كتاب وادباء

ذكرى يوم الهزيمة……وقفات وعبرات

  • ذكرى يوم الهزيمة……وقفات وعبرات……..

    بقلم المحلل السياسى

    حاتم غريب

    حاتم غريب —————————————-

    لم أكن ادرك وقتها ماهية الحرب وماذا تعنى هذه الكلمة تحديدا لكن لاحظت وجود حالة من الارتباك والخوف لدى الاهل والجيران وأبناء مدينة بورسعيد تلك المدينة التى تطل على البحر المتوسط وقناة السويس من جهة الشمال كنت قد انهيت السنة الاولى لى بالمدرسة واذا بالحرب قد أعلنت بين مصر واسرائيل وأشتدت اوزارها فكان لازاما على أهل المدينة ان يغادروها على الفور حرصا على حياتهم وقد كان فمنهم من غادر عن طريق البر ومنهم من غادر عن طريق بحيرة المنزلةبالمراكب الشراعية حالة من الهرج والمرج اجتاحت المدينة وقتها وليست بورسعيد فحسب بل كل مدن القناة خوفا من وصول القوات الاسرائلية الى تلك المدن واحتلالها…..غادرت اسرتى المدينة متجهه الى احدى القرى التابعة لمحافظة الدقهلية تسمى (ميت حديد ) وبقية الاهل غادروا الى اماكن ومحافظات اخرى فلم يكن بالامكان التوجه الى مكان واحد خاصة من كان من بين الاهل من هو فى المرحلة الجامعية فغادر بعضهم الى محافظة الجيزة بالقرب من جامعة القاهرة وكانت المرة الاولى التى نمر فيها بهذه التجربة المؤلمة ونفترق عن بعضنا البعض فى مدن تبعد كل منها عن الاخرى مئات الكيلو مترات….المهم ان مدن القناة قد افرغت من ساكنيها جميعا.

    النكسة

    انها حرب عام 1967 وعلى وجه التحديد يوم الخامس من يونيو من نفس العام فما الذى حدث اذا وهل كان من المفترض ان نتورط فى مثل هذه المعركة غير المتكافئة ولم نكن على اتم استعداد قتالى ومعنوى واجتماعى واقتصادى لخوض معركة كهذه كل ذلك ادركته فيما بعد عندما كبرت وانتقلت من سنة دراسية الى اخرى ومن خلال كتب التاريخ المزيفة التى ادركنا حقيقتها فيما بعد….لقد عرفت الحقيقة المرة والوهم الكبير الذى عاش فيه هذا الشعب سنوات طويلة من عمره وهو يعيش فى وهم ينمو داخله رويدا رويدا حتى استفحل وأصبح وكأنه هو الحقيقة وغير ذلك هو الوهم….كانت عناوين الصحف والتصريحات العسكرية والاعلامية كلها تشير فى ذلك الوقت باننا متقدمون على العدو واننا قاب قوسين او ادنى من تل ابيب وربما يصل بنا الامر ان تقدمنا أكثر من ذلك ان نصل الى القدس والاقصى ونحررهم من ايدى الصهاينة لقد عشنا فى خديعة كبرى ادركناها جميعا عندما وصلنا الى مرحلة الوعى والادراك بأن ماحدث كان يجب ان يحدث وأننا نستحق ماجرى لنا فى تلك المرحلة بالذات وماكان يجب ان يحدث غير ذلك وانها كانت هزيمة منكرة وليست نكسة كما اسماها عراب الانقلابات العسكرية حسنين هيكل تخفيفا من وطئة وحدة الانهزام والانكسار الذى تعرضت له مصر فى ذاك الوقت.

    اعلام-مزيف

    انشغل قادة العسكر بملذاتهم الدنيوية والصراعات الداخلية فيما بينهم على المناصب والثروات والشهوات من النساء والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة بل كان منهم من يتعاطى الخمور والمسكرات هكذا كان حال من يحكمون مصر وقتها تركوا بناء ونهضة الوطن والخروج به من كبوته وتفرغوا جميعا لحياة البذخ والدنيا الفانية لقد كانوا مجموعة من الزناة عديمى الضمير والدين يتحكمون فى مصير وطن وشعب بأكمله فأنا لهم ان ينتصروا فى معركة بينهم وبين العدو كيف ينصرهم الله وهم لم ينصروه فى دينه بل كانوا أشد عدائا لدين الله ونبى الاسلام فلم يكن جيش مصر يوما جيشا جهاديا يجاهد فى سبيل الله والوطن والدين والعرض بل جيشا علمانيا يسعى دائما لفرض سيطرته على شعبه الضعيف والهيمنة على السلطة والثروة وجعلوا من انفسهم الهة تعبد من دون الله فلا يجوز المساس بهم او مسائلتهم عن أخطائهم وهم فى النهاية ايا كانت تصرفاتهم وافعالهم ينتمون الى عالم البشر.

    أشد ما ألمنى وأحزننى فى كل ماحدث هو المذلة والمهانة التى تعرض لها جنودنا على ايدى جيش الصهاينة وهم يأمروهم بخلع ملابسهم الخارجية ويوفونهم طابور ليركعوا تحت ارجلهم مقبلين احذيتهم العسكرية ثم بعد ذلك يطلقون عليهم النار او يدوسهم بالدبابات جماعات كانت مهزلة حقيقية لابد ان يحاسب عنها كل من ساهم فيها ولو كنا وقتها فى دولة محترمة حقا لعلق كل هؤلاء المسؤلون بما فيهم المقبور عبد الناصر على أحبال المشانق لكنه خرج عليهم بسهوكته ليعلن تنحيه ولتكن بالونة اختبار لما سيحدث وانتظارا لرد الفعل الذى جاء باسرع مما لم يتوقع….لاتتنحى ….لاتتنحى تلك الكلمة التى كلفتنا الكثير بعد ذلك ومكنت العسكر من مصر حتى يومنا هذا وقدسهم الفاسقين من هذا الشعب واستحلوا لانفسهم منهم الذلة والمهانة والفقر والجهل الذى أصبح منهاجا لحياتهم يسيرون عليه جبرا وطوعا حتى يومنا هذا.

    ولو عدت الى مرحلة التهجير الاجبارى الذى تعرض له ابناء مدن القناة فى ذاك الوقت والمعاناة التى عانيناها من ابناء الوطن الواحد فقد تعرض الكثيرين منا لمهانات لم نكن نتوقعها ونحن مصريين نعيش داخل ارض الوطن من البعض الذى عاملنا وكأننا لاجئين من دول اخرى فلم يكن مرحبا بنا فى بعض المدن والبعض الاخر كان من الشهامة والرجولة والنخوة رحب بنا كأخوة له.

    لابد ان نخرج من هذه التجربة المريرة التى عشناها جميعا بعبرات ونتائج حتى لايتكرر ماحدث مرة اخرى وانه قد ثبت بالفعل ان انغماس الجيش فى السياسة والاقتصاد افقده الكثير من مهاماته الاساسية فى حماية الوطن والشعب وأصبحنا امام جيش هزلى ضعيف غابت عنه العقيدة الجهادية وحلت محلها الحياة الدنيوية بشهواتها وملذاتها التى ستفنى يوما ما واذا استمر الوضع على هذا المنوال فسوف يأتى علينا يوما نجرى فيه كالفئران نبحث عن جحر يأوينا ونختبىء به من اعدائنا فالعالم اليوم يصنع أحدث الاسلحة وأكثرها دمارا ونحن نصنع اوانى الطهى ومفروشات العرائس ونبيع اللحوم والالبان لقد أصبحنا أضحوكة ومسخرة العالم وأستضعفونا وقد اوشكوا بالفعل ان يجتمعوا علينا كما تجتمع الاكلة على قصعتها وسيلتهمونا قطعة تلو الاخرى حتى لايتبقى منا شيئا بعد ذلك.

    فعلينا الان ان نهزم داخلنا روح الهزيمة والانكسار وان نعاقب هؤلاء الذين قتلوا فينا روح النصر والكرامة والحرية والابداع والابتكار…..والا فلا نلومن الا انفسنا.

    …../حاتم غريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى