آخر الأخبار

كواليس زيارة ترامب السرية لأفغانستان: موظفوه غردوا على تويتر مكانه، وتسلل خلسةً لمطار مجهول

بدأ الرئيس الأمريكي ترامب يومه في منتجعه «مارالاغو» جنوبي ولاية فلوريدا مثل الكثير من أيامه الأخرى: جولة مريحة من لعبة الغولف، ونشر بعض التغريدات الحادة، ثم إعلان البيت الأبيض أنه سيمضي ليلته في المنتجع، لكن فجأة أعلن البيت الأبيض عن زيارته السرية إلى أفغانستان.

إذ استقل ترامب، عشية عيد الشكر، الأربعاء 27 نوفمبر/تشرين الثاني،  طائرة «إير فورس وان» الرئاسية من المنتجع دون المشهد المعتاد للموكب الرئاسي، أو استقلال مركبة عسكرية إلى واشنطن، وانطلق في رحلة استغرقت 13 ساعة إلى قلب أطول حرب في تاريخ الولايات المتحدة.

وقد أحيطت هذه الرحلة بسرية أكثر من المعتاد، حتى مقارنة بالزيارات الرئاسية لمناطق الحرب. إلى جانب هذا، جمعت بين الدراما التلفزيونية التي يستمتع بها ترامب مع استعراض عسكري من النوع الذي يحبه: إذ ظهر القائد العام للقوات المسلحة الأمريكية، قبل أقل من عام على الانتخابات الرئاسية المقبلة، محاطاً بجنود مهللين في أفغانستان.

وبالنسبة لرئيس يبدو في بعض الأحيان وكأنه يخوض حرباً مع قادته العسكريين، كانت هذه الزيارة احتفالاً بالجنود الأمريكيين عَكَفَت دائرة صغيرة من مساعديه لأسابيع على تنظيمها بحذر لتجنب تسريب أية معلومات عنها قد تُفسِدها، وفق مجلة Politico الأمريكية.

كانت خطة ترامب لضمان رحلة سرية إلى أفغانستان محكمة، إذ استمر حسابه الرسمي على تويتر في كتابة التغريدات، إذ عمل فريق موظفيه على ضمان استمرار نشر التغريدات لكي لا يشتبه مراقبوه بأنَّ الرئيس، المهووس بتويتر عادةً، لا يستخدم حسابه، مثلما حدث العام الماضي.

فيما نُقِل الصحفيون الـ12 أو الـ13 الذين سافروا مع ترامب -ويمثلون منصات إذاعية وبث مباشر ووسائل إعلام مطبوعة- من على سطح مبنى انتظار سيارات عام بالقرب من قاعدة أندروز الجوية المشتركة خارج واشنطن، ولم يُفصَح لهم إلى أين سيذهبون إلا قبل وصولهم لأفغانستان مباشرة.

كما صودرت الهواتف المحمولة وأجهزة التقاط الإنترنت وأية أجهزة أخرى تبعث إشارات من جميع ركاب طائرة «إير فورس وان»، وحتى من الرئيس نفسه.

وقد عَلِمَ المراسلون وجهتهم من المتحدثة الرسمية باسم البيت الأبيض ستيفاني غريشام قبل وصولهم بساعتين. وعادةً ما تُظهِر الساعة الرقمية في مقصورة القيادة التوقيت في واشنطن، وموقع الطائرة الحالي ووجهتها. لكن في هذه الرحلة، تُرِك التوقيت في الوجهة فارغاً إلى أن هبطت في أفغانستان.

وفي وقت مبكر من مساء ذلك الأربعاء، تسلل ترامب خلسةً من مارالاغو وغادر من مطار مجهول على متن طائرة بعد الساعة 7 مساءً بقليل. وصعد الصحفي الثالث عشر في رحلة أفغانستان -وهو مراسل تلفزيوني- إلى الطائرة، ووصفها في تقرير مُجمّع بأنها مثل «العظام العارية، باستثناء أربعة كراسي من الجلد الأزرق، ومرحاض متحرك أنيق بعض الشيء، أُحضِر خصيصاً للرحلة».

ويقول التقرير إنَّ ترامب حيا طاقم الطائرة، ومكث معهم في قمرة القيادة لمشاهدة الإقلاع.

وفي هذه الأثناء، ظلت الطائرة الرئاسية التي نقلت ترامب إلى فلوريدا في اليوم السابق متوقفة في مطار بالم بيتش الدولي؛ ما سمح للمسافرين برؤية طائرة «بوينغ 747» المُعدَّلة بلونيها الأزرق والأبيض والمعروفة حول العالم باسم «إير فورس وان».

كان هذا تمويهاً جيداً. إضافة إلى ذلك، خُبِئت طائرة مماثلة تُستخدَم أيضاً في التنقلات الرئاسية داخل حظيرة طائرات ضخمة في قاعدة أندروز الجوية -بدلاً من تركها مضيئة على مدرج الطائرات كالمعتاد- ما يسمح للرئيس بالصعود إليها سراً من دون أن يلاحظ الجمهور.

ثم غادر ترامب بعد الساعة العاشرة مساءً لينطلق في رحلة بدون توقف إلى قاعدة بغرام الجوية، أكبر قاعدة أمريكية في أفغانستان.

وقالت ستيفاني غريشام: «هو (الرئيس) يرغب في دعم الجنود في هذه المنطقة الخطيرة. الرئيس وقرينته يدركان أنَّ هناك الكثير من الناس بعيدون عن عائلاتهم خلال الأعياد وفكرنا أنها ستكون مفاجأة لطيفة». وبسؤالها عن حال الرئيس، أجابت المتحدثة: «هو بخير ومتحمس».

هبطت «إير فورس وان» في الظلام تحديداً عند الساعة 8:33 مساءً بالتوقيت المحلي، وستائر النوافذ مُسدَلة والإضاءة الداخلية مطفأة لأسباب أمنية – تماماً مثلما كانت حين أقلعت من منطقة واشنطن.

فيما شوهد منطادا مراقبة يحلقان فوق رؤوسهم. وقد كانت الأجواء هادئة ومظلمة باستثناء القليل من الأضواء الخافتة، فيما انبعثت من القاعدة رائحة قمامة وأخشاب تحترق.

كان ترامب يتنقّل داخل القاعدة مُترامية الأطراف وسط موكبٍ من 15 سيارة، شملت سيارات تويوتا تحمل جنوداً واقفين في ظهر الشاحنة وهم يحملون البنادق القتالية. وكانت فرق الجنود المُقاتلين المُدجّجين بالسلاح الثقيل تتبع ترامب في كل موقع، ويرتدون أزياءهم المُموّهة وخوذهم ونظارات الرؤية الليلية.

وقد مُنِع الصحفيون من نقل أخبار الرحلة حتى قبل مُغادرتهم أفغانستان بوقتٍ قصير، حين تمكّنوا من استخدام الإنترنت لفترةٍ وجيزة داخل القاعدة لإرسال تقاريرهم.

وعلى مدار ثلاث ساعات، شاهدوا الرئيس -يرتدي بدلةً زرقاء وربطة عنق حمراء- يُقدِّم الديك الرومي داخل الكافيتريا، ويتوقّف لالتقاط الصور، ويُقدِّم ملاحظاته داخل حظيرة طائرات تحتوي 1,500 من الأفراد العسكريين.

وللمرة الأولى، لم يتحدّث ترامب عن المشكلات التي تُواجهه على أرض الوطن. ولم يُناقش مسألة الديمقراطيين الذين يسعون لعزله داخل الكونغرس خلال الأسابيع المُقبلة، بسبب ضغطه على الأوكرانيين ليفتحوا تحقيقاً -سيُفيده سياسياً- ضد مُرشّحٍ مُحتمل في انتخابات 2020. كما لم يذكُر خلافه مع القادة العسكريين، الذي ظهرت آخر حلقاته قبل أيامٍ قليلة من هذه الرحلة.

ودخل ترامب على وقع الأغنية التي تستقبله في كل تجمُّعٍ حاشد: «بارك الله الولايات المتحدة الأمريكية God Bless the USA»، وحيّته الجماهير بهتافاتٍ صاخبة. ووقف 50 جندياً بزيّهم المُموّه خلفه على خشبة المسرح، مع مروحيةٍ واقفةٍ على يساره.

وأثنى ترامب على الجنود وتفاخر بإنجازاته، وخاصةً في ما يتعلّق بتدمير تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) والقاعدة، وكان لديه ممثلٌ داعم ليُلقي عليه الثناء بدوره أيضاً، وهو الرئيس الأفغاني أشرف غني الذي التقى ترامب داخل القاعدة في وقتٍ مُبكِّر، حين أعلن الرئيس استئناف مفاوضات السلام مع طالبان.

كما قال ترامب للجنود المُتمركزين في بغرام إنّ الحرب في أفغانستان «لن تُحسم نتيجتها في ساحة المعركة»، ولكن من خلال شعوب المنطقة عبر حلٍ سياسي، وأضاف ترامب: «سنُواصل العمل بلا هوادة، حتى يأتي يومٌ نتمكّن خلاله من إعادتكم جميعاً إلى أرض الوطن بسلامةٍ للقاء عائلاتكم، وهذا اليوم بات وشيكاً».

وبعد رحلةٍ استمرت لـ13 ساعة، وفترةٍ قصيرة قضاها على الأرض؛ قال ترامب بحزنٍ للجنود إنّه لم يُنه وجبة عيد الشكر الخاصة به: «جلست، وكانت أمامي قطعة ديكٍ رومي رائعة، وكُنت جاهزاً للبدء».

وقال ترامب مازحاً، عقب تقديم ديك رومي في كافيتيريا هناك ليلة عيد الفصح، «كانت رحلة طويلة، لكننا أحببناها». وبعد فترةٍ وجيزة، صعد ترامب إلى متن طائرته من أجل رحلة عودةٍ طويلة إلى مُنتجع مارالاغو، حيث اعتاد أن يقضي يوم عيد الشكر.

وقد سجَّلت وجهة ترامب المفاجئة، التي قضى فيها 3 ساعات ونصف، ثاني زيارة له إلى منطقة معارك وأول زيارة إلى أفغانستان، حيث نزل إلى المنطقة الخطيرة التي أخرجت قادة هجمات 11 سبتمبر/أيلول.

والعام الماضي، بعد تلقيه انتقادات لمرور نحو عامين على توليه الرئاسة من دون زيارة الجنود الأمريكيين خارج البلاد، ألمح ترامب لأسابيع إلى أنه سيجري زيارة خارجية قريباً. وحين سُئل ما إذا كان خائفاً من أن يزورهم، انفجر غاضباً: «أنا ذاهب إلى منطقة حرب».

ولم يندهش أي أحد حين رصد مراقب طائرات بريطانياً هاوي طائرة «بوينغ في سي-25 إيه»، وهي إحدى طائرات «بوينغ 747» المُعدَّلة التي يستخدمها الرئيس في تنقلاته وتسمى «إير فورس وان»، أثناء تحليقها في أجواء أوروبا.

لكن هذا العام، لم يصرح ترامب بأي شيء حين ترك عائلته في منتجع مارالاغو، بما في ذلك السيدة الأولى ميلانيا ترامب، متوجهاً في زيارة سرية إلى أفغانستان.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى