في تقويض جميع السلطات باستثناء السلطة الإسلامية بين مئات الملايين من المسلمين من أصل تركي في آسيا الوسطى. لا يختلف دحر العدوان السوفيتي في أفغانستان عن المساهمة في عدم الاستقرار الداخلي في روسيا لمدة طويلة بعد سقوط الاتحاد السوفيتي. لدى أمريكا سبب لاحتواء الطموحات الروسية في عدد من المجالات، لكن هذه النوعية من الألعاب تنذر بخطر الدخول في مواجهة خطيرة.

تكره روسيا غولن وخاف منه. بنت منظمته مدارس ثانوية في المناطق التي سكنها أبناء العرقية التركية في روسيا، وذلك في إطار برنامج طويل الأجل لإيجاد نخبة إسلامية. رحبت روسيا في البداية بهذه المدارس، لكنها طردت أتباع غولن في أواخر عقد التسعينيات، وهو ما فعلته أيضا دول الاتحاد السوفيتي السابق أوزبكستان وتركمانستان وطاجيكستان خلال العقد الأول من الألفية. وقد أشاد نائب رئيس الوزراء التركي، نعمان كورتولموش، بالحملة الروسية في الرابع عشر من تشرين الثاني في مقابلة مع موقع سبوتنيك الروسي، وقال “روسيا في وضع أفضل مما كانت عليه، لأنها استطاعت أن ترى خطر هذه المنظمة من البداية، وإيقاف أنشطتها على الأراضي الروسية. وسوف نسعى إلى تطوير تعاوننا مع الجانب الروسي لمكافحة تنظيم غولن في المستقبل”.

تعتقد تركيا أن الولايات المتحدة تقف وارء محاولة الانقلاب في الخامس عشر من تموز، حسبما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز في الثاني من آب/ أغسطس. وبطريقة أخرى يسأل الأتراك لماذا تستمر الولايات المتحدة في إيواء المخطط الرئيس للانقلاب؟ من غير الواضح ما فعلته إدارة أوباما، وأعتقد أنه من غير الراجح أن البيت الأبيض دعم الانقلاب في الواقع. لقد صار مجلس الأمن القومي في ظل رئاسة سوزان رايس شيئا من قبيل الجميع أحرار فيما يفعلون، ولذلك من المرجح أن أتباع غولن تصرفوا من تلقاء أنفسهم، وأن بعض الأصوات في أجهزة الاستخبارات الأمريكية أعربت عن تعاطفها معهم بعد وقوع محاولة الانقلاب.

يمكن لعدم الكفاءة أن تقدم تفسيرا أكبر من المؤامرة، لكن القول بوجود دعم أمريكي لغولن يقنع أنقرة وموسكو أن الولايات المتحدة كانت تلعب (أو تفكر على الأقل) لعبة خطيرة من عدم الاستقرار. إن سيل الهجوم على فلين بعد أن أطلق صافرة التحذير من غولن يشير إلى أن دوائر في الإدارة الأمريكية وأجهزة الاستخبارات قد ضبطت بالجرم المشهود بعد انقلاب الخامس عشر من تموز، وأنها استخدمت نوا روثمان الساذج في مجلة كومنتاري للهجوم على فلين.

إن النتيجة النهائية لتخبط إدارة أوباما قد يكون خروج تركيا من التحالف الغربي. وتهدد أنقرة في الوقت الحالي بأن تصير عضوا كامل العضوية في منظمة شنغهاي للتعاون، وهي مظلة روسية صينية يمكن أن تصير موزانة لحلف شمال الأطلسي. أعربت الصين في الشهر الماضي عن تعاطفها مع التوجه التركي شرقا، وفي الوقت نفسه تتفاوض تركيا للحصول على أنظمة الدفاع الروسي المتطورة إس 400، وهي صفعة على وجه حلف الأطلسي.

وهذا هو السبب في أن المفاوضات المباشرة بين روسيا والمعارضة السورية برعاية تركيا يعد تطورا لا تحمد عواقبه، ويظهر أن الولايات المتحدة فقدت تأثيرها في المنطقة. اقترح الجنرال فلين التراجع عن الأضرار واستعادة النفوذ الأمريكي. والحقيقة أن اقتراحه المثير للجدل يبين في المقام الأول مقدار العمل المطلوب لإعادة بناء المخابرات والدبلوماسية الأمريكية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى